أطفالنا والتربية المدرسية
ينبغي على المدارس الابتدائية وضمن ما تقوم به من تعليم للأطفال، أن تقوم بتطوير تربية التلاميذ ليصبحوا أفرادًا متكاملين في التعايش مع الجماعة والمجتمع، والمعلم هو أحد أبرز العوامل الرئيسة المؤثرة في سلوك وشخصية التلاميذ إن لم يكن أهمها جميعًا، فهو جزء من البيئة المدرسية ولا يمكن تحقيق مواقف تعليمية جيدة من دونه لتواجده مع التلاميذ وقتًا غير قصير، وتفاعله المستمر معهم، وليس هناك ما يقوم مقامه مهما استخدمنا من وسائل تعليمية وتقنيات حديثة لأنش أثره يفوق أثرها جميعًا في العملية التعليمية.
فالمعلم الذي يقوم بالتعليم ويتفاعل مع التلاميذ يعرف نواحي قوتهم ونقاط ضعفهم ويوفر لهم سيلًا متصلًا من التشجيع و التعزيز، فأكثر المعلمين فاعلية في الصف ليس بالضرورة ألمعهم أو أشهرهم في البحث العلمي بل هناك خصائص شخصية ومهارية أخري تميز فناني الصفوف المناسبين والمتميزين و حرفييها. فيراعي المعلم ميول التلاميذ واستعداداتهم ليدفع بهم نحو اكتشاف معلومات وحقائق علمية جديدة كانوا يجهلونها فتصبح دراستهم أخصب وأغنى لأنهم يجدون دائمًا شيئًا جديدًا يسعون لمعرفته.
الكاتبة السويدية الشهيرة “أللن كي” وقفت في أوائل القرن العشرين وقفة مفكر عندما قالت
“إن هذا العصر سيكون عصر الطفل، يعتني فيه بحقوق الأطفال وتربيتهم إعتناءًا جديًا”
فلم تعد المدرسة الحديثة تكتفي بالمهارات الأساسية للقراءة والكتابة والحساب فحسب وإنما تسعى لتوسيع دائرة اهتماماتها لتشمل المهارات الاجتماعية واليدوية و الحركية و العقلية.
مفهوم التربية
يتباين مفهوم التربية نظرًا لتباين حياة وحاجات شعوب العالم عبر مراحل تطورها ونظرتها إلى التربية وأهدافها ووظائفها، فالتربية تختلف باختلاف المذاهب الفلسفية وأهدافها، وفي ضوئها يتم تحديد وتعريف معنى التربية، وقد وجدت التربية بمفهومها العام منذ نشأة الإنسان على سطح الأرض، إذ كيّف نفسه للطبيعة، ثم بدأ يسخرها لأغراضه الخاصة فكانت العادات والمعتقدات والقصص تنتقل من جيل إلى آخر عن طريق حفظها وترديدها.
فالتربية عملية اجتماعية ثقافية في أساسها ومفهومها وأغراضها ووظائفها والمجتمع هو الإطار الذي تمت فيه العملية التربوية لتنشئة الفرد اجتماعيًا، وتنمية شخصيته من خلال مساعدته على اكتساب ثقافة مجتمعه، فمن خلال التفاعل الاجتماعي يكتسب الفرد المعاني والقيم الخلقية والروحية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والجمالية التي يقرها المجتمع، والتربية عملية نمو فردي واجتماعي وإنساني فهي بهذا المعنى عملية ذكية واعية، فوظيفة التربية غرس عادات وتقاليد سليمة، وتحصين الفرد من العادات والتقاليد البالية ومن الأفكار الدخيلة التي غايتها تحطيم القيم الوطنية والإنسانية وتشويهها من خلال إبعاد الإنسان من أصالته وتراثه. فمسؤولية التربية القدرة على إعداد الفرد الذي يستطيع مواجهة ظاهرة التغيير الاجتماعي وما تنطوي عليه من مشكلات، ولديه القدرة على مواجهة المعوقات النفسية والاجتماعية والمادية التي تحول بينه وبين الوصول إلى غاياته الفردية والاجتماعية. فالتربية عملية تطور اجتماعي وثقافي للفرد تأخذ مادتها وأهدافها من أهداف وثقافة المجتمع الذي تنشأ فيه، إذ يتبنى المجتمع التربية لغرض إكساب الناشئة الخبرة و تعديلها بشكل مستمر.
أهمية التربية
وتأتي أهمية التربية كونها نشاطًا إنسانيًا هادفًا يواجه تغيرات المجتمع ويقودها، إذ أن التغيير في المجتمعات يتطلب أيضًا تغييرًا في التربية من وقت لآخر تبعًا لتغير المجتمع.
فالتربية تهدف إلى خلق مواطنين صالحين يقومون بالوظائف الاجتماعية التي منها الإبقاء على الثقافة وترقيتها وإصلاح عيوبها، وإلى تنمية قدرات الفرد واستعداداته ومهاراته. و نحن بحاجة ماسة إلى تربية تأخذ بعدًا ديمقراطيًا في ظل الظروف الحاضرة، مما يتطلب تبني فلسفة تربوية جديدة تسعى إلى تربية أطفالنا وشبابنا على المَثل الديمقراطية وتنمية روح الاستقلالية والتعاون لرفاهية المجتمع وتشجيع النشء على امتلاك التفكير المستقل، فلا يقتبس الجديد لمجرد كونه جديدًا و لا ينبذ القديم كونه قديمًا بل تدربهم على التفكير الناقد.