دراساتدراسات وأبحاث عربيّة

التدريس بالأمثال والاستدلال بالنصوص: أوجه التشابه والمفارقة

تورد دراسة عراقية، تقدم بها إلى مجلس كلية التربية، ابن رشد، بجامعة بغداد، الباحث العراقي “حسام العبدلي”، حول “الأساليب التعليمية”، مراحل التدريس بأسلوب ضرب الأمثال، وأسلوب الاستدلال بالنصوص.

التدريس بأسلوب الضرب بالامثال

تفيد الدراسة، بأن “هناك مجموعة من الخطوات التي يجب أن يتبعها المدرس في تقديم الطريقة (طريقة التدريس) لكي يتمكن من تحقيق الأهداف المنشودة”. مشيرةً إلى أن الباحث لم يتمكن من الوصول إلى خطوات التدريس باستخدام أسلوب ضرب الأمثال، بالنظر لعدم تطرق كتب طرائق التدريس إلى تلك الخطوات، لذا عمد الباحث إلى رسم خطوات التدريس بأسلوب الأمثال معتمداً على خطوات التدريس بالمحاضرة.

وتلخص الدراسة، هذه الخطوات، على تكون على النحو الآتي:

1)  التمهيد: والغرض منه إثارة استعداد عقول المتعلمين لاستقبال المعلومات التي سيطرحها المدرس.

2)  العرض: ويتضمن موضوع الدرس كله، من حقائق وتجارب وتوضيح المفاهيم الجديدة والتركيز عليها وإضافة ما هو جديد، ويقوم المدرس بإيراد الأمثلة التي تتناسب وموضوع الدرس وبما يتلاءم مع عقول المتعلمين، مع مراعاة تنويعها وعدم الاقتصار على جانب واحد.

3)  مطارحة (تبادل، إرسال، تجاذب، إيراد) الأمثال: وفي هذه المرحلة يطلب المدرس من الطلبة إيراد الأمثال المتعلقة بموضوع الدرس، حتى يتقرب المفهوم إلى أذهان الطلبة.

4)  الربط والاستنباط: يقوم المدرس وأثناء عملية التمهيد والشرح بالربط بين أجزاء الموضوع المطروح بالشكل الذي يجعلهم يستوعبون الموضوع بشكل مفصل ومتكامل. ثم يقوم المدرس وبمساعدة بعض الطلبة على الاستنباط وذلك من خلال استخلاص الدروس والعبر أو استخلاص من بعض النقاط الأساسية في الموضوع.

5)  التقويم: وهي آخر خطوة يمارسها المدرس، حيث يقوم بتوجيه مجموعة من الأسئلة على الطلبة حول موضوع الدرس، ليتأكد من خلالها ثبوت المفاهيم.

مزايا أسلوب ضرب الأمثال الإيجابية

1-  الشهرة والإيجاز في تقريب المعاني المجردة.

2-  صدق التعبير عن الحياة العامة وربط المعرفة بها، وخاصة في مجال الأخلاق والعادات.

3-  البعد عن الأناقة اللفظية التي تشغل المتعلم عن التفكير في المعنى، للاهتمام باللفظ والمعنى.

4-  صلاحيته في بناء القيم والاتجاهات الإيجابية وتهذيبها، وخاصة إذا كان المثل من كتاب الله أو السنة النبوية المطهرة.

5-  مناسبته في تربية العقل، فالمثل يحث السامع والمتعلم على إجراء المقارنة والقياس، واستنباط العبرة والحكمة.

مزايا أسلوب ضرب الأمثال السلبية

أ‌-   تسبب بالتشويش على المتعلمين إذا ما أسرف المدرس في إيراد الأمثال.

ب‌- قد تكون مشاركة الطلبة محدودة وقد تنعدم المشاركة في بعض الأحيان مما يجعل المتعلم سلبياً تجاه عملية التعلم.

