خواطر طالب

الدراسة الجامعية وحدها ليست كافية!

ربما ينبغي علينا أن نتوقف لوهلة عن اتباع أوامر الأجيال السابقة والاستماع لمحاضراتهم التي تقدس الجامعة وتخبرنا بأهميتها اللانهائية، فإن أمعنا النظر بعدد خريجي الجامعات اليوم وعدد الوظائف المتاحة لهم، سوف نلاحظ تلك الفجوة التي لن تتوقف عن الاتساع إلى أن يدرك أولئك الجامعيون أن قيمتهم الوظيفية تقل بمرور الوقت، وأنهم إن أرادوا حقًّا النجاة بالمنافسة الشرسة بينهم، فعليهم أن يتعلموا المزيد من المهارات ويحصلوا على خبرات أكثر بجانب الدراسة.

لنعرف بالنقاط الآتية بشكل مفصل أكثر لم الدراسة الجامعية لا تكفي وحدها.

كلما زاد العدد قلت القيمة:

من هنا يبدأ العراك، حيث تجد إصرار الأجيال السابقة على تطبيق خططهم على أجيالنا الحالية، ظنًّا منهم أنها سوف تصيب النجاح كما أصابوه هم حينما درسوا بالجامعة. لكنهم أغفلوا تمامًا وجود ذلك الفارق المهول بين عدد خريجي الجامعات في الماضي، وعدد خريجي الجامعات الآن.

ففي الماضي نجد أن عدد الوظائف التي تحتاج إلى دراسات جامعية تكفي الخريجين، لكن الآن لم يعد الوضع كالسابق، حيث تفوق عدد الخريجين على عدد الوظائف المتاحة، وتفوقت الآلات على الخريجين ما تسبب بتقليص الحاجة إلى العدد المهول من خريجي اليوم، وهو ما صنع الفجوة.

فيا أولياء الأمور، ربما حان الوقت كي تتوقفوا عن إلقاء أبنائكم بتلك الفجوة التي تبتلع آمالهم وسنوات عمرهم… ربما حان الوقت كي تساعدوهم على تجنبها من خلال التفكير بطرق جديدة للخوض بالحياة كأن يتعلموا تأسيس مشاريعهم الخاصة بجانب الجامعة، وليس ترك أفكارهم عن مشاريعهم الخاصة بسبب الجامعة!

الجامعة لن تضمن لك الأمان الوظيفي:

من منا لا يعرف ذلك الشخص الذي تم إقصائه من وظيفته بعد 15 سنة من الوفاء إليها؟ حسنًا، إن لم تكن تعرف أي أحد حدث معه ذلك، فعليك أن ترتاب قليلاً من أن تكون أنت ذلك الشخص مستقبلاً، لأن سوق العمل ببساطة يحب الأموال أكثر من الوفاء. وبمجرد أن يجد رب عملك أحدًا آخر أفضل منك، وسوف يعود عليه بربح أكثر، لن يتردد حينها في إقصائك عن الوظيفة بغض النظر عما قدمته لها طوال سنواتك الماضية.

لنأخذ الأزمة الاقتصادية عام 2008 على سبيل المثال. حينما لم يتردد أصحاب الشركات في إقصاء الموظفين دون أي رحمة تجنبًا للمزيد من الخسائر، وترتب على ذلك فقدان أكتر من 30 مليون شخص وظائفهم بالولايات المتحدة فقط … هل ساعدهم التعليم الجامعي حينها؟

الجامعة لن تجعل منك مبدعًا:

لنتفق أن الجامعة لا تحب الإبداع، فمن منا لم يتم إخباره يومًا بأن عليه أن يجيب في الامتحان بما هو مكتوب بالكتب فقط؟

حسنًا لم لا تقوموا باستبدال بعقولنا أجهزة تسجيل؟ حينها سيكون الأمر أسهل على كلينا… بالتأكيد الحفظ ضروري، لكنه لا يمكن أن يكون الوسيلة الوحيدة للتعلم؛ حيث إن الوظائف الحالية أصبحت تعتمد على الإبداع والعمل بذكاء بشكل أكبر، كما أن هناك الأطنان من الكتب خارج الجامعة بحاجة إلى أن يتم تعلمها وهو ما لا تخبرنا به الجامعة قط!

أساتذتك غير مهتمين إن تعلمت أم لا:

إن كنت تعتقد أن أساتذتك مهتمين حقًا إن تعلمت أم لا فعليك أن تعيد حساباتك، حيث إنهم أصبحوا مجرد موظفين يقومون بإلقاء المعلومات المقررة بهدف مجاراة الجدول الدراسي والحصول على الراتب آخر الشهر، غير واضعين في الاعتبار ما إذا كان أولئك الطلاب سوف يقدرون على ملاحقتهم أم لا.

حينها لن تجد غير مئات الصفحات التي يتطلب منك حفظها بأسرع ما يمكن، والعشرات من الواجبات المطلوب منك إنهاؤها كل أسبوع كي تحصل على أكبر قدر من الدرجات أنت أيضًا آخر العام، من ثم تقوم بنسيان المناهج كأن شيئًا لم يكن … الآن لتخبرني أي تعليم ذلك؟

لن تحصل على خبرة عملية بالجامعة:

الخبرة الوحيدة التي ستحصل عليها عندما تذهب إلى الجامعة، -حرفيًا- هي خبرة ذهابك إلى الجامعة لا أكثر!

لا تتوقع غير ذلك إن كنت على شفا الالتحاق بها، حيث إنك لن تتعلم سوى الاعتماد على نفسك إن كنت طالبًا مغتربًا يقيم بمدينة جامعية، أو طرق أفضل لتوفير أموالك من خلال استخدام المواصلات العامة كل يوم. أما بالحديث عن الخبرة العملية التي ستحتاجها بعد أن تتخرج من الجامعة كي تعمل، فلن ترى أيًّا منها طوال سنواتك الدراسية ببساطة؛ لأن الجامعة لا تعرف كيف تعلم الطلبة ذلك الأمر!

لذا إن كنت ما تزال طالبًا بالجامعة أو أوشكت على الالتحاق بها في خلال السنوات القادمة فحاول قدر الإمكان أن تتعلم بجانبها كيف تتعلم وكيف تفكر، لتتعلم بعض المهارات الجانبية أيضًا أو لتصنع عملك الخاص إن شئت… فقط لا تترك أفضل سنوات عمرك تضيع بذلك النظام التعليمي العقيم!

عمر طارق

“أهتم بقضايا العلم والتقنية والتعليم في المقام الأول، كما أعشق البحث والكتابة”
زر الذهاب إلى الأعلى