فكرة

ليس في التعلّم فقط .. كيف يمكننا استغلال فترة حظر التجوال ؟

ما إنْ أُعلن حظر التجوال في بلدي مصر، وقبلها كانت الدعوات التي جاءت تطالبنا بالبقاء في المنزل، فاتخذت قراري بالالتزام بهذا الأمر، وبدأت أفكر كيف يمكنني استغلال هذه الفترة بأفضل شكل ممكن؟

تقابلني يوميًّا منشورات عن العديد من مواقع التعلم التي تعلن عن توفير بعض الدورات بخصومات كبيرة، بل أحيانًا تُعرض هذه الدوْرات بشكل مجاني تمامًا، جميل..

ها قد حصلتُ على الفرصة المثلى للاستفادة من فترة حظر التجوال .. أقوم بالدخول إلى كل الدورات التي تعجبني، على أن أبدأ رحلة التعلم لاحقًا.

أقرر أن أكتب مقالًا عن هذا الأمر، وأرشِّح لأصدقائي العديد والعديد من الدورات للاستفادة منها، أطلب منهم المشاركة بها، وقبل أن أفعل هذا تطرأ على ذهني فكرة تغيّر كل شيء:

هل هذا حقًّا هو الاستغلال الأمثل للفترة الحالية؟ وهل نحن بحاجة إلى أن ندخل أنفسنا في سباق؟

فالأمر أصبح مثله كمثل المنشورات المحفوظة على فيسبوك، قائمة طويلة، لكن بلا أي استفادة حقيقية.

حافظ على سلامتك النفسية

كما ذكرت في المقدمة فإنني وجدت نفسي أغيّر من كل المفاهيم التي تمكنت مني في البداية، وأقرر أن الاستغلال الأمثل لهذه الفترة يحتاج إلى خطة واضحة، وقبل ذلك يحتاج إلى الحفاظ على السلامة النفسية، من خلال الخطوات التالية:

1- قلل متابعتك للأخبار:

بالطبع نحن نقابل يوميًا الآلاف من الأخبار التي تتحدث عن الفيروس، سواءً الخاصة ببلادنا، أو بالوطن العربي، أو بالعالم أجمع.

في اعتقادي أنَّ متابعة كل هذا الكم باستمرار يسبب الضرر أكثر من النفع، أنت في حاجة أساسية للالتزام بتعليمات الوقاية، فهي المخرج الصحيح حتى الآن طبقًا لمعرفتنا.

وحتى نكون قادرين على المواجهة، فنحن في حاجة إلى أن تكون حالتنا النفسية جيدة، فكيف يمكن أن يحدث هذا الأمر وكل ما نتعرَّض له هو الطاقة السلبية؟

2- تابع المصادر الموثوقة فقط:

بالطبع أنا لا أطالبك أن تتجاهل الأخبار تمامًا، لكن على الأقل يمكنك أن تقلل من الضرر، خصوصًا مع انتشار المواقع التي تنشر الكثير من الأمور الخاطئة، بجانب أنَّه لا رقيب على مواقع التواصل الاجتماعي، فيمكن لأي فرد أن يكتب ما يريد ويعرضه، وقد تشعر بأنَّ كلامه حقيقة مطلقة، رغم خلوِّه من الصحة في الكثير من الأحيان!

بالتالي لو قررت أن تتابع ما يحدث، عليك بالصفحات الموثوق منها، كصفحة منظمة الصحة العالمية.

5 مساقات تعلّمك عن وباء كورونا

3- لا تدخل في سباق التعلّم:

كما ذكرت نحن لا نرغب في أن يتحوّل الأمر إلى سباق، بالطبع نحن لا يجب أن نتوقف عمّا نفعله في حياتنا، سواءً التعلّم أو العمل، لكن لا يجب أن يكون الأمر كما نفعل في المعتاد.

ربما هذه فرصة جيدة لنا لنأخذ استراحة محارب من الضغط الذي نتعرض له في حياتنا، وبالتالي لا تدخل نفسك في هذا السباق مرة أخرى دون عمد، لا احتياج للكم هنا بأي شكل من الأشكال، كل ما نحتاجه هو العبور من هذه الفترة بسلام.

مع فيروس كورونا .. هل تنقذنا سياسات الحجر الصحي والنظافة؟

كيف يمكن استغلال فترة حظر التجوال بأفضل شكل ممكن؟

إذًا كما اتفقنا فنحن لن نتوقف عن العمل أو التعلم، لكننا سنحاول تغيير الطريقة التي اعتدنا عليها نظرًا لضغط الحياة، سنعمل على خلق أفكار وطرق جديدة للاستمتاع بالحياة.

1- قيِّم ذاتك:

كل تغيّر في الذات يستلزم تقييمًا لمعرفة الإيجابيات والسلبيات، لذلك قبل أن تبدأ في شيء، يمكنك أن تراجع نفسك على الفترة الماضية في حياتك، ما الذي أجدته؟ ما الذي ينقصك؟

ستجد أن الإجابات ليست فقط في مساحات التعلّم والعمل، لكن أيضًا على مستوى الحياة الشخصية، وكيفية قضاء وقت الفراغ، والسلوكيات التي يتبعها كلٌّ منّا في حياته.

2- اختر ما ترغب في فعله:

الآن وقد انتهينا من التقييم، يمكننا تقسيم ما نرغب في فعله:

أ التطور التعليمي أو الوظيفي:

يعتمد هذا الأمر على احتياجنا لزيادة المعرفة أو المهارات الخاصة بنا، وفي هذه الحالة احرص على اختيار ما تعتقد أنه يناسب وضعك الحالي، سواءً تطوير في الموجود، أو تعلّم شيء جديد.

مثلًا يمكنك أن تبدأ في تعلم المجالات التي تعتمد على استخدام الإنترنت، نظرًا لتغيّر طبيعة العديد من الوظائف اعتمادًا على الوضع الحالي.

ب تعديل السلوكيات الشخصية: مثلًا ترغب في تغيير نمط وأسلوب حياتك، من حيث مواعيد النوم، أو العادات الغذائية كاختيار الطعام المناسب، أو ممارسة الرياضة للحفاظ على حياة صحية.

ج ممارسة هواية: سواءً كنت تملك واحدة من قبل، أو ستبدأ في تعلّم واحدة جديدة، فالوقت الحالي يمثل فرصة جيدة لتفعل ذلك.

3- ضع خطة: مما ذكرناه في النقطة الماضية، إننا لن نجعل الأمر يقتصر فقط على التعلّم، لكنه سيشمل كل جوانب الحياة، وهذا الأمر في الحقيقة هو الأكثر مناسبة للوقت الحالي في رأيي، سيتبقى لنا أن نضع كل هذه الأشياء في خطة.

تذكر أن المهم في خطتك ألّا تجعلها مزدحمة بتفاصيل كثيرة، فلا حاجة لنا لتعلّم مليون دورة تعليمية، بل يكفي أن يكون هناك جانبًا واحدًا أو على قدر استطاعتك، وبالتأكيد لا بد من وجود جانب ترفيهي فيما تفعله.

نحن نبحث عن الاستمرارية فيما نفعله، ولا حاجة لنا لمزيد من الضغط نفسي، فقط نحتاج إلى الهدوء والتفكير في كيف يمكن لنا أن نجعل حياتنا أسهل، حتى يمكننا عبور الأزمة بحالة نفسية جيدة، وباستفادة حقيقية تساعدنا في المستقبل.

معاذ يوسف

كاتب مؤمن بالتغيير والأمل والسعي، مؤسس ورئيس فريق دوشة كتب.
زر الذهاب إلى الأعلى