صوت المعلم

الجاردين: أيها الآباء، أتمنى لو أخبرتكم كم إن أبناءكم رائعين! -مترجم-

مقال مترجم من مقال: Parents, I wish I could tell you how brilliant your children are

بعد سنوات من التدريس، صرت خبيرة فيما يتعلق بكتابة التقارير والتحدث مع أولياء الأمور. ولكن هذه السنة كانت مختلفة، فقد حضرتُ اجتماع أولياء الأمور المسائي هذا العام كأم لا كمدرِّسة، كما أنني لم أكن متطلعة لما ستقوله المعلمة عن ابني. فقد اجتهد ولدي كثيرًا هذا العام، وبذل مجهودًا كبيرًا وأحرز تقدمًا، غير أن ميوله تتجاوز الفصل الدراسي. وبالتحدث مع مدرسته والنظر في درجاته، كان من الواضح أن نتائج الامتحانات والتوقعات لا تعكس شخصه ولا المواهب التي يملكها.

وقد جعلني هذا الأمر أتساءل عن التقارير التي أرسلتها للعائلات على مدار السنين. فقد كان مستحيلًا بالنسبة لي أن أسجل كل الأشياء التي يتعلمها الأطفال، أو أن أتوقع ما سيثير انتباههم في اليوم التالي. فمثلُا، لم يتسنّ لي مراقبة تطورهم الاجتماعي واكتسابهم الثقة بأنفسهم بين أقرانهم. وعندما يحين الوقت لكتابة التقارير، فالمسموح لي فحسب هو التعليق على عمل الطلبة الأكاديمي، وحتى هذا لا بد أن يتبع منظومة معينة من الأهداف. فلم يتيسر لي أن أناقش الأشياء التي تُظهر تميزهم. لذا، سأذكر الآن الأمور التي تمنيت لو ذكرتها لطلبتي ولآبائهم:

إلى الطفال الهاديء:

أحيانًا كنت تضيع وسط بحر الأطفال، ولكنك أبليت بلاءً حسنًا. ربما لم تكن قارئًا حرًّا في السنة الثانية، وربما واجهت بعض الصعوبات في استيعاب درس الأحجام في الرياضيات، ولكن لا بأس في ذلك، فقد كنت تتعلم وهذا هو المهم. من جهة أخرى، فقد اكتشفتُ أنك تفهم طريقة عمل المحرك البخاري، كما أنك تستطيع شرح التركيب الكيميائي والفيزيائي لمحرك الاحتراق الداخلي أكثر من طلاب مستوى الأول المتقدم. أعتذر لأنه لم يتسنّ لي الكتابة عن ذلك.

إلى الفتاة الطيبة:

قد كنتِ دائمًا لطيفة مع الأطفال الآخرين في الصف، وهذه مهارة رائعة. فتعاطفك ومودتك ستغدو صفات مطلوبة في هذا العالم الواسع، فعليك أن تفتخري بامتلاكك لهذه الخصلة.

إلى الأطفال محبي الاستطلاع:

كنتم دائًما تتحدثون وتسألون العديد من الأسئلة، وكان هذا حقًا يفقدني صوابي في بعض الأحيان. ولكنني مع هذا أرجوكم ألا تتوقفوا عن السؤال، فأسئلتكم ستكون دومًا نافعة، وستساعد الناس على التقدم في حياتهم، وصنع التغيير، وتعلم أشياء جديدة.

للأطفال الذين واجهوا صعوبات في السلوك والتأقلم:

أعلم أن الأمر كان صعبًا عليكم. وأعلم كذلك أنكم كنتم تواجهون مشاكل خارج نطاق المدرسة لم أتعرض لمثلها في حياتي. وأدرك أن دراسة “البيئات” في مادة العلوم كان يعتبر موضوعًا لا يمت لكم بصلة في ذلك الحين. ولكنني أتمنى يومًا أن تعيدوا النظر في الأمور التي تعلمناها، وأن تتذكروا بعض الأشياء التي قمنا بها سويًّا. كما أتمنى أن تبتسموا وتتذكروا وجودكم في مكان شعرتم فيه بالاطمئنان والأمان والسعادة.

لجميع الطلاب:

إن المدرسة لن تعلمكم كل الأمور التي يجب معرفتها لتصبحوا نوعية الأشخاص الذين تطمحون إليهم. بل إنكم ستتعلمون هذه الأمور من الناس الذين تقابلونهم، ومن الأشياء التي تقومون بها، ومن الأماكن التي تذهبون إليها، ومن الخبرات التي تكتسبونها. فاختاروا بحكمة، واحلموا أحلامًا كبيرة، وليكن عندكم إيمان وأهداف سامية، وستنجحون.

إنني أحب التدريس، بغض النظر عن القيود التي تفرضها علينا الإدارة أو الحكومة أو آخر التوجهات في التعليم. وسيظل الأطفال في نظري كائنات فريدة لها اهتماماتها وأفكارها الخاصة بها. قد أخبرني جدي أنه سيكون هناك دائمًا في الفصل أطفال يفهمون الأشياء على نحو أفضل مني.

إنني أحب فكرة أن أتعلم أنا الأخرى، وأن الأطفال يعلمونني. فهناك الكثير من الأمور التي تتجاوز حدود كتابة التقارير، وهذه الأشياء هي التي تجعل من أطفالنا أناسًا مميزين. لذا فأنا أعطي الطلبة وقتي وأفكاري وطاقتي. وكذلك أحرص على إعطائهم نسبة 100% في تقييماتي، ليس رغبةً مني في الحصول على أفضل النتائج في اختبارات تقييم المستوى، ولا حرصًا على أن يكون فصلي هو الأفضل، ولكن لأن هذا هو ما يستحقه هؤلاء الأطفال! 

تسنيم عبدالرحمن النمر

كاتبة ومترجمة من مصر ، مهتمة بقضايا التعليم والأسرة والتطوير الذاتي. عملت سابقًا في عدد من شركات الاتصالات الدولية.
زر الذهاب إلى الأعلى