دراساتدراسات وأبحاث عربيّة

دراسة: تدريس “السيرة النبوية” في عصرنا الراهن ضرورة

خلصت دراسة عراقيّة حول “تدريس السيرة النبويّة”،  بأنّ “تدريس السيرة النبويّة الشريفة يرتبط بجملة من الأهداف العامة، فمن ذلك إحاطتها وشمولها للقيم الإنسانيّة والمفاهيم والمبادئ السامية، وإذ حرص المربّون على أن يكون تدريس السيرة النبويّة عملية بنّاءة مثمرة وليست حفظًا للمعلومات فقط، وبهذا لا بدَّ من العمل على صياغة أهداف السيرة من تلك المبادئ والمفهومات والقيم. ولن يكون هذا الأسلوب نافعًا من الناحية التربويّة فحسب، وإنّما أسلوبًا مفيدًا من الناحية التعليميّة، وذلك إنّ تحديد الأهداف في إطار معلوم، سيجعل المربّي يسعى إلى تحسين طرائق التدريس وتنوع أساليب التقويم، ووسائل التعليم. الأمر الذي يترتب عليه تعزيز اهتمام المتعلمين بهذه المادة، وتحفيزهم لدراستها، والإفادة منها في حياتهم الدنيوية والأخروية”.

وتشير الدراسة إلى أنّ “أهمية السيرة النبوية يكمن في منزلتها في نفوس المسلمين، إذْ أنكر القرآن الكريم على الأمة التي لا تعرف رسولها بسيرته وأخلاقه ومعاملاته وعباداته; لأنّ هذا يؤدي إلى إنكاره والتنكر له، والإعراض عنه، مما يورّث غضب الله تعالى، قال تعالى: (أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ)”.

ويلفت الباحث العراقيّ “شاكر الجنابي” في دراسته، التي تَقدّم بها لكلية التربية (ابن رشد) بجامعة بغداد، إلى أنّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) “أرشد المسلمين إلى التربية الصحيحة على عكس ما كانت مقتصرة عليه في الجاهليّة (فالتربية عندهم كانت عملية تشمل ما يحتاجونه في حياتهم اليوميّة، وكانت علوم العرب قبل الإسلام تقتصر على النجــــوم، والأنـــــواء، والكهــــانة، والعرافة ومبادئ في الطب، والشعر والخطابة)”.

ويشير إلى أنّ “رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نقل المجتمع العربيّ آنذاك نقلة هائلة بالمقاييس كلها وحثّ الإسلام على التدبر، والتفكر في خلق الله، وأكّد تأديب النفس، وتصفية الروح، وتثقيف العقل، وتقوية الجسم، وتقويم السلوك، وعنى بالتربية الروحية والجسمية والعقلية معًا، فأقام الإسلام على منهج تربويّ حقق الترابط بين هذه الأهداف بشكل متكامل من دون تفريط أو تضحية بأي نوع على حساب نوع آخر، فكان الاهتمام بالجانب الروحي متساويًّا مع الجانب الماديّ; لأنّ حياة الإنسان الماديّة لا تنفصل عن حياته العقلية، وإنّ حياته ومشاعره الروحية لا تنفصل عن واقعه الماديّ، وإنّ تفكيره العقلي مرتبط بالمجتمع”.

وتشير الدراسة إلى أنّ “رجال الأمة ساروا على المنهج النبويّ، فنهل منها المربّون في تنشئة الأجيال الإسلامية، وعنوا عناية عظيمة بالتربية الأخلاقية”.  وتلفت إلى أنّ سيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) “ليست قصصًا تُتلى، ولا وقائع تاريخية مجردة، بل المراد من تعرفها عليها ربط المسلم برسوله الكريم (صلى الله عليه وسلم)، وتتبع بصيرته في عمله وتفكيره”.

دراسة شخصية الرسول

تورد الدراسة بأنّ شخصية الرسول (صلى الله عليه وسلم) كانت وما زالت نموذجًا تربويًّا كاملًا للإنسان، “ففي سيرته (صلى الله عليه وسلم) يجد القارئ مربيًا عظيمًا، ذا أسلوب تربويّ فذّ، يراعي حاجات الطفولة وطبيعتها، بمخاطبة الناس على قدر عقولهم، أي يراعي الفروق الفردية بينهم، ويراعي مواهبهم واستعدادهم وطبائعهم، يراعي في المرأة أنوثتها، وفي الرجل رجولته، وفي الكهل كهولته، وفي الطفل طفولته، ويلتمس دوافعهم الغريزية، فيجود بالمال لمن يُحب المال حتى يُؤلف قلبه، ويؤوب إليه من يحب المكانة، لأنّه في قومه ذو مكانة، وهو يدعوهم إلى الله من خلال ذلك وإلى تطبيق شريعته، لتكتمل فطرتهم وتتهذب نفوسهم شيئًا فشيئًا، وتتوحد نوازعهم وقلوبهم، وتتوجه طاقاتهم، طاقات العقل، وطاقات الجسم، وطاقات الروح، لتعمل معًا وتتجاوب للهدف الأسمى، وبذلك يسمو الفرد وينهض المجتمع”.

