العنف المدرسي.. والطلبة مع بعضهم: أي علاقة؟
تُعد المدرسة مجتمعاً صغيراً يضم فئات تختلف فيما بينها من ناحية السن والمركز الاجتماعي والطبقة الاجتماعية وخلال عملية التفاعل التي تحدث بين الطلبة تحدث عملية التأثير بجانبيها السلبي والإيجابي.
ترى الباحثة العراقية “زينب عبد الله محمّد”، في دراسة ميدانية تبحث في دور البيئة المدرسية في سلوك “العنف”، أجرتها في مدينة بعقوبة، بمحافظة ديالى، العراقية، وتقدمت بها الى جامعة بغداد، عام 2005م، بأنه وبعد سن الثانية عشر تتضح مظاهر التمايز الاجتماعي في حياة الطفل وتجدر الإشارة إلى كلمة (جماعتنا أو مجموعتنا). “فالجماعة وحدة اجتماعية تتكون من مجموعة من الأفراد ويكون بينهم تفاعل اجتماعي متبادل وعلاقة صريحة ويتحدد فيها أدوار الأفراد ومكانتهم الاجتماعية ولها مجموعة من المعايير والقيم الخاصة بها والتي تحدد سلوك أفرادها. وهذه الجماعات سواء كانت داخل المدرسة أم خارجها تؤثر في سلوك الفرد سلبا أو إيجابا معتمدا على أهداف تلك المجموعة الاجتماعية أو غير الاجتماعية فضغوطات مجموعات الرفاق ولا سيما بين المراهقين تجبر الطلبة على تشكيل نماذج سلوكية تتلاءم مع أحكامهم الداخلية ويحب الطلبة المجموعات في خارج الصف أكثر من المجموعة داخل الصف إذ تختلف الأهداف والأنشطة اختلافا كبيرا.
وعليه فإن العلاقة التي تجمع بين الطلبة هي أكبر من علاقة زمالة في الفصل الدراسي، فعليها يترتب دور مهم، به يصلح الفرد وبه أيضا تسوء حالته وتتدهور قيمه السلوكية، وتشرح الباحثة العراقية هذه الجزئية بقولها “إذا سادت هذه الجماعات القيم السلوكية الخارجة على القانون وانعزلت عن الجماعات التي تحبذ السلوك السوي تغلبت لدى الأفراد الاتجاهات المحبذة للخروج على القانون واتجه الفرد إلى السلوك الإجرامي وان احتمال تكراره واستمراره كبير جدا”. وتلفت الى: “قد يلتقي الطالب بأصدقاء السوء في المدرسة ولا سيما إذا كان يعاني من بيئة أسرية ومدرسية شديدة الإفراط في القسوة أو تتميز باللين أو اللامبالاة المفرطة ولا سيما إذا كانت الأسرة تعاني ظروفاً اجتماعية واقتصادية متعددة مما يجعله ينتسب لإحدى العصابات (عصابة مخدرات او سرقة…الخ)”.
هذا، وتشير الدراسات الى ما هو أخطر من ذلك، وبحسب ما ورد في البحث من نتائج اقتبست من دراسات أخرى، فإن “هناك ثلاثة علاقات محتملة بين المخدرات وجريمة العنف المدرسي، فالمخدرات تؤدي إلى أن يكون السلوك عنيفا والأطفال يصبحون جزءاً من العصابات للحصول على المخدرات”.
ويرى الباحث في مجال علم النفس الاجتماعي “ألبرت باندورا” بأن “الأحداث ممكن أن يتعلموا السلوك العنيف من خلال التقليد والمحاكاة لنماذج تقدم هذا العنف ويمكن أن يكون هذا الانموذج أحد الرفاق، وقد أصبحت جماعة الرفاق إحدى وسائل الإعداد الاجتماعي إذ يعدها البعض أكثر تأثيرا وفاعلية من الأسرة والمدرسة، واصبحت تمارس درجة من الضبط أكثر مما تمارسه الأسرة وقد يقف من أسرته موقف التحدي ويعارضها في سبيل المحافظة على كرامة رفاقه واحترامهم”.
هذا، ويرى البعض إن العنف على مستوى الجماعة يتكون نتيجة للبحث عن السلطة وحب المغامرة أو بهدف تحقيق مكانة اجتماعية مهيبة عند الأقران ولكي يحسب له الآخرون حسابا أو تحدي السلطة القائمة أو التعبير عن حب المغامرة وهي بدورها وسيلة لتحقيق الهوية الاجتماعية.
وتشير الباحثة العراقية الى أن “جماعات الأصدقاء أصبحت حاضنة للسلوك الشائن وأصبحت وسيلة للبذار السلوكي السيء وهذا يعود بشكل غير مباشر إلى قصور مؤسسات الأسرة والمدرسة في التعامل مع الطفل بأسلوب واع وناضج”.
وتوضح الباحثة، بأن هناك اجماع يتفق عليه المختصون في علم الاجتماع وعلم النفس على أن من “أهم أسباب الانحراف هي جماعة الأقران وذلك لكونها ملجأ يجد فيه المراهق تعويضاً عما يفتقده من عدم إشباع لحاجاته من مؤسسات المجتمع الأخرى”.
وتلخص الباحثة عدة عوامل تتوقف جاذبية الجماعة منها:
1- مدى إشباعها لحاجات الأفراد
2- مكانة الفرد في المجموعة
3- التعاون مع الأفراد
4- الخبرات السارة
5- ازدياد التفاعل بين أفراد الجماعة
6- الجو الديمقراطي
7- سهولة الاتصال
8- الرضا عن المعايير
9- الوفاق
10- الخصائص المحببة
وعن صفات الجماعات التي ذكرت آنفاً فترى الباحثة أنه “من أهم السمات التي تتصف بها هذه الجماعات هي كونها عاطفية وانفعالية وتنساق وراء الأحداث من خلال وسائل الاتصال المختلفة وإنها تقليدية أكثر منها عقلانية وتؤكد على الشكل أكثر من المضمون”.