أهمية المرشد النفسي والأكاديمي لطلبة المدارس
إن الطلاب والأجيال الصاعدة هم لبنة أساسية في بناء مستقبل المجتمعات والأمم، فالحرص عليهم وعلى توجيههم نفسياً وأكاديمياً ضروري لضمان العطاء المراد في جميع نواحي الحياة (الاجتماعية،العلمية، الدينية)، وبالنظر إلى أساليب التدريس التقليدية نجد أنه يسود عليها العنف واللامبالاة، بدلاً من الحوار والاهتمام والتي تنتج ما هو غير مرغوب من أجيال تميل إلى الانحراف السلوكي والأخلاقي، ومن هنا ولتوضيح الرؤية عند طلبة المدارس لما هو متوقع منهم ولإعدادهم وتنشأتهم على أسس وأهداف سليمة، لا بد من توطيد الروابط بين الأستاذ وتلاميذه ومشاركة العائلة لتوفير البيانات اللازمة للتعامل مع الطلبة وحالاتهم، وبالتالي بناء الشخصية وتقويم السلوك الفردي والجماعي، ونظراً لذلك فإنه يجب توافر متخصص في جمع المعلومات وتحليلها والتعامل مع الطلبة وتوجيههم بشكل فردي وجماعي في المدارس المعروف باسم المرشد النفسي، تكمن أهمية المرشد النفسي والأكاديمي في المدارس في وجوده وتوجيهاته وأساليب التواصل المبتكرة والعصرية المتبعة بناءً على أساليب التواصل والتعليم الحديثة، وتكمن أهميته وجودته أيضاً في ما أثبتته الدراسات من أثر الإرشاد النفسي في خفض الشعور بالاكتئاب والميول إلى الانتحار في بعض الأحيان والتعامل مع مشكلات العنف الأسرى وغيرها من الأمور التي تحدث تغييراً جذرياً في فكر وسلوك الفرد والمجتمع، فنسبة إلى دراسة أجريت على دور المرشد الطلابي في التعامل مع مشكلات العنف الأسرى لطلاب المرحلة الثانویة بالریاض حيث تم اختيار عينة عشوائية تمثلت ب(105) مشرفاً طلابیاً من المرشدین الطلابیین في إدارة التعلیم بمنطقة الریاض التابعة لوازرة التربیة والتعلیم في المملكة العربیة السعودیة، والبالغ عددهم ( 337) مشرفاً وقد تم استخدام الاستابنة أداة لجمع المعلومات والبیانات المتعلقة بالدارسة، إذ تم طرح الأسئلة التالیة: 1 -ما الدور المشترك بین المرشد الطلابي وبین إدارة المدرسة في التصدي لحالات العنف الأسري؟ 2- ما الإجراءات الوقائیة التي ینفذها المرشد الطلابي للحد من حالات العنف الأسري؟ 3- ما دور المرشد الطلابي في معالجة حالات العنف الأسري لدي الطلاب المتضررین؟ 4- ما التصور الإجرائي النموذجي لدور المرشد الطلابي فى حل مشكلات العنف الأسرى؟ وبالاعتماد على الأجوبة تم الحصول على النتائج التالية: 1- أن دور إدارة المدرسة تجاه ظاهرة العنف الأسري بدرجة فوق الوسط. 2- أن دور المرشد الطلابي في تطویر الطالب لنفسه تجاه ظاهرة العنف الأسري بدرجة كبیرة جداً. 3 -أن دور المرشد الطلابي في مساعدة المجتمع تجاه ظاهرة العنف الأسري بدرجة متوسطة. 4 – أن دور المرشد الطلابي الأساسي في حل مشكلة العنف الأسري بدرجة كبیرة جدًا”(1) وبناءً على ذلك نستطيع أن نقدر مدى أهمية وجود المرشد الطلابي في مجتمعات المدرسة وخصوصاً أن دوره في حل المشاكل الدراسية والاجتماعية والنفسية لدى الطالب يعد كبير جداً وأن نسبة إلمامه بالأمور التي يمكن أن يتعرض لها الطالب في جميع مراحل حياته المدرسية أيضاً كبير جداً مما يدعو إلى ضرورة تفعيل الندوات والمحاضرات التعليمية المتعلقة بالارشاد للمعلم، وبالنسبة إلى دراسة أخرى أجريت على