أطفال الأمهات العاملات يتحدّثون بصراحة: لنستمع إليهم (مترجم)
إنها واحدة من أكبر الجدالات التي نخوضها كأمهاتٍ، وأحد أكبر مصادر شعورنا بالذنب:
كم تُسيء الأمهات العاملات لأطفالهن؟ وهل سوف تترك الحياة ندباتها على أطفالنا لأننا انخرطنا في العمل بعد ولادتهم؟ أو هل الأطفال أكثر ضعفاً مما نظن بهم؟
إن البحث في الأمر مُثير جدًا للإحباط. فأطفال الأمهات العاملات أكثر معاناةً من السمنة، وهُم أكثر عرضة للتعبير والتصرف بصورة غريبة (يقول الخبراء أن بعض هذه الأمور تحدث بسبب أن الآباء المذنبين يكونون متساهلين في التعامل)، وهُم يواجهون مشاكل صحية بدرجة أكبر، بما فيها الربو والحوادث المختلفة. ياللهول! لماذا قد يُقدم أحدهم على العمل إذن؟!
هذه هي الأسئلة التي تؤرّقني، كوني أم عاملة، رغم أن عملي كله من المنزل وعادة ما يوفر لي ذلك مرونة عالية. أعلم أنه أمرٌ جيد لأطفالي أن يروا والدَيهم وهم لديهم وظائف، لكن ما الذي أفتقده وأنا لستُ مَن يُقلّ الأطفال من المدرسة وألجأ لنشاطات بعد مدرسية بدلاً من أن أُقلّهم فور انتهاء يومهم المدرسي مباشرة؟
وفقًا لفران والفيش، وهي طبيبة نفسية مختصة بالطفل والأسرة ومؤلفة كتاب The Self-Aware Parent، فإن وجود أم عاملة يمكن أن يؤثر على الأطفال بطريقة غير إيجابية.
تقول الطبيبة والفيش
“إن السبب وراء كون عمل الأم أمرًا مذمومًا هو أن أغلب أطباء النفس يعتقدون أن الأطفال ينمون بصورة أفضل عندما يكون لديهم والد عطوف ومُحب لفي المنزل، خاصة طوال السنوات الثلاث الأولى من عُمرهم. على مدار السنة الأولى من حياته، يصبح الهدف النفسي الأساسي بالنسبة للرضيع هو الارتباط والتعلق بالأم”.
يا إلهي! ياله من أمرٍ مُوجع. يغمرني شعورٌ بالذنب، كأمٍ بقيت في المنزل في تلك السنوات الثلاث الأولى مع ابنتي، لكنني عدتُ إلى العمل (من المنزل) عندما بلغ ابني الثانية من عمره فقط.
ليس الأمر كله بهذا السوء بالطبع. تخرّجت جوليا هيلمز حديثًا من الجامعة، وهي الآن مدير مساعد لتطوير الأعمال بشركة يوروميد. لطالما افتُتِنَت هيلمز بالأمهات العاملات، كونها الإبنة الكبرى لأم عاملة، وقد بدأت مع أمها مؤخرًا في الحديث إلى مجموعات العمل النسوية حول الموضوع.
“إنني محظوظة للغاية لأن أحظى بأبٍ وأم، وليس أحدهما فقط، يشعران بالفخر بما يقومان بعمله كل يوم، ولم أشعر في يومٍ من الأيام أن وظيفة أمي كان لها أثرًا على علاقتنا أو على أمومتها بطريقة سلبية”
هكذا تقول هيلمز، التي جعلتها تجربتها في التنئشة أكثر التزامًا بمساعدة الأمهات الأخريات على الاستمرار في النمو كنسوة، وتغذية طاقاتهن لأكثر من تربية الأطفال.
وهذه هي جوهر فكرة العمل، أليس كذلك؟ أشعر بالفضل لأنني حظيت بفرصة “الاختيار”. وأعلم أن ذلك ليس متاحًا للجميع.
وحقيقة الأمر أن الأمومة إلى جانب العمل تُعد أمرًا شاقًا لكن يمكن تحديه بدرجة كبيرة. إلا أن الخبراء ليسو هُم الأقدر على إخبارنا كيف سيصبح أطفال الأمهات العاملات في المستقبل. الخبراء الحقيقيون هنا هم مَن بلغ من الأطفال.
إليكم خمسة من الأمهات اللواتي كانت لديهن أمهاتٍ عاملات ليخبروكم حقيقة الأمر بعد أن ترعرعن في كنف أمهات عاملات:
إميلي، 35 عام، بوسطن
– مهنة الأم: محامية وأستاذة جامعية.
– عدد ساعات العمل في الأسبوع: 40 ساعة.
– وظيفة إميلي الحالية: كبير أخصائي امتثال في مشروع صحي مقره بوسطن.
