في ظلال القَصص الديني
مع تطور التكنولوجيا وظهور الأفلام الكرتونية والدرامية، وفي ظل الأعباء المتزايدة على الأسر العربية والإسلامية، أصبح أمرًا نادرًا أن تجد أُمًا تحادث طفلها وتخبره بأقصوصة، أما الأكثر ندرة هو أن تجدها تقص عليه مقتطفات من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم أو تجول به بين سير الصحابة.
فهل أُريد للقصص الديني أن يطوى؟! فيخرج جيلًا لا يعرف هويته، ويكتفي ببضع كلمات يرددها ولا يعرف شيئًا عنها مثل: ربي الله، وديني الإسلام، ورسولي محمد صلى الله عليه وسلم.
القصص الديني ضربٌ من الحكايات، تتناول موضوعات دينية كالعبادات والعقائد وسير الأنبياء والرسل وقصص القرآن الكريم والبطولات والأخلاق الدينية، وما أعده الله تعالى لعباده من ثواب أو عقاب، وأحوال الأمم الماضية وعلاقتها بقضية الإيمان بالله تعالى، وموقفها من الخير والشر.
ولقد اشتمل القرآن الكريم على أحسن القصص التي تضمن تنمية خيال القارئ، والتي تحمل العِبرات والقدوة وتوجه نفوس الأطفال إلى كمال القيم الأخلاقية والسلوكية، كما توضح جزاء حسن الاتباع والتطبيق لأوامر الله سبحانه وتعالى، وأيضًا تبين عاقبة الضياع والإهمال والتفريط في حقوق الله عز وجل وحقوق الناس.
فلو أردنا معرفة الجوانب التي يتحدث عنها القصص القرآني والصالحة للأطفال نجدها في قصص الخير والشر والصراع بينهما والتي حكاها القرآن موضحًا الطرق الحسنة لانتصار الخير، أيضًا نجدها في القصص التي تتحدث عن وحدانية الله والتعرف إلى الله، وكذلك نجدها في قصص الطمع والجشع وعاقبة ذلك وقدرة الله عز وجل وسلطانه على دحض أصحاب هذه الصفات المذمومة وعقابهم في الدنيا والآخرة، وتوجد في قصص الأنبياء التي ذكرها القرآن الكريم، وقصص الأمثال القرآنية التي ضربها الله عز وجل للناس جميعًا ليتعظوا ويعتبروا منها ومن معانيها.
وحياة النبي صلى الله عليه وسلم بها مئات القصص المُثرية للعقل والقيم والإدراك، ولِمَ لا؟ فحياة النبي عليه الصلاة والسلام كانت حياة جهاد وكفاح، وكانت مثلًا تطبيقيًا للقيم الأخلاقية الفاضلة التي تتناول الصدق والأمانة والتضحية والبر والرحمة والتعاون والنظافة والإنماء والخير والعطف والتواضع وغيرها من الأمثلة الحيّة للأسوة الحسنة والقدوة الموجهة الصالحة للاقتداء بها في كل زمان. بعكس لو وضعنا نموذج للطفل من محيطة ليقتدي به فلا أحد معصوم ومن ثم لو وجد منه فعل غير مستحسن سيصعب أن تقنعه بأن يأخذ منه ما استحسن وترك ما دون ذلك، ولكن اتخاذ خير الخلق له قدوه يخرجنا من هذه الدائرة الضيقة. كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم حكى لنا في سنته الشريفة عشرات الحكايات التي تتحدث عن قيم وفضائل وأخلاق وتضحية في سبيل التوحيد وفي سبيل حماية النفس والأهل والمال؛ فمنها قصص الفتى والساحر والراهب، وقصة أصحاب الكهف، وقصة ماشطة فرعون، وقصة الكنز وقصة أصحاب الأخدود.
ونستطيع أن نوضح للطفل القيم الأخلاقية والإيمائية التي يحرص عليها الرسول الكريم؛ فمن وراء هذه الأحاديث قيمة بانية لأفراد المجتمع المسلم، فالأخلاق لا تنفصل عن الإيمان، والإيمان يستوجب التصديق بكل ما أتى به الرسول الكريم وهو كذلك حينما يستنطق الجماد أو الحيوان إنما يقصد به أن الله على كل شيء قدير وإنما يقوله الرسول الكريم إنما من قبيل المتوقع حدوثة.
وهناك أيضًا سير الصحابة والخلفاء الراشدين والصحابة أجمعين والذي وصل عددهم بحجة الوداع إلى أكثر من مائة ألف صحابي رضوان الله عليهم وهي قصص تحمل من معاني الشجاعة والأمانة والتضحية والبطولات الإسلامية العظيمة التي ساهمت في فتح الدنيا كلها أمام الدين الإسلامي وعملت على انتشاره في مشارق الأرض ومغاربها لنشر كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله.
قصصٌ وحكايات عديده ومشوقة يمتلئ بها تراثنا الإسلامي العظيم والتي يجب أن يتشربها أطفال الأمة الإسلامية.