“تطبيق عملي” للسيرة النبوية

والوقوف على أهمية السيرة، وكما تورد الدراسة، فأنّ “تدريسها مرتبط بكثير من الأسباب التي تجعل أهميتها بارزة للعيان، ومنها التطبيق العمليّ للسيرة النبوية فضلًا عن كونها من مواد هذا البحث، إلا أنّه يمكن القول أنّ موضوعها من أخصب الموضوعات الإسلامية إيناسًا للنفس، وإنعاشًا للروح، وإمتاعًا للفكر، ومنهجًا للحياة، فهي أنموذج للإنسان الكامل من مختلف جوانبه، إذ بلغ النبي (صلى الله عليه وسلم) أقصى ما وصل الإنسان في مدارج الكمال بصياغة ربه (فأنك بأعيننا)”.

وتشير الدراسة إلى أنّ “السيرة النبوية هي سلوك النبي (صلى الله عليه وسلم) وتصرفاته في الحياة التي تعكس التطبيق العمليّ لمبادئ الإسلام، وتجسد علاقته بربه ونفسه وتعامله مع الآخرين وذلك مدعاة للاقتداء به (صلى الله عليه وسلم) في هذه السلوكيات وتلك التصرفات في حياتنا”.

ويرى معدُّ الدراسة، بأنّ “دراسة سيرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، في عصرنا الراهن ضرورة، إذا أدركنا أنّ هناك صراعًا خفيًا ومعلنًا يعانيه المسلمون اليوم، وعلى نحوّ خاص الضعفاء منهم الذين وقفوا أمام الحضارة الغربية بما وصلت إليه، فولوا وجوههم شطرها ليتخذوها مثلا وقدوة”.

وتأسيسًا لهذا، يعتقد الباحث العراقيّ، بأنّ “دراسة السيرة النبوية في مدارسنا وجامعاتنا، وفي حياتنا ذات أهمية كبرى. إذ عن طريقها نبني العزائم، ونوحد الأهداف، وننشئ الإدارة، ونُقوّم الخلق الذي حاولت الأمم غير الإسلامية يشاركها ضعاف الإيمان من المسلمين أن تُميته أو تجعله في غفلة دائمة، بعيدة عن أخلاق الإسلام الحقة وعن أخلاق رسول الله (صلى الله عليه وسلم)”.

دراسة التاريخ

السيرة النبوية جزء من التاريخ، وهو ما تُؤصل الدراسة له، مشيرة إلى أنّها “تشكل المحور الذي تدور حوله حركة التدوين لتاريخ الإسلام، ذلك التاريخ الذي يعتزّ به المسلمون على اختلاف قومياتهم ومذاهبهم، لذا كان أول ما دوّنه المسلمون بعد القرآن الكريم، سيرة نبيهم (صلى الله عليه وسلم)، ثم الأحداث التي تسلسلت على أثرها إلى يومنا هذا”.  وتؤكد على أنّ “دراسة السيرة النبوية تُعين المسلم على فَهم كتاب الله تعالى وتذوّق روحه ومقاصده، إذ إنّ الكثير من آيات القرآن الكريم إنّما تفسرها وتوضحها الأحداث التي مرّ بها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وموقفه منها. إذا لا بدّ من فقه السيرة ليكوّن مدخلًا لفَهم فقه الإسلام ولفَهم القرآن، لأنّ السيرة النبويّة هي التطبيق العمليّ للإسلام وهي الجانب العمليّ للسنة”.

وزيادة على ما تقدمت به الدراسة، يرى الباحث بأنّ أهمية دراسة السيرة النبويّة “تظهر من نصوص القرآن الكريم التي حدّثت عن سير الأنبياء، وعن قصص الأمم السابقة لقصد الاعتبار، والاتعاظ بهم; لأنّ العاقل يُعتبر بغيره، ويقيس واقعه وحياته ومجتمعه وأمته على واقع الأنبياء، والأمم والمجتمعات السابقة”. قال تعالى: (وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ). وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ).

