أضرار العمل الطويل على الكمبيوتر بدنيًا ونفسيًا
الكمبيوتر من الاختراعات التي يسرَّت الحياة على الإنسان. لكن يبدو أن الحياة إلىسيرة لها ثمن على أي حال. والمؤلم حقًا أن الإنسان يدفع الثمن من صحته. حيث تشير دراسة حديثة أجريت على العاملين على الكمبيوتر في مجلـس حـيّ ” نـيوهام” “Newham” التابع لمجلس مدينة ” لندن” (العاصمة البريطانية) أن العمل على الكمبيوتر لعدة ساعات يوميًا ، يؤدي إلى اعتلال الصحة البدنية والنفسية.
سبب إجراء الدراسة المذكورة أن العاملين على الكمبيوتر في مجلس حيّ ” نيوهام” تعددت شكواهم المرضية وترددهم على الأطباء، الأمر الذي دفع المسؤولين في مجلس الحيّ إلى النظر في المسألة، لمعرفة السبب وراءها، فعهدوا إلى كلية العلوم التطبيقية في شمال شرق لندن بدراسة هذه الظاهرة. وعهدت الكلية بدورها إلى فريق من الأطباء والباحثين والفنيين لإماطة اللثام عن تردّي صحة العاملين على الكمبيوتر.
شملت الدراسة جميع العاملين على الكمبيوتر في مجلس حيّ ” نيوهام” ، وعددهم أربعون (40) شخصًا بين رجال ونساء. وقد ظهر من الدراسة أن العاملين على الكمبيوتر يشتغلون على الآلة خمس ساعات يوميًا على الأقل. وتستلزم طبيعة العمل على الكمبيوتر مداومة النظر إلى وحدة العرض، وهي الشاشة المتصلة بالكمبيوتر، وكذلك الطرق على لوحة المفاتيح الملحقة بالكمبيوتر.
ومن الفحص الطبي اتضح أن أكثر من نصف العاملين على الكمبيوتر يشكو من ألم دائم في العينين، بينما شكا أربعون في المائة (40%) منهم من آلام في العنق ومفصل الرسغ (وهو المفصل الذي بين اليد والذراع). أما الصداع اليومي فكان شكوى عامة بين جميع العاملين على الكمبيوتر.
من جهة أخرى، شكا العاملون على الكمبيوتر من أعراض نفسية، تراوحت بين الاكتئاب في عشرين في المائة (20%) من الحالات، إلى القلق والتوتر في ثلاثين في المائة (30%) من مجموع الذين شملتهم الدراسة.
ومع مزيد الاستقصاء والتحري، اتضح أن أقل من عشرة في المائة (10%) من العاملين على الكمبيوتر سعيد بوظيفته. وعلى الرغم من أن عدم الرضا عن الوظيفة قد يكون في حد ذاته سبًبا لنشأة أعراض بدنية ونفسية، إلا أن الأطباء الذين أجروا الدراسة يعتقدون أن عدم الرضا عن الوظيفة ليس مبرّرا كافيًا لظهور الأعراض سالفة الذكر، خصوًصا وأنها ظهرت كذلك في مجموعة الراضين عن العمل.
الأضرار تعم كل مشتغل بهذه الأجهزة من كل الفئات العمرية:
وإذا تجاوزنا فئة الموظفين الذي أجريت عليهم التجربة، نجد أن أضرار الجلوس الطويل لجهاز الكمبيوتر خاصة، والأجهزة الحديثة عامة، من كل الفئات العمرية والتخصصات العلمية والمهنية (خاصة المشتغلون بالدراسة والقراءة عليها)، معرضون لطائفة من الأمراض النفسية والبدنية، والاجتماعية كذلك!
فطول الركود والركون لتلك الآلات يعـزل العامل عليها اجتماعيًا، ويقـلل فـرص لقـائه بالآخرين على أرض الواقع، مما يؤدي إلى نشأة الأعراض النفسية، المتمثلة في الاكتئاب والقلق والتوتر، وضعف مهارات التواصل الاجتماعي، ورهابه في بعض الحالات. كما أن قلة الحركة بسبب الجلوس لساعات طويلة أمام الآلة يؤدي إلى آلام في الجهاز الحركي (العضلات والمفاصل). فضلًا عن أن التركيز الشديد، مع ثبوت العنق في وضع واحد، يكون سببًا في الإصابة بالصداع وآلام العنق، مثلما يكون التحديق الطويل في وحدة العرض (الشاشة) سببًا في الإصابة بآلام العينين. أما آلام الرسغ فسببها إجهاد المفصل، نتيجة الاستعمال الكثير المتطاول الأمد لأصابع اليدين، أثناء الطرق على لوحة المفاتيح.
والنصيحة التي يمكن توجيهها إلى العاملين على الكمبيوتر للوقاية من العلل البدنية والنفسية، هي :
– تخصيص فترات راحة بين ساعات العمل، تستثمر في الحركة وفي الاختلاط بزملاء العمل أو أفراد الأسرة مثلًا.
– التوقف عن العمل عند أول شعور بالإجهاد أو بألم في العينين أو الرقبة أو الظهر أو المفاصل، إذ تجاوزه قد يؤدي لاعتياده ونسيانه، وتترتب عليه أمراض مزمنة على المدى البعيد (كالانزلاق الغضروفي).
– وقد يكون مفيدًا الانتباه إلى أن تكون الإضاءة والتهوية جيدة في مكان الاستخدام.
– كما أن مزاولة رياضة بدنية خفيفة، ولو تمارين منزلية للتنشيط، دوريًأ في كل يوم، يساعد في الوقاية من آلام المفاصل والعضلات بإذن الله.