رأي الوالدين

كيف تفرّغ طاقة طفلك بطريقة صحيحة؟

ذات يوم رأيت طفلًا تحاصره والدته كلما ذهبنا سويًا إلى حديقة فتمنعه من اللعب بالتراب والماء وتبقيه بجوارها كي لا تتسخ ملابسه، وتحتج أن مناعته ضعيفة وتخشى أن يلتقط شيئًا من الرمل فيمرض أو يتعرض للتلوث من الماء الكدر، فتعطيه أحد الألعاب الالكترونية ليبقى متصنمًا فترة طويلة على الشاشة يتفرج بسلبية.

وقد ساءني هذا التصرف جدًا وتفكرت في حالة البيوت الحديثة حيث يفتقد الطفل المواد الأساسية الأولية التي ينبغي أن يتلمسها ويستكشفها لينمو بشكل صحي سليم، ويتم توجيهه إلى الألعاب الصناعية، الآلات والإلكترونيات، الدمى غريبة الشكل ذات الأصوات المركبة.

فينسى مادته الأولى التي عليه التفاعل معها، ويتحول إلى آلة تدريجيًا بفعل بقائه في البيوت المغلقة التي يقل تعرضها للشمس. ثم يأتي بعض الأهالي يشتكون من كثرة إزعاج ابنهم وحركته الكثيرة المؤذية من تخريب وتكسير وملل وفوضى.

وكل هذا ينم عن شعور داخلي مكبوت وكأنه يريد الإفصاح عن رغبته في العودة إلى الطبيعة الحقيقية، الماء والتراب والسماء والظلال.

يريد الانطلاق نحو العنصر الترابي الذي تكون منه لينمي خياله ويتعلم الإبداع ويتفنن في التشكيل والاحتراف والحفر، إن الطفل لا يفكر مرتين قبل الانطلاق نحو التراب واللعب بالماء. بل إننا نجد كثيرًا من الأطفال يمضي بضعة ساعات من اليوم وهو يذهب لغسل يديه ويستغل الوقت باللعب بالماء.

وقد عرفت المدارس الحديثة فائدة الماء والتراب للأطفال فخصصت بعضها أماكن ملأتها بالتراب والألعاب الرملية لكي ينغمس الطفل فيها ويتخفف من الضغوطات السلبية والانغلاق المترتب من بيوت كعلب الكبريت.

ولذا علينا كأمهات أن نتقبل هذه الرغبات في أبنائنا ونترك لهم الحرية في اللعب بهذه المواد مهما كانت النتيجة المزعجة من توسيخ للملابس والشعر، على أن تكون حصة الطفل منها يومية .. وتشتكي بعض العائلات من عدم القدرة على توفير هذا النشاط في المنزل يوميًا، لذلك هنا سأعرض لكم بعض الصور المبتكرة لتوفير هذه البيئة في المنزل ويمكن إشغال الطفل بها يوميًا قبل الشكوى من كثرة الحركة والإزعاج والتخريب:

  • استخدام المعجون أو الصلصال يوميًا في التشكيل ويمكن صناعته من مواد طبيعية في المنزل.
  • ملء المغطس المنزلي بالماء والصابون والألعاب وترك الطفل يمارس حريته وينطلق نحو عالمه.
  • توفير صندوق صغير يحتوي على الرمل الناعم في أحد زوايا المنزل.
  • مساعدة الطفل والدته في الأعمال المنزلية كالعجين وغسيل الأواني الصغيرة يسعد الطفل جدًا.
  • توفير بعض النباتات الطبيعية مع ترك الطفل يزرعها ويتأملها ويسقيها ويهتم بها.

لذلك اهتموا بتفريغ طاقة الأبناء قبل الشكوى منهم. وتذكروا المقولة:

إن لم تشغل الطفل سيشغلك.

أسماء الجراد

كاتبة سورية / حاصلة على بكالوريوس إدارة أعمال / بكالوريوس علوم قرآن / معهد إعداد معلمات القرآن الكريم أم لطفلين
زر الذهاب إلى الأعلى