أكاديميات تعليمية وهمية بمصر لمنح الماجستير والدكتوراه
هل تريد الحصول على شهادة الدكتوراه والماجستير في شهر فقط؟ الآن بحفنة من الدولارات تستطيع الوصول لغايتك والحصول على درجة علمية معتمدة من كبري جامعات أوربا وأمريكا.
ليست تلك الجملة إلا إعلانًا ترويجيًا بعبارات براقة تستخدمها الكثير من الأكاديميات العلمية الوهمية؛ لاصطياد الطلاب الراغبين في الحصول على درجات علمية، في مدة زمنية قصيرة، معتمدة من كبرى الجامعات الدولية، خاصة أن حلم الترقي في العمل والوصول إلى منصب مرموق يراودهم، ويعملون على تحقيقه بشتي الطرق، وتبقي شهادات الماجستير والدكتوراه إحدى حيلهم وطرقهم، ولعل هذا السبب وراء انتشار العديد من الأكاديميات الوهمية بمصر، التي تروج لفكرة الحصول على الشهادة العلمية المعتمدة، ويرتفع المبلغ للطلاب العرب الأثرياء؛ بل يتم توثيقها من قبل السفارة المصرية بتلك الدولة.
والمثير للانتباه المدة الزمنية القصيرة التي يحصل فيها الدارس على شهادته العلمية، والتي لا تتجاوز في الكثير من الأحيان ستة أشهر، فيمكنك الحصول عليها وأنت جالس في بيتك لم تغادره قط، مستغلين مواقع التواصل الاجتماعي في الترويج لبضاعتهم، كالفيس بوك وتويتر؛ متاجرين بعقول الشباب وأحلامهم.
أشهر الشهادات المزيفة:
ولقد كُشف النقاب مؤخرًا عن الكثير من الشخصيات المشهورة التي حصلت على شهادات مزيفة من جامعات عالمية غير موجودة بالمرة، أو لم يتم توثيقها ومعادلتها طبقًا للجامعات المصرية، ولعل أشهرهم الإعلامي توفيق عكاشة، الذي صدر ضده حكم بالحبس عامًا مع الشغل والنفاذ؛ لاتهامه بتزوير شهادة الدكتوراه في إدارة المؤسسات الإعلامية من جامعة “ليكوود برادنتون” بولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية، ولكن بعد التحري والبحث؛ اتضح أنه لا توجد جامعة تحمل هذا الاسم إطلاقًا داخل فلوريدا، أو حتى خارجها، ولم تكن حالة عكاشة الأولى؛ فالسياسي الشهير أيمن نور، والهارب من حكم قضائي لتزويره شهادة الدكتوراه، زاعمًا حصوله عليها من معهد الاستشراف التابع لأكاديمية العلوم الروسية بمدينة موسكو، حيث لم يثبت المجلس الأعلى للجامعات معادلتها بحسب تصريح المكتب الثقافي المصري بموسكو.
ومنذ فترة تناثرت شائعات حول تزوير الدكتورة هبة قطب الأستاذ المساعد بكلية طب القصر العيني، وخبيرة العلاقات الزوجية لست شهادات علمية؛ بغية ترقيتها لدرجة أستاذ، مما جعلها تتقدم بدعوى قضائية عاجلة أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ضد رئيس جامعة القاهرة؛ لوقف قرار مركز تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس بالامتناع عن اعتماد الشهادات العلمية المقدمة منها، مؤكدة أن الترقية تتم على أساس الأقدمية.
ولا تنتهي القائمة عند هذا الحد، فالكثير من ضيوف البرامج التليفزيونية، الذين يتم تقديمهم للمشاهدين؛ لكونهم خبراء بمجالاتهم، وحاصلين على درجات علمية مرموقة وكان أحدهم ينتحل صفة خبير أمني، ولكن بعد القبض عليه كشفت التحقيقات حصوله على الدبلوم فقط، وآخر عرفه الجمهور محللًا سياسيًا للشئون الأمريكية بالوطن العربي، وحاصل على درجة الماجستير من جامعة واشنطن، ليظهر بعد ذلك أنه مجرد طاه بأحد المطاعم الأمريكية منذ أكثر من عشرين عامًا، ليكشف عن تخبط المؤسسات الإعلامية بمصر، وعدم تيقنها بصحة شهادات ضيوفها..