– كيف كانت دراستك: تخرّجت من مدرسة ثانوية خاصة مرموقة. ثم التحقت بجامعة مرموقة، وحصلت على شهادة جامعية.
– سبق وأن قضيتي وقت في السجن من قبل: لا.
– كيف شعرت حيال عمل أمك وأنتِ طفلة: “كانت أمي ولا زالت مثالًا يحتذى بالنسبة إليّ بدرجة كبيرة. لقد تعلّمت منها أهمية التعليم وأهمية تحديد الأهداف والعمل بجد. كانت أمي قادرة على القيام بما تُحب فعله (وماهرة في القيام به) إلى جانب تربيتي مع والدي”.
– حسنًا، هل أنتِ أم عاملة أم ربة منزل: “أنا الآن أم إلى جانب عملي بدوامٍ كامل. إلا أن جدولي لن يكون بنفس القدر من المرونة التي كان عليها جدول أمي مع الأسف. تذهب طفلتي لمركز رعاية نهارية رائع. أعتقد بصدق أن من المهم لطفلتي أن تراني وأنا أعمل وترى ما عاد به عليّ تعليمي وعملي بجد وما يمكن أن يعود به عليها”.
بام، 39 عام، مدينة نيويورك
– مهنة الأم: سكرتير قانوني.
– عدد ساعات العمل أسبوعيًا: 40 ساعة، إلى جانب ساعات عمل إضافية.
– وظيفة بام الحالية: محرر وناشر لدى com.
– كيف كانت دراستك: خريجة جامعة نيويورك – “بطريقةٍ ما، دفعت أمي مصاريفي الجامعية كاملةً. وعندما سألتها كيف قامت بفعل ذلك، قالت ’لقد عملت لساعاتٍ إضافية كثيراً‘. لقد مكّنها عملها من منحي فرصة الالتحاق بجامعة مرموقة – لذا فإن عملها عنى مستقبلي حرفيًا”.
– سبق وأن قضيتي وقت في السجن من قبل: لا.
– كيف شعرت حيال عمل أمك وأنتِ طفلة: “أشعر أن حينها لم تستطع أمي أن تقتطع من وقتها لحضور النشاطات المدرسية مثل التطوع في الفصل، أو المشاركة في الرحلات المدرسية… ورغم حقيقة أنها كانت تعمل في نيويورك سيتي بينما كنا نعيش في إحدى ضواحي نيوجيرسي، إلا أنها كانت قادرة على العودة إلى المنزل والقيام بطهي وجبة منزلية متكاملة. لا أعلم كيف استطاعت القيام بكل ذلك”.
– حسنًا، هل أنتِ أُم عاملة أم ربة منزل: “لطالما علِمتُ أنني سأصبح أم عاملة كذلك. عملت بدوامٍ كامل لمدة 15 عامًا حتى السنة الماضية. لكنني شعرت بالاحتياج إلى أن أوازن أموري. أردت أن أقرر لحياتي أكثر من ذلك. أعمل الآن استشارية تسويق وإعلام اجتماعي ومدونة، وبالتالي فأنا مَن أقرر ساعات عملي بنفسي وهو الأمر الذي يسمح لي بالاستمتاع بأفضل ما في العالَمَين. ويمكنني اصطحاب بناتي إلى أنشطتهم المدرسية والمشاركة في الرحلات الصفية وكذلك التطوع في بيع الكعك لجمع الأموال للمدرسة، إلا أن بناتي يرونني أعمل بجد”.
إمي، 42 عامًا، ديترويت
– مهنة الأم: شغلت الكثير من الوظائف؛ كان عملها الأول موظفة استقبال في متجر لتصميم المطابخ؛ ومنه شقّت طريقها في مجال تصميم المطابخ. وعندما بلغت الخمسين من عمرها حصلت على ماجيستير نظم معلومات، لكنني كنت قد بلغت بالفعل عندما حصلت عليها.
– عدد ساعات العمل أسبوعياً: 40 ساعة.
– وظيفة إمي الحالية: الكتابة، إلى جانب سعيها للحصول على ماجيستير في الخدمة الاجتماعية.
– كيف كانت دراستك: التحقتُ بمدرسة كاثوليكية للبنات ذات سمعة جيدة، كما قُبلت في كل كلية سجّلت فيها، دعونا لا نتطرق إلى سنواتي الجامعية، فأنا حالياً أدرس في واحد من أفضل 10 برامج للخدمة الاجتماعية في البلاد.