وتُشير الدراسة إلى أنّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حدث عن حياة عدد من الرجال، والشعوب والأمم، لأخذ العبرة ممّا أصابهم وما نزل بهم من قحط وبلاء. وإنّ العربي كان يحتفظ بنسبه ويذكر أجداده، فجاء الإسلام ودعا إلى حفظ الأنساب والأعراض. وهذا يدل على مشروعية دراسة السيرة على نحوّ عام.

وعن علاقة تدريس السيرة النبويّة بفروع التربية الإسلاميّة الأخرى، تُفيد الدراسة بأنّها “علاقة ثابتة ليس فيها خلاف، وإن جرى تقسيم العلوم الإسلاميّة إلى فروع مختلفة، فهذا عائد إلى تسهيل الدراسة وهو لا يعني الانفصال عنها بأيّ حال من الأحوال; لأنها متداخلة بطبيعتها والغاية من دراستها واحدة، وهي تكوين الشخصية الإسلامية المتكاملة من حيث العقيدة والمعرفة الدينية والأخلاقيّة، للسموّ بها وإسعادها”.

ربط السيرة بمختلف الدروس

وبناء على ما تقدمت به الدراسة، يرى الباحث أنّه “بإمكان المربّي أنْ يربط درس السيرة النبوية بغيرها من الدروس، كالقرآن الكريم وعلومه، لأنّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان خلقه القرآن، وقد تحدث القرآن الكريم عن جانب كبير من السيرة النبوية، وعدد من الغزوات التي شارك فيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مثل غزوة بدر، وأُحد، والخندق، وتحدث القرآن الكريم عن عدد من معجزاته (صلى الله عليه وسلم). كمعجزة الإسراء والمعراج، وتحدث عن هجرته (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة المنورة. وربط السيرة والسنة القولية والتقريرية، وان يربط بين درس السيرة والعقيدة الاسلامية، وفي دروس الفقه ايضا، لأنّ الفقهاء بنوا كثيرًا من الأحكام الفقهيّة على سيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وتصرفاته وأقواله. وكذلك الأمر في مجال علم الأخلاق، لأنّه (صلى الله عليه وسلم) القدوة الواجب اتباعها”.

يعتقد الكاتب بأنّ اتّباع سنة الرسول (صلى الله عليه وسلم) “ليس ترفًا فكريًا، ولا حاجة تربويّة فحسب، بل أكدّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وجوب اتباع سنته المباركة حتى يكتمل إيماننا، وتصحّ عقيدتنا، وتسلم عقولنا من الزيغ، وقلوبنا من الضلالة، وأنفسنا من الانحراف”. قال (صلى الله عليه وسلم) في حجة الوداع (وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به، فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسنة نبيه).

المنهج الدراسي

 وتشير الدراسة إلى أن “المنهج وسيلة التربية الفاعلة لتحقيق أهدافها في تشكيل نقطة الاتصال بين المُدرّس وطلبته، ومن دونه لا يستطيع المُدرّس أنّ يحقق أهداف العملية التعليميّة، وعليه لا بدّ أن يكون المنهج متطورًا، وناميًا، ومتجددًا، ويقوم على أسس سليمة نابعة من واقع مجتمعنا، ويستلهم كلّ جديد، ويعمل على تنمية المجتمع وتطويره، وتحديثه بما يمكنه من الانطلاق نحو آفاق المستقبل المشرق”.

وتُفيد الدراسة بأنّ المنهج يتكون من عناصر أساسيّة، وهي: “الأهداف والمحتوى، والخبرات التعليمية، وطرائق التدريس، والأنشطة، والوسائل التعليمية المصاحبة، والتقويم، وإنّ هذه العناصر يتكامل بعضها مع بعض، ويؤثر كل عنصر فيها في بقيّة العناصر ويتأثر بها”.

وتلفت الدراسة إلى أنّ “المناهج وُضعت في العالم لخدمة الإيديولوجيات التي تُدين بها الشعوب، ولترسيخ الاتجاهات الوطنية للأمم وتعميقها، ولهذا تجد كل أمة تدرس العقائد التي تؤمن بها، ولهذا أصبحت المناهج الدراسيّة متعددة الجوانب، فهي تحدد معالم العملية التربوية، وتساعد على رسم خُطاها، وهو مادة تمثل المعرفة من التراث الثقافيّ، وهو وسيلة لمساعدة الطلبة للوصول الى أقصى درجة من الاستيعاب للخبرات الإنسانية، والإفادة منها. وهي تقويم لتحديد نتاج العملية التربوية ومشكلاتها وحلولها”.

