كيف تطورت الكتابة عبر التاريخ؟
الكتابة من المهارات البشرية الأساسية، فهي لازمة من لوازم المجتمعات البشرية المنظمة، وضرورة حياة لا تتقدم عليها إلا مهارة التواصل بالكلام. ولا حاجة بنا لإقامة دليل على ذلك، إذْ يكفي أن يتســاءل الإنســـان: هل الحياة في مجتمع بشـــري منظّم ممكنة بغير كتابة؟!
فتكون الإجابة هي الدليل على لزوم الكتابة وضرورتها.
وقصة تطور الكتابة عبر التاريخ قصة طريفة، تثير الدهشة والعجب. فوفقًا لما تسجّله المراجع التاريخية المتداولة، فإن معرفة الإنسان بالكتابة ترجع إلى خمسة آلاف عام قبل الميلاد (5000 ق . م)، ففي الأرض الخصبة الواقعة بين نهري “دجلة” و “الفرات” في “العراق”، استقرت جماعة من السكان، يفلحون الأرض ويجنون ثمارها. وبمرور السنين ازدهر ذلك المجتمع، وتكاثر عدد أفراده وانتشروا حول النهرين. وكان هؤلاء هم“السومريون “.
ومع ازدهار المجتمع واتساع رقعته، وُلدت الحاجة لتنظيم الحياة: تحديد الحقوق والواجبات، وتنظيم العلاقات بين الناس. ولكي يتحقق ذلك، كان لا بد من وجود حاكم وحكومة، وكان لا بد من وضع قوانين يتحقق من خلالها النظام والاستقرار في المجتمع. وقد توفر الحاكم في شخص “حمورابي Hammurabi ” ، الذي أنشأ المدن، وجنّد الأجناد، وسنّ القوانين، واتخذ من مدينة “بابل Babylon” عاصمة له، وكان ذلك عام أربعة آلاف قبل الميلاد (4000 ق . م.).
وهكذا، توفرت لمجتمع السومريين مقومات “الدولة”. وفي ظل “حمورابي”، ازدهرت دولة السومريين في أول حضارة بشرية في التاريخ المعروف.
وإذا استثنينا الأطلال والآثار، فإن دراسة ما تبقي من حضارة السومريين في العراق يشير إلي أمرين:
الأول، مجموعة القوانين المنسوبة إلى “حمورابي” (قوانين “حمورابي”) والتي تقوم دليلًا على وجود مجتمع إنساني منظم (دولة) في تلك الرقعة من الأرض، في ذلك الزمن الغابر.
الثاني، أن السومريين هم أول من حاول الكتابة والتدوين.
على أن محاولات الكتابة في الدولة السومرية كانت بدائية للغاية، غير متناسبة مع حضارة عظيمة ما تزال ذكراها حية بين طيات التاريخ. فقد كانت ألواح الطمي بمثابة الأوراق، والعصي مدببة الأطراف بمثابة الأقلام، والرموز المصورة هي الكلمات.
اتخذ السومريون لكل كلمة ينطقون بها رمزًا على هيئة رسم بسيط، كان في الغالب رسمًا لشكل الشيء المسمى. فإذا كان المسمى زورقًا أو قاربًا، كانت الكتابة الدالة عليه رسما لزورق. وإذا كانت الكلمة بيتًا أو منزلًا، كتبت على هيئة رسم لمنزل، وهكذا. وكانت ألواح من الطمي تجهَّز لهذا الغرض، وتحفر عليها الرسوم والطمي لين، ثم تترك الألواح لتجف تحت أشعة الشمس.
.
الكتابة المسمارية
علاوة على بدائية الكتابة على الطمي، فقد كان لذلك النوع من الكتابة عدة عيوب. ففي كل الأحوال، كان يجب أن تتم الكتابة على لوح الطمي قبل أن يجف، الأمر الذي استلزم أن تكون ألواح الطمي صغيرة الحجم، وأن يفرغ الكاتب من “نقش” رسومه بسرعة .
ولكن العيب الأخطر من ذلك كان تعدد النقوش والرموز، بحيث صار من الصعب تمييزها في النهاية. إذ كان من المحتّم، مع الكثرة، أن تتشابه الرموز والرسوم، بحيث اختفت بمرور الزمن الدلالة الأصلية لشكل معين. وفضلًا عن ذلك، فإن الرموز والرسوم لم تكن دقيقة الدلالة.