– كيف شعرت حيال عمل أمك وأنتِ طفلة: “لقد كانت في حقيقة الأمر أكثر شعوراً بالسعادة والمرح عندما كانت تعمل. أذكر أنني كنت أحب الذهاب لزيارتها في عملها. عليّ أيضاً أن أضيف أنها كانت منخرطة على الدوام في المجتمع قبل أن تلتحق بالعمل من أجل العيش، لذا كنت معتادة على أن أتبعها وهي تطبع الصحف أو في داخل اجتماعاتها. لقد أثّر عملها على رغبتي في أن أعمل بعد أن يكون لدي أطفال كذلك – وحتى اللحظة، لازلت أغضب وأشعر بالاكتئاب مثلها إذا تعطّل عملي. أحتاج إلى قضاء الوقت مع أطفالي وكذلك أحتاج لبعض الوقت لنفسي”.
– حسنًا، هل أنتِ أُم عاملة أم ربة منزل: الأمران معًا. فانا أعمل من المنزل، ولذلك أقوم بالكثير من واجبات ربة المنزل إلا أنني أيضًا لدي مواعيد لتسليمات ورؤساء عمل.
سارة، 36 عام، أوهايو
– مهنة الأم: مشرفة بوكالة حجوزات طيران للخطوط الجوية الأميركية.
– عدد ساعات العمل أسبوعيًا: 40 ساعة فأكثر.
– وظيفة سارة الحالية: أعمل كمديرة تسويق لأكبر وكالة تسويق رقمي مستقلة في البلاد.
– كيف كانت دراستك: تخرّجت من مدرسة خاصة، والتحقت بالجامعة الأميركية حيثُ درست التسويق وتاريخ الفن، وفي النهاية التحقت بجامعة ولاية أوهايو لأحصل على ماجيستير إدارة الأعمال.
– كيف شعرت حيال عمل أمك وأنتِ طفلة: أحببت فكرة أن أمي لديها عمل. وأصبحت مؤمنة أن بإمكان المرء أن يحصل على كل شيء – الأسرة والوظيفة وغيرها. وقد حضرت أمي الأمور الهامة مثل المسرحيات والألعاب المدرسية وجعلت من الأمر يبدو سهلاً. أفكّر الآن في كيف أن الأمر لابد وأنه كان صعبًا، بالأخذ في الاعتبار أنها كانت بالفعل رائدة للأمهات اللواتي يعملن بدوامٍ كامل. جعلني ذلك أبذل جهدًا أكبر وأسعى لتحقيق المزيد، مُدركةً أنها طالما كانت تستطيع فعل ذلك، فباستطاعتي أنا أيضًا فعله”.
– حسنًا، هل أنتِ أُم عاملة أم ربة منزل: “أعمل بدوامٍ كامل”.
إليشا ستراسر، 37 عام، ويلمنغتون (ديلاوير)
– مهنة الأم: صاحبة مشروع تجاري صغير، ومدرّسة، إلى جانب عملها بدوامٍ جزئي كمساعدة في شركة Talbots (في وقت متأخر من حياتها).
– عدد ساعات العمل أسبوعياً: 40 ساعة.
– وظيفة إليشا الحالية: ربة منزل.
– كيف كانت دراستك: لقد أبليت بلاءً حسنًا طوال سنواتي في المدرسة وحصلت على شهادتي العليا من إميرسون بعد أن درست في جامعة رود آيلاند.
– كيف شعرت حيال عمل أمك وأنتِ طفلة: “كنت أعود إلى المنزل لأجد والداي في العمل، لا أعتقد أن الأطفال مسموح لهم بفعل ذلك الآن. منذ صغرنا أنا وأخي كنا نذهب إلى الحضانة أو كانت تحضر لنا المربية – كان علينا دائمًا الذهاب برفقة عائلات أخرى للأنشطة أو لدروس العبرية أو غيرها. ولأننا تربّينا في بلدة صغيرة فلم تكن أمي بعيدة عنا، كانت فقط خارج المنزل. أما أبي فكان يعمل كثيراً. ولذلك كانت أمي هي دائمًا مَن تحضر الأحداث الرياضية وغيرها. أتمنى لو كان لدى أمي وقتًا أطول لتقضيه معنا لكنني سعيدة للغاية اليوم لأنها كانت دائمًا امرأة مستقلة وقوية – لقد كانت قدوة رائعة”.
– حسنًا، هل أنتِ أُم عاملة أم ربة منزل: أمكث في البيت مع أطفالي لأننا نعيش في منطقة نعتمد فيها على أنفسنا، ورعاية الأطفال فيها أمر مكلف للغاية.
يبدو أن تجربة الجميع تختلف قليلًا عن بعضها البعض، أليس كذلك؟ والجدير بالذكر أنه لا يوجد بين تلك النساء مَن تعاني من السمنة أو الوحدة أو عدم القدرة على الإنجاب. ماذا إذًا، نحن الأمهات، تركنا بعضنا وشأننا؟ أما الأمهات العاملات: عليكن التوقف عن الشعور بالذنب الكبير! سيكون كل شيء على ما يُرام في النهاية.
هل كانت أمك تخرج للعمل أم أنها ربة منزل؟ وكيف أثّر ذلك عليك؟