وقد أصدر جهاز التعبئة العام والإحصاء وفي تقرير عن عدد الطلاب المقيدين ببرامج الدراسات العليا نشرَهُ لعام 2015، فقدر عدد المقيدين بالدراسات العليا بالجامعات المصريـة بلغ 377,9 ألف طالب منهم 53,1 ٪ للدبلوم، و36,5 ٪ للماجستير و10,3 ٪ للدكتوراه، في حين بلغ عدد الدرجات العلمية “دبلوم ـ ماجستيرـ دكتوراه” التي حصل عليها المصريون من الجـامعات المصرية والأجنبية 127 ألف درجة عام 2015، ومن المعروف أن بعض الدارسين العرب يقصدون مصر للحصول على تلك الشهادات العلمية مقابل الأموال، ففي تقرير نشرته وزارة التعليم العالي الأردنية بجريدة الغد عن عدد شهادات الماجستير التي تم الحصول عليها بمصر، وثبت أنها مزورة حوالي 334 في العام الدراسي المنصرم، و599شهادة دكتوراه.
هل تريد الحصول على شهادة الدكتوراه والماجستير في شهر فقط؟ الآن بحفنة من الدولارات تستطيع الوصول لغايتك والحصول على درجة علمية معتمدة من كبري جامعات أوربا وأمريكا.
ليست تلك الجملة إلا إعلانًا ترويجيًا بعبارات براقة تستخدمها الكثير من الأكاديميات العلمية الوهمية؛ لاصطياد الطلاب الراغبين في الحصول على درجات علمية، في مدة زمنية قصيرة، معتمدة من كبرى الجامعات الدولية، خاصة أن حلم الترقي في العمل والوصول إلى منصب مرموق يراودهم، ويعملون على تحقيقه بشتي الطرق، وتبقي شهادات الماجستير والدكتوراه إحدى حيلهم وطرقهم، ولعل هذا السبب وراء انتشار العديد من الأكاديميات الوهمية بمصر، التي تروج لفكرة الحصول على الشهادة العلمية المعتمدة، ويرتفع المبلغ للطلاب العرب الأثرياء؛ بل يتم توثيقها من قبل السفارة المصرية بتلك الدولة.
والمثير للانتباه المدة الزمنية القصيرة التي يحصل فيها الدارس على شهادته العلمية، والتي لا تتجاوز في الكثير من الأحيان ستة أشهر، فيمكنك الحصول عليها وأنت جالس في بيتك لم تغادره قط، مستغلين مواقع التواصل الاجتماعي في الترويج لبضاعتهم، كالفيس بوك وتويتر؛ متاجرين بعقول الشباب وأحلامهم.
أشهر الشهادات المزيفة:
ولقد كُشف النقاب مؤخرًا عن الكثير من الشخصيات المشهورة التي حصلت على شهادات مزيفة من جامعات عالمية غير موجودة بالمرة، أو لم يتم توثيقها ومعادلتها طبقًا للجامعات المصرية، ولعل أشهرهم الإعلامي توفيق عكاشة، الذي صدر ضده حكم بالحبس عامًا مع الشغل والنفاذ؛ لاتهامه بتزوير شهادة الدكتوراه في إدارة المؤسسات الإعلامية من جامعة “ليكوود برادنتون” بولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية، ولكن بعد التحري والبحث؛ اتضح أنه لا توجد جامعة تحمل هذا الاسم إطلاقًا داخل فلوريدا، أو حتى خارجها، ولم تكن حالة عكاشة الأولى؛ فالسياسي الشهير أيمن نور، والهارب من حكم قضائي لتزويره شهادة الدكتوراه، زاعمًا حصوله عليها من معهد الاستشراف التابع لأكاديمية العلوم الروسية بمدينة موسكو، حيث لم يثبت المجلس الأعلى للجامعات معادلتها بحسب تصريح المكتب الثقافي المصري بموسكو.