فمثلًا، إذا أريد تسجيل أملاك شخص ما من الغنم، فإن الرسوم لا يفهم منها كم عدد الكباش وكم عدد النعاج وكم عدد الحملان! إذْ كان كل ما يمكن إثباته كتابةً هو الرسم المتخذ للدلالة على الأغنام كلها.
وقد أدّت هذه العيوب في الكتابة على الطمي، إلى حدوث تطورين في الكتابة في الدولة السومرية.
التطور الأول، كان بإدخال علامات مميزة على كل رسم أو رمز أو شكل، بحيث يكون محدد الدلالة. فمثلًا في الشكل الدال على الغنم، يضاف رمز معين ، مثل قرن كبش، للدلالة على كبش، أو تضاف علامة ضرع للدلالة على نعجة، أو تحذف هذه العلامات فيدل الشكل على حمل.
أما التطور الثاني، فكان إعداد قوالب جاهزة لكل رمز أو شكل من أشكال الكتابة، يستخدم لطبع الشكل ذاته على ألواح الطمي اللينة. وهذه العملية شبيهة بإعداد قوالب الطباعة أو “الكليشيه “. وكانت تحفر الأشكال والرموز بمسمار على قوالب من خشب ومن هنا جاءت التســمية ” الكتابة المســمارية “Cuneiform Writing “.
وغني عن الذكر أن الكتابة المسمارية قفزت بعملية التدوين خطوة هائلة إلى الأمام. فقد استطاعت أن توفر الوقت والجهد، وأن تجعل عملية الكتابة سهلة واضحة وسريعة. ويُعتقَد أن الكتابة المسمارية بدأت في الحضارة السومرية، حوالي عام ثلاثة آلاف وخمسمائة قبل الميلاد (3500 ق . م .).
إلى هنا يتوقف السرد التاريخي لعملية تطور الكتابة في الدولة السومرية!
فبعد موت “حمورابي”، لم تعرف البلاد ملكًا مثله يوحّد كلمتها، فاستقلت كل مدينة تحت لواء حاكم، على الرغم من استمرار وجود ولاء للدولة فيما يشبه “اتحادًا فيدراليا” بلغة هذه الأيام. وبحلول عام ألفين قبل الميلاد (2000 ق . م .) بدأت الدولة السومرية تتعرض لغزو من الآشوريين، وأخذ نجم تلك الحضارة العظيمة في الأفول.
مصر الفرعونية
بينما كانت حضارة السومريين تُحْتَضَرُ على ضفاف دجلة والفرات، كانت حضارة الفراعنة في وادي النيل آخذةً في الازدهار. وبينما تذكر المراجع التاريخية أن أول أسرة حاكمة في مصر القديمة صعدت إلى العرش عام أربعة آلاف قبل الميلاد (4000 ق . م .) إلا أن حضارة الفراعنة لم تزدهر قبل ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد (3000 ق . م .).
وفي أول ميلاد حضارة الفراعنة، كانت لغة التدوين رموزًا وأشكالًا، كما هو الحال عند السومريين. إلا أن كتابة مصر القديمة، والتي تسمى “الهيروغليفية Hieroglyphs “، كانت أبسط رسمًا وأوضح دلالة من كتابة أقرانهم السومريين. وبينما اعتمد السومريون على الكتابة لتدوين القوانين وحفظ سجل للأملاك، فإن المصريين القدماء كانوا يدوِّنون كل صغيرة وكبيرة في حياتهم، ابتداءً من نسـبة فيضان الماء في نهر النيل، ومرورًا بالناتج من المحاصيل، وانتهاءً بطقوس العبادات وأوامر الملك!
والثابت، تاريخيًا، أن المصريين القدماء كانوا أبرع من أقرانهم السومريين في الكتابة المسمارية. ذلك أنهم دونوا كتاباتهم على الحجر. والحفر على الحجر أصعب من النقش على الطمي، بطبيعة الحال، ويستلزم وجود آلات أدق وأكثر تقدمًا من تلك التي تستخدم للتعامل مع الطمي. وقد حَفظت الأحجارُ كتابةَ قدماء المصريين، وبقيت شاهدًا على براعتهم – بمقياس ذلك العصر من تاريخ البشر.
