ما ذنبهم ؟!
لن أسامحك معلمتي الأولى، يا من كنت تغرينا بنقاط عالية و إختبارات سهلة، ألم يكفيكي كل هذا؟ لازالت ليومنا هذا أتذكر ذلك اليوم الذي أعطيتني فيه كشف النقاط الخاص بي، حينها كنت قد تحصلت على تقدير “تَشجيع” بناءًا على نقاطي المدعمة من قبلك، عندما رجعت إلى المنزل استقبلتني أمي بشغف كبير لتعرف معدلي، و إذ تتفاجأ بالمعدل المتواضع الذي تحصل عليه إبنها، و أخذت أمي تصرخ في و جهي و تعاتبني و تتهمني بإهمال دروسي و اللعب في القسم، وقتها خطرت في بالي فكرة كنت أظن أني من خلالها أستطيع إسعاد والدتي و أجعلها فخورة بي لكن صدقوني حتى أنا رغم صغر سني لم أكن أتوقع إطلاقًا نجاحها، الفكرة تمثلت في الذهاب للمعلمة و أخبارها بأن أهلي لم يرضوا على معدلي و صاروا لا يتحدثون معي، و أنهم كانوا ينتظرون مني أن أحصل على تقدير “تهنئة” على الأقل.
و أنا في طريقي مساءً إلى المدرسة، كنت أتوقعُ أقصى نتيجة لهذه الفكرة أن تستدعي المعلمة والدتي و تدافع عني و تثني علي كي تخفف من غضب أهلي، و بمجرد دخولنا للقسم لا حظت معلمتي معالم الحزن بادية على وجهي فسألتني: مجيب ، ما بك؟ .
– سكت قليلًا ثم أجبتها بصوت حزين: أهلي لم يعجبهم تحصيلي و لا يتحدثون معي، كانوا