ومنذ فترة تناثرت شائعات حول تزوير الدكتورة هبة قطب الأستاذ المساعد بكلية طب القصر العيني، وخبيرة العلاقات الزوجية لست شهادات علمية؛ بغية ترقيتها لدرجة أستاذ، مما جعلها تتقدم بدعوى قضائية عاجلة أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ضد رئيس جامعة القاهرة؛ لوقف قرار مركز تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس بالامتناع عن اعتماد الشهادات العلمية المقدمة منها، مؤكدة أن الترقية تتم على أساس الأقدمية.
ولا تنتهي القائمة عند هذا الحد، فالكثير من ضيوف البرامج التليفزيونية، الذين يتم تقديمهم للمشاهدين؛ لكونهم خبراء بمجالاتهم، وحاصلين على درجات علمية مرموقة وكان أحدهم ينتحل صفة خبير أمني، ولكن بعد القبض عليه كشفت التحقيقات حصوله على الدبلوم فقط، وآخر عرفه الجمهور محللًا سياسيًا للشئون الأمريكية بالوطن العربي، وحاصل على درجة الماجستير من جامعة واشنطن، ليظهر بعد ذلك أنه مجرد طاه بأحد المطاعم الأمريكية منذ أكثر من عشرين عامًا، ليكشف عن تخبط المؤسسات الإعلامية بمصر، وعدم تيقنها بصحة شهادات ضيوفها..
وقد أصدر جهاز التعبئة العام والإحصاء وفي تقرير عن عدد الطلاب المقيدين ببرامج الدراسات العليا نشرَهُ لعام 2015، فقدر عدد المقيدين بالدراسات العليا بالجامعات المصريـة بلغ 377,9 ألف طالب منهم 53,1 ٪ للدبلوم، و36,5 ٪ للماجستير و10,3 ٪ للدكتوراه، في حين بلغ عدد الدرجات العلمية “دبلوم ـ ماجستيرـ دكتوراه” التي حصل عليها المصريون من الجـامعات المصرية والأجنبية 127 ألف درجة عام 2015، ومن المعروف أن بعض الدارسين العرب يقصدون مصر للحصول على تلك الشهادات العلمية مقابل الأموال، ففي تقرير نشرته وزارة التعليم العالي الأردنية بجريدة الغد عن عدد شهادات الماجستير التي تم الحصول عليها بمصر، وثبت أنها مزورة حوالي 334 في العام الدراسي المنصرم، و599شهادة دكتوراه.
الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي تروج لها معتمدة على غياب الرقابة:
تتعدد الصفحات التي تطلقها تلك الأكاديميات على الفيس بوك؛ لجذب الراغبين في الالتحاق بها، زاعمة أنها وكيل لإحدى الجامعات المعروفة؛ بل شهاداتها موثقة من وزارة الخارجية المصرية، ومعترف بها من قبل المجلس الأعلى للجامعات المصرية، وأبرز التخصصات هي علم النفس والدراسات القانونية التي تعد أصعبها على الإطلاق، وتحتاج أبحاثًا ودراسات عديدة حتى يجتاز الباحث ويحصل على شهادتها، وكذلك التنمية البشرية والإعلام الدولي.
يطلقون عليها أسماء براقة وجاذبة لزبائنها مثل “جامعة كامبريدج البريطانية”، أو ويست بروك الأمريكية، والتي كان يمارس مركز “ايم ويست” المشبوه عمله بحرم جامعة عين شمس، زاعمًا بأنه تابع لها من دون تحري مسئولي الجامعة عن قانونيته، أو صحة شهاداته لتخرج الجامعة الأمريكية الأم، نافية أن يكون هناك أي تعاون بينها وبين أي جامعة مصرية على الإطلاق، وهناك المركز الدولي للعلوم والتكنولوجيا، وجامعة الحياة وأكاديمية الشرق للعلوم التطبيقية، والتي تم ضبطها قضائيًا، إلا أنها تمارس عملها إلى الآن بمحافظة الشرقية، وما زالت تستقطب ضحايا جددًا.
“فريق زيدني” حاول التواصل مع إحدى تلك الصفحات المشبوهة المتخصصة في الدراسات القانونية والعلوم السياسية، وتدعى “أ.ا”؛ بدعوى رغبتنا الحصول على الدكتوراه في زمن قصير.
