صوت المعلم

فارس ترجلَّ لأجل المنهاج !

في حادثة مخيفة ، أبكت القلوب قام طالب من مدينة بالانتحار يأساً من صعوبة المنهاج ، ووجعاً من كثرة التقريع و اللوم ما بين المدرسة و البيت .
فارس الطفل الذي لم يتجاوز أربعة عشر سنة ، كتب في وصيته : ”  انا اكتب لكم هذه الوصية في هذا اليوم الثلاثاء ٢٥/٣/٢٠١٤ .فهذه وصيتي الأخيرة في الحياة ؛فانا ارجو واطلب منكم يا أبي وأمي ؛ان تسامحونني ؛لأنني قصرت معكم في الحياة وطملت رؤوسكم ،،،لأنني واحد فاشل في المدرسة ،ومهما وقصر في دروسي ،وامتحاناتي ..فانا ارجو منك يا أبي ان تسامحني لأنني طملت رأسك أمام المعلمين والمدير في المدرسة …أيضاً في هذه الوصية :-ارجو يا أهلي ان تسلموا على المعلمين في المدرسة والمدير وأبناء صفي …ارجو ان تصلهم هذه الوصية ..وأرجو منهم ان يسامحوني ؛اذا في يوم ما فعلت معهم عمل فاحش أو كنت ظالما مع احد من أصدقائي ..فانا يا أبي ارجو منك ان تسامحني لأنني للأسف طملت رأسك في امتحان الوطنية الشهرين ،،لأنني حصلت على علامة متدنية وراسب ..فانا لا اعرف ماذا حصل معي هكذا ؛والتخمت لخمة كبيرة هذا الفصل …فانا ارجو منكم يا أبي وأمي الرضا علي والدعاء لي في قبري …وأيضاً سلموا على أقاربي وأبلغوهم تحياتي وسلاماتي لهم ..وأرجو من الجميع ان يسامحوني ؛وان تسلموا على إخوتي ،،،حيث قال الله تعالى في كتابه الحكيم “كل نفس ذائقة الموت “. ارجو من الأستاذ خالد ؛؛مدير المدرسة ان يسامحني على الذي فعلته اليوم ؛وهو يعرف ماذا قصدي .. ارجو منكم الدعاء لي وأنا في قبري ..”

بتلك الكلمات البسيطة لغة ، الموجهة لأبيه الذي يعمل سائق تاكسي ، و لمدرسيه بأن يعذروه لفشله ، و عدم قدرته على تجاوز صعوبة المنهج ، أنهى فارس حياته بجريمة في حق ذاته ، كان المُحرك لها ” صعوبة المنهج ” .

مما يجعلنا أمام ألف علامة استفهام :
_ ما فائدة مناهج لا تتناسب و قدرات الطالب ؟
_ كيف يُعتمد منهج لا يُحاكي بيئة الطالب ؟
_ لمّ نُثقل كاهل الطالب بمواد شتى ، تثقل كاهله و تعجزه و لا تقدم جديد ؟
_ ما مدى أهلية المعلم لتبسيط و تقديم منهاج معقد و كبير ؟

و كل ذلك يجعل ” فارس ” و سواه من الطلبة ، في حيرة من أمرهم بين قدرات عقلية محددة ، و مناهج طويلة و صعبة ، و معلمين غير أكفاء ، و أهل يطلبون التفوق ؛ مما يجعلهم في حالة ذهول عما يريدون هم ، و يتعاملون مع المشكلة إما بالإنكار و تسيير الأمور ، و إما بالكد المُجهد علهم يصلون لنتائج مرضية .

تُبنى المناهج التدريسية على أُسس ( اجتماعية ، نفسية ، فلسفية ، معرفية )  ، و له أساس من المفاهيم السيكولوجية التي تُراعي الفئة المستهدفة و طبيعة البيئة ، و له النظريات التي تتناسب و العالم من حوله ، ليؤتي ثماره جيل واعي متفهم يملك أساسيات متينة في تسلسله من مرحلة لأخرى حتى تمام نضجه و بناءه المعرفي و النفسي في نهاية المرحلة الجامعية ، و التي من بعدها سيخرج لسوق العمل .

وإن حادت عن تلك الأسس سببت الارتباك للطالب ، و أبعدته عن الهدف الذي ينشده من التعليم ، و جعلته مجرد آلة حفظ لما يُلقنه المعلم دون إعطاء فرصة على التجريب و اختبار التجارب و محاكاة الواقع للخروج بالنتائج التربوية المرجوة .

و المستقبل سيشهد حالات تمرد أخرى ، إن استمرت وزارة التربية و التعليم الفلسطينية في تجاهل ما يُنادي به الطلاب و الآباء من إعادة تدوير المنهاج الفلسطيني ، وضعه على أساس من الصحة و الواقعية ، و توفير كادر تعليمي مؤهل على تقديمه بأيسر الطرق إلى الطلاب . فهل من معتبر ؟ 

زر الذهاب إلى الأعلى