الإنسان كلمة، العلم كلمة.. زدني في كلمة
قال ساخرًا: «آه يعني هيك إنتو حكي بحكي»
نظرت إليه باستغراب، وأكملت حديثي شارحة له ما سأل عنه.
«آه، آه فهمت عليكِ » «إنه حكي بحكي هيك وتشبيك علاقات ومن هالقصص». كان يضحك بملء فيه، وهو يحادث هذه وتلك، في وقت استراحة في مؤتمر وايز في تشرين الثاني ٢٠١٤م في الدوحة، ويتلفت، «بنقدر، بنقدر نعمل شغل مع بعضنا، احنا مهتمين بالتعليم كمان، لا تفكري» كان مندوبًا ما لدولة عربية ما في الأمم المتحدة عن برامج تعليمية ما، «منشوف كيف -ملتفتًا هنا وهناك- خلص خلص بنحكي بنحكي» وكان علينا أن نذهب نحن فريق زدني للتعليم المشارك في المؤتمر إلى إحدى ورشات العمل.
أنهت السيدة الإفريقية ورشتها، و انتبهت معها إلينا سيدة إمريكية بعد أن تحدث أحد أعضاء فريقنا وهو طالب جامعي عن المعنى والمبنى لشبكة زدني مُعرِّفًا بنفسه كعضو فاعل فيها، وما تُقدِّمه الشبكة و ما تسعى إليه، مندهشة مما نقول و مشيرة بيديها إلينا «هذا بالضبط ما كنت ابحث عنه، هذا هو العمل الحقيقي، هذا ما كنتُ أقوله للأستاذ فلان أننا يجب آن نفعَله و نُفعِّله في المجتمع العربي، يجب أن نطرق البيوت من أبوابها» والأستاذ فلان هو المسؤول العربي الأول عن وايز،أو مؤتمر قمة الإبتكار للتعليم. والسيدة الأمريكية بمكانة من المسؤولية مثله. تكمل باهتمام «يا آلهي هذه هي الساعات الأخيرة للمؤتمر والجلسة الختامية قاربت على البدء، أرجوكم لنلتقِ على البوابة عند خروجنا منها، علنا نستطيع تدبير لقاء مع المسؤول وتحدثوه عن عملكم. يجب أن ندعمكم، أنتم من نريد، أنتم من نبحث عنكم بالفعل».
في الحقيقة لم أكن مهتمة أن ألتقي بأحد في تلك اللحظة؛ على ضرورة ذلك وأهميته، ربما لأنني أعرف جيدًا ما أريد، وربما لأن زدني تبحث عن أهدافها في الوعي الجمعي للمجتمع العربي، في ميادينه، وفي أروقته، خلف مقاعد الدرس وفي عقول طلاب علمه، في ساحات الجامعات، وبين دفتي كتاب المعلم وتحضيراته وبين يدي أولياء الأمور… في المفاصل!! في مفاصل المجتمع العربي، وليس في المؤتمرات على ضرورتها، بهدفٍ واضح بين، لكي تتغير فجيعة هذه المفارقة العجيبة، مفارقة أن يتحاور معك مسؤول عربي باستخفاف لما تقول !! أن تتلقف مسؤولة أمريكية وعيك لفكرتك بلهفة وعيها، وكأن قوله صلى الله عليه وسلم «لا تُحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق»
كأنه شيءٌ تعلمته هي في مناهج أمريكيا وتأصل فقهه في وعيها، وبنت عليها شخصية علميّة ذات دلالة وابتُني على اثرها ومن خلالها وعي كامل لأمة بنت حضارتها!! وغاب عنا كل هذا في غياهيب جب الإستخفاف بالذات وبعمق كلمة نورانية اعتمناها عامدين متقصدين.
كلمة نورانية نَزَلَت دون (فيديو) أو (يوتيوب) ولا (لاب توب)، ولم يكن games معها للتسلية أو لتحفيز الإثارة ، ولم تستند إلى الanimation لتنشيط الاهتمام ولا إلى عدسات احترافية ومؤثرات صوتية، كل المؤثرات كانت في دواخلها فبنت حضارة فاقت الدنيا فغلبتها وتركتها لما تركتها مشدوهة تسعى إليها، أو حاقدة تجتهد لإفنائها.
كان يومها القرآن كلمة، وما زال كلمة لا أكثر ولا أقل… كلمة تبني، من بعدها أبحر من كلمات…
كانت عميقة بقدر ما فينا من فلسفة، حيوية بقدر ما فينا من نشاط، متسامحة بقدر ما فينا من ضعف، رادعة بقدر ما فينا لؤم، قاسية بقدر ما فينا من شر، وبناءة بقدر ما فينا من استعداد للعلم فبنتنا، واخرجتنا من القمقم رغم أننا كنا نعيش في الصحراء، للعالم الكبير بأسره رغم أنه كان يعيش في القمقم، قطعنا كل الجداول العذبة،
وصنعنا من الرمل الزجاج، ومن الزجاج العدسة لنرى الأفق بمنظار أوسع ونريه للعالم، فنظمنا عقارب العلم في شاشة صغيرة وأسسنا له حتى استطاع العالم بأسره اليوم أن يعتمد علينا وعليها ليقول كلمته !! لندور في فلك الكلمة مرة أخرى…
لمن لا يعون ما يصنعه جهد الكلمة !!
الكلمة التي تصنع الإنسان…! الإنسان الذي يُحقق العلم بالكلمة، العلم الذي يعود الإنسان يستخدمه ليقول كلمته…
في هذه المعادلة وضمن هذا السياق نحن نعمل في «زدني للتعليم»
اخترنا أن نكون كلمة … كلمة عربية أصيلة نُمحص الواقع ونرى المستقبل !
في حلة جديدة…