في البداية قام أدمن الصفحة بطلب التواصل على الخاص منعًا لكشف أي معلومات أمام المشتركين، قائلًا بأن سعر شهادة الماجستير يصل إلى ثلاثة آلاف دولار، والدكتوراه 3500 بحسب التخصص والجامعة الأوربية المطلوبة، وتزداد التكاليف للطلاب العرب قائلًا: “الشهادة أصلية ومختومة وموثقة من السفارة المصرية بالدولة الأوربية”.
وحول الشروط الواجب توافرها في الدارس قال الأدمن -الذي أطلق على نفسه اسم “أ.م”- : لا توجد شروط؛ إنما أهم الأوراق المطلوبة هي شهادة الميلاد وصور شخصية وشهادة التخرج الجامعي المبين بها التقدير التراكمي وسنة النجاح”، الغريب أنه لا يتم اختبار الدارس في اللغة الإنجليزية، أو حتى مفهوم القانون وبنوده، ويتم دفع المال عبر بطاقة الائتمان.
وأضاف “أ.م”: تقوم الجامعة بعقد لجنة لمنح شهادات الماجستير والدكتوراه لدارسيها بحفل جامعي، ويحضره أحد السفراء المشهورين وعدد من أساتذة القانون، الذين يحصلون على منحة مالية مقابل حضور الحفل وإصباغ الصفة الرسمية عليه؛ بل وبعضهم حاصل على الدكتوراه الفخرية من تلك الأكاديمية.
واختتم حديثه متفاخرًا بأن أكاديميته لها فروع بالأردن واليمن، وقريبًا سوف يتم إطلاقها بلبنان، وحاليًا يتم تطبيق نظام الدراسة عن بعد، أو ما يسمي بالتعليم الإلكتروني؛ لاستقطاب المزيد من الدارسين.
وحول الاتهامات الموجهة لهم من قبل بعض الطلاب بأن شهاداتهم غير معتمدة من المجلس الأعلى للجامعات؛ قال: لا شك أن الكثيرين يحاولون تشويه صورتنا، والتشكيك في قانونية شهاداتنا، إلا أنها تعتمد من المجلس الأعلى للجامعات التابع لوزارة التعليم العالي، ولم ترد إلينا شكاوى، والجهات الرسمية لديها علم بعملنا.
ولم تكن تلك الأكاديمية وحدها التي تواصلنا معها، فهناك واحدة تدعى “ج.ا.ا ” للتعليم عن بعد، وهي متخصصة في التنمية البشرية، يشرف عليها أحد الأشخاص، ويدعى “م” وهو حاصل على درجة الدكتوراه بحسب قول المسؤول عن تلقي طلبات الدارسين، وأكدت أن المقر الرئيس للجامعة موجود بسوريا، وتتراوح تكاليف الحصول على درجة الماجستير ألف دولار، بحسب الجامعة المرغوبة، أما الدكتوراه فتتراوح بين ألفين إلى ألفين ونصف الألف دولار، كما يتم منح درجات الدكتوراه الفخرية لأقطاب العالم العربي والمتميزين في مجالاتهم.
وحول اعتماد الشهادات وتوثيقها؛ أكدت أنه يتم اعتمادها من قبل وزارة الخارجية والمجلس الأعلى للجامعات، ويتم الحصول عليها خلال شهر أو شهرين على أكثر تقدير.
شهادات الضحايا وأولياء أمورهم:
لم تتخيل سعاد راغب، تلك الشابة التي لم يتجاوز عمرها السادسة والعشرين عامًا؛ أن تكون ضحية لإحدى الأكاديميات الوهمية التي تمنح شهادات الماجستير والدكتوراه، والواقع مقرها بمدينة نصر بالقاهرة، وقد اشتهرت في السنوات الأخيرة نظرًا للإقبال الشديد عليها من قبل الطلاب الذين يبغون الحصول على شهادة إدارة الأعمال، والمعروفة باسم “”mba، وتم الترويج لها عن طريق صفحات الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
فسارعت سعاد بدفع رسوم التسجيل والاشتراك، والتي وصلت إلى أكثر من ألفي دولار، يساورها الحماس والرغبة في نيل درجة علمية كبرى تفتخر بها وسط أقرانها، خاصة بعد إعلان القائمين على تلك الأكاديمية أن وزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات يعتمدون الشهادات، وهناك مقر لهم بإحدى الجامعات الإقليمية، بل إن تلك الأكاديمية في طريقها للحصول على شهادة الجودة، والتي تضمن لها التعاون من الجامعات الأوربية، لتبدأ بعدها سلسلة المحاضرات، والتي لم تستمر سوى شهر واحد، حاضر فيها بعض الأساتذة الذين أصبغوا على أنفسهم ألقابًا علمية مثل: “أستاذ دكتور”، وأحدهم مستشار تحكيم دولي، وآخر زعم حصوله على درجه الدكتوراه من جامعة السوربون الفرنسية.
