رأي الوالدين

صراع الإخوة والأخوات (2): دور الوالدين في مفاقمة الصراع!

وضحنا في المقال السابق أهم أسباب وقوع الفرقة وكثرة الشقاق بين الأشقاء ، ونفرد في هذا الجزء الحديث عن الوالدين باعتبارهما يلعبان دورًا رئيسيًا في صراع الأشقاء – دون شعور منهم في أغلب الأحيان .  والأم التى تشكو من أن أطفالها يكره بعضهم بعضا قد تكون هي السبب في غرس بذور الكراهية في نفوس صغارها! والأب الذى يجلس للقضاء والفصل في خصومات أطفاله قد يكون السبب في إشعال نار الصراع بينهم!

نستقرئ فيما يلي من سطور كيف يسهم الوالدان أو احدهما في ذلك الصراع ، في المواقف والتصرفات التالية :

التمييز في المعاملة:

بعض الآباء والأمهات يحب أحد أطفاله أكثر مما يحب الآخر، ويكون هذا الحب دافعًا إلى تمييز الطفل المحبوب على الآخر في كل شيء!  وغني عن الذكر أن الطفل المهمل سرعان ما يتبين له ذلك ، فيكره الطفل المدلل ولا يكف عن مناجزته .  وقد تزيد الأمور سوءًا حين يعاقب الوالدان الصغير المهمل على مناكفته لأخته أو أخيه .  فوقتها تكبر الكراهية لتشمل الوالدين كذلك .

الجرأة والخشونة:

بعض الآباء يربي أبناءه الذكور على الخشونة والجرأة ، بدعوى أن ذلك يكسبهم “السلوك الرجولي” ويجعلهم أقوياء في الحياة! والحقيقة أن هذه فكرة خاطئة تمامًا ، إذ لا توجد علاقة من أي نوع بين خشونة الأطفال وسلوك الرجال ، فضلًا عن أن الرجولة ليس في فحواها خشونة وفظاظة!

المكسب الوحيد من هذا التوجيه الخاطيء في التربية هو تشجيع الطفل على الدخول في معارك لا تنتهي مع أشقائه وشقيقاته ، وقد يكون في ذلك نواة لجنوح الطفل واكتسابه سلوكًا إجراميًا عندما يكبر!

التفريق بين الجنسين:

يصر بعض الآباء على تخصيص ألعاب للذكور من أبنائهم وأخرى للإناث . فإذا أرادت طفلة أن تشارك أخاها ألعابه خارج البيت ، مُنِعَت من ذلك بدعوى أن ألعاب الصبيان خشنة لا تناسبها ، أو أن فستانها الجميل سوف يتسخ إذا تسلقت معهم الأشجار! وكلام مماثل قد يقال للصبي الذى يريد أن يشارك أخته اللعب بالدُّمَى والعرائس!  مثل هذا التفريق بين الجنسين لا يأخذ في الحسبان أن الأطفال يمكن أن يشتركوا في لعبة من أى نوع ،  وأن فوارق الجنس غير مرعية إلا في عالم الكبار .  والتفريق بين الصغار في اللعب يثير سخطهم ويستحث غضبهم ، وقد يكون سببًا في العراك بين الطفل الذي حرم من اللعب وأخيه أو أخته التى انفردت بالمسـرة .

رفع التقارير:

بعض الأطفال لديهم ولع بإيقاع الأذى بالآخرين ، خصوصًا من الأطفال مثلهم .  ومن أمثلة هذا السلوك الشيطاني أن يفسد أحدهم ترتيب أدوات الحمام ، ثم ينتظر إلى حين دخول شقيقه أو شقيقته إلى الحمام ليسرع إلى أمه بالخبر وقد ألصق التهمة بالبريء الذى لم يقترف إثمًا!  وتندفع الأم إلى مسرح الأحداث فتثور أعصابها للأشياء المبعثرة ، فتنهال ضربًا وتوبيخًا على البرىء ، بينما يضحك الشيطان ملء فمه!  وقد يحدث نفس الموقف بأكثر من صورة في أوقات مختلفة .  وفي كل مرة ،  تصدق الأم أو الأب تقارير الشيطان فتقع العقوبة على البريء!  وكثير من الآباء والأمهات يرتكبون هذا الخطأ بإعطاء الفرصة لأحد الأبناء لرفع تقارير عن الأطفال الآخرين .  والأولى معاقبة هذا الطفل لا الاستماع إلى تقاريره الملفقة!

الطفل الذى يقوم بعمل “الشرطي السري” يصبح مكروهًا من أخوانه وأخواته الذين يتحينون الفرصة لضربه وإيذائه ، كما كان سببا في ضربهم وإيذائهم .  وهذا الجو المشحون بالكراهية بين الصغار كفيل بتفجير ألغام صراعات حامية في كل يوم .

حيل الصغار:

يتعلم الطفل الصغير فنونًا مذهلة من الحيلة للثأر لنفسه من أخيه أو أخته التى تكبره .  ويمكن أن يستفز الصغير أخاه الأكبر ويثير غضبه .  فإذا ضربه الكبير سارع الصغير باكيًا إلى أمه ، مستنجًدا بها!  فتروح الأم تلوم الطفل الكبير وتوبخه ، بينما في الحقيقة هو المظلوم والصغير هو الظالم! وتنطلي حيل الصغار على الكبار كثيرًا فيلام المظـلوم لصالح الظالم!  وهذا التسرع في الحكم لصالح الصغير دائمًا لأنه صغير ، يستفز أخاه الكبير للانتقام منه ، وبذا تنشأ حلقة مفرغة لصراعات وشكاوى طوال اليوم .

زر الذهاب إلى الأعلى