للمعلمين: كيف تتعامل مع الطلاب المراهقين في الفصل؟
يعد المراهقون من أصعب الفئات العمرية التي يمكنك التعامل معها في الحياة العامة، فضلًا عن التعليم، وذلك أنهم يكونون في مجملهم غير ناضجين جسمانيًا أو عقليًا أو عاطفيًا، فهم في مرحلة تطوّر هامة ومحورية، كما يتّسم معظمهم بتقلّب المزاج والانفعال السريع.
والتعامل مع المراهقين من أهم الأشياء التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، خصوصًا وأن هذه الفترة من حياتهم سيكون لها الأثر الكبير في تصوّراتهم وطريقة تعاملهم مع الحياة بعد ذلك عندما ينضجون.
1- تقبّل آراءهم
الطالب المراهق في العموم يتسم بالعناد وعدم تقبّل الرأي الآخر، خصوصًا الصادرة عن البالغين، بل إن التمرد صفة أساسية في كل مراهق، فهو غالبًا ما يعادي والديه ويخالف أوامرهما بدون سبب منطقي بالضرورة. ويكون هذا التمرد ناتجًا عن عدم الثقة التي يحاول أن يحققها في نفسه عن طريق الثورة على القناعات القديمة واستحداث قناعات أخرى جديدة توافق عقله أو هواه.
وإنني لأذكر كم عدد المرات التي استدعاني فيها أولياء أمور أصدقائي لكي أساعدهم في التفاهم مع أبنائهم، ولكي يفعلوا ما يريده هؤلاء الآباء، وعادة ما تكون المشاكل قد تفاقمت إلى الحد الذي دفع بالأب إلى طرد ابنه من البيت، أو حِرْمانه من المصروف، أو من الخروج، أو ضربه، أو هروب الابن كلية.
ما أريد أن أقوله من كل ذلك أن على المعلم أن يتعامل بذكاء مع هؤلاء المراهقين، خصوصًا وأن المعلم، طبقًا لعدة دراسات، يكون مصدرًا للثقة بالنسبة للمراهقين، بل إن المراهقين يميلون عادة إلى تصديق مدرسيهم ويعتبرونه شخصية تمثل “المثل الأعلى لهم”.
بالطبع ستختلف معهم في الكثير من الأمور، لكن الضرب لن يكون وسيلة مفيدة كما سنوضح، ولكن التفاهم يكون حلًا بالغ الذكاء.
ربما يهمك: طفلك عنيد .. كيف تتعاملين معه؟
2- مهما حصل، لا تستعمل العصا!
حسنًا، جرب مرة أن تقاوم رغبتك في اصطحاب العصا إلى الفصل، بدّل هذا الوجه المتجشّم بآخر بشوش، عامِلهم بودّ، وسيعاملونك بالمثل. ما لا يعرفه معظم المعلمون أن الضرب له رد فعل عكسي، مساوٍ له في القوة، وبالتأكيد، معاكسٌ له في الاتجاه.
إن الطالب في مرحلة المراهقة يكون مصحوبًا بقدر مبالغٍ فيه من الرغبة في الشعور بالحرية، فسيدافع عن حريته مهما كلفه الأمر، ولذا فإن أي فعل يقيد تلك الحرية أو يقتل تلك الرغبة لديه، يصاحبه قدر مبالغ فيه – أيضًا – من التمرّد ضد هذا الفعل.
فالضرب يكون له إحدى نتيجتين:
إما أن يتمرّد أكثر وأكثر، ولا يستجيب لأي من هذه الضغوطات والإهانات الجسدية واللفظية.
وإما أنه يستجيب بعد أن يشعر بالتعب وبعدم الجدوى من العناد والتمرد، وحينها سوف يواظب على كتابة الواجب كل يوم، ولكنه – وهذا خطير – سيكتبه بدون رغبة داخلية منه، سيكتبه فقط أمنًا من العقاب.. ولذا فإنك لو لم تكلفه بعمل الواجب في يوم ما، فستراه فرحًا سعيدًا.
وكذا، سيتوقّف عن سبّ أصدقائه أو مضايقتهم، سيفعل ذلك أمام ناظريك، ولكنه لن يتوقف عندما تخرج من باب الفصل!
