ما الذي يتميز به التعلم الذاتي عن أنظمة التعليم التقليدية؟
أصبحنا الآن في عصر العولمة، حيث تضاعفت المعلومات بشكل غير مسبوق، وتزايدت العلوم والاكتشافات في شتي الحقول والمجالات حتى أصبح الفرد يحتار أي العلوم يدرس، وكيف يبدأ وما هو النظام الأمثل لتحقيق أكبر قدر من المعلومات في وقت قصير وبصورة حية وفعّالة.
هنا يُعْلِنُ التعلم الذاتي – ويسمى أيضًا التعلم المنظم ذاتيًا – عن نفسه كوسيلة ضرورية ضد أنظمة التعلم التقليدية التي تتسم بالبطء و تعتمد على الحفظ والتلقين فقط.
ما هو التعلم الذاتي؟
يعرِّف بعض الباحثين التعلم الذاتي علي أنه عملية ذهنية نشطة ترتبط بعمليات معرفية وما وراء معرفية، حيث يعتمد الفرد المتعلم فيها بالدرجة لأولي علي استخدام الاستراتيجيات المختلفة من أجل تحسين وتطوير تعلمه، ومما يميز هذه العملية أنه يجعل المتعلّم محور العملية التعليمية، حيث يكون هو المثابر من أجل التعلم ولا يقتصر دوره علي التعلق بالمعلم.
كما يتمتع الفرد المتعلم ذاتيًا بمراقبة الذات والقدرة علي التحكم في السلوك من أجل إتمام عملية التعليم ويكون ذلك بمراقبة السلوك الذاتي مراقبة شديدة.
ما الفرق بين التعلم الذاتي والتعلم التقليدي؟
يعطي التعلم المنظم ذاتيًا مساحة واسعة من الحرية الفردية لدي المتعلم، ويعتمد على التعاون والتفاعل بين المتعلمين حيث يتيح الفرصة للاعتماد على النفس في اتخاذ القرارات، وبالتالي يصبح المتعلمون متقبلين للمسؤولية الذاتية عن تعلمهم، وهم يفكرون بطرق تعتمد على الاكتشاف والاستقراء والإبداع، ولذلك فإن دوافعهم داخلية ومستمرة، وينشأ عن ذلك أن شغفهم من أجل التعلم يكون ذاتيًا، على عكس المتعلم التقليدي الذي تكون دوافعه من أجل التعلم خارجية وتكون غالبًا من قبل المعلم أو الأبوين.
وفي التعلم التقليدي تكون حرية التفكير عند المتعلم محدودة بما يتطابق مع وجهة نظر المعلم وما تفرضه طبيعة المادة وتكوينها، ويعتمد الطلبة في التعليم التقليدي على توجيهات المعلم في المادة التي يتعلمونها.
كما يغلب علي التعلم التقليدي طرق التفكير التقاربي والاستنتاجي، ويعتمد الطلاب علي الدوافع الخارجية أكثر من الدوافع الداخلية وذلك لأن تقييم التعلم لديهم يعتمد علي المعلم بالدرجة الأولي وليس ذاتيًا.
ويمكننا أن نوجز الأشياء التي يتميز بها التعلم الذاتي والتعلم التقليدي في النقاط التالية:
1- التعلم الذاتي يعتمد على حرية التفكير والتعبير والإبداع التعليمي فيما يتلخص دور الطالب في التعلم التقليدي في التقيد بوجهة نظر المعلم وترتيب المادة أو الكتب والمقررات المدرسية التي عليه دراستها وحفظها.
2- في التعلم الذاتي تنشأ عملية التعليم من التعاون والتفاعل مع الزملاء، بالإضافة إلى إيجاد حلول وأجوبة للأسئلة والمشكلات، بينما التعليم التقليدي يعتمد على المنافسة بين الأقران.
3- يعتمد الطالب على الذات عند اتخاذ القرار في التعلم الذاتي، بينما يكون اعتماده منصبًّا على المعلم في التعلم التقليدي.
