اقتباساتصوت المعلم

الطالب.. لماذا يتسلل من مدرسته، وما الحل؟

الكل يتفق على أن التعليم أهم ما يمكن أن نحرص عليه وتقديمه للأبناء، وأن نوفر لهم كل ما يحتاجونه ويطلبونه للاستمرار في تلقي العلم والمعرفة من مدارسهم أو مرافقهم التعليمية، ولكن هناك من الطلاب وخصوصا في المراحل الابتدائية والثانوية من يتسلل هربا من مدرسته ويوهم أهله بأنه من الطلاب المنضبطين وهو عكس ذلك، فما هو سبب هذا الهروب والتسلل وكيف نعالجه؟

شبكة زدني التعليمية وبما أنها تختص في مجال التعليم وتقديم الحلول المناسبة لأغلب المشاكل إن لم نقل كلها، بشكل يتوافق عليه الجميع، حاولت من خلالها كمنبر مناسب إلى وضع بعض الأسباب التي تجعل الطالب يضطر أحيانا من الهرب أثناء الدوام المدرسي، والنفور من التعليم رغم أن والديه يحاولان توفير كل المستلزمات المطلوبة له.

عندما كنت في الصف التاسع تعمدت يوما من عدم إكمال واجبي الدراسي المنزلي لأرى ردة فعل المدرس – طبعا دون علم أهلي – وجئت في اليوم التالي وقد رأيت المدرس قد توشح عصاه الغليظة مستعدا للضرب، لم أخف لأنني قررت أن أعيش ولو يوما مع الطلاب الهاربين أو المتسربين من دوامهم وسؤالهم عن الأسباب، وبالفعل كانت المفاجئة.. بدأ المدرس المرور على الطلاب حاملا عصاه، يتأكد من إكمال الطلاب لواجبهم المنزلي، وكل الطلاب الذين لم يكملوا واجبهم أمرهم بالقيام أمام السبورة وكنت أحدهم، وبدأ بالعقاب الذي تمثل في الضرب المبرح.. حقيقة تألمت كثيرا من شدة الضرب إلا أن الهدف الذي أسعى إليه يتطلب المرور على هذه المرحلة، وبعدها تم طردنا إلى خارج الفصل واستكمل المدرس تدريس بقية الطلاب حتى النهاية.

خرجت مع الطلاب وإذا بي أجد عددا آخر من الطلاب من صفي والمشهورين بالهروب خارج الفصل، جلست معهم خارج الحرم المدرسي.. سألتهم عن هروبهم، فأجابوني بصراحة بأن المدرس هو من يجبرهم على الهروب بسبب تعامله القاسي والضرب، ولذا يهربون قبل أن يأتي، ثم يباشرونه في الأيام الأخرى بأعذار واهية، سألتهم: ولماذا لا تكملون واجبكم المنزلي وتجنبون أنفسكم الضرب والعقاب؟ فأجاب أحدهم بأنه لم يفهم الدرس أصلا ولذا يتعذر عليه استكمال واجبه في المنزل، وأجاب آخر بأن أهله يشغلونه أكثر مما يأخذ من وقته ولا يتمكن من تأدية واجبه، وآخر أجاب بكل ثقة: من يكون هذا المدرس حتى يجبرنا على استكمال واجبنا في المنزل؟ فليأخذ المدرسة على رأسه!!

هذه الإجابات أعطتني ثقة بأن هناك أسبابا متعددة لأمر الهروب والتسلل من المدرسة، الذي أصبح اليوم في الكثير من الدول العربية ظاهرة منتشرة تُكتب حولها الأبحاث والدراسات وتُناقش فيها الحلول، ولكن السؤال الأهم الذي راودني هو: كيف للمدرس أن يتعامل مع كافة الأسباب المختلفة لعلاج هذه المشكلة؟

