سوق العمل.. هل يحتاج للشهادات أم المهارات؟!
في الوقت الذى ندفع فيه أزهر سنوات عمرنا أطفالًا لا نعرف من الحياة سوى بسماتها ومن المسؤوليات سوى المذاكرة والذهاب إلى المدرسة، ومن الإخفاق سوى الرسوب في بعض المواد إن لم تسعفنا ذاكرتنا خلال الامتحان.
تمر السنوات تباعًا وتتطور معها مراحل التعليم؛ الأساسي ثم الإعدادي والثانوي فالجامعة نُحَصِّل من العلم قدر ما تحمله ذاكرتنا، ونثبت قدرتنا على اجتياز الصعاب، ثم الأكثر صعوبة إلى أن نتسلم شهادة جامعية نظن أنها الحل السريع للراحة الأبدية بعد عناء عقدين من الزمان، لا يمكنني إنكار أهميتها ولازميتها للتطور العقلي والنضج الفكري والمكانة الاجتماعية وحتى سوق العمل، لكن ما يجب فهمه الآن أن السوق أصبح متعطشًا لمن يملك المهارات أكثر من تعطشه لمن يملك الشهادات.
ولو عاد الزمان بمن تخرج من الجامعة وواجه سوق العمل لعرف كيف يهتم ببعض المهارات التي يتعطش إليها سوق العمل، ولأجادها وحقق من خلالها ربحًا وفيرًا يكفيه ويحقق له بعض الرفاهية، لكن ما مضى لا يعود وإن كان يمكن تداركه بمزيد من الجهد والتعب لتحصيل المهارات المطلوبة.
وقبل أن نقع في الفخ علينا مراعاة بعض النقاط التي تجنبنا بذل مجهود فيما لا طائل منه:
1- كن على دراية تامة بما يحتاجه سوق العمل في مجال تخصصك:
فبكبسة زر واحدة يمكنك معرفة ما تحتاجه كبريات الشركات من مهارات سواء كانت شخصية أو تقنية وكل ما عليك فعله هو بذل المجهود لتحصيل تلك المهارات قبل تحرجك؛ ليكون التحاقك بكبريات الشركات أمرًا سهلًا يسيرًا.
2- استفد من تجارب من سبقوك:
ولا تنتظر حتى يمضي بك قطار الجامعة إلى محطته الأخيرة، وهي سوق العمل فتكتشفه للمرة الأولى، وليس في يديك سوى الشهادة الجامعية التي غالبًا لا تمنحك ما يكفى من الأدوات للعمل، خاصة في ظل التطور التقني المتسارع، الذى لا تستطع أغلب الجامعات مواكبته.
لذلك احرص على التواصل مع حاملي تخصصك الجامعي نفسه الذين ذلّلوا مصاعب العمل وتمكنوا من بناء مسيرة مهنية. وما أفضل أن تتمكن من العمل بدون أجر إن لزم الـأمر وأنت لا تزال تدرس بالجامعة لتكسب مهارات العمل.
3- العمل الحر المستقل طريقًا:
لم يعد سوق العمل يقتصر على الوظائف النمطية، بل تخطى الأمر ذلك، وأصبحت الكثير من الشركات توظف مالكي مهارات مستقلين يعملون من المنزل عبر الإنترنت؛ فبعض المهارات مثل: البرمجيات وتصميم الجرافيكس والمحتوى المكتوب والمسموع والمرئي أصبحت تدر دخلًا لا بأس به؛ فيمكنك أن تجرب ذلك أثناء الدراسة.
4- التعلم المستمر سيبقيك في سوق العمل
لا تظن أن الشهادة الجامعية قد تغنيك عن التعلم، فالذي يتوقف عن التعلم في هذا العصر يصدأ، ويصبح عملة غير رائجة، ويسبقه في السلم الوظيفي من مكان التعليم المستمر ثقافته الحياتية، حتى وإن كان أصغر سنًا، لذلك كن حريصًا لتجني مهارات جديدة كل فترة زمنية تحددها لنفسك على أن لا تتجاوز العام.
5- أنت لست شجرة!
لا تكن ضيق الأفق لتلزم نفسك مهنة بعينها أو مكانًا بعينه أو دولة بعينها؛ فالعالم أصبح قرية صغيرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى والمهارات التي تمتلكها هي التي تجذب إليك أصحاب الأعمال، بل تجعلهم يتنافسون للحصول على خدماتك لقاء ما تريد من أجر مادى.
ختامًا أحسنت إذ تمكنت من تحصيل شهادة جامعية، لكن لا تظن أنك ملكت الدنيا، فما بنيت إلا الأساس الذي لن تتفيأ ظله إلا أن تبني مجدك الخاص، ولن تتمكن من ذلك دون اكتساب مهارات يتعطش إليها سوق العمل الذي يبسط يده رخاءً لمن يعرف، ويقتر على من لا يعرف.