4- يترتب على النقطة السابقة أن المتعلم يكون مسؤولًا عن العملية التعليمية، بينما في التعليم التقليدي تكون المسؤولية مشتركة بين المعلم والطالب.
5- الاعتماد على التفكير بطرق متباينة: الاستقراء، الإبداع، الاكتشاف، التفكير التباعدي، فيما يعتمد الطالب في التعليم التقليدي على التفكير الاستنتاجي والصمي والتقاربي.
6- تكون الدوافع في التعلم الذاتي داخلية ناشئة عن الذات، وتكون الدوافع في التعلم التقليدي خارجية ناشئة عن المعلم غالبًا.
7- في التعلم المنظم ذاتيًا تقييم عملية التعليم يكون ذاتي، بينما يقع التقييم على عاتق المعلم في التعلم التقليدي.
8- تعدد الاستخدامات لوسائل التعلم التي تعتمد على المرونة، بينما في التعليم التقليدي تقتصر وسائل التعليم على ما يقدم داخل الفصل وهو الكتب والمقررات الدراسية.
9- استخدام أساليب واستراتيجيات تعتمد على الإبداع في عملية التعلم، بينما في التعليم التقليدي تعتمد الأساليب جميعها على الحفظ ونادرًا ما تعتمد على الإبداع.
10- يستخدم التعلم الذاتي عادة أساليب حديثة وأكثر تكنولوجية، بينما يُبقِي التعليم التقليدي عادة على الأساليب التقليدية.
11- التعلم الذاتي يستخدم كنظام تعليمي لمدى الحياة، بينما التعليم التقليدي يقتصر فقط على الفصل والمدرسة والسنوات الدراسية.
ما الذي يتمتع به المتعلم المنظم ذاتيًا؟
ذكر د. إبراهيم عبدالله الحسينان في كتابه التعليم المنظم ذاتيًا، أن بعض الدراسات العلمية قد أشارت إلي أن المتعلمين الذاتيين يتمتعون بالخصائص التالية:
1- قادرون على تحديد أهدافهم.
2- متعلمون استراتيجيون.
3- يمتلكون دافعية للإنجاز وفاعلية ذاتية مرتفعة.
4- لديهم وعي بالعمليات المعرفية.
5- قادرون على التعاون والإنجاز في ظل عمل جماعي.
6- على علم بالاستراتيجية المعرفية والتعليمية المختلفة وكيفية استخدامها في الوقت المناسب ومع المادة المناسبة.
7- يعرف كيف يخطط ويتحكم ويوجه عملياته العقلية نحو التحصيل وتحقيق إنجازات معرفية.
8- يكون لديه مشاعر المتعة والرضا والحماس أثناء عملية التعلم كما تكون لديه أحاسيس إيجابية وثقة بالنفس وكذلك القدرة على التحكم فيها.
9- يعرف جيدًا كيف يخطط ويتحكم في الوقت والمجهود اللازم لإنهاء مهمة ما، ويعرف كيف يبني بيئة تعليمية محببة للتعلم.
10- قادر على تطبيق مجموعة من الاستراتيجيات الاختيارية التي تقيه من المشتتات الداخلية والخارجية وتحافظ على تركيزه وجهده على المهمة.
مع الظهور الأول للتعلم المنظم ذاتيًا على يد عدد من المهتمين في مجال التعلم الأكاديمي في العقود الأخيرة من القرن العشرين، وقد نالت دراسته اهتمام الكثير من الباحثين لتوضيح خصائصه ومكوناته، اعترافًا بأهميته وضرورته للطالب المعاصر، وقد أثبت على نحو واضح أنه من أفضل أنظمة التعلم الحديثة الصالحة لمدى الحياة وليس فقط داخل قاعات الدراسة.
في نهاية كتابه يقول د. إبراهيم عبد الله الحسينان: