هويتي، يا سيادة الوزير !


عندما تجلس في قاعة الدرس تراودك أسئلة كثيرة، فالمعلم أمامك لسانه عربي، والطلاب حولك من أبناء جلدتك، فلماذا نُجبر على التعلّم باللغة الإنجليزية، عكس الطالب في إسبانيا وفرنسا والصين واليابان، فيجلس هو في قاعة الدرس لا يتحدث إلا بلغته ولا يدرس إلا بها، وكم من طالب أجبرعلى تعلم تلك اللغات في بلدانها عند توجهه للدراسة فيها قبل أن يتعلم أي شيء آخر، إلانا نحن لانتعلم لغتنا ولا نعلمها لأحد..!
لا أنكر بذلك أهمية اللغة الإنجليزية، ولا أدعوا إلى إهمالها، وإنما أدعو إلى الحفاظ على الهوية والثقافة العربية، التي لا يمكن ترسيخها في أي جيل من الأجيال، وقد وضعت الدولة اللغة الأولى لها الإنجليزية عوضا عن العربية المنصوص عليها في الدستور! مجرد التعليم باللغة الإنجليزية، حتى لو كان المعلمون عرب، يُفقد الطالب أو الناشئ ثقافته وهويته، فحين تتغلغل الإنجليزية في حياته اليومية، فلا يكتب ولا يسمع ولا يرى إلا بالإنجليزية، وتصبح الإنجليزية هي اللغة التي تنساب من بين شفتيه كانسياب الماء من الكوب، يجعله يهمل اللغة العربية، لغته الأم، فيراها لغة غريبة عليه، أعجمية على لسانه، يصعب عليه القراءة بها، أو حتى التفكير بها وربما تراوده افكار اليقظة واحلام المساء بالإنجليزية ! وبالتالي يفقد الإحساس بالأعراف والتقاليد والعادات العربية ليصبح متشبعا بحلم الأنا الغربية.
والغريب في الأمر، أنه أثناء عملية التحويل التدريجية في مدارسنا الحكومية الناطقة باللغة العربية – في دولتنا قطر خاصة والخليج عامة – ،إلى مدارس ناطقة باللغة الأجنبية، حدث هناك تناقض عجيب، فبينما طلاب الإبتدائية يدرسون باللغة الإنجليزية، بقي طلاب الثانوية يدرسون بين دفتي كتبهم :
– من كتاب التاريخ ” من عوامل قيام الحضارة الأوروبية : 1- استخدام اللغات المحلية : …. دخول العربية كلغة للعلم والثقافة والفنون عند العرب نبه الأوروبيين إلى استعمال اللغة الوطنية التي يتكلمها معظم أبناء الشعب ”
إذا فماذا فعلت بريطانيا؟ استفادت من الحضارة الإسلامية بأن اللغة عامل مهم في نشر الوعي والعلم، وأنه لن تقوم لها حضارة طالما أن العلوم بغير لغتها، ولذلك كرّست فئة من العلماء نفسها لتعلّم العربية ونقل العلوم وترجمة كتبها، ولم يُكرَّس الشعب كله لذلك منذ نعومة أظافره !
فأصبحت اللغة الإنجليزية هي اللغة الأولى على مستوى العالم ولا غنى عنها اليوم، وكذلك فعلت فرنسا فأخذت كل العلوم العربية، وبقيت ” السوربون ” جامعتها العتيدة تدرس بالفرنسية دون شك في قدرة لغتها القومية على استيعاب المصطلحات العربية وعلومها.
– ” اللغة عربة الوعي الجمعي” “اللغة أساس قيام الحضارة” “اللغة….اللغة…”
عبارات كثيرة كتبت في مناهجنا تعلمنا أهمية اللغة والحفاظ عليها، لكننا سرعان ما نجدنا أمام تعليم بغيرها ! فنكتشف أننا أضعنا حضارة وفككنا مجتمعا وأضعفنا قوتها، وقوتنا ! فالوزارة التي في طيات كتبها هذه العبارات وهذا المنهج، هي نفسها التي تغيره ليصبح التعليم بلغة غير اللغة الأم، بدعوى أنها لغة العلم والمعرفة، وبدعوى أنها اللغة العالمية ! فكيف يتسنى لنا نحن المتلقين لهذه العلوم أن نقوم بتطبيق ما ورد فيها، وكاتبوا هذه العلوم يفعلون ما يناقض كتابتهم ! ” أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ” صدق الله العظيم.