وبعد الانتهاء من تلك المحاضرات طالبت “سعاد” بشهادة الدكتوراه لترفقها مع بقية أوراقها الجامعية لتستطيع التقدم للوظيفة التي أعلنت عنها إحدى شركات البورصة؛ لتفاجأ بمماطلة من إدارة الأكاديمية، وتهرب غير مبرر سوى بأن تسجيلها واعتمادها من وزارة التعليم العالي يتطلب وقتًا، وإلى الآن لم تحصل “سعاد” على الشهادة المزعومة.
تطالب سعاد وزارة التعليم العالي بتشديد الرقابة على تلك الأكاديميات، ومتابعة الإجراءات القانونية لإطلاق أكاديميات معتمدة، ومراسلة الجامعات الأوربية للتأكد من صحة الشراكة والاتفاقات الموقعة قبل تسجيل الطلاب مع اتخاذ الإجراءات القانونية ضد أي جهة يثبت نصبها على المواطنين.
ولم يختلف الحال كثيرًا مع رامز علاء، وهو محام ثلاثيني يطمح في الحصول على درجة ماجستير في الدراسات القانونية من إحدى الجامعات الأوربية العريقة تدعم عمله وتجعله محط إعجاب الكثيرين، وطالما حاول التقدم للمنح الجامعية التي يقدمها الاتحاد الأوربي أو الجامعات في ظل الاتفاقات المبرمة مع وزارة التعليم العالي المصرية، إلا أن الحظ لم يحالفه، فنصحه أحد أصدقائه بالتسجيل في أكاديمية كامبريدج البريطانية، التي يديرها أحد المستشارين بالتحكيم الدولي ووكيل الجامعة بمصر.
ليسارع بدفع الرسوم التي تعدت الخمسة آلاف جنيه، وتسجيل اسمه، ولكن يلحظ رامز أنه لم يتم اختباره في اللغة الإنجليزية والحروف باختبار “التويفل”، والتي حددته الجامعات الأوربية شرطًا أساسيًا للدراسة بها، والحصول على درجة لا تقل عن 80، لينتابه الشك في صحة قانونية الأكاديمية، واعتراف الجامعة الأم بها، ليقوم بمراسلة أحد أصدقائه المقيمين بإنجلترا ليجيئه الرد بأن جامعة كامبريدج ليس لها وكيل أو وسيط بمصر، وأن رئيس الأكاديمية الذي يطلق على نفسه صفة محكم دولي ما هو إلا خريج حقوق فقط، وعندما طالب باسترداد أمواله مرة أخرى؛ رفضوا متعللين بأنه تم إنفاقها في تسديد الرسوم بالمجلس الأعلى للجامعات، ليقوم رامز على الفور بتقديم بلاغ في الشرطة يتهم تلك الأكاديمية المزيفة بالنصب والتزوير.