يا سبحان الله.. مرت الأيام والسنين وتعاقبت على الدراسة حتى وصلت مرحلة المعيد في الجامعة، وهي التعامل مع الطلاب، ووجدت أيضا نماذج مماثلة من هروب الطلاب وتسللهم في الجامعة، وتذكرت بأن الأسباب حتما ستكون مختلفة من شخص إلى آخر، ولذا حاولت وضع اقتراحات وحلول لمشكلة الهروب من المدارس ربما يستفيد منها المدرسين، حيث أضعها هنا اليوم وأنا على يقين بأن الكثير من المدرسين والأساتذة لديهم معالجات ربما أكثر إيجابية وشمولية، يا حبذا لو يفيدوننا بها في خانة التعليقات بالأسفل، وسأسرد لكم تاليا هذه المعالجات في نقاط مختصرة.

أولا: يجب على المدرس أن يتعامل مع الطالب كإنسان له احترامه، وأنه طالب علم لا طالب غرض أو مصلحة، لأنه إذا نظر من هذه الجهة ارتقى في نظره وأكرمه وعامله بطريقة المربي قبل المعلم، وكالأب لا كالشرطي، ولذا فأول ما ينزلق الطالب في هوّة عدم استكمال واجبه المنزلي لا يسلط عليه العصا من البداية، وإنما يسأله بكل رفق عن السبب دون التخويف بالعصا، فإن الطالب إذا وجد الأمان أباح بالسبب الحقيقي الذي دفعه لعدم استكمال واجبه، ثم للمدرس الحق في استخدام العقاب المناسب له.

ثانيا: لا أفضّل طرد الطالب من قبل المدرس حتى وإن لم يكمل واجبه، لأن هذه الخطوة تساعده كثيرا على الهروب بشكل منظم فيما بعد، واستحبابها وتعودها، لأنه يرى في الطرد حرية له من قفص الفصل الذي يراه كالسجن له ولحريته.

ثالثا: أنصح المدرسين بأن يطوروا من أساليب إيصال المعلومة، لأن أغلب ما يجبر الطالب على الهروب من المدرسة هو الملل الذي يتملكه من الاسلوب الرتيب الممل الذي ينتهجه الكثير من المدرسين، كما يجب على المدرس استخدام الأدوات الحديثة في عملية التدريس لكسر الجمود والمساعدة في إيصال المعلومة بشكلها البسيط، مما يساعد على فهمها واستمتاع الطلاب بها.

رابعا: أيها المدرس، أنزل كل طالب بمنزلته التي تليق به، فالتزام الطالب المتمرد دائما، ليس كتسلل الطالب الملتزم دائما، ويجب عليك استغلال وجود الأول وتحفيزه وترغيبه، كما يجب عليك تحذير الثاني ونهيه وعتابه بشكل يليق بمكانته وجهده.

خامسا: لابد للآباء أن يكون لهم دور في مراجعة المدارس التي يدرس فيها أبناءهم، ليتعرفوا على مستوياتهم ونسبة حضورهم وغيابهم وكيفية أداءهم لواجباتهم المنزلية.

سادسا وأخيرا: هي نصيحة أوجهها للطلاب أنفسهم، بأن الرفقة التي تعايشونها من الأصدقاء يجب أن تُختار بعناية، وأن يكونوا من الطلاب الذين يلتزمون بحضورهم وتأدية واجباتهم بشكل منضبط في منازلهم، لأنكم بهم تستطيعون الالتزام في مدارسكم، وستحرصون كما هم حريصون على الاستمرار في الدراسة وعدم التفريط في ساعة واحدة من ساعات تلقي العلم والمعرفة في المدرسة.

عبد الله باخريصة

خريج قسم الصحافة والإعلام بجامعة عدن.. يعمل حاليا معيد بقسم الصحافة والإعلام بجامعة حضرموت. عمل صحفياً ومراسلاً للكثير من المواقع والصحف، ودرّب في العديد من الدورات، باحث في مجال الإعلام الجديد والشبكات الاجتماعية.
زر الذهاب إلى الأعلى