وفي مصر القديمة، عرفت الكتابة تطورًا جديدُا. فعلى ضفاف النيل كان ينمو بكثرة نباتٌ من عائلة ” القصب ” اسمه “البَرْدي Papyrus “. وعند قطع طبقات رقيقة طوليًا من ساق النبات، وتثبيتها إلى جوار بعضها، ثم تجفيفها تحت أشعة الشمس، فإن “الورق ” المتكون على هذا النحو يكون صالحًا للتدوين.
وعلى ذلك، فإن المصريين القدماء كانوا هم أول من ابتكر الورق. وجدير بالذكر أن كلمة “ورق” في جميع اللغات الأوروبية (التي تتفق في اشتقاقها من اللاتينية) مشتقة من اسم “البَرْدِي” باللاتينية وهو Papyrus.
كانت أوراق البردي، بمقياس الوقت الحالي، بدائية خشنة. وكانت صناعة طية واحدة من ورق البردي الصالح لعملية الكتابة تستغرق من الوقت والجهد الشيءَ الكثير. فبعد قطع ساق النبات إلى شرائح طويلة رقيقة، كانت تستخدم المواد الصمغية التي تسيل من النبات أثناء قطعه ، في تثبيت تلك الرقائق بعضها إلى بعض. وبعد تكوين طبقة من الورق، على النحو المذكور، توضع شرائح جديدة بحيث تكون عمودية على شرائح الطبقة الأولى، لتكوين طبقة ثانية. ثم يقوم العاملون بصناعة الورق بدقّ لوح الورق بألواح خشبية ، لجعله أرق سمكا من ناحية، وللتأكد من التصاق الشرائح ببعضها من ناحية أخرى. وبعد هذه العملية المضنية، يترك لوح الورق تحت أشعة الشمس ليجف.
هكذا تسرد كتب التاريخ طريقة صناعة ورق البردي في مصر القديمة. إلا أن المؤكد أن الطريقة قامت على معالجة ورق البردي كيميائيًا. وإلا، فكيف يمكن تفسير وجود كثير من لفائف البردي في مقابر الفراعنة إلى اليوم، دون أن تتآكل أو يصيبها تلف، وحتى دون أن تختفي أحبار الكتابة من عليها؟!
الفينيقيون والإغريق
إنْ يكنْ السومريون هم أول من ابتكر التدوين كتابةً على ألواح الطمي، وإن يكن المصريون القدماء أولَ من ابتكر الورق، فإن الفينيقيين الذين عاشوا في شرق حوض البحر الأبيض المتوسط، في الألف الأولى قبل الميلاد (1000 ق . م .) هم أول من اتخذ الحروف للدلالة على الأصوات المنطوقة، بدلًا من الرموز والأشكال الدالة على الكلمات، كما ذهب إلى ذلك السومريون والفراعنة.
على أن اتخاذ الحروف، في لغة الفينيقيين، لم يكن بالصورة المعروفة لنا في لغات اليوم. إذْ كانت الحروف تدل على “مقاطع صوتية” أكثرَ من دلالتها على حرف، كما هو الحال في لغات اليوم. ولم يكن في كتابة الفينيقيين تمييز بين حروف ساكنة وحروف متحركة.
ويعتقد كثير من المؤرخين أن حروف الكتابة عند الفينيقيين ليست إلا تطويرًا لنوع الكتابة الذي شاع في مصر القديمة، حوالي عام ألف ومائتين وخمسين قبل الميلاد (1250 ق . م .)، والذي واكب اكتشاف ورق البردي كمادة للكتابة. إذْ تحولت الكتابة الهيروغليفية في مصر الفرعونية إلى نوع أبسط من الرموز والأشكال الخطية، التي يمكن تدوينها على ورق البردي، أطلق عليها اسم “هَيْري Hieratic”.
وأيًّا كان الأمر، فإن كتابة الإغريق تعتبر هي الأقرب إلى كتابة اليوم. فحوالي عام ستمائة قبل الميلاد (600 ق . م .)، أدخل الإغريق الكتابة بالحروف إلى التاريخ بصورة قاطعة. وقد جرت طريقتهم في التدوين على كتابة الحروف في سطور أفقية بحيث يُقْرَأُ أحد السطور من اليمين إلى اليسار، بينما يُقْرَأُ السطر التالي له من اليسار إلى اليمين، وهكذا.
غير أن الفينيقيين والإغريق لا يعود إليهم الفضل في ابتكار حروف تُكتَب بدلًا من الرموز فحسب، بل إليهم يرجع الفضل كذلك في ابتكار مادة جديدة للكتابة. وكانت تلك المادة هي الجلود.
