تحقيقات زدني

جودة التعليم العام في اليمن

قامت وزارة التربية والتعليم بإعداد عدد من الاستراتيجيات الوطنية للتعليم؛ كالاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم الأساسي 2003-2015م، والاستراتيجية الوطنية للتعليم الثانوي 2006-2015م، واستراتيجية الطفولة المبكرة، واستراتيجية محو الأمية وتعليم الكبار، وتتضمن هذه الاستراتيجيات النوعية والتحسين في التعليم العام، إلا أنه من خلال تقارير المراجعة السنوية التي تقوم بها الوزارة يتضح الآتي:

  • ضعف الجدوى من هذه الاستراتيجيات نظرًا لضعف المتابعة والتنفيذ.
  • ضعف الرقابة على الأداء الوزاري والأداء التربوي على المستوى المركزي والمحلي في الجوانب المتعلقة بجودة التعليم.
  • عدم استقرار النظام التعليمي، وتغير أولويات التعليم حسب التوجه الجديد للحكومات المتعاقبة، أو الوزير المعين لوزارة التربية والتعليم.

     وبعد تشكل حكومة الوفاق الوطني في نهاية عام 2011م ، كانت من توجهات وزارة التربية والتعليم إعطاء أهمية كبيرة لجودة التعليم والاعتماد المدرسي، وإعداد هيكيلية إدارية تتناسب مع هذا التوجه، وتتضمن هذه الهيكلية مسارين هما:

  • السعي نحو إنشاء هيئة وطنية مستقلة خارج الوزارة تتبع مؤسسة الرئاسة أو الحكومة، تكون معنية بجودة التعليم العام والاعتماد المدرسي أسوة بمجلس الاعتماد الأكاديمي لمؤسسات التعليم العالي، والذي تم إنشاؤه في عام 2010م بقرار رئيس الجمهورية، على أن تقوم الوزارة بإعداد مشروع بذلك وعرضه على الحكومة ورئيس الجمهورية.
  • إعداد هيكلية إدارية متخصصة بجودة التعليم والاعتماد المدرسي داخل الوزارة وفروعها بمكاتب التربية والتعليم في المحافظات والمديريات وامتداد هذه الهيكيلة على مستوى المدرسة لتكون مساندة للهيئة المستقلة المراد إنشاؤها خارج الوزارة.

  ما يخصّ الجانب الثاني، تم اتخاذ عدد من الخطوات منها؛ صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (135) لسنة 2013م بتعيين مدير عام للجودة والاعتماد بالوزارة، اتخاذ الوزارة عددًا من الإجراءات لاستكمال البنية الإدارية والهيكلية في مجال الجودة والاعتماد، ثم  تشكيل فرق الجودة والاعتماد بمكاتب التربية والتعليم بالمحافظات والمديريات، بالإضافة إلى  تعيين مختص للجودة في المدرسة .

  إلا أن الظروف التي مرت بها اليمن منذ عام 2012م ، وطبيعة تشكيل الحكومة وأولوياتها خلال تلك الفترة لم تتح الفرصة لتحقيق المسار الأول، وهو إنشاء هيئة وطنية مستقلة للجودة والاعتماد، وهذا أثر سلبًا على تحقيق الجودة في التعليم نظرًا للأسباب التالية:

  • عدم قناعة بعض قيادات الوزارة بالإجراءات المرتبطة بجودة التعليم والاعتماد المدرسي، والتي تتطلب الشفافية والمساءلة وتطبيق المعايير القياسية.
  • غياب الرقابة على أداء الوزارة فيما يخص تحقيق جودة التعليم.
  • غياب الشفافية، وانتشار الفساد المالي والإداري.
  • تنازع الصلاحيات بين وزارة التربية والسلطات المحلية في المحافظات.
  • عدم تطبيق المعايير واللوائح في التعيينات الإدارية لمكاتب التربية والتعليم والإدارة المدرسية.
  • لايمكن للمؤسسة التعليمية أن تمنح نفسها اعترافًا بتحقيق الجودة.
  • عدم الاهتمام بالمدرسة وتوفير الدعم اللازم لعملية التعليم والتعلم.
  • غياب ثقافة الجودة لدى القيادات التربوية والإدارية والمعلمين وكذلك الطلاب وأولياء الأمور.
  • تدني مستويات التدريب للمعلم وارتباط التدريب بدعم ومساندة المنظمات الدولية.

