لست مشاغبة لكنني أطلب حقا ينتزع
لم يعد هناك دعوى للكلام ,ولرفع الصوت عاليا في زمن الإستبداد ,فالظلم حتم علينا الخوض في لعبة الهزيمة واعتماد لغة الكتمان قبولا وعملا وتمجيدا ,هكذا هو كلام البؤساء ,دائمي التشائم في كليل مظلم كئيب ,لعنة الشيطان متملكة لكيان لسانهم المرتجف ,الخائف من الحروف والمتعثر بلكنة التعبير ,اللعنة قامت ببلع رحيق الألم وامتصاص تفكير عقولهم ,وحمست أرواحهم للذل المحتم ,ونعم المناضلين هم بعدم النضال ,دائمي الانتظار لأفعال ملموسة ولنتائج إيجابية جاهزة ,عديمي الحركة والانفعال.
“الساكت عن الحق شيطان أخرس” وأنا لست بشيطان ,بل إنسان خلق كي يعيش بكرامة ,لا تحت وطأة الذل والهوان ,ولا من أجل الخضوع حين تنتزع الحقوق وينهج أسلوب الموت البطيء.
صراحة أشفق على كل شخص “لا يقرأ” ,لأنه يعيش في ظلم مكبث ,وداخل سحابة منزوية الرؤية ,بدون وعي ولا إدراك ,تحت الشمس يموت رذاذ المطر ,وما بين الكتب خبايا وأسرار ,إن كنت تحب الحرية فعليك بحب القراءة أولا ,ورفض الانهزام ,فالعبد هو كل إنسان جاهل بالمعرفة ,فالقراءة حياة الخارج عن إطارها إما أعمى وإما ميت لا محالة.
أنا أعلن التمرد على نفسي ,على ضعفي المستكين ,أطالب بحق لي ضائع ما بين جدران هاته البناية الضخمة ,أمضي بالدعاء ,وأرتجي أملا ينير عتمة الطريق ,وروح فاضلة تزيح هما ثقيل الإستكانة من على كتفي.
يقال أننا في دولة الحق والقانون ,لكن أين هذا الحق وأين ذلك القانون ,أين يباع ربما أقتني منه مخدرا للصمت لكبت الانهزام ,أو جرعة صبر يقتل في فكري أمد الانتظار المجحف ,لعلني به أسكر أو أرتاح.
صدقا إنني مللت لغة السكوت والهمس والخوف من إخراج اللسان ,بالصمت أنا لا أقبل الانهزام ,فالقوة إرادة وصمود من أجل بلوغ الأهداف ,وأنا قوية لأنني أكتب لا لأنني أخاف ,ولأنني أطلب حقا لي ,لا أنتظر صدقة.
لست مشاغبة ولا محبة للغة الفوضى في هذا الزمان الأغبر ,لكنني فتاة مغربية لا تقبل الانهزام ولا لغة الخضوع للأحكام الجاهزة المفتقدة لمنهجية المنطق ولترتيب المعرفة ,لست كما قالوا عني متمردة ,ولست كمثل القابعين أمام الجدران المتسكعين في خيال الأيام ,المنتظرين لقمة مهنة بالنفوذ أو عبر إعطاء ثمن قهوة مضاعفة مئات المرات من أجل تسمين النقط في الشواهد المزعومة ,كارهة أنا لنهج للفساد ,لكنني مظلومة جدا ,أرأيت في يوم ما في ساعة ما مظلوم ساكت عن حقه ,إنه بالفعل شيطان أخرس وأنا لا أقبل أن أكون شيطان أو مارد ,أنا مغربية ,والمغربي حامل في دمه لهجة الكرامة والعنفوان ,لا يرضى أبدا بالذل والهوان.
سعيدة مليح
طالبة قانون – جامعة محمد الخامس