ويرى الباحث أنّ مناهج التربية الإسلامية يجب أن يُراعى فيها الأمور المهمة الآتية:

  • الشمول والوضوح في أهداف التربية الإسلامية جميعها.
  • الاهتمام بتكامل الشخصية الإسلامية للطلبة في جوانب التربية المعرفيّة، والعقليّة، والوجدانيّة، والنفس الحركيّة وغيرها، حسب مستويات المراحل الدراسيّة.
  • الارتكاز على نظرة الإسلام للحياة والكون، وعلاقة الإنسان بربه ومجتمعه.

وتؤكد الدراسة بأنّ لطرائق التدريس مكانة مهمة في المنهج، “فلها النصيب الأكبر مما يلقاه أي عنصر آخر من عناصره. إذْ يتأثر المنهج على نحو آخر بطريقة التدريس التي يتبعها المدرس. إذ لا يمكن ربط عناصر المنهج ببعضها إلا من خلال طرائق التدريس. إذ إن طريقة التدريس هي الوسيلة التي يسلكها المدرس في توصيل المعلومات والنشاطات للمتعلم بسهوله ويسر، بحيث تكفّل طريقة التدريس هذا التفاعل بين المدرس والطلبة، وبين الطلبة والمادة الدراسيّة، والطلبة بعضهم مع بعض، ثمّ بين الطلبة وأفراد المجتمع”.

لذا يرى الباحث، بأنّه لا يمكن الفصل بين المنهج وطرائق التدريس إلّا لأجل التنظيم. وبحسب الباحث فإنّه يمكن القول إنّ طرائق التدريس هي تنفيذ المنهج من خلال المواقف التعليميّة ليس إلّا.

طرائق التدريس

وبحسب الدراسة فإنّ “طرائق التدريس جاءت من مصادر متعددة، لذلك فهي مدارس مختلفة، وهي نتيجة جهد شاق، وخلاصة تجارب طويلة في مجالات كثيرة. فالمبتكرون لهذه الطرائق زاولوا مهنة التدريس، ولكنّهم اختلفوا فيها باختلاف التخصص وبشكل البيئة المعرفيّة التي تأسسوا عليها، والخبرات الطويلة التي عايشوها، فانعكس الاختلاف في اتجاهاتها ومفهومها لعملية التعلم، وكيفية حدوثه، وطريقة تنشيطه، والشكل الذي تكون عليه البيئة لتعزيز التعلم”.

وتشير الدراسة إلى أنّ الطريقة التقليديّة في التعليم “كانت وما تزال حيّة ومنتجة ومتجددة إذ جاء في دراسة جرت في الجامعة المستنصريّة عام 1990م (إن أسلوب المحاضرة الموضحة والمجردة تتبوأ المرتبة الأولى في استعمالها من التدريسيين، التي يعد فيها المُدرّس محور العملية التعليميّة، إذ يقدم أكبر قدر من المعارف والمعلومات إلى أكبر عدد من الطلبة”.

وتلفت الدراسة إلى أنّ الطرائق جميعًا تشترك بالاهتمام بالطلبة إدراكيا ووجدانيًّا وفنيًا:

  • إدراكيا عن طريق اكتساب العلم وطرائق العلم.
  • وجدانيًا عن طريق مساعدة الطالب على إشباع حاجاته للنموّ وتفهم الآخرين.
  • وفنيًّا عن طريق تعليمه مهارات تساعده على شق طريقه في متابعة النمو، واستمرارية الضبط والتكيف مع العصر، ولكنها على الرغم من تطابقها في هذا الهدف فإنها تختلف في طرقها لتحقيق ذلك الهدف، أي أنها تختلف في كل شيء آخر حتى في مفهومها للإدراك العقلي، وطبيعة النمو، وطريقة التعلم.

ويتوافق الباحث مع الرأي القائل بأنه: لا توجد طريقة واحدة صالحة لكلّ موضوع، أو لكلّ زمان ومكان، وهذا استنتاج قد يزعج بعض الذين يعتقدون بجدوى الطريقة الوحيدة في التدريس ولكنه أمر مسلم به.