3- درّبهم على التفكير بطريقة علمية
بسبب طبيعة التغيّرات العاطفية والنفسية لدى المراهق، فإنه عادة ما يصدر أحكامًا قاصرة وغير موضوعية أو محايدة.
ولأن المراهق يرغب دائمًا في أن ينضج بسرعة، وأن يكون في مستوى الراشد، فإنه يحاول بشتى الطرق كلما سنحت له الفرصة، أن يبدي رأيه في كل موضوع حتى لو لم يكن يعرف عنه الكثير، أملًا في الحصول على مكانة اجتماعية كالتي يحصل عليها الراشدون.
لهذا كله، ولأسباب أخرى، فإن تدريس العلوم للمراهقين وتدريبهم – وهذا هو الأهم – على التفكير بطريقة علمية -، كل هذا يجب أن يكون ضروريًا! التفكير بطريقة علمية سيساعدهم على إبداء أحكام موضوعية أكثر، كما يدرّبهم على الصدق وقول الحقيقة بالإضافة إلى احترام من هم أكبر علمًا والتواضع والاعتراف بالجهل في الوقت المناسب.
ربما يهمك: هل نعاقب أطفالنا بطريقة خاطئة؟
4- تريدهم أن يحبّوك؟: عاملهم كصديق
في فترة المراهقة، يتحوّل اهتمام الطالب من الاعتماد على الكبار إلى اعتماده على أصدقائه، وتصبح الصداقة عند المراهق هي محور اهتمامه. ومن هنا تكون أهمية أن تعامل الطالب المراهق كصديق وليس كسلطة تعلو عليه وتتحكم في مصيره.
إن كونك صديقًا لطالبك يعني أن تكون له أبًا كما تكون له معلمًا، بل إنك لو نجحت في إنشاء صداقة – ولو سطحية – بينك وبينه فإنك تستطيع عندها أن تعرف مشاكله وطريقته في التفكير، كما تتعرف على ما يضايقه وما يجعله مرتاحًا، وبهذا يمكن أن تكون هناك علاقة طيبة تجمعكما تمكن الطالب من الشعور بالراحة والانسجام، بل والحب، في أثناء الحصة، كما تساعد المعلم على أداء مهمته بسهولة أكثر نظرًا إلى طبيعة العلاقة بينه وبين طالبه فيسود الودّ والتناغم في الفصل وتصبح العملية التعليمية أكثر سهولة وفاعلية.
ربما يهمك: سرّ تعلّم أي شيء: رسالة أينشتاين إلى ولدِه!
5- اخلق لهم شغفًا
حينما يقتصر دور المدرس عما يلقيه أثناء الحصة فقط فهذه مصيبة.. المدرس مربيٌ قبل أن يكون معلم، فيجب أن يحرص على سلامة طلابه وتنشئتهم تنشئة سويّة.
الكثير من أصدقائي (المراهقين) قد اضطروا إلى ارتكاب الكثير من القبائح، والمداومة عليها، لأن الأهل مع المدرسة يعلمونهم أن الدراسة هي كل شيء، ويوهمهم أنهم لا يملكون أية مواهب أو عادات حسنة على الإطلاق، ومن امتلك منهم واحدة فإنهم يعاقبونه ويعلمونه أنها بلا فائدة، أو يحصرونها فقط في نطاق التسلية.
أقول إن الكثير من هؤلاء الأصدقاء لو تركوا ليمارسوا شغفهم بجانب الدراسة بالتأكيد لما وجدوا بديلًا سيئًا عن هذا الشغف.
ولذا فمهمة المدرس أن يعلّم كل واحد من طلابه أنه مختلف عن زميله، أنه يمتلك موهبة يجب أن يمارسها، وشغفًا يجب أن ينمّيه ويعمل عليه، ومن لم يتمتع بموهبة فيساعده على إيجاد واحدة، وهذا يكون رادعًا لهم عن الانجرار إلى الكثير من الشرور.
ربما يهمك: لماذا ينسى الطلاب موادهم الدراسية بمجرد انتهاء العام الدراسي؟
هل لديك نصائح أخرى في التعامل مع المراهقين؟ شاركها معنا 🙂