جـ- تتطلب جهداً كبيراً من قبل المدرس والطلبة للبحث على الأمثلة التي تتناسب وموضوع الدرس إضافة إلى تناسبها للمرحلة العمرية.

د- تحتاج إلى قدرة وخبرة علمية لمعرفة ما يتلاءم منها بموضوع الدرس.

التدريس باسلوب الاستدلال بالنص

تفيد الدراسة، بأن “أسلوب الاستدلال بالنص” يربي عقل الإنسان وسمعه وبصره ومشاعره، بالنصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة على حسن الإدراك، وعلى الاستبصار واستخدام الحواس وإرهافها، لتوصله إلى معرفة الحق في كل النتائج والأسباب. ويمكن أن يعرف بتعريف آخر

وتشير إلى أنه “أسلوب تربوي يستخدمه المدرس أثناء تدريسه متضمناً الاستدلال بنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة لتقريب المعنى لموضوع الدرس بالنسبة للمتعلمين”.

التحليل النفسي والتربوي لأسلوب الاستدلال بالنص

وتوضح الدراسة، بأنه يمكن تحليل هذا “أسلوب الاستدلال بالنص” إلى العناصر والخصائص النفسية والتربوية الآتية:

1-  إنه أسلوب يتطلب من المتعلم إيقاظ حسه بالجمال والتناسق والكمال، ويدعوه إلى التفتح، لتكوين خبرات ومدركات جديدة.

2-  إنه يدعو إلى التساؤل عن ماهية هذه الخبرات والمدركات.

3-  إنه يوصله إلى تكوين نظرة شاملة كلية تدعوه للوصول بعقله، إلى معرفة هذه الخبرات.

4-  يحفز هذا الأسلوب إلى السلوك القويم المطلوب، من العمل بشريعة الله، والالتزام بعبادته.

الآثار التربوية لأسلوب التعليم بالاستدلال بالنص

تشير الدراسة، إلى أن “أسلوب الاستدلال بالنص” يترك آثاراً تربوية مهمة نذكر منها:

1-  تربية العقل على سعة الأفق وحب الاطلاع والتفكر والتأمل، من خلال دعوة النص إلى ذلك.

2-  الدعوة إلى استخدام السمع والبصر، لأنهما وسيلة إدراك الفوارق، والوصول من خلالهما إلى الفكرة التي يتضمنها النص، أو الصلة ما بينه (النص) وموضوع الدرس.

3-  يربي الفكر على التفكير العلمي الجاد.

4-  تربي الأخلاق العلمية التي يحتاجها المعلم والمتعلم، كالصبر والأمانة، والتفاني في طلب الحق.

مقارنة بين أسلوب ضرب الأمثال وأسلوب الاستدلال بالنص

تلفت الدراسة، إلى أن أسلوب “ضرب الأمثال” وأسلوب “الاستدلال بالنص” يتشابها، في أمور ويختلفان في أمور أخرى: “يتشابهان في كونهما أسلوبين يبرز دور المعلم فيهما وأنهما ينتميان إلى صنف المحاضرة، ويتشابهان في خطوات التدريس، فكلاهما يمتلكان خطوات موحدة لا تختلف أحدهما عن الأخرى، ويتشابهان في الغاية إذ أن لكليهما هدف واحد هو تقريب المعنى ووضوحه”.

وعن نقطة الاختلاف فإنهما “يفترقان في مضمون الأسلوب، فأسلوب الأمثال يتضمن التمثيل بالنصوص القرآنية والنبوية الشريفة، وأمثال العرب وأشعارهم وحكمهم، إلا أن أسلوب الاستدلال بالنص يتضمن التمثيل بالآيات والأحاديث النبوية الشريفة حصراً”. وهكذا تتبين لنا أوجه التشابه والمفارقة بين الأسلوبين.

طه العاني

صحفي ومهندس عراقي، مهتم في أمور التعليم. مدير قسم التحقيقات في “شبكة زدني”، مراسل الشبكة في العراق، وضمن فريقها في تركيا حاليا.
زر الذهاب إلى الأعلى