 وبحسب ما توصل إليه الباحث، فإنّه يعتقد بوجوب أنْ تكون الطريقة التدريسيّة الجيدة مرنة، وقابلة للتكيّف مع ظروف المدرسة، أو الجامعة، أو إمكاناتها المادية المتاحة،ويرى الباحث بأن طريقة التدريس الجيدة تتصف بالآتي:

  • تيسر التعلم وتنظمه.
  • توظف كل مصادر التعلم المتوافرة في البيئة التعليميّة التعلميّة.
  • تظهر على نحو خطوات، وتتضمن الخطوة الواحدة: الأنشطة التعليميّة التعلميّة، ومصادر التعليم والتعلم، والوقت اللازم.
  • تحقق الأهداف المرجوة بأقصى سرعة، وبأقل جهد ووقت، وبأكبر فاعليّة.
  • تُراعي الخصائص النمائيّة للمتعلمين.
  • تراعي المبادئ التربويّة والنفسيّة بعامة، والتعلم بخاصة.
  • توفر للمتعلم الأمن، والدافعيّة، والثقة بالنفس، والنجاح، فلا يولد النجاح إلا النجاح.
  • تُراعي الفروق الفرديّة بين المتعلمين.
  • تستغل قدرات المتعلمين إلى أقصى ما يستطيعون.
  • تراعي طريقة البحث والتفكير الخاصة بالمادة الدراسيّة.
  • تراعي الأسس الفلسفيّة والقيميّة، والاجتماعيّة، والنفسيّة، والمعرفيّة للتربية.
  • تنمي لدى المتعلمين القدرة على التفكير بكل أنواعه.
  • تكسب المتعلمين المهارات، والكفايات الإدائية.
  • تنمي لدى المتعلمين الاتجاهات والقيم.
  • توظف تطورات المادة الدراسيّة العلميّة. 
  • تتصف بالمرونة بحيث تأخذ كل المتغيرات في البيئة التعليمية التعلمية في الاعتبار.

وتوضح الدراسة بأنّ الطريقة التعليميّة، هي “الاجراءات التي يتبعها المعلم لمساعدة طلبته على تحقيق الأهداف، وقد تكون تلك الاجراءات مناقشات أو توجيه أسئلة، أو تخطيط لمشروع أو إثارة لمشكلة تدعو الطلبة إلى التساؤل، أو محاولة لاكتشاف فرض فروض، أو غير ذلك، والطريقة هي حلقة الوصل بين الطالب والمنهج”.

وتشير الدراسة إلى أنّه “يتوقف على الطريقة نجاح المقرر أو المنهج إلى حيز التنفيذ، وتتضمن الطريقة كيفية إعداد المواقف التعليميّة المناسبة وجعلها غنيّة بالمعلومات والمهارات والعادات، والاتجاهات والقيم المرغوب فيها”.

أما أسلوب التدريس، فتوضح الدراسة بأنّه “النمط التدريسيّ الذي يفضله معلم ما، أو الكيفيّة التي تناول بها المعلم طريقة التدريس في أثناء قيامه لعملية التدريس، أو الأسلوب الذي يتبعه المعلم في توظيف طرائق التدريس بفعاليّة تميزه عن غيره من المعلمين الذين يستعملون الطريقة نفسها، ومن ثم فإنّ أسلوب التدريس يرتبط على نحو أساس بالخصائص الشخصيّة للمعلم”.

وتلفت الدراسة إلى أنّ “الطريقة” أوسع من “الأسلوب”، وأن “الأسلوب” هو الوسيلة التي يستعملها المعلم لتوظيف الطريقة على نحو فعّال.  ونفهم من ذلك بحسب الدراسة أنّ “الطريقة هنا أعمّ وأشمل لكونها لا تتحدد بالخصائص الشخصيّة للمعلم. وهي الخصائص المحددة لأسلوب التدريس الذي يتبعه المعلم بصورة أساسية. وإن طرائق العرض التي تسمى أيضًا بالطرائق التلقينيّة الالقائيّة تقوم على عرض المعلومات والمثيرات بشكل جاهز على المتعلمين الذين يقومون بحفظها لإعادة تسميتها”.

ختامًا، حاولت الدراسة تأصيل بأنّ السيرة النبوية الشريفة جاءت بأساليب تربويّة عدة، وإنْ كانت كلها متوافقة مع المنهج القرآني التربويّ، إلا أنّها كانت زاخرة بتلبية حاجات المجتمع الإسلامي، وحاجات الأفراد الذاتيّة والموضوعيّة، ولتصبّ كلها في خدمة ترسيم المعاني الإيمانيّة النبيلة، والقيم الإسلاميّة الساميّة، والسلوك الإسلاميّ القويم، الذي يجب أنْ يسلكه المؤمنون في مجمل تصرفاتهم وتعاملهم ليكونوا بمستوى المسؤوليّات والمهمات الكبرى التي تنتظرهم.

طه العاني

صحفي ومهندس عراقي، مهتم في أمور التعليم. مدير قسم التحقيقات في “شبكة زدني”، مراسل الشبكة في العراق، وضمن فريقها في تركيا حاليا.
زر الذهاب إلى الأعلى