قبل الاختبار.. جرب هذا الكنز!
نبحثُ منذُ الطفولةِ عن التميُّز والتقدُّم والنَّجاح؛ فتجد طلابَ الصفِّ الأول يتسابقون إلى الوقوف في أول الطابور؛ لاعتقادهم أنهم بذلك يتميزون عن زملائهم، وكأنهم قد حَصَلوا على الدرجة الأولى مع مرتبة الشرف!
لا تَقِلُّ رغبتُنا بالنجاح عندما نرتفعُ في مراحل الدراسة، لكن ربما تَقِلُّ ثِقتُنا في أنفسنا نتيجةَ تجارِبَ فاشلةٍ قد نَمُرُّ بها.. في الحقيقة قد لا يَعلم كثير من الناس أنَّ معظم مَن حوله قد مَرَّ بتجرِبةٍ فاشلة أو تجارِب، وما يميِّزُ الناجحَ في تخطي هذه العقبات عن المتأخر إلا بعض الثقة في النفس والمهارات الدراسية.
لن أتحدث هنا على الذكاء العقلي وأقسم الطلاب لمستويات؛ فحتى ذلك الذكي الذي خلق بعقل خارق إن لم يتقن مهارات الدراسة لن يسعفه ذكاءه للتمييز والنجاح.
كثير من الطلبة يظن أنه يدرس، وقد تراه يبذل وقتًا وصبرًا يفوق كل أقرانه، بَيْدَ أنه في الامتحان لا يجد ما يكتب، ويستجلب المعلومات فلا يتذكر! وكثيرًا ما نسمع الطلاب يُنهون امتحانهم بقول: كان الامتحان صعبًا..، ويلقون بالأعذار لأنفسهم ولغيرهم دون إدراك لحقيقة أنه لا يوجد امتحان سهل وآخر صعب، بل إن كل امتحان يراعي كل مستويات الطلبة معًا، والمشكلة الحقيقية توجد في أنه عندما ظن أنه يَدْرُس كان لا يدرس!
فهناك فرق بين من يقرأ ويحفظ المادة وبين من يدرس ويفهم ويرتب أفكاره ويسلسلها ويمنهجها، ببساطة التنظيم والتخطيط أساس الدراسة الناجحة لأي طالب، لا سيما إن كان هذا الطالب يسعى وراء هدف سامٍ يتعدى العلامة بأبعاد جمة.
إذن حدد هدفك من الدراسة قبل البَدء بها؛ فذلك يعطيك التزاما ودافعية كلما شارف صبرك أن ينفد، أو يتمكن منك الملل.
أمسك كتابك وقسِّمه لساعات دراسية، واجعل بعد كل ساعة دراسية وقتًا صغيرًا للراحة مع مكافأة صغيرة لنفسك إن كنت ملتزمًا بالوقت.
ها نحن نعود لفكرة التنظيم التي بدأنا بها.
اضبط مُنَبِّهَكَ عند كل ساعة دراسية محددة، هنا أنت تتسابق مع الوقت، وتتجنب أيَّ ملهيات، فأنت في تَحَدٍّ إما النصر وإما النصر بإذن الله.
لا تقرأ أو تحفظ فقط.
سلسل الدرس في عقلك بخارطة مفاهيمية وكلمات مفتاحية تساعدك على اختصار تكدس المعلومات في عقلك وتوفر عليك الوقت الكثير في أثناء المراجعة.
استخدم الألوان وأقلام التحديد؛ فإنها رائعة في أثناء الدراسة؛ حيث إن العقل يربط المعلومة باللون الذي حددتها به، حاول تجربة ذلك كلما كانت الفقرات محشوة بالمعلومات، أما في النقاط المتعددة فالكلمات المفتاحية دواؤك، فبمجرد تذكر أهم كلمة في النقطة تتذكرها كاملة، لذلك عليك أن تحدد أهم كلمة وربما تلونها بأقلام التحديد وهذه الكلمة ستكون لك كبوابة “علي بابا والأربعين حرامي” وتجلب لك الكنوز العظيمة.
ولم لا تستخدم الرسم مع الخرائط المفاهيمية التي تلخص كل الدرس، جرب البالونات، وفي كل بالون خصص هدفًا من أهداف الدرس بنقاطه، أو ربما ارسم شجرة أو وردة، أو حتى خربشات إبداعية كعقولكم العظيمة!
بالتأكيد لن تدع تلك الرسمات سوداء صماء عابسة، لمَ لا تجملها باستخدام الألوان الزاهية، سيسعدك ذلك كثيرًا ويحول دراستك إلى دراسة ممتعة.
حاول أن تنتهي من دراستك في وقت مبكر من الليل حتى تستعد لامتحان الغد بأخذ قسط كافٍ من النوم.
إن لم تجد المعلومات التي تعبْتَ في حفظها طوال اليوم عند وصولك قاعة الامتحان صباح اليوم التالي، ووجدت أنها تبخرت؛ فبدأتَ بالارتباك والتشتت، فاعلم أن هذا يحصل معك لأنك أغفلت نقطة أساسية، وهي تثبيت هذه المعلومات بمثبتنا الخاص، وحتمًا أنا لا أتكلم هنا عن مثبت الشعر، فركز معي!
المثبت الذي أتحدث عنه هو عملية مراجعة المعلومات وهي عملية أساسية بل ضرورة حتمية ووقتها أكثر أهمية منها، فعندما ننام ستنتقل المعلومات التي خزناها في عقلنا من الذاكرة قصيرة المدى إلى الذاكرة طويلة المدى، وكأن معلوماتنا عبارة عن عجين وضع ليتخمر؛ فيصبح لذيذًا صالحًا للخبز والأكل.
وهذه العملية تبلغ تمامها بالاستيقاظ فجرًا وبدء المراجعة؛ حيث إنك هنا ستحفظ معلوماتك، وتثبتها في مغارة الأربعين حرامي المليئة بالكنوز التي حدثتك عنها قبل قليل.
بعد إتمامك للمراجعة التي ستكون سهلة جدًا في حال التزامك بالخطوات التخطيطية والتنظيمية التي ذكرناها سابقًا من خرائط مفاهيمية، وألوان ورسومات وكلمات مفتاحية، لا تمسك الكتاب قط!
نعم الآن اذهب للإفطار، وفكر في كل شيء إلا امتحانك، فالتفكير به أصبح من المحرمات الدولية، والتزم بذلك حتى تمسك الورقة في يدك؛ لأن مراجعة المعلومات قبل الامتحان بمدة قصيرة يعمل على إرباك دماغك، ويلغي ترتيب المعلومات فيه؛ فتصبح معلوماتك عشوائية مختلطة تجعلك تشعر في الامتحان أنك لم تحفظ شيئًا، ولم تدرس.
قاوم نفسك مهما جاءك ذلك الهاجس الذي ينبئك أنك قد أغفلت شيئًا أو قصَّرتَ، ابتسم وأخبر نفسك قائلًا لها: لن تنطلي علي هذه الخدعة بعد اليوم.
ابدأ امتحانك باسم الله والدعاء ولن تُرَاعَ أبدًا بإذن الله، كن واثقًا بنفسك ونجاحك ولا تكترث بالعلامة؛ فالمهم أن العلم قد ترك فيك أثرًا، وجعل منك إنسانًا أفضل.