خواطر باحثة علمية

لم شمل العقول العربية المهاجرة

لا أستطيع وصف السعادة التي غمرتني عندما شاهدت بالصدفة إعلان منصة أُريد على إحدى صفحات الفيس بوك، فكررت مشاهدة الفيديو عدة مرات لأتأكد أنها منصة علمية عربية بحتة، وسارعت إلى التسجيل الذي كان سلسًا ومشوقًا لاكتشاف هذا الفضاء التواصلي الجديد والمخصص للباحثين والعلماء العرب.

كباحثة علمية تلقت علومها في جامعة ألمانية عريقة، أكثر ما أبهرني خلال السنوات الماضية هو تلك المنصات العلمية العالمية الدقيقة التي توفرها الجامعة ضمن موقعها أو من خلال التدريس، وتربطك بأي باحث في كافة أنحاء العمل، وبإمكانك أن تشترك في مشروع مع باحث في القارة الأمريكية وآخر في أطراف القارة الأسيوية.

ففي أي بحث علمي أو تجربة ما عليك سوى البحث في بنوك الأبحاث أو وضع سؤال يحيرك أو مشكلة ما عن مادة أو طريقة عمل، وتحصل على إجابات متعددة تختلف في الخبرات وتتفق على المبدأ. ولكني كنت دائمًا أسعد كثيرًا إذا تصادف والتقيت باسم لعالم أو عالمة عربية في نفس مجال تخصصي وأقوم بالمتابعة والتواصل، وخصوصًا عندما يتم التخاطب بلغتنا العربية الجميلة، تشعر تلقائيًا بالقرب والألفة، ناهيك عن الراحة النفسية التي تغمرك وأنت تتناقش عن بعد مع هذا العالم أو العالمة وتتبادلون فيها الأفكار والخبرات بلسانك العربي، ومهما بلغت صداقاتك في المجال العلمي مع الزملاء الأوروبيين أو الأمريكان يبقى للصداقة العربية رونق فريد.

إن منصة أريد هي وثيقة لم شمل لكافة العقول العربية وخصوصًا المهاجرة منها، وفضاء واسع لجمع علومهم ومعارفهم تحت مظلة واحدة، لتصبح فيما بعد مرجعًا مهمًا لأي طالب عربي في أي نوع من العلوم، ففيها سيتم التواصل والمشاركة الفعالة تمامًا كما صفحات التواصل الاجتماعي ولكنها هنا مقصورة على العلماء والباحثين والطلاب، وسيجد السائل ألف أذن صاغية تسمعه وتشجعه وتحفزه، ومن يدري فربما يختبأ مستقبل باهر لأي عضو في هذه المنصة.

وهنا عندما أقول عن منصة أريد، منصة لم شمل للعقول، فهي حجر أساس للوحدة العربية المنتظرة، وإعمار بلادنا التي تشكو هجران العلماء، في الوقت الذي فشل فيه السياسيون فشلًا ذريعًا في جمع كلمتنا وتوحيد صفوفنا، والعلم هنا هو الوحيد الذي لن يفرق بين عرق أو لون أو دين، هو الوحيد الذي سينظر الجميع له بشوق وشغف للمزيد والمزيد وهذا هو مستقبل منصة أريد العربية.

ولدخول هذا الفضاء لا تحتاج إلا أن تجمع علومك وخبراتك، عندها ستغدو عضوًا فاعلًا تحمل هدف هذه المنصة كما تحمل في قلبك حلم الوحدة العربية وتبحث عن العقول العربية والمهاجرة ليحطوا رحالهم في منصة أريد، ويلتقوا في عائلة عربية واحدة جمعها العلم، ولا يزهو الوطن إلا بعودة أبناءه، وهكذا حضارتنا العربية لن تزهر إلا بعودة العقول العربية وتواصلها واتفاقها على إحياء حضارتنا من جديد، لذلك لا تدع مؤهلاتك وخبراتك العلمية حبيسة الجارور أو حاسوبك، فربما تكون مفتاحًا لعصر جديد، بادر لأن تكون فاعلًا وشارك في منصة أريد وتواصل بلا حدود مع العقول العربية وبلغتك الأم واجتهد في علمك وكأنك ستنال نوبل.

علياء كيوان

طالبة دكتوراة في الأحياء الجزيئية وناشطة اجتماعية. مقيمة في ألمانيا، أم لثلاث أطفال، أعمل في بحوث السرطان، هوايتي الكتابة والقراءة، همي هو النهوض بالمرأة العربية في المجتمعات الأوروبية ويكون لها بصمة ومكانة، أسست مجلة المرأة العربية في ألمانيا وهي أول مجلة إلكترونية ناطقة باللغة العربية في ألمانيا تهتم بشؤون المرأة والأسرة العربية بشكل عام.
زر الذهاب إلى الأعلى