وعن شهادات أولياء الأمور حول الرسوم المالية التي يدفعونها لحصول ذويهم على شهادات الماجستير والدكتوراه، يقول “علي بيومي” -مهندس بالمعاش وولي أمر أحد الطلاب الذين تعرضوا لعملية غش من قبلها-: لـ”زدني”: “شهدت تلك الأكاديميات المزيفة حالة من الرواج وتزايد أنشطتها في السنوات الأخيرة، خاصة في ظل انشغال الجهات الأمنية بحالة عدم الاستقرار التي عصفت بمصر، ويستغلون حاجة الطلاب للحصول على تلك الشهادات في زمن بسيط؛ مما يدفعهم إلى المبالغة في الرسوم المالية، والتي تصل لعدة آلاف من الدولارات، وقد اضطررت لدفع رسومهم البالغة ألفي دولار لحصول ابنتي على درجة الدكتوراه في علم النفس، والتي زعموا أنها معتمدة من جامعة كوبنهاجن بالدنمارك والتي تعد كبرى الجامعات في تلك الدراسة، إلا أن المفاجأة أن ابنتي عندما تقدمت لإحدى الوظائف بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية، لم يعتد بشهادتها خاصة وأنها لم تسجل في المجلس الأعلى للجامعات أو اعتمدت من قبلهم”.
واتفقت معه السيدة “منى محروس” ربة منزل وولية أمر إحدى الطالبات التي قامت بالتسجيل في إحدى أكاديميات علم النفس على الإنترنت؛ للحصول على دبلومة معتمدة من إحدى الجامعات الأمريكية بولاية فلوريدا، فقالت لـ”زيدني”: “قامت ابنتي بدفع قرابة ألفي دولار للتسجيل في تلك الأكاديمية، وكانت أغلب المحاضرات على شبكة الإنترنت، وبعد انتهائها طالبت بالشهادة إلا أنها فشلت في التواصل مع القائمين على صفحة الأكاديمية المزعومة، مما اضطرها للجوء إلى مباحث الإنترنت للوصول إليهم، وإلى الآن لم نتوصل لأي شيء.
جامعات أوروبا تنتفض لوقف استغلال اسمها في عمليات النصب، والسويد تؤكد شروطها الصارمة للدراسة بجامعاتها:
بعد أن قامت تلك الأكاديميات الوهمية بإقحام أسماء جامعات أوربا وأوكرانيا للترويج؛ قام الموقع الرسمي للسويد الناطق باللغة العربية من تحذير الطلاب الأجانب باستخدام أسماء جامعاتهم ومعاهدهم للنصب عليهم، زاعمين كونها تعتمد على رسوم مالية أقل، مؤكدة أن الدراسة في السويد يتم وفق شروط صارمة وبالتعاون مع وزارة الخارجية، ليس هذا فحسب، فبسبب إقحام الكثير من أسماء الجامعات الأمريكية الرنانة من قبل هؤلاء النصابين، والتي إما ألا تكون لها وجود من الأساس، أو حتى ليست جامعة بالمعنى المعروف؛ قام مجلس الاعتماد التعليمي العالي الأمريكي “CHEA” بنشر قائمة بأسماء مراكز التدريب والأكاديميات التي تزعم بكونها جامعة معروفة، مستغلة تدني التعليم العالي بالوطن العربي، وتهافتهم على الشهادات الدولية، وتضم القائمة قرابة مائتي مركز.
ومنذ فترة كبيرة قام أحد النصابين؛ والذي يدعي الدكتور “أ.أ.ز” وكيل جامعة ديلاوير الأمريكية العريقة -بحسب زعمه- والذي قام بإنشاء المركز الدولي للعلوم، الكائن بمدينة نصر ويقوم بإعطاء شهادات مذيلة بتوقيع الجامعة مما دفع الجامعة الأم بإصدار بيان لها مؤكدة أن ليس لها أي وكيل بمصر أو دول الشرق الأوسط، وجميع الشهادات التي يصدرها هذا المدعو مزورة، ونصحت إدارة القسم القانوني في تلك الجامعة المتضررين باللجوء إلى الهيئات القضائية ببلادهم.
أما السلطات الأوكرانية والتي زج باسمها كثيرًا من قبل هؤلاء المحتالين بأكاديمياتهم، يشرف عليها أساتذة أوكرانيون أعلنت من خلال موقعها أوكرانيا نيوز بالعربي على أن المجلس الأعلى للجامعات المصري حدد الجامعات الأوكرانية -المعترف بها-، والتي يتم معادلة درجتها، وأهمها جامعة القرم الطبية وفينستا وجامعة العلوم الإنسانية بأوديسا، كما أكد المجلس أن الأكاديميات التي تروج بأن شهاداتها معتمدة من أوكرانيا غير صحيحة بالمرة؛ فمعظم المنح التعليمية أو الدورات التعليمية تكون عن طريق السفارة الأوكرانية بالقاهرة محذرة الطلاب من الانسياق وراء أوهام هؤلاء النصابين، وجدير بالذكر أن جامعة كامبريدج البريطانية هي الأخرى أكدت أنه ليس لها فروع بمصر، وأن كل من يستغل اسمها سوف يتم تقديم ما يفيد بذلك في بلده والقبض عليه.
