مؤشر مايرز بريجز .. ماذا يعني وما هي استخداماته؟
هل سبق لك أن سمعت أحدهم يصف نفسه بأنه “INTJ” أو “ENFP”، وتساءلت ما الذي يمكن أن تعنيه تلك الحروف غير المفهومة؟
حسنًا.. ما يشير إليه هؤلاء الأشخاص هو نوع شخصيتهم بناءً على مؤشر مايرز بريجز للشخصيات، وهو أحد المؤشرات العالمية التي تحدد نوع الشخصية، وطباعها، وتفضيلاتها، وأكثر ما يميزها.
ظهر مؤشر مايرز بريجز في القرن الماضي، حيث كانت إيزابيل مايرز ووالدتها كاثرين مفتونتان بنظرية كارل يونغ للأنواع النفسية، ومن هنا انطلقت رؤيتهم بأن النظرية يمكن أن يكون لها تطبيقات في العالم الحقيقي، وخلال الحرب العالمية الثانية، بدؤوا البحث ووضعَ مؤشر يمكن استخدامه للمساعدة في فهم الفروق الفردية.
وقد كان هدف المؤشر حينها هو مساعدة الناس على فهم أنفسهم، واختيار المهن التي تناسب شخصياتهم، وأن يعيشوا حياة أكثر صحة وسعادة، ومنذ حينها تعرض هذا المؤشر لعدة تطويرات، حتى أصبح اليوم من أكثر الأدوات النفسية استخدامًا في العالم، وخصوصًا بسبب دقته العالية!
كيف يعمل مؤشر مايرز بريجز ؟
يعتبر مؤشر مايرز بريجز أحد الأدوات التحليلية التي تقوم على جمع عدة معلومات عن الشخص، من خلال طرح بعض الأسئلة عليه، وبناء عليها يتم تحليله وتصنيفه ضمن واحدة من 16 عشر شخصية، بحيث تتكون كل شخصية منهم من 4 حروف، كل حرف يمثل مبدأً واحدًا من مبادئ المؤشر، وتلك المبادئ هي:
1- المبدأ الأول: التفاعل مع العالم
هل تُفضل التركيز على العالم الخارجي، أم على عالمك الداخلي؟
استكشف يونغ في نظريته ثنائية الانطواء، طريقة لوصف كيف يتفاعل البشر مع العالم من حولهم، وقام بتقسيمهم فيها إلى قسمين: القسم الأول هم المنفتحون، أي: أولئك الذين غالبًا ما يكونون مهيئين إلى العالم الخارجي، ويتمتعون بتفاعل اجتماعي أكبر، كما يشعرون بالنشاط بعد قضاء الوقت مع أشخاص آخرين، ويتم الرمز لهم بحرف “E”.
أما القسم الثاني هم الانطوائيون، وهم الذي يميلون إلى التركيز على التفكير، كما تكون تفاعلاتهم الاجتماعية قليلة وعميقة وذات مغزى، وغالبًا ما يشعرون بإعادة الشحن بعد قضاء الوقت بمفردهم، ويرمز لهم بالحرف “I”.
والجدير بالذكر أننا جميعًا نُظهر الانفتاح والانطواء إلى حدٍّ ما، ولكن معظمنا يميل إلى تفضيل عامٍّ لواحدٍ أو آخر.
2- المبدأ الثاني: جمع المعلومات
هل تفضل التركيز على المعلومات الأساسية التي تتعلمها فقط؟ أم تفضل أن تفسرها وتضيف المعاني إليها؟
في الحالة الأولى إن كنت تلتقط المعلومات من العالم الخارجي كما هي بالضبط، وتستطيع تمييز خصائصها بسهولة؛ فهذا يعني أنك استشعاري، أي تعتمد على حواسك في تعلم العالم المحيط بك، ويميل الأشخاص الذين يفضلون الاستشعار إلى دفع قدر كبير من الاهتمام بالواقع، وخاصةً ما يقومون بتعلمه باستخدام حواسهم الخاصة، كما يميلون إلى التركيز على الحقائق والاستمتاع بالتجربة العملية، ويرمز لهم بالحرف “S”.
على الجانب الآخر في حالِ كنت تفضل التعلم من خلال التفكير والتخيُّل؛ فهذا يعني أنك حَدْسي، وأولئك الذين يفضلون الحَدْس في العموم، يبذلون المزيد من الاهتمام لأشياء المعقدة من حولهم مثل الأنماط والهياكل والانطباعات، كما يتمتعون بالتفكير في الاحتمالات، وتخيل المستقبل، وضع النظريات المجردة، ويرمز لهم بحرف “N”.
3- المبدأ الثالث: طريقة اتخاذ القرارات
قبل اتخاذ أي قرار أتُفَضِّل النظر أولًا إلى المنطق؟ أم النظر إلى الأشخاص وظروفهم؟
حسنًا.. في حال كنت تعتمد على المنطق وأدلته في اتخاذ القرارات، وتفُضل دائمًا قياس الأمور بشكل تجريدي أكثر من خلال التركيز على الحقائق والبيانات الموضوعية – بحيث تكون قراراتُك متسقةً وغيرَ شخصية – فهذا يعني أنك تندرج تحت المفكرين ويرمز لهم بحرف “T”.
أما في حال كنت تُفضل الاعتماد على المشاعر، وتفضل اتخاذ القرارات بناء على حالات الأشخاص الآخرين، فأنت في هذه الحالة بلا شك تقبع تحت مظلة العاطفيين، ويرمز لهم بحرف “F”.
