اقتباساتمن المدرسة

هل طفلك بأمان داخل أسوار المدرسة؟

لابد أن مظهر طفلك وهو يدخل المدرسة كل صباح يجعلك تشعر بالاطمئنان عليه، ذلك المشهد وأنت تنظر إلى ساعتك لتكتشف أنك قد تأخرت عن دوامك، ترقب خطوات ابنك المتسارعة تحو باب المدرسة وتحثه على الإسراع أكثر في حين أن عينيه تستجديانك للبقاء مدة أطول، لا لشيء إلا أنه خلف سور المدرسة هناك متنمر ينتظره ليسلبه مصروف يومه.

هذه الظاهرة السلبية الدخيلة على مجتمعاتنا العربية، نشأت في الغرب وبدأت تغزو مدارسنا بفعل تأثيرات العولمة والغزو الإعلامي الغربي، ويكفي الاطلاع على الإحصائيات العالمية الخاصة بهذه الظاهرة للوقوف على خطورتها.

تتراوح درجاتها بين السخرية والاستهزاء، مرورًا بالترهيب لتصل حد  البلطجة والأذية النفسية والجسدية، وهو ما يدفعنا للبحث أكثر عن تعريف حقيقي لها وكيفية التعامل مع الوضع إذا ما تم اكتشاف أن طفلك يتعرض للتنمر داخل مؤسسته التربوية.

ما هو التنمر؟

يعرف  دان ألويس – الأب المؤسس للأبحاث حول التنمر في المدارس- التنمر المدرسي بأنه:

“أفعال سلبية متعمدة من جانب تلميذ أو أكثر لإلحاق الأذى بتلميذ آخر، تتم بصورة متكررة وطوال الوقت، ويمكن أن تكون هذه الأفعال السلبية بالكلمات مثل: التهديد، التوبيخ، الإغاظة والشتائم، كما يمكن أن تكون بالاحتكاك الجسدي كالضرب والدفع والركل، أو حتى بدون استخدام الكلمات أو التعرض الجسدي مثل التكشير بالوجه أو الإشارات غير اللائقة، بقصد وتعمد عزله من المجموعة أو رفض الاستجابة لرغبته”.

وحسب ألويس فلا يمكن الحديث عن التنمر “إلا في حالة عدم التوازن في الطاقة أو القوة (علاقة قوة غير متماثلة)؛ أي في حالة وجود صعوبة الدفاع عن النفس، أما حينما ينشأ خلاف بين طالبين متساويين تقريبًا من ناحية القوة الجسدية والطاقة النفسية، فإن ذلك لا يسمى تنمرًا، وكذلك الحال بالنسبة لحالات الإثارة والمزاح بين الأصدقاء، غير أن المزاح الثقيل المتكرر، مع سوء النية واستمراره بالرغم من ظهور علامات الضيق والاعتراض لدى الطالب الذي يتعرض له، يدخل ضمن دائرة التنمر”.

أسباب الظاهرة وطرق علاجها:

تتعدد أسباب ظاهرة التنمر، ولكن يبقى الجانب الأسرى هو الأهم، فبحكم انشغال الأبوين لتوفير احتياجات أبنائهم المعيشية، نجد أن دورهما التربوي والتوجيهي في تقويم سلوك الطفل قد تراجع ملقين بمسؤولية ذلك على عاتق المربية والمدرسة، هذا الإهمال ينتج عنه طفل غير سوى مشبع ماديًا، في حين أنه يعاني من عطش عاطفي، يجعله عدوانيًا وتزيد هذه العدوانية إذا ما رافق ذلك ظواهر أخرى كالعنف الأسري، والطبقية المجتمعية حيث تشير الدراسات أنه في كثير من الأحيان ،نجد أن  المتنمرين ينحدرون من الأوساط الفقيرة ومن العائلات التي تعيش في المناطق المحرومة.

كما يمكننا إضافة عنصر آخر متعلق بعدم مراقبة الأولياء لما يشاهده أبناؤهم من أفلام كرتون وألعاب تحرض على العنف وهو ما يجعل الطفل يحاول تطبيق ما شاهده في هذه الأفلام على من حوله من الأطفال، ليحقق بذلك الانتصار الذي تعود أن يحققه في الألعاب الإلكترونية.
ومن هنا يتجلى لدينا أن الحل هو بالدرجة الأولى بيد الأسرة، حيث على الوالدين مراقبة أفعال وسلوك أبنائهم، فقد يرجع رفض ابنك القيام صباحًا وبكاؤه وتوسله الشديد من أجل عدم الذهاب للمدرسة إلى تعرضه لشكل من أشكال التنمر داخل مدرسته، كما أن انطوائية طفلك بالبيت قد ترجع إلى خوفه من الحديث عما يمارسه أو يمارس عليه داخلها.

زر الذهاب إلى الأعلى