المدارس المختلطة بين المؤيد والمعارضقضية الشهر

المدارس المختلطة.. ما بين التأييد والمعارضة

هناك بعض القضايا التعليمية التي تكمن أهميتها في كونها تؤثر بشكلٍ مباشر على مستقبل الطلَّاب، فهي تتقاطع مع مناطق حيوية بالنسبة لهم، ولا يمكن إهمالها أو تغاضي التفكير فيها بسبب أثرها الكبير. واحدة من هذه القضايا هي “المدارس المختلطة“ وهل يُفضل وجودها أو لا في التعلّم.

في الواقع في مقال اليوم لن أنحاز لجانب على حساب الآخر، بل سأعرض الموضوع من الجانبين، سنبدأ بالحديث عن التأييد، ثم ننتقل إلى المعارضة، وفي الختام نحاول التفكير بشكلٍ يحقق التوافق بين الجانبين.

تأييد المدارس المختلطة

1- الأطفال في حاجة إلى الاختلاط مع الجنس الآخر استعدادًا للحياة المستقبلية:

لأنّ الطفل في أثناء مرحلة الدراسة يبدأ في التعرف على العالم من حوله، وفي حالة تعامله مع الجنس الآخر، فهذا يعني قدرته على التأقلم مع وجوده بسهولة، ومن ثم إمكانية التعامل معه في المستقبل.

2- المدارس غير المختلطة تؤثر في الحالة العاطفية للذكور:

يقول العديد من الذكور أنّهم يملكون مشكلة في فهم النساء، ربما يكون السبب في ذلك عدم الاختلاط بهم أثناء الدراسة والتعامل معهم.

3- المدارس غير المختلطة هي ظاهرة للمجتمعات الأبوية:

والمقصود بهذا الأمر التفرقة بين الذكور والإناث، حيث كان الأولاد هم فقط من يحصلون على فرصة للتعلّم، فوجود هذه المدارس حتى الآن هو امتداد لهذه الظاهرة، والتي تعتمد على أنّ الذكور هم الأفضل دائمًا.

4- تشجيع التحدي بين الطرفين:

وجود الذكور والإناث معًا في نفس المكان يخلق حالة من التحدي والرغبة في التفوق فيما بينهما، فيكوِّن لكليهما دافعًا أكبر للتميز، بالطبع هذا التحدي يحتاج إلى التنظيم من قبل المسؤولين حتى لا تصبح آثاره سلبية في النهاية.

معارضة المدارس المختلطة

1- السيدات يؤدون بشكل أفضل في المدارس غير المختلطة:

لأنّه في حالة المدارس غير المختلطة لا يكون هناك مجال للشعور بالحرج، وبالتالي فإنّ الإناث يشعرنَ براحة أكبر في التعلّم.

2- الذكور والإناث معًا قد يسببون الإلهاء بعضهم لبعض:

فبدلًا من التركيز على التعلّم، سيكون هناك تركيز آخر على جانب العاطفة والمشاعر بين الطرفين، وهذا قد يبعدهما عن الغرض الأساس من المدرسة.

3- الذكور والإناث يتطورون في أوقات وسرعات مختلفة:

وهذا الأمر يعني أنّه ينبغي أن يكون كل نوع بمفرده، حتى يتم اختيار شكل الدراسة الذي يناسب المرحلة الحالية، ويُراعي التغيّرات التي يمر بها بشكلٍ سليم.

4- المدرسون ينحازون إلى جنسهم في المدارس المختلطة:

وهذا الأمر يمكن أن يخلق حواجز أخرى بين الجنسين، ويجعل هناك حالة من الغضب بينهما.

المدارس المختلطة.. ما بين التأييد والمعارضة

حسنًا.. على أي أساس تم اختيار هذه الجوانب المذكورة في الفقرتين الماضيتين؟ في الواقع هي عبارة عن مشاركات تم عرضها في “مناظرة“ على الإنترنت، وشاهد نتائجها أكثر من 675 ألف شخص حول العالم، وقام المشاركون بالتصويت على النتائج بعد قراءة نقاط التأييد والمعارضة والرد عليها.

والفكرة من عرض الاثنين في المقال تعتمد على طرح الموضوع من الجانبين، حتى يتاح لنا التفكير في النقاط التالية:

1- مهما رأينا من دراسات تؤكد وضعًا معينًا، تأتي دراسات أخرى لتؤكد على الوضع الآخر، وهذا بسبب الفوارق بين الأشخاص في البيئات المختلفة، مما يترتب عليه اختلاف كذلك في استجابتهم للمواضيع محل النقاش.

وبالتالي فقد لا يوجد اختيار أمثل بين الاثنين، بل الأمر يعتمد بشكلٍ رئيس على البيئة واحتياجات الأفراد بها، ومن ثم اختيار المناسب طبقًا لهذا الأمر.

2- أيًا يكن الاختيار، فإنّ الأمر بحاجة إلى ضوابط من المسؤولين لتنظيمه، فمثلًا:

أ– المدارس المختلطة تحتاج لوجود شكل من التنظيم بحيث لا يتم ظلم أي فرد نتيجة ما تحدثنا عنه من ميل المعلمين لطرف على حساب الآخر، وكذلك حتى لا ينقلب التحدي إلى صراع سلبي يؤثر على نفسية الطلّاب.

ب– المدارس غير المختلطة تحتاج إلى الوعي من المعلمين بالحالة المتوقعة من جهل كل طرف للجنس الآخر.

إذًا فالأمر لا يعتمد على نوع المدرسة، ولكن على كيفية التعلّم داخل هذه المدرسة، وإمكانيات المعلّم وقدرته على صناعة الوضع الأفضل للطلّاب.

3- يجب أن يكون هناك وعي بأثر التكنولوجيا على عملية التعلّم في الوقت الحالي، وأنّ وجود الإنترنت قد أدى إلى تغيير شامل في كل المفاهيم والأوضاع التي اعتدنا عليها في الماضي.

فمثلًا وجود الفيسبوك قضى على كل الحواجز الخاصة بالتواصل، وأصبح بإمكان الجنسين التعامل معًا دون أي مشكلة، وهذا أمر يجب أن يُدرك من القائمين على الموضوع، بأنّه لو كان غرضهم من المدارس غير المختلطة هو منع عملية الاختلاط، فهي تحدث، فربما الأفضل أن تتم في المدرسة بوجود ضوابط تحكم الأمر، أفضل من حدوثها في الخارج بدون ضوابط.

والمقصود هو مراجعة الأفكار القديمة وعدم التمسك بها، والعمل على تكوين أفكار جديدة متوافقة مع روح العصر الذي نحيا به، وأن يكون المحور الرئيس هو مصلحة الطالب ومحاولة اختيار الأمثل بالنسبة له.

كما ترى، حَرَصْتُ في المقال على مناقشة الأمر من الجانبين رغبةً للتأكيد على أنّ لكل وضعٍ من الاثنين مميزاته وعيوبه، والأهم في النهاية هو أن يضع القائمون على عملية التعلّم الطالب نصب أعينهم دائمًا، هذا ما سوف يمكنهم من الوصول إلى أفضل النواتج في عملية التعلّم.

معاذ يوسف

كاتب مؤمن بالتغيير والأمل والسعي، مؤسس ورئيس فريق دوشة كتب.
زر الذهاب إلى الأعلى