قياس الميل نحو الانتحار لدى طلبة المرحلة الإعدادية (الصف السادس) في بابل، إذ يعد الانتحار من أكثر المشكلات التي نالت اهتمام الأوساط الاجتماعية والتربوية والنفسية والقضائية لما له من تأثير سلبي على حياة الفرد نفسه وبنية المجتمع وتماسكه واستقرار، وهي ظاهرة اجتماعية يكاد لا يخلو منها أي من المجتمعات، وخاصة المجتمعات التي عانت من تقلبات ومشاكل سياسية واقتصادية وما نتج عنها من تأثيرات سلبية اجتماعية ونفسية، وخاصة على الطلبة ومنهم الصف السادس الإعدادي الذين يعدون من أكثر فئات المجتمع حاجة إلى الشعور بالاستقرار النفسي والاجتماعي والاقتصادي والاطمئنان للمستقبل، ولدراسة مدى تأثير المرشد الطلابي على خفض نسبة هذا الميول، حيث تم أخذ عينه من طلبة الصف السادس الإعدادي بواقع (435) طالباً وطالبة في محافظة بابل، وباستعمال الوسائل الإحصائية المناسبة، “تم التوصل إلى عدة نتائج منها: بلغت نسبة انتشار الميل نحو الانتحار لدى طلبة المرحلة الإعدادية (17,7) بوقع (11%) للذكور، و(23%) للإناث -الإناث أكثر ميلاً للانتحار من الذكور- الميل نحو الانتحار لدى طلبة المدينة أكثر من طلبة الريف.”(2) وفي ضوء هذه النتائج تم التوصية بضرورة تفعيل دور المرشدين التربويين لإعداد برامج إرشادية الوقائية والعلاجية للحد من تفاقم الميول الانتحارية، وتفعيل دور الإعلام التربوي ووسائل الإعلام كافة للقيام بدورها للتوعية عن مخاطر هذه الظاهرة الخطرة. وفي دراسة أخرى استهدفت التعرف على دور الإرشاد والعلاج بالواقع في خفض الشعور بالاكتئاب النفسي لدى المراهقين، حيث يعد الاكتئاب النفسي من المشكلات النفسية التي يعاني منها شريحة من الطلبة يمكن أن تعوق أداءهم ودورهم الاجتماعي، وتوافقهم النفسي، كما أن الطلبة في هذه المرحلة – مرحلة المراهقة – في فئة عمرية تتسم بالتغييرات السريعة في جوانب الشخصية، التي من الممكن أن تسبب للمراهقين اضطرابات سلوكية إن لم يتوفر لهم الإرشاد النفسي والتربوي الذي يكفل تحقيق توافقهم النفسي والاجتماعي، وتعد هذه الشريحة من أهم شرائح المجتمع بوصفهم وسيلة التغيير والبناء والتقدم في المستقبل، لذا لا بدَّ من رعايتهم في جميع جوانب شخصيتهم، العقلية، والنفسية، والاجتماعية” تم أخذ عينة من الطلاب تألفت من (19) طالب، من طلاب الصف الحادي عشر، تم اختيارهم بطريقة قصدية؛ ممن لديهم اكتئاب نفسي مرتفع، وتراوحت أعمارهم بين (16-17) سنة، وتم توزيعهم على مجموعتين: مجموعة تجريبية تألفت من (10) طلاب تعرضوا لبرنامج إرشادي وعلاجي باستخدام الإرشاد والعلاج بالواقع، ومجموعة ضابطة تكونت من (9) طلاب لم تتلقى أي برنامج إرشادي، واستخدم الباحثان مقياس الاكتئاب النفسي، وبرنامج إرشادي علاجي، وتوصلت نتائج الدراسة إلى فاعلية الإرشاد والعلاج بالواقع من خلال برنامج إرشادي في خفض الاكتئاب النفسي لدى الطلبة المراهقين في المجموعة التجريبية.”(3) وقد تم طرح السؤال الآتي: ما دور برنامج إرشادي نفسي علاجي مبني على أسلوب الإرشاد والعلاج بالواقع في خفض الاكتئاب النفسي لدى عينة من الطلبة المراهقين؟ “نتائج الدراسة: الجدول (1) نتائج اختبار مان وتني للفروق بين الاختبار القبلي والاختبار البعدي للمجموعة التجريبية،N=10