وزارة التعليم العالي تعد قائمة بالكيانات الوهمية وتحذر من استغلال اسمها:
وحول انتشار تلك الأكاديميات في ظل المتاجرة بأحلام الشباب قال الدكتور”عبد الحق وجيه” أستاذ الحقوق بجامعة الزقازيق لـ”شبكة زيدني”: انتشرت بشكل عشوائي وكبير خاصة في الأقاليم، مستغلين جهل شباب تلك المدن بقانونية الأكاديميات وصحتها مع حرصهم على ترقية أوضاعهم الوظيفية أو الهروب من شبح البطالة، ويقحمون أسماء الجامعات الحكومية بل يقيمون مؤتمراتهم وندواتهم بحرم الجامعة ليسبغوا على أعمالهم الصفة الرسمية، إلا أنه من المؤسف أن يتواطأ بعض أساتذة الجامعة في تلك الكيانات الوهمية؛ بل يروجون لها بقبولهم شهادات الدكتوراه الفخرية من قبلهم”.
وأضاف: “ومعظم أصحابها يروجون لأنفسهم في الأوساط التعليمية بحصولهم على ألقاب رنانة، كمستشار في التحكيم الدولي، أو سفير سابق، ولعل واقعة منح الدكتوراه الفخرية لمحافِظ الدقهلية أبرز مثال، فتبين بعد ذلك أن صاحب تلك الجامعة الوهمية محتال ونصاب؛ لذا لا بد من سن قوانين صارمة لإيقاف توغلها وانتشارها”.
ويتفق معه الدكتور “حسام كامل” -رئيس جامعة القاهرة الأسبق- فقال لـ”شبكة زدني”: “إن هناك أوامر ضبطية لإيقاف مثل تلك الكيانات الوهمية، ولعل الضبطيات القضائية الأخيرة لعدة أكاديميات خطوة جيدة للقضاء عليها، كما أن الوزارة وضعت قائمة بأسمائها محذرة الطلاب وأولياء الأمور من الالتحاق بها”.
ويضيف كامل: “إلا أن المشكلة تكمن في أن تلك الكيانات تستغل صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي لعرض خدماتها واستقطاب المزيد من الزبائن، ويقومون بتغيير العنوان بين ليلة وضحاها؛ مما يصعب الأمور، بل يقومون بتأجير شقق مفروشة توضع لافتة على بابها باسم أي جامعة بمصر أو أوربا، ويقومون بممارسة مهامهم، ولا يعترف بأي شهادة إلا بعد عرضها على لجنة المعادلات بالمجلس الأعلى للجامعات؛ مما يقنن الأزمة ويكون أحد الحلول.”
وفي سياق متصل نشرت وزارة التعليم العالي قائمة بأبرز تلك الكيانات الوهمية؛ وهي الأكاديمية الدولية للنظم التعليمية بمنطقة الشيراتون بمصر الجديدة، والجامعة السويسرية بمدينة نصر، والأكاديمية الحديثة للعلوم المتطورة بالمهندسين، والأكاديمية الكندية الأوروبية، والشركة الأوروبية لتكنولوجيا المعلومات والدراسات المتطورة، والمعهد الحديث لتكنولوجيا الحاسبات واللغات بالبدرشين، جامعة «بورتو سموث» بمركز الشرق الأوسط، جامعة كاليفورنيا ميرمار، المعهد العالي للدراسات التعاونية بالمنيرة، والأكاديمية البحرية التجارية المصرية بمدينة الإسكندرية، وأكاديمية النصر بالعاشر من رمضان، وأكاديمية المعرفة للتدريب والاستشارات، وأكاديمية الشرق بالزقازيق، الأكاديمية الحديثة للعلوم المتطورة.