   ورغم قيام الوزارة بالتنسيق مع عدد من الجهات والمنظمات الدولية الداعمة للتعليم في اليمن لتوفير بعض التمويل اللازم لتنفيذ الأنشطة الهادفة لتحسين وتجويد التعليم بشكل عام، إلا أن هذه الخطوة لها تأثير محدود في عملية تحقيق الجودة في التعليم نظرًا لما يلي:

  • اقتصار دعم المنظمات الدولية على عدد بسيط من المدارس مقارنة بالعدد الإجمالي الذي يزيد عن 17000 مدرسة.
  • توقف عمل المنظمات الدولية الداعمة لعملية التعليم في اليمن نتيجة الأوضاع الأمنية والسياسية التي تمر بها البلاد.
  • إهدار نسبة كبيرة من مبالغ المنح والقروض المقدمة في نفقات لا علاقة لها بتحسين التعليم في المدرسة، وهذا ناتج عن غياب الشفافية والرقابة والمسئولية الوطنية لدى بعض قيادات وزارة التربية والتعليم.
  • تعدد الأدلة الصادرة من الوزارة فيما يخص جودة التعليم بناءً على طبيعة عمل المنظمات الداعمة لعملية التعليم، حيث يتطلب في بعض الأحيان إعداد دليل للمدارس التي تشرف عليها كل جهة بصورة مستقلة، والتركيز على جوانب دون أخرى.

وتشير تقارير عدد من المنظمات الدولية ومنها تقرير معهد البحوث والتعاون الدولي في اليابان في العام 2013م  إلى أن مخرجات التعليم في اليمن ذات جودة منخفضة مقارنة بتسع دول مشابهة لليمن في وضعها الاقتصادي من بينها مصر، والأردن، وتونس، ليس في مجال العلوم والرياضيات فقط بل في القراءة والكتابة أيضًا.

وأفاد التقرير أن أهم الأسباب هي:

  • عدم الشفافية والمساءلة في الموارد الخاصة بالتعليم ونشر كل ما يتعلق بذلك على مستوى المدارس ومكاتب التربية والتعليم في المديريات والمحافظات.
  • ضعف الرقابة على حضور وتواجد المعلمين في الفصول الدراسية خلال اليوم الدراسي.
  • ضعف البنية التحتية والموارد التي تحتاج إليها المدرسة.
  • افتقار المدارس للدعم والمكافأة سواءً عبر السلطات المحلية أو المنظمات الداعمة للتعليم في اليمن كونها المعنية باتخاذ الإجراءات الخاصة بتحسين وتجويد عملية التعليم والتعلم وتفعيل برامج الالتحاق بالتعليم.
  • النقص في عدد المعلمين.
  • عدم إشراك أولياء الأمور في الإشراف والمتابعة على سير العملية التعليمية.
  • تركيز الوزارة على التوسع في عدد المدارس وليس على نوعية التعليم.

كما يشير تقرير المجلس الأعلى لتخطيط التعليم في اليمن في عام 2014م إلى وجود تدنٍ كبير في نوعية التعليم، ووجود خلل في مستوى الأداء التعليمي، والخدمة التعليمية، بحيث لا تشكل عامل جذب للطلاب، مما يؤدي إلى زيادة حجم التسرب والرسوب، حتى أصبحت بعض المدارس طاردة لأبنائها الطلاب الذين لم يجدوا فيها ما يحقق ويلبي طموحاتهم.

وقد أثرت الأحداث الأخيرة سلبًا على  التعليم في اليمن، وهناك مؤشرات خطيرة حسب تقارير عدد من المنظمات المحلية كمركز الدراسات والإعلام التربوي حيث يشير التقرير إلى إغلاق 468 مدرسة، وحرمان 250 ألف طالب من التعليم في محافظة واحدة، وهي محافظة تعز التي يدور فيها صراع مسلح، وقد تكون هذه الأرقام متقاربة في بقية المحافظات التي تمر بنفس الظروف، إلى جانب استغلال الجماعات المسلحة لطلبة المدارس في الالتحاق بجبهات القتال وترك التعليم، وتعطيل عددٍ من المدارس بتحويلها إلى ثكنات عسكرية، وهنا تغيب أبجديات التعليم فضلًا عن تحقيق جودة التعليم.

علي أخواجة

باحث أول (أستاذ مساعد) بمركز البحوث والتطوير التربوي – صنعاء
زر الذهاب إلى الأعلى