نوعية الغذاء وراء انحراف سلوك الأطفال!
قبل أن تسارع لمعاقبة أطفالك على سلوكهم، هل خطر ببالك تتبع نوعيات الطعام التي تقدم لهم، وأنها قد تكون السبب وراء هذا الجنوح أو ذاك النمط من السلوك؟!
بعد اكتشاف العلاقة بين الغذاء الذي يتناوله الإنسان وبين بعض الأمراض التي يصاب بها، بدأت تتضح الرابطة بين نوعية الغذاء وبين الانحرافات السلوكية عند الأطفال.
ففي مؤتمر للطب النفسي، عقد مؤخرًا في مدينة “بيرث” “Perth” في بريطانيا نوقشت نتائج عدة دراسات وأبحاث أجريت على عدد من الأطفال منحرفي السلوك، بهدف معرفة ما إذا كان لنوع الغذاء وطبيعته علاقة بانحراف السلوك، وكانت النتائج مؤكدةً لوجود صلةٍ وثيقة بين الإثنين.
أكثر الانحرافات السلوكية عند الأطفال، تتمثل في القلق والتوتر الذي يؤدى إلى كثرة الصراخ والبكاء، والأرق في الليل، وزيادة النشاط أو الحركة غير الهادفة في النهار.
وكثير من الآباء والأمهات يَعزو سلوك طفله المنحرف إلى سوء الحظ أو الحسد والعين أو مَسّ الشيطان، أو غير ذلك من الأسباب، دون أن يدخل في الحسبان أن يكون نوع الغذاء هو السبب، أما الانحرافات السلوكية الخطيرة عند الأطفال والتي توصف بأنها “جموح” “delinquency”، فيلعب الغذاء دورًا رئيسيًا في نشأتها، إضافة إلى العوامل البيئية والاجتماعية.
الأغذيـة موضع الاتهام هي تلـك التي تحتـوى على مـواد مُلّوِّنة أو منكهة أو حافظة، أو غير ذلك من المواد الكيميائية التي تدخل في صناعة الغذاء في هذا الزمان. وأكثر هذه الأغذية شيوعًا الشيكولاتة ومعظم حلوى الأطفال، وأغلب الأطعمة المحفوظة (المعلبة) وتلك التي تباع فيما يسمى مطاعم الأكل السريع – وهي كذلك من الأطعمة التي يُقبل عليها الأطفال.
في إحدى الحالات، كانت أمّ تشكو مُرّ الشكوى من أن ابنتها تنام نومًا مؤرَّقًا وتكون شديدة التوتر أثناء النهار. وعند تقفّي الأثر، اتضح أن الشيكولاتة التي تلتهمها الطفلة بكثرة هي سبب هذه الأعراض، وفي حالة مماثلة لطفلة رضيعة كانت تعاني من نفس الاضطرابات، تبين أن الأم هي التي تتناول الشيكولاتة. ولأن الطفلة كانت ترضع ثدي أمها، لم يكن غريبًا أن زالت الأعراض عن الطفلة بمجرد إقلاع أمها عن أكل الشيكولاتة.
والظاهر أن بعض المواد الكيميائية التي تتناولها المُرضِع في طعامها تفرز في لبن الثدي فتؤثر على الرضيع. من ذلك أن أمًا كانت تشكو من أن وليدها عصبي المزاج لا ينام جيدًا ويصرخ كثيرًا. وبالاستقصاء ظهر أن الأم تشرب حوالي تسعة عشر (19) قدحًا من الشاي يومياً، وبمجرد تخفيض عدد أقداح ( فناجين أو أكواب) الشاي إلى ما لا يزيد على أربعة في اليوم، صار الوليد هادئًا ينام ملء جفونه.
هذه الحالات نماذج سريعة، تبين العلاقة بين نوعية وطبيعة الغذاء، وبين الاضطرابات السلوكية عند الأطفال، ولو استطردنا إلى أبعد من ذلك، فإنما لنضيف أن الاضطرابات السلوكية الشائعة عند الأطفال، مثل السلوك العدواني، والنشاط الزائد، ليست في معظمها إلا انعكاسًا لما يتناول الطفل من الطعام، حسبما كشفت نتائج مؤتمر “بيرث”.
ولعل الدرس المستفاد من هذا كله ، هو ضرورة الانتباه إلى الغذاء الذي نقدمه لأطفالنا، والتنبه إلى الأنواع التي تسبب اضطراب سلوك الطفل، وحذفها من قائمة طعامه، قبل توجيه اللوم له ومعاقبته المستمرة على إشكال هو ضحية له لا متسبب فيه!