4- المبدأ الرابع: التنظيم
في التعامل مع العالم الخارجي أتفضلُ أن تخطط للأمور من قبل؟ أم تفضل الخيارات المفتوحة وتجربة الأشياء الجديدة؟
في الحالة الأولى سوف تكون شخصًا تخطيطيًّا بلا شك، وسوف تميز ذلك بسهولة إن وجدت نفسك دائمًا أمام جداول أهدافك، وخططك المستقبلية، ويطلق على الشخص المخطط حرف “J”، وغالبًا ما تكون قراراتهم صارمة وثابتة وصعبة التغيير، خصوصًا أنها تكون مبنية على خطط مسبقة.
على النقيض الآخر في حال كنت تفضل الارتجال والاعتماد على إدراكك اللحظي للتعامل مع الأمور؛ فهذا يعني أنك شخص احتمالي، ويُرمز له بحرف “P”، وتتميز قراراته بالمرونة مقارنة بالشخص المخطط.
استخدامات مؤشر مايرز بريجز وفوائده
إن استخدام مؤشر مايرز بريجز، يمكنه أن يوفر لك الكثير من المعلومات عن شخصيتك، وهو على الأرجح السبب الذي جعل هذا الهيكل يتمتع بشعبية هائلة. وحتى من دون الخضوع للاختبارات المبنية عليه، يمكن أن تتعرف على الفور على بعض هذه الاتجاهات في نفسك.
ووفقًا لمؤسسة مايرز آند بريجز، من المهم أن نتذكر أن جميع الأنواع متساوية، وأن كل نوع له قيمة، فعند العمل في حالات جماعية في المدرسة أو في العمل – على سبيل المثال – فإن التعرف على نقاط القوة الخاصة بك، وفهم نقاط القوة لدى الآخرين قد يكون مفيدًا للغاية؛ حيث إنه عندما تعمل على إكمال مشروع مع أعضاء آخرين في مجموعة، قد تدرك أن بعضهم يتمتع بالمهارات والموهبة في أداء إجراءات معينة، ومن خلال التعرف على هذه الاختلافات، يمكن للمجموعة تعيين وتقسيم المهام بشكل أفضل، والعمل معًا على تحقيق أهدافهم.
علاوة على ذلك يمكنك استخدامه بشكل فردي، ومعرفة أهم الوظائف الملائمة لك، وأيضًا جمع المزيد من المعلومات حول نفسك، وهو ما قد يساعدك في حياتك ومهنتك بشكل عام!
وفي الحقيقة لا يُعد مؤشر مايرز بريجز اختبارًا؛ لأنه لا توجد إجابات صحيحة أو خاطئة، أو حتى يوجد نوع معين أفضل من نوع، حيث إن الغرض من هذا المؤشر ليس تقييمَ الصحة العقلية أو تقديمَ أيِّ نوعٍ من التشخيص، وعلى عكس العديد من أنواع التقييمات النفسية الأخرى، فلا تَتِمُّ مقارنةُ نتائجِك مع أيِّ معاييرَ محددةٍ، وبدلاً من النظر إلى درجاتك مقارنةً بنتائج الأشخاص الآخرين، فإن الهدف من الأداة هو ببساطة تقديمُ مزيدٍ من المعلومات حول شخصيتهم الفريدة.
وعلاوة على ذلك فقد صرَّحَتْ مؤسسة مايرز بريجز التي تشرف على تطوير الاختبار، أن هناك أكثر من 2 مليون شخص في الولايات المتحدة الأمريكية فقط يستخدمون الاختبار سنويًّا، بالإضافة إلى العديد من المؤسسات التي تستخدمه في أبحاث علم النفس، وبعض الشركات التي تعود إليه في مرحلة تصنيف الموظفين، وانتقاء المتقدمين الجدد.
هل يمكن لمؤشر مايرز بريجز أن يكون مفيدًا في عملية التعليم؟
بالتأكيد بسبب كَوْنِ مساعدةِ الطالب على فهم نوع شخصيته، هي الخطوة الأولى للنمو الدراسي، وخصوصًا أن التقييمَ الناتج يساعد الأفراد على فهم نقاط قوتهم، وأساليب العمل والتعلم المفضلة لديهم، كما يساعدهم في النهاية على معرفة إمكانياتهم، ومن ثم تطويرها وتعزيزها بعد ذلك.
ولا يتوقف الأمر هنا فقط، حينما يُستخدم هذا التقييمُ بشكل فردي لتوفير الوعي الذاتي، ووضع أهداف أوضح وأقوى، كما أنه يُسهم في خلق فَهْمٍ أعمق وتقدير أفضل لطلاب المجموعة الواحدةِ؛ مما يمكنهم من العمل معًا بشكل أفضل.
لذا يعتبر استخدام مؤشر مايرز بريجز في عملية التعليم أمر مفيد إلى حد ما، وفي الغالب تَتَبَدَّى نتائجُه مرئيةً على الفور، خصوصًا إذا ما أردنا تطبيقَ التعليم الفردي، من خلال الاهتمام بمعرفةِ قدراتِ كلِّ طالب على حِدَةٍ، ومِن ثَمَّ الالتفاتَ إلى تطويرهم بطرق فريدةٍ مخصصة لهم، وهي خُطوة أولى ورائعة في تحسين الاتصال، وقدرات الطلاب، بل أكثر من ذلك بكثير!
المصادر: