كتاب “أبناؤنا جواهر لكننا حدادون” .. كيف نربي أبناءنا؟
خلال مرحلة تربية الأبناء نلجأ عادة –نحن الآباء والأمهات– لاستخدام الكثير من الأساليب الخاطئة التي يكون سببها غالبا أننا ورثناها جيلًا بعد جيل عمن سبقونا، ظنًّا منا أنها الأساليب الأنفع لتقويم سلوكيات الأطفال، ولهذا نخشى تغييرها وإتباع غيرها.
لا يمكننا بالتأكيد أن ننكر أن بعض هذه الأساليب المتوارثة قد تكون مجدية وصحيحة، ولكن كيف نميز بين الأسلوب التربوي الصحيح وبين الأسلوب المخطئ مما ورثناه؟ وما هي أفضل التوجيهات التربوية الممكن العمل بها داخل الأسرة لفهم رغبات الأطفال؟ في كتاب “أبناؤنا جواهر ولكننا حدادون“ يقدم لنا الدكتور مسلم تسابحجي توجيهات تربوية مهمة جدًّا، جاءت نتيجة لخبرته في تربية أبنائه واطلاعه الواسع في مجال التربية.
يقول الكاتب:
“إن مصطلح تربية الأبناء مصطلح مضلل؛ لأنه يوحي بأنك ستمسك بأدوات معينة وتتجه بها إلى أبنائك لتربيهم. وما صرت أفهمه عن التربية أنها تربية لذواتنا وتوجيه الأدوات التربوية لإصلاح أنفسنا وجعلها قدوة صالحة يتعلم منها الأبناء بلسان الحال وليس بلسان المقال.“
أول خطوة في التربية إزالة الخوف:
يروي الكتاب قصة ذات معنى قيم، لأحد المربين وكيف كان للحادثة التي شاهدها أثر في تغيير مفاهيمه التربوية، ففي إحدى المرات ذهب هذا الشخص لمشاهدة أحد عروض الدلافين ولما رأى مدى طاعة هذه الدلافين لمدربها، قام بسؤال المدرب عن سر نجاحه في ترويض هذه الحيوانات دون عصا أو سوط، ليجيبه المدرب بأن العنف لا ينتج عنه إلا الخوف، والخوف يشل الحركة، لذلك فإن أول خطوة للتدريب الصحيح هي إزالة الخوف.
أولادنا مرآة لنا:
في كثير من الأحيان تنبع تصرفات الأطفال مما رباهم عليه آباؤهم، فالطفل كما يقول المؤلف هو مرآة والديه، فالأبناء الذين اعتادوا الصراخ وراءهم عائلة لا تستطيع التحكم بأعصابها، والطفل العنيف قد ضرب مرارًا من عائلته؛ لذا علينا مراجعة تصرفاتنا قبل معاقبة أولادنا على تصرفاتهم وقبل حتى رمي المسؤولية على الروضة أو المدرسة.
الاستراتيجية المثلى للتربية:
بناء الثقة:
– وتأتي بإزالة أسباب الخوف كما يذكر الكتاب في بدايته، والامتناع عن أنواع العقاب المادي والمعنوي.
– إعطاء الأبناء الفرصة للتعبير عن أنفسهم وعدم السيطرة والتحكم في أمورهم بشكل مبالغ فيه.
– تربية الأبناء شيئًا فشيئًا على الاستقلالية ليشبوا أقوياء قادرين على مواجهة مصاعب الحياة.
– شارك أبناءك في اللعب، ولتكن هذه الألعاب سبيلك لمحاورتهم وغرس القيم الحسنة.
– صادق أطفالك، ولا تدع رغبتك في التحكم تبعدك عنهم.
– لا تجعل محبتك لابنك تظهر عند تنفيذ أوامرك، كأن تطلب منه أن يأكل طعاما معينًا أو يتفوق في مدرسته.
اصطياد الإيجابيات:
– هذا يعني بدلًا من أن يقوم الأهل بالتركيز على التصرفات السيئة لأبنائهم، عليهم بالتركيز على السلوكيات الحسنة وبدلًا من أن يعطوا هذه السلوكيات ما نسبته 5% من تصرفاتهم فلتعمم وتصبح 100%، وليعزز الآباء هذه التصرفات عن طريق المكافأة المادية والمعنوية كالثناء عليهم بقول “أحسنت وممتاز“ وبمدحهم أمام الآخرين.
– احرص على الابتسام في وجه أطفالك، لأنها تشعرهم بالأمان والراحة.
– استخدم نبرة الصوت الهادئة عند حديثك معهم مهما كان الموقف، فهذه النبرة تساعد على حسن التفكير.
– حاول دعم طفلك بدلًا من قمعه، فهذه الإيجابية تزيد من ثقة الطفل بنفسه .
إعادة توجيه السلبيات:
ماذا سنجيب لو سألنا أحدهم عما سنفعله إذ قام أحد أبنائنا بتصرف سيئ، بالطبع ستدور الإجابة غالبًا حول شعورنا بالانزعاج المصاحب للغضب الشديد، ومن ثَمَّ محاولة معاقبة الفاعل، وهنا يكمن الخطأ، فنحن تعاملنا مع شخصية المخطئ لا مع سلوكه، وليس بالضرورة أن يعكس السلوك صفة من صفات الطفل.
فمثلًا لو نسي هذا الطفل كتابه أو لم يتذكر أن يحل واجباته فهذا لا يعني أنه شخص كسول وغير مجتهد، والحل الأفضل هو قياس درجة الخطأ ومدى تعمد الطفل لفعله فإن كان خطأ بسيطا وغير متعمد فعليك بتجاوزه وتجاهله، ومن ثم فهم الدافع الإيجابي الذي ارتكب من خلاله الطفل فعله الخاطئ، ومن خلال هذا الفهم سنتمكن من مساعدته في إيجاد بدائل جيدة.
فمثلًا يقوم الأولاد بتفريغ طاقتهم عبر المشاكسة والشجار في المنزل، ويمكننا أن نوجد حلًا لهذا الموضوع من خلال اصطحابهم في رحلات، ودعوتهم لممارسة الرياضة أو الألعاب الترفيهية.
“إن أكبر معلم للإنسان هو الأخطاء التي يقع فيها وخاصة إذا جاءه من يساعده على الاستفادة من خطئه بدلًا من أن يجعله يعيش في دوامة الشعور بالذنب والخوف من المحاولة مرة أخرى“.
مسلم تسابحجي
عليك أيضًا أن تتذكر أن الأخطاء تعلم الإنسان الكثير من أمور الحياة، وكل خطأ بدرس جديد لهذا الناشئ الصغير وحتى لنا نحن.
يحمل الكتاب بين دفتيه الكثير من التوجيهات التربوية بطريقة مفصلة للآباء لترشدهم للطريق الأنسب في التعامل مع الأبناء، وهو دليل جيد لهم على إمكانية تقويم سلوك أبنائهم بلا عنف.