لكل دارس للعربية: تعرف على كتاب مبادئ اللغة للإسكافي
عرض كتاب مبادئ اللغة للخطيب الإسكافي
نبذة عن المؤلف
هو محمد بن عبد الله المعروف بالخطيب الإسكافي، المتوفى (421هـ -1030م) ولا تُعرف سنة ولادته. نشأ في مدينة أصفهان، وعمل أول أمره إسكافيًا، ثم تعلم فأصبح خطيبًا في مدينة الريّ، وصار مقربًا من الصاحب ابن عباد.
يقول عنه ياقوت الحموي في كتابه (معجم الأدباء): “فاز بالعلم من أهل أصبهان ثلاثة: حائك وحلاج وإسكاف. فالحائك: أبوعلي المرزوقي. والحلاج: أبو منصور ماشد. والإسكاف: أبو عبد الله الخطيب” ا.هـ.
وللإسكافي مؤلفات غزيرة في اللغة وفقهها، والأدب وشعره، وبعض المعارف الحيوية والسياسية، منها:
“نقد الشعر”، “شرح شواهد كتاب سيبويه”، “درة التنزيل وغرة التأويل” في الآيات المتشابهات، “خلق الإنسان”، و”لطف التدبير” في سياسات الملوك.
التعريف العام بـ كتاب مبادئ اللغة
والكتاب الذي نعرض له في السطور التالية، أشهر مؤلفاته التي عرف بها، “مبادئ اللغة”. وهو شبه معجم لغوي، يشتمل موضوعات متعددة، تقع في ستين بابًا، كل باب يجمع ألفاظًا تتناول موضوعًا معينًا. منها: موضوع السماء والأرض ومن أبوابه: “السماء والكواكب – أسماء البروج – الليل والنهار – صفة الحر والبرد – الرياح – الرعد والبرق – المياه – الجبال”.
ومنها موضوع أدوات البيت ويشمل أبواب: “آلات البيت – الأدوات – آلات الكتاب – السراج – الأواني – البسط والفرش – الكسوة”.
ومنها الخيل: “ألوان الخيل– السوابق في الخيل – وصف الفحول والإناث – عيوب الخيل – وصف قيام الخيل – أصوات الخيل – مشيها وحضرها – ما يستحب من خلق الخيل” . وهكذا .
وتتجلى أهمية الكتاب لكل معتنٍ باللغة وفقهها، فيما يقول عنه المحقق محمد دياب في مقدمته التي يوضح فيها سبب عنايته بتحقيقه:
“… فوجدته لا يبحث في أوليات اللغة كما فهمت للوهلة الأولى .. بقدر ما وجدته يحمل أساسيات اللغة ومفرداتها، التي قد لا تتوفر في معجم من المعاجم التي بين أيدينا ،… وجبهت ألفاظًا غريبة، ومعان بديعة، قد لا أقف عليها فيما أعرف من معاجم”.
منهج الكتاب بين المحاسن والمآخذ:
ويمتاز كتاب الإسكـافي عن غيره من الكتب التي وضعت في نفس المجال، في أنه أفرد لكل موضوع بابًا فحسب جمع فيه كل مفرداته، ولم يجعل للموضوع الواحد كتابًا مستقلًا، كما فعل الأصمعي مثلًا في كتابه (الصفات)، أوالشيباني في كتابه (الغريب المصنف). ومن هنا كان تناوله للموضوعات موجزًا ميسرًا، بعيدًا عن الاستطراد والإسهاب، وصالحًا لعموم المثقفين كما الباحثين.
ويمتاز كذلك بالإيجاز الوافي، حيث يشرح اللفظة بكلمات قليلة تؤدي المعنى ولا يتوسع في ذكر الاشتقاقات والأصول التاريخية، ولا يتجه للاستعراض البلاغي أوالتأنق الأسلوبي. فنجد مثلًا في “باب السلاح والجُنة”: “فالسلاح: ما قوتل به. والجُنَّة: ما اتقي به، كالدرع، والتُّرس، ونحوه”.
وينبه الكتاب على دقائق لطيفة وشوارد قد تغفلها حتى المعاجم الكبرى. فـفي “باب آلات الكتابة” مثلًا، يقول: “… والقلم قبل أن تبريَه: أنبوبة، فإذا بريته، فهو قلم، وما يسقط منه عند البري: البُرَاية […] وسمي المِدَاد مدادًا؛ لأنـه يُمـِدد الكـاتـب”.
بل وسبق الكتب المعاصرة في التنبيه على الأخطاء الشائعة، مثل: “القـوس: وهي مؤنثة. وتصغيرها: قويس، بلا هـاء؛ وجمعها: أقواس، وقِياس … ” (باب السلاح والجُنَّة) .
وأكثرَ المؤلف في الباب الأخير “باب في نوادر مختلفة ” من شعر الرّجَزَ الذي تزخر به كتب النوادر والأخبار، ليستشهد به على ألفاظ غريبة أي لا يكثر استعمالها إلا فيما ندر، لا أنها مهملة أو متروكة. فأضاف له بذلك بعدًا تراثيًا من نوع كتب الطرائف والنوادر. على سيبل المثال: “الحبحبة: جري الماء. والطبطبة: صوت السيل. قال الشاعر: * طَبْطبة المياه إلى جوائها *”.
ومما أُخِذ على ذلك الكتاب على امتيازاته، أن المؤلف لم يعتنِ بإسناد جميع الأحاديث التي استشهد بها، ولم يقدم ترجمة ولو وجيزة للشعراء المستشهد بشعرهم، كما اقتصر في بعض الأحيان عند الاستشهاد بأبيات الشعر على ذكر شطر واحد وإغفال الآخر، ولا يهتم دائمًا بنسبة البيت أوالشطر إلى صاحبه.
ختامًا
ويظل الكتاب صالحًا ومتداولًا اليوم، خاصة مع وجود نسخ مهذبة ومنقحة، بل وأنواع اختصارات له لا تخلو من فوائد لكل كاتب باللسان العربي ومشتغل بعلومها على السواء.
والطبعة التي أرجع إليها شخصيًا هي بتحقيق د. عبد المجيد دياب، من طباعة دار الفضيلة بالقاهرة.