لسنا نطالب بإلغاء اللغة الإنجليزية من الوجود، لكننا نطالب بإعادة هيكلة النظام التعليمي ليكون تعليما باللغة الأم لا بلغة العم سام، وإن كان لا بد من الإنجليزية، فيمكننا على سبيل المثال لا الحصرإعادة تقوية اللغة الإنجليزية كمادة وليس تغير هويتنا ككل، وكأحد الحلول وضع المصطلحات الإنجليزية بجانب العربية ليتمكن الطالب من التحدث بلغته بطلاقة، عالما بمصطلحاتها، غير متجاهلا للغة الإنجليزية !
طالبة في الثانوية العامة
مدرسة خاصة في قطر
التعليقات 6 تعليقات
انا اتعلم الرياضيات بالعبرية ، وبعض من الكيمياء بالعبرية ،وبعض الانجليزية بالعبرية والعبرية بالعبرية :).. لكني ادرس العربية بشكل يوازي اللغة العبرية .
لست ابدي امتعاظ ولا يحقّ لي ما دمت في دولة “عبرية” . ولكن انتِ في دولة ” عربية “وليس كذلك فحسب، فالعربية نشأت من قبائلكم وترعرت فيها والآن يبدون لها تنكراً لتطغى اللغة الانجليزية بحروفها وثقافتها وآدابها على العرب! وهي الطامّة الكبرى .. !
اصلح الله حالنا!
فرحت جدا بمقالك ومن الواضح انك كنت تكتنبين من اعماق قلبك بالفعل نحن بحاجة للتغيير حتى على المستوى الشخصي فكثيرا ما انتقد من يتحدثون بالانجليزية او الفرنسية وهم من ابناء جلدتنا لا ادري هل هي عقدة الغرب ام دليل ثقافة وحضارة ام انها موضة …
وفقك الله
ظاهرة منتشرة في دول الخليج بشكل كبير جدا
يظن الكثيرون أن لا أحد يعلو عليهم طالما أنهم يدرسون بالإنجليزية
ناسين أن من تجرد من هويته أصبح أضحوكة لدى الجميع بلا إستثناء !!
ليتهم يتعلمون من تجارب الأمم السابقة، بل من تجربة أجدادنا الأفذاذ..أولا..
شيء محزن أن ترى طلاب في الصف السابع والثامن لا يعرفون التمييز بين الفعل والإسم !
لست أبالغ بل إنها حقيقة واقعة !
….
وها نحن نفعل ما بوسعنا للرفع من شأن اللغة العربية، لتعود كعهدها السابق.
قلمك مُنساب، وفكرك نقي سليم .
ومما يدعو للاطمئنان أن تقلقك الهوية ، فتتساءلين عنها …
تحياتي
لو تعلمين كم يثير غضبي هذا الموضوع
عندنا في السعودية مثلاً :غزو اسمه ” انترناشونال سكولز” لا وتعالي شوفي الامهات حينما تكون في قمة “فشخرتها ” وهي تتحدث عن ابنها الي في مدرسة كذا وكذا
وعن لغة ابنها ونوع ال”آكسنت ” الذي يتحدث به
باختصار هذه المدارس أصبحت حديث مجالس النساء
عملت مرة في مثل هذه المدارس وكانت مدرسة اسلامية تهتم بالدين واللغة العربية
حصة عربي واحدة في اليوم والست حصص الباقية بالانجليزية
بنت صف رابع خطها زي خط البنت الي في الروضة
والقراءة حدث ولا حرج
كان عندي طالب في الصف الثالث يترجم عنوان درس القراءة العربي الى اللغة الانجليزية
وما خفي أعظم