وإذا كانت صناعة أوراق الكتابة من ورق البردي في مصر القديمة عسيرةً ومعقدةً، فإن صناعة مواد الكتابة من الجلد عند الإغريق كانت أشدَّ عـسرًا. إذْ كانت تؤخذ جلود الحملان ( بعد ذبحها وسلخها ) وتوضع في حمّام من الجير لنزع الصوف وتبييض الجلد. ثم يُشَـدُّ الجلد في إطار ويترك ليجف. وأثناء عملية التجفيف، يُفْصَل الجلد إلى عدة طبقات رقيقة. وبعد الجفاف، يُدعَك سطح كل طبقة من الجلد بحجر صقيل لـتــنـعــيـمـه.
ومن المدهش حقًا، أن الأمور في التاريخ القديم كانت تتحرك ببطء شديد! وربما تنقضي مئاتُ السنين قبل أن يولَد ابتكار جديد يجعل الحياة أيسر وأسهل.
إذْ انقضت عدة مئات من السنين بين استخدام السومريين لألواح الطمي، وبين صناعة أوراق البردي في مصر القديمة.
ثم انقضت عدةُ مئات من السنين بين ذلك، وبين ابتكار الإغريق للجلد المخصص كورق للكتابة.
ثم انقضت مئات أخرى من السنين قبل أن يتوصل الإغريق إلى إمكانية ضم عدة طبقات من الجلد في مجلد واحد! على أي حال، فإن تلك الحقبة من تاريخ الإنسان “قبل الميلاد” قد انتهت وكانت الكتابة ووسائلها وأدواتها ما تزال تحبو على المدارج الأولى!
صناعة الورق
في أقصى شرق المعمورة، كانت هناك حضارة أخرى ظلت في عـزلة عن العالم المعروف آنذاك عدة قرون. والتفســير المنطقي والتاريخي المقـبول لذلك، هو عدم توفر وسائل انـتـقـال واتصال، كتلك التي عرفها العالم وطوّرها فيما بعد.
كانت حضارة الشرق تلك في الصين. وهناك نجح الإنسان لأول مرة في صناعة ورق للكتابة. وكان ذلك بعد قرن من ميلاد السيد المسيح عليه السلام ( 100 م ). وقد صنع الصينيون الورق من لحاء شجرة التوت. [ ” اللِّحاء ” هو الطبقة الواقعة تحت قَـلَـف الشجرة. و” القَـلَـف” هو القشرة الخارجية الخشنة على جذع وفروع الشجرة].
ولأن الصينيين كانوا بارعين في صناعة “الـلِّـبَّـاد”، فقد أفادهم ذلك في صنع الورق. إذ كانوا يقشّرون لحاء شجرة التوت، ثم يصهرونه في إناء إلى أن يتحول إلى ما يشبه العجين، ثم يفردون العجين على غربال (منخل) مسطح ليتخلصوا من الماء، وقبل أن يجف العجين يُرفع من على الغربال ويُوضَع على سطح معدني ساخن لتبخير الماء المتبقي، ثم يُنَعّم سطح العجين ويضغط ليصير طبقة رقيقة من الورق، ثم يترك ليجف في الشمس.
وفي القرن الثامن الميلادي، بدأ الصينيون يخرجون من قوقعتهم ويتطلعون إلى المجتمعات البشرية المجاورة لهم في آسيا، فتحركوا في اتجاه الغرب. وحوالي منتصف القرن الثامن الميلادي، كانت الفتوحات الإسلامية قد تجاوزت أواسط آسيا وبدأت تتحرك شرقًا في اتجاه الصين، وقد اصطدم الصينيون مع الفاتحين المسلمين، إلا أنهم تراجعوا بسرعة أمام حماس الفاتحين المسلمين الذين واصلوا تقدمهم حتى طرقوا أبواب الصين .
ومن الصينيين، تعلَّم المسلمون صناعة الورق، وأقاموا أول مصنع لإنتاج الورق في التاريخ المعروف في مدينة “سمرقند”، وسرعان ما نشر المسلمون صناعة الورق في كل أمصار دولتهم، التي كانت تمتد آنذاك من أسبانيا على المحيط الهادي في الغرب، إلى أقصى شرق آسيا. فأقيمت مصانع الورق في دمشق ومصر والمغرب وأسبانيا.
