لـ”نستشرف المستقبل” بعيداً عن الانتقاد!
(هذا المقال هو جزء من تغطية فريق شبكة زدني ضمن مؤتمر منتدى الشرق الذي عقد في اسطنبول مابين 16 و 20 إبريل).
في هذا المقال استفتح بقصة، وانتهي باقتباس منها! يقول أحد الدعاة، أنه وفي ذات يوم من الأيام طلبوا منه أن يلقي محاضرة لمجموعة من الفتيات تتكلم عن الحجاب، وأهمية ارتداءه. وافق الداعية على أن يلقي المحاضرة في الوقت والسياق المحدد له، وعندما كان وقتها، يقول الشيخ لم اشأ لأتطرق لموضوع الحجاب! وتكلمت عن أمور أخرى، عن الفلك، والكون، وابداع الله في كونه ومعجزاته فيه!
يقول الشيخ تكلمت وأري في وجوه المنضمين عبوسًا وقنوطًا من الموضوع الذي أتكلم فيه! واصلت حديثي عن الكون والفلك، وأنهيت المحاضرة ولم اتطرق للحجاب لا من بعيد ولا من قريب!
انتهت المحاضرة، وذهب الحضور من الفتيات، وما إن ذهبوا إلا واتوني المنضمين غاضبين، ما الذي فعلته يا شيخ؟ نحن نريد محاضرة عن الحجاب! لا عن سواه!
قال لهم، أنا متفق معكم على ذات السياق، وفي ذات الهدف كان موضوعي!
قالوا له كيف؟ وأنت تكلمت عن الفضاء والكون ولم تتطرق إلى الحجاب أصلًا!
قال له الشيخ، يطول النقاش ولا أجد قدرة لإقناعكم في ساعتي هذه، ولكن بإمكانكم أن تتأكدوا من جدوى وفائدة هذه المحاضرة على من حضر فيها من الفتيات!
وافق المنضمون على أن يجروا استطلاعًا على من حضر هذه المحاضرة وكانوا قد اخذوا بعض بياناتهم عندما حضروا، وعند النتيجة تبين أن أغلب الفتيات اللواتي حضرن هذه المحاضرة، تأثرن وارتدين الحجاب بصورة أكبر وأكثر تفاعلًا من المحاضرات التي ينظمها ذات الأشخاص دوريًا عن ذات الهدف!
بعد أن رأوا النتيجة التي كانت عكس توقعاتهم تمامًا، ذهبوا مجددًا إلى الشيخ وقالوا له! كيف يكون ذلك يا شيخ! أنت لم تتطرق للحجاب، ومع ذلك أتيت بنتيجة لم يأتي بها غيرك.. فقد تحجب من الفتيات أكثر مما كنا نتوقع!
قال لهم، -وهنا بيت القصيد الذي أود أن ألفت القارئ إليه، أن الإنسان لا يريد أن تنتقده، ولا يريد أن تحذره بصورة تهجمية كأن تقول له لا تفعل كذا فهذا حرام، وأفعل كذا فهذا حلال، وأنا من هذا المنطلق كانت محاضرتي، فأنتم أردتم أن يكون كلامي عن أهمية ارتداء الحجاب، وأنا اعرف حق اليقين أن الفتيات جميعهن يجمعن على أهمية ذلك، ولكن هم قد يبتعدون عنه لأسباب تتعلق بفترة عمرية يمر بها الإنسان يسير فيها وراء آراءه مقاطعًا آراء غيره، فحرصت على أن اعرفهم بمن خلق هذا الكون، وكيف خلقه، وكيف أبدع كل شيء فيه، وقررت فيها أن ابتعد عن كل أسلوب يأمر وينهي عن فعل كذا وكذا، وكانت النتيجة كما تحبون!
ومن نهاية القصة، ألفت إلى أننا كمهتمين في التعليم قد تجمعنا ذات النظرة “المستغربة” التي واجه بها الشيخ نظرة المنظمين للمحاضرة، فلأربع أيام متتالية قضيناها بين ما هو اقتصادي وسياسي وإعلامي وكنا وحيدين بفكرة النهوض بالتعليم وما أن تُعرف بنفسك وبما تهتم به إلا ويصادفك المقابل باستغراب! ماذا يعني صحافة التعليم؟ وماذا تفعلون في شبكة زدني؟ نحن هنا لننهض جميعًا سياسيين واقتصادين وإعلاميين بمؤسساتنا التعليمية، معتمدين على أفكار واطروحات بناءة بعيدًا عن الانتقاد وإلقاء اللوم!
المقصد، أن نعرف الناس بما هو التعليم، بما هي إمكانيات الاستفادة منه، وكيف نجح الآخرون في وقت فشلنا نحن في أن نتقدم ولو بخطوة بسيطة في نظامنا التعليمي.
أرى، بأنه لو قام المهتمون بمجال التعليم من معلمين ومتعلمين وصحفيين، بنقل صورة متكاملة للنظام التعليمي الذي يرمون له بصورة متكاملة، مدروسة بكل جوانبها، مخطط لكل مراحل تنفيذها، مستندين في ذلك على دراسات وأبحاث تدرس الماضي وتبحث في الحاضر سبل التقدم والارتقاء في التعليم وأنظمته لكان ذلك أفضل خطوة يمكن من خلالها النهوض والارتقاء بالتعليم فعلًا وعملًا وواقعًا، بدلًا من الانتقاد وإلقاء اللوم على المؤسسات التي لاتزال تلقن أبنائنا يومًا بعد يوم أفكار ومفاهيم بصورة عقيمة.
ومن هذا المنطلق، ناقش فريق زدني للتعليم في مؤتمر “منتدى الشرق” بإسطنبول والذي حمل عنوان “استشراف المستقبل” سبل النهوض بالتعليم وكيفية الارتقاء بمستوى المعلمين والمتعلمين في المدرسة والجامعة وكل المؤسسات التعليمية على اختلاف مراحلها لكي يكون المجتمع مبنيًا على أسس الحوار والنقاش المثمر والمفيد للمحاورين والمناقشين جميعًا، بعيدًا عن أسلوب الاستعلاء والرأي الواحد.
منتدى الشرق – استشراف المستقبل2015