الاختبار | N | متوسط الرتب | مجموع الرتب | U | مستوى الدلالة |
القبلي | 10 | 16,00 | 14,00 | 0,001 | 0,000 |
البعدي | 10 | 5,50 | 53,00 |
–
يبين الجدول (1) أن قيمة مستوى الدلالة كانت ذات دلالة إحصائية عند مستوى (α=0.05)، أي توجد فروق ذات دلالة إحصائية في درجات الاكتئاب النفسي بين متوسطات درجات طلاب المجموعة التجريبية قبل تطبيق البرنامج الإرشادي، ومتوسطات درجات طلاب نفس المجموعة بعد تطبيق البرنامج الإرشادي، ولصالح التطبيق البعدي؛ مما يدل على الـتأثير الإيجابي للبرنامج الإرشادي في خفض مشاعر الاكتئاب النفسي، الجدول (2) نتائج اختبار ويلكوكسن ومان وتني للفروق بين درجات المجموعة التجريبية والضابطة في الاختبار البعدي، N=9+N=10
المجموعة | N | متوسط الرتب | مجموع الرتب | U | W | مستوى الدلالة |
الضابطة | 9 | 14,33 | 19,00 | 6,000 | 61 | 0,001 |
التجريبية | 10 | 6,10 | 61,00 |
–
يتبين من خلال الجدول رقم (2) أن قيمة مستوى الدلالة كانت ذات دلالة إحصائية عند مستوى (α=0.05)، أي توجد فروق ذات دلالة إحصائية في درجات الاكتئاب النفسي بين متوسط درجات طلاب المجموعة التجريبية ومتوسط درجات طلاب المجموعة الضابطة، بعد تطبيق البرنامج الإرشادي، ولصالح المجموعة التجريبية، حيث كان مستوى الاكتئاب النفسي منخفض عند طلاب المجموعة التجريبية؛ مما يدل على الـتأثير الإيجابي للبرنامج الإرشادي في خفض مشاعر الاكتئاب النفسي لدى الطلبة.” (3) نستنتج من الدراسات ونتائجها السابقة ما يلي: 1. مدى أهمية الدورات النفسية الإرشادية للمعلم لتطوير نفسه وليكون مؤهل للتعامل مع الظروف وأي مستجدات متوقعة وغير متوقعة. 2- تحتاج المدارس الى عدد من المرشدين والموجهين المؤهلين يقومون بتطبيق برامج ارشادية وعلاجية مطورة وعصرية وذات فاعلية. 3. تأثير وجود المرشد النفسي على العملية التعليمية ونتاجها. 4. أن أهمية صحة الفرد النفسية هي أمر مهم، فتمتع الفرد بها من شأنه زيادة قدرته على التقدم، والإنتاج، والعطاء، كما أن الاهتمام بشخصية الطلبة المراهقين يعني الاهتمام بمستقبل المجتمع والأمة والإنسانية عموماً، إذا لا بد من وجود المرشد النفسي لما له من تأثير على مشاعر الطلبة وأفكارهم وتغيرها بشكل إيجابي وبالتالي ضمان نتائج مرغوبه ومحببه للفرد والاسرة والمجتمع . 5. أهمية تفعيل دور الإرشاد النفسي والتربوي والبرامج الإرشادية والنفسية داخل المدرسة، بهدف الاهتمام بشخصية المراهقين ومعالجة مشاكلهم، بما يضمن بناء جيل متوافق نفسياً واجتماعياً، وقادراً على حل ومواجهة المشكلات التي تعترضه، والشعور بالرضا عن الحياة وتوفر المعنى لحياتهم، ويتوجب على المسؤولين رعايتهم من خلال تطوير طاقاتهم المبدعة. مراجع: (1) مجلة العلوم الانسانية ,عمادة البحث العلمي 2014 (3) , لـ صباح الحاج محمد حامد و إبارهیم عبدالله زید بن طالب 1 .جامعة السودان للعلوم والتكنلوجیا , كلیة التربیة , قسم العلوم التربویة 2. المملكة العربیة السعودیة , وزارة المعارف، مكتب تعلیم الریاض (2) مجلة كلية التربية للبنات للعلوم الانسانية ملخص بحث لـ علي محمود الجبوري، نازك شطب عمران السلطاني. (3) دراسة وبحث لـ نايف الحمد و حازم المومني: تاريخ تسلم البحث: 6/1/2014م تاريخ قبوله للنشر: 26/2/2014م