وقد طوَّر المسلمون العرب صناعة الورق، فاستخدموا الكتان بدلًا من لحاء أشجار التوت، وعلى الرغم من جودة نوع الورق الذي أنتجوه، إلا أن صناعة الورق ظلت “يدوية” عندهم.
وفي القرن الثالث عشر الميلادي، كانت صناعة الورق قد انتقلت من المسـلمين إلى أوروبا، عبر فرنسا وصقلية وإيطاليا. وبدأت عدة دول في أوروبا تنتج الورق من الكتان، ولكن باستخدام “آلات” لذلك الغرض.
ومنذ ذلك التاريخ، استحوذت أوروبا على صناعة الورق، وطورت فيها وحسنت وسـائلها إلى أن صار في الإمكان صناعة أكثر من مائة نوع من الورق، كلها يتم إنتاجه آليًا بأعداد كبيرة، في لحظة وجيزة من الزمن.
صناعة الحبر والقلم
واكب التقدمَ في صناعة الورق تطورٌ جديد، هـو ابتكار مادة جديدة للكتابة على الورق، فحوالى عـام خمسمائة للميلاد ( 500 م) ابتـكر صينيي يدعى “وي تانج” حبرًا للكتابة، يتكون من ” السِّــناج” (سُخَام المصابيح)، المذاب في الماء مع مقدار من الصمغ. وكان يصنع ذلك الحبر على هيئتين: إما على هيئة سـائل جاهز للاستخدام ، وإما على هيئة قالب صلب تذاب قطعة منه في الماء لتكوين حبر وقت الحاجة إليه.
أما أداة الكتابة على الورق في ذلك الزمان فكانت ما يسمى “قلم الريشة” ، إذْ كان ريش الطيور يستخدم لذلك الغرض ، بعد تهذيب طرف الريشة بسكين لتكون على هيئة سن القلم ، ثم تغمس في الحبر لتوفير مداد الكتابة.
ومن الطرائف التي يذكرها التاريخ في تلك الحقبة، وجود تفاضل كبير بين مصادر أقلام الريش! إذْ كان ريش البجع أفضل تلك الأنواع وأغلاها ثمنًا، يليه ريش الأوز، ثم ريش الصقور، ثم ريش الحدأة والبوم! وأطرف من ذلك، أن أقلام الريش ظلت تستعمل قرابة ألف عام، إلى أن اخْتُرِعَ ” قلم الحبر” (قلم يحتوي على خزان للحبر) في عهد الخليفة الفاطمي “المعز لدين الله “[1] ، الذي أمر بصناعة قلم يمنع اتساخ أصابعه بالحبر أثناء الكتابة، فكان له ما أراد.
استمر التطور بطيئًا في وسائل وأدوات الكتابة إلى القرن الخامس عشر الميلادي حين اخترع “يوهان جوتنبرج” آلة الطباعة، فأحدث ثورة هائلة في دنيا الكتابة والتدوين، فسرعان ما تحولت معظم المواد المكتوبة بخط اليد إلى مواد مطبوعة آليًا، الأمر الذي أدى إلى سرعة انتشار الأفكار وتداول المعلومات بين الأمم والشعوب، فكان ذلك سببًا في تسريع وتيرة التقدم الإنساني على كل صعيد، بحيث حققت البشرية في القرون الخمسة التالية لذلك الحدث ازدهارًا منقطع النظير في تاريخ الحياة على هذا الكوكب الزاهر.
[1] [ المعز لدين الله ( 932 – 975 م ) رابع الخلفاء الفاطميين. حكم مصر من عام 953 إلى عام 975 م، وفي عهده بُنِيتْ مدينة “القاهرة” في عام 969 م لتكون عاصمة الخلافة الفاطمية].
–
مصادر تم الاستعانة بها
1 ) History of writing
http://www.historyworld.net/wrldhis
2 ) Ancient History Encyclopedia
3 ) The History of Writing
http://www.historian.net/hxwrite.htm
4 ) Cuneiform Writing
www.historyextra.com/…/cuneiform
5 ) Ancient Egyptian Scripts
www.ancientscripts.com/egyptian.htm
www.paperonline.org/history-of-paper/timeline
7 ) The History of Pens and Writing Instruments
www.actforlibraries.org/the-history-of-pens– and-writing-instruments
8 ) Johannes Gutenberg and the Printing Press http://inventors.about.com/od/gstartinventors/a/Gut enberg.htm
9 ) Al-Mu’izz li-Din Allah