بين المنشور والروبوت

قل لي وسوف أنسى. أرني ولعلي أتذكر. أشركني وسوف أفهم لن أكرر ما يقال دائما عن كيف يكون الإشراك, والفرق بين الحفظ الأعمى والفهم في هذا المقال, وكل هذه الأمور الأخرى التي فهمناها ولا يزال واضعوا المناهج والمعلمين وكل من لهم علاقة بالتدريس يعانون لفهمها, وقد لا نلومهم, كيف نلومهم وهم لم يتعودوا إلا الحفظ فقط. إنما سأعرض مشاكل حصلت معي شخصيا وقصص أخرى لبيان الفرق, لعلهم يحفظونها ! سأبدأ مذ كنت في الصف الثالث, عندما تعلمنا لأول مرة عن الضوء وكيفية تكسره في المنشور لبيان أن الضوء الأبيض هو كل الألوان, عندها سألت: ما هو المنشور, فما كان إلا من المدرسة أن قالت: ألا تعرف ما هو المنشور, إنه مشهور, فقلت لا, فقالت إنه كالهرم ومصنوع من الزجاج. ولكني لم أفهم بعد, لأني لم أعرف المنشور, وقد كرهت سؤالها ثانية كي أتجنب أي إهانة محتملة. كنت متأكدا حينها أن المدرسة تستطيع أن تأتي بمنشور, فهو ليس مكلفا, ولكن المشكلة هنا ليست بالتكلفة أبدا, فهم لم يكلفوا أنفسهم حتى لإحضار صورة له ! بعدها إضطرت أمي للذهاب إلى المكتبة لتبحث عن المنشور الذي لم توفره لنا المدرسة. قصة أخرى, دخلنا صف العلوم لتعلم درس ممل آخر, كالعادة, كيف لا ونحن لا نرى إلا رسوما بيانية وكلمات على اللوح ننقلها ونحفظها فقط, مع تجربة أو إثنتين طوال السنة لا تطبق إلا بعد رضا المدرس عن الصف. هنا يكون السؤال, ما الضير إذا ما بدأ المدرس الحصة بالتجربة حتى يتسائل الطلاب عن ما حدث وينصتون إلى شرحه بإهتمام؟ كيف لا والطلاب سيرون لأول مرة مادة تستشيط وتحترق في الماء. لم وجب علينا حفظ أن هذه المادة تحترق في الماء وتلك لا تحترق وهذه كذا وتلك كذالك؟ فهل كان إمتحان العلوم يوما إمتحانا للذاكرة؟ في درس عن المغنطة, درسنا أن المغناطيس له حقل, خصائص, يجذب كذا وكذا ويعتبر كذا وكذا, ولكن كم من القراء رأى مغناطيسا في الدرس المخصص للمغناطيس؟ ويا ترى كيف تعلم ودرس المغناطيس؟ عبر الحفظ؟ أم عبر رؤيته وتحريكه ورؤية وفهم كيف يجذب الأشياء, وكم منا إختبره في الصف يا ترى؟ لماذا يا ترى لا وقت لدينا لهذه الأمور؟ طول المنهج الممتلئ المعلومات التي يجب أن نحفظها؟ شح موارد المدرسة؟ في بعض المدارس الأمريكية, أو معظمها, تقام مسابقات الروبوت والمشاريع العلمية الصغيرة التي تستعمل بها المناشير, والمغناطيس, والمواد المختلفة. لم يا ترى شغل هؤلاء الطلاب أنفسهم بهذه المشاريع, ألا تأخذ نصف فصل على الأقل, ألا يمتحنون, ألا يدرسون؟ أم أن مدارسهم لا تعطيهم ما يحفظون, إنما تشرح لهم ما يفهمون, ليطبق بعدها في هذه المشاريع. ما لا نراه في مدارسنا لا يكلف شيئا, إلا عزيمة وبعض فهم ! تماما كالثورات العربية, لم تدعم بمليارات, ولم تدعم بقوى خارجية, إنما هي الإرادة, إرادة الشعوب في الثورات, وإرادة المؤسسين والعاملين في المدارس. طالب في الصف العاشر مدرسة دولية في قطر
التعليقات 3 تعليقات
أكاد أسلم أن المشكلة ليست من المدرسة، لأن معلمتا الأحياء والكيمياء بذلتا جهودا جيدة ..
لكن المشكلة من المجلس الأعلى الذي لم يلبي طلبات مدرستنا التي شاخت رسائل طلباتها إليهم بطلب بعض المواد منذ زمن ..
المزعج في الأمر توفر مواد التجارب لمدارس دون أخرى ..
المسألة ليست بسيطة، فقد تضخمت وأخذت أفقا بعيدا .. فلماذا تشح أسماء العلماء في بلادنا؟ ولماذا يتقلص البحث العلمي لدينا؟
لأنه ليس لدينا روح اكتشاف الأشياء من حولنا، والبحث في المواد والمحاليل، والتعامل مع الطبيعة، ودراسة الكائنات الحية وحب البحث عن الحقائق..
الثورات العربية قامت حينما جاع الشعب رغيف الخبز وكرامته ..
فهل يشعر بالجوع للعلم ؟؟؟
واحدة واحدة، رويدا رويدا تصنع النهضة.
بقي على طفلنا فقط أن يلمس ويجرب بنفسه بعد أن شاهد على الأقل!!