تحقيقات زدني

ميليشيا الحوثي تستخدم الطالبات في الصراع السياسي باليمن

وضعًا استثنائيًا تعيشه 25 ألف طالبة يمنية موزعات على مدارس الطالبات في العاصمة اليمنية صنعاء؛ بسبب تداخل أوضاع الحرب والسلطة القمعية التي تمارسها ميليشيا الحوثي وصالح بحق أبناء المدينة الخاضعة لسيطرتها.

فريق “شبكة زدني” زار عدة مدارس بالعاصمة صنعاء، ورصد الحالة التعليمية في 5 مدارس للطالبات في بلد يعتبر الأقل اقبالاً للمرأة نحو التعليم؛ بسبب ظروف اقتصادية واجتماعية متوارثة فاقمتها ظروف الحرب وآثارها.

وزار الفريق مدارس: بدر الكبرى، وأسماء، والأندلس، والسلام، وسنان حطروم، ورافق الطالبات والمسؤولين عن العملية التعليمية، وعايش حال الطالبات في ظل الظروف الحالية التي تشهدها العاصمة صنعاء.

وخلص الفريق الى أن الصعوبات تتمثل في الحالة الأمنية التي تعيشها المدينة بسبب سيطرة ميليشيا الحوثي وصالح على المدينة؛ الأمر الذي أجبر عددًا من الطالبات بالانقطاع عن الانتظام في المدرسة، بالإضافة الى اضطرار عدد كبير من الأسر للنزوح هربًا من ملاحقة ميليشيا الحوثيين، وأيضًا النقص في الكادر التعليمي والمستلزمات ومنها الكتب المدرسية.

واضطرت الطفلة “إيمان اليريمي” إلى مغادرة صنعاء مع 3 من أخوانها والانقطاع عن المدرسة بعد نزوح والدهم الى حي ريفي جنوب صنعاء، حيث يعمل والدها في وزارة التربية والتعليم وأوردت السلطات الحاكمة لصنعاء اسمه بقائمة المطلوبين لديها بسبب معارضته لما عرف بانقلاب 21 سبتمبر 2014م.

ومثل “إيمان” المئات من الطالبات اللواتي تضررن بفعل الملاحقة الأمنية لعائلهن، حيث تتحدث مصادر تعليمية لـ”شبكة زدني” عن انقطاع ما يقارب 1500 طالبة من المدارس الخاصة بالبنات في العاصمة وحدها.

الحوثي في طابور الصباح

عملت السلطات الحاكمة لصنعاء، على زج المدارس بالصراع السياسي وإجبار الطالبات على ترديد شعارات موالية للميليشيا، وكذا إجبارهن على إقامة فعاليات خارج أسوار المدرسة، وهو الأمر الذي تؤكده الصور المنشورة.

تتحدث الطالبة “م.و”، عن إجبارهن من قبل إدراة مدرسة بدر الكبرى للبنات في “مذبح”، التابعة للعاصمة صنعاء، على المشاركة في فعالية دينية مؤيدة للميليشيا ومعادية للمقاومة الشعبية والسلطة اليمنية المعترف بها دوليا في ديسمبر المنصرم. وأضافت “رفضت ومجموعة من الزميلات المشاركة في الفعالية لكننا فوجئنا بالاعتداء علينا من قبل إدارة المدرسة واستدعاء أطقم عسكرية حيث قاموا بإطلاق النار في الهواء”.

وتابعت بشهادتها لفريق “شبكة زدني” بأنه تحول الرفض الفردي الى احتجاج من قبل الطالبات اللواتي رفضن بإبعاد التعليم عن المشاكل السياسية”. وتضيف: “تدخلت قوات عسكرية وقامت بإغلاق المدرسة لفترة قصيرة الأمر الذي آثار الذعر في صفوفنا وسقطت حالات مغشية عليها”.

وفي مدرسة الأندلس شمال صنعاء، قام مدير التربية بأمانة العاصمة مع المندوب الحوثي بزيارة عدد من مدارس مديرية معين بأمانة العاصمة، وفي طابور الصباح وقف إلى جوار مسلحين يتحدث عن من وصفهم بالعملاء والمرتزقة ساق اتهامات للحكومة المعترف بها دوليًا.

إجبار الطالبات على التظاهر

أكدت طالبات وأولياء أمور في شهادات وثقها فريق “شبكة زدني”، إجبار ميليشيا الحوثي وصالح طالبات المدارس التظاهر نهاية كل أسبوع أمام السفارة الروسية بصنعاء لمطالبتها بالتدخل عسكريًا ضد قوات التحالف العربي والجيش اليمني الموالي للشرعية لفك الحصار عن الحوثيين.

وتقول طالبة ثانوية عامة، رفضت الكشف عن اسمها خشية تعرضها للملاحقة والانتقام “في طابور الصباح وقفت المديرة، وقالت إن توجيهات من مدير مكتب التربية للانتقال إلى مقر السفارة الروسية بصنعاء وهددت كل من يتخلف بالعقاب”.

وأضافت الطالبة، بأنه وفي اليوم التالي “قدمت المديرة الموالية للحوثيين كشفا بأسماء الطالبات وأمرت بمكافأتهن”.

وأضحت مظاهرات الطالبات أمام سفارة السعودية وروسيا أسبوعيًا فعاليات دائمة، حيث تستمر الوقفة الاحتجاجية 3 ساعات وتخلى مدارس الطالبات المستهدفة، الأمر الذي أدى الى عدم ثقة من قبل أولياء الأمور تجاه السلطات.

وقال ولي الأمر “عبد العزيز الحيمي”: “بدت أخشى على ابنتي من أخذها إلى أمام السفارة الروسية، وأضطر يوميًا إلى مرافقتها نحو المدرسة والتأكد من انتظامها في الفصل الدراسي”، وأبدى امتعاضه في حديث لفريق “شبكة زدني” من الإقحام المستمر للتعليم في الصراع الدائر.

مدارس ومشاريع تعليم مدمرة

محمد الفضلي رئيس لجنة حصر الأضرار التعليمية والتربوية مدير مكتب التربية والتعليم بأمانة العاصمة صنعاء “محمد عبدالله الفضلي” إن نحو 147 مدرسة من مدارس العاصمة صنعاء الحكومية تأثرت بفعل القصف الذي تشنه طائرات التحالف العربي بقيادة السعودية.

وأوضح الفضلي في تصريح سابق نقلته وكالة الأنباء اليمنية سبأ، ومقرها صنعاء، أن اللجنة الفنية المتخصصة التي شكلت لحصر الأضرار والخسائر التي لحقت بالمنشآت والمشاريع التعليمية والتربوية ومدارس العاصمة صنعاء سجلت تضرر حوالي 145 مدرسة من إجمالي مدارس صنعاء الحكومية البالغ عددها نحو 300 مدرسة.

يشير الفضلي إلى أن تكلفة إعادة تأهيل وترميم وصيانة المدارس المتضررة يصل إلى 362 مليون و500 ألف ريال يمني، حسب قوله.

وحول مشكلة النازحين في مدارس العاصمة، قال مدير مكتب تربية العاصمة صنعاء إن المجلس المحلي بأمانة العاصمة ولجنة إعادة ترتيب أوضاع النازحين بالمدارس المشكلة من ثلاث جهات هي وزارة التربية والتعليم وأمانة العاصمة والوحدة التنفيذية للنازحين تواصل عقد اجتماعاتها لإيجاد حلول بديلة للأسر النازحة في المدارس بما يضمن تهيئة المدارس للعام الدراسي الجديد وبما يحفظ للنازحين كرامتهم وحياتهم المعيشية.

وتستوعب عشر مدارس أساسية وثانوية في العاصمة صنعاء والتي تعد من المدارس الكبيرة في كافة مديريات أمانة العاصمة العشر، النازحين الذي يقدر عددهم بـ 400 أسرة نازحة أغلبهم من محافظة صعدة وعمران وحجة، ويقدر عدد الطلاب الدارسين بتلك المدارس نحو 40 ألف طالبًا وطالبة.

صعوبات وتحديات

مدير مدرسة سنان حطروم للبنات “سميرة الحاشدي” تتحدث عن الصعوبات في هذا العام الدراسي والذي انطلق في اكتوبر المنصرم، وتقول إن طباعة الكتاب المدرسي تمثل الصعوبة الأولى لدى الإدارة.

وتشير”الحاشدي” أيضًا في حديثها لفريق “شبكة زدني” إلى أن الغارات والمضادات الجوية للطيران التي تطلقها ميليشيا الحوثي وصالح مثلت تهديدًا أيضًا للطالبات في الانتظام بالمدرسة التي يدرس فيها 2500 طالبة.

وتؤكد على أن الحالة الأمنية أيضًا مثلت تحديًا كبيرًا لطالبات مدرستها، وقلقًا لدى أولياء الأمور. وتضيف: “في شهر ديسمبر المنصرم حصل بلاغ بوجود قنبلة داخل المدرسة الأمر الذي أثار الذعر بين بناتنا وتطلب إخلاؤها فورًا”.

وتشيد المديرة، بتعاون الأهالي في إيجاد بديل للكتاب المدرسي الذي توقفت السلطات عن توزيعه. وتضيف: “حصل هناك دعم من الأهالي وفاعلين خير وتم شراء الكتاب وطباعته ونقلنا تجربة دعم الأهالي بالكتب الدراسية لمدارس أخرى بالعاصمة”.

وتلفت “الحاشدي” إلى أن الصعوبة الأكبر تتمثل بطالبات التعليم الأساسي وخاصة طلاب المستويات الأولى واللواتي أثر عليهن الحرب ونقص المستلزمات التعليمية بكثافة.

وعن الإقبال الدراسي في هذا العام تشير إلى أنه زاد أكثر من العام الماضي، بسبب النازحين، الذين ازدحمت بهم الفصول الدراسية. وعن ظروف الطالبات تقول “الحاشدي”: “تجاوزن مرحلة الخوف في هذه المرحلة وأصبحن يعشن وضعًا طبيعيًا”.

 نسيم أحمد- خليل محمد

زر الذهاب إلى الأعلى