دليلك إلى الشرح باحترافية: مدخل إلى عالم الشرح -الجزء الأول-
يقول نلسون مانديلا:
“التعليم هو أقوى سلاح من الممكن استخدامه في تغيير العالم“.
فلا يوجد أحد يختلف أبدًا على هذه الحقيقة، ما بالك لو أنّك الشخص المنوّط به إدارة هذه العملية؟ بالطبع أنت في حاجة إلى معرفة العديد من التفاصيل الخاصة بها، لذلك فإن هذا الدليل يهدف إلى مساعدة كل راغبٍ في إجادة الشرح باحترافية أن يجد الوسائل التي تساعده في إدراك هذا، والبداية ستكون من مقالنا اليوم عن مدخل بسيط إلى عالم الشرح.
نموذج الـKSA
في علم الموارد البشرية يستخدم نموذج الـKSA في تقييم الأفراد أثناء أي مقابلة لتحديد أيهم الأنسب لاختياره، في حقيقة الأمر يمثل هذا النموذج بالنسبة لي مثلث النجاح لأي شخص في الحياة، والذي نحتاج إلى العمل على تطويره دائمًا في أنفسنا.
فمن خلال اكتساب كل ضلع منه تزداد فرصة الشخص في التميز على البقية، على مستوى العمل في مجال الشرح باختلاف التخصصات أو المسميات، فإن هذا النموذج يعكس ما ينبغي أن تكون عليه شخصية الشارح.
الـK تشير إلى “Knowledge” أي المعرفة: والمقصود منها امتلاك المعلومات عن عملية الشرح، وما ينبغي أن يحدث لتخرج بأفضل كفاءة، تُكتسب المعلومات من خلال القراءة والبحث، ويهدف هذا الدليل إلى المساعدة في اكتساب هذه المعلومات.
الـS تشير إلى “Skills” أي المهارات: وهي تعني المهارات الواجب توافرها لدى الشارح، بالطبع لا يكفي معرفته بها حتى نقول أنّه يمتلك المهارة، بل هذا يحتاج إلى الممارسة والتطبيق في أرض الواقع، وسيكون المقال التالي في الدليل خاص بالحديث عن هذه المهارات.
الـA تشير إلى “Attitudes” أي السلوكيات: بالطبع يمكن للمعرفة والمهارات أن تمنح الشخص القدرة على الشرح، لكن في هذا المجال تحديدًا فإنّ جزء السلوكيات مهم جدًا في التعامل مع الأفراد، في رأيي الشخصي فإنّ سلوكيات الشارح هي ما تساعده أكثر على التأثير في الآخرين، وبالتالي لن يكتمل تميزه إلّا بامتلاكه السلوكيات اللازمة للعمل في هذا المجال.
يمكن العمل بالطبع من أجل تطوير هذا المثلث باستمرار مع الوقت من خلال التجارب المختلفة، لكن تبقى أهمية كل ضلع في أنّ المثلث لن يكتمل دون وجوده، فلا يمكننا تغليب أحد العناصر على البقية، وبالتالي فإن التطوير يجب أن يحدث بالتوازي بين الأضلاع الثلاثة.
أنواع الشرح المختلفة
تعتمد طريقة الشرح في الأساس على المنصة التي يتم فيها ممارسة عملية الشرح، فعلى سبيل المثال يمكننا أن نذكر 4 منصات مختلفة: المدرسة، الجامعة، تدريب، دورة تعليمية.
في هذه المنصات يمكننا أن نجد أن الدور الذي يؤديه الشارح باختلاف مسمى وظيفته يعتمد على الغرض من العملية التعليمية، وكذلك على الدور المتوقع من الحضور، وعلى مقدار المشاركة المطلوب منهم في صناعة المعلومة.
لا يمكن القول بأنّ هناك نمطًا ثابتًا للتعلّم في كل منصة، ولكن يعتمد الأمر على طبيعتها وعلى النظام التعليمي السائد.
أيضًا هناك نقطة هامة وهي التدرّج في العملية التعليمية ذاتها، فمن الممكن أن تكون البداية بمستوى معين، ثم يتطور الأمر مع الوقت بحيث يتضمن مشاركة أكبر من الحضور حتى الوصول إلى القمة.
وبالتالي فمن الضروري بالنسبة للشارح أن يحاول فهم طبيعة المنصة حتى يتمكن نت تقديم الشرح باحترافية تحقق أقصى فائدة للحضور.
نظرية مخروط الخبرة
توجد العديد من النظريات الهامة في التعليم، من بين هذه النظريات أؤمن تمامًا بأنّ نظرية “مخروط الخبرة” للعالم “إدجار ديل” لا بد وأن يعرفها كل من يعمل في مجال الشرح.
تحاول النظرية أن تقدم لنا تصورًا حول كم الأشياء التي يتذكرها الفرد بعد مرور فترة من الوقت على تعلّمه لها، وأن طريقة الشرح هي ما يتحكم في هذه النسبة، فنجد توزيع النسب كالتالي:
10 % من القراءة فقط، 20 % من الاستماع فقط، 30 % من الرؤية فقط، 50 % من الرؤية والاستماع معًا، 70 % من الكتابة والقول، 90 % من الممارسة الفعلية.
لهذا السبب توجد لدينا مجموعة من التقنيات التي نستخدمها في الشرح، والتي سيكون لها مقال أو أكثر في السلسلة للحديث عن كيفية استخدامها بشكلٍ صحيح في التعلّم بالشكل الذي يحقق النسب المذكورة.
يمكن الاستفادة من هذه النظرية في أثناء التحضير لعملية الشرح، فالأجزاء التي يرى الشارح أنّها مهمة أكثر من غيرها سوف يختار لها تقنيات تمكن الحضور من تحقيق نسبة الـ90 % من التذكر، وهكذا يتم توزيع التقنيات على أجزاء التعلّم طبقًا للهدف التعليمي الذي ترغب في تحقيقه.
الآن أنت عبرت من المدخل الخاص بعالم الشرح، يمكننا الآن أن نبدأ في الحديث عن أهم المهارات التي يبغي توافرها في العامل بمجال الشرح، وهذا ما سوف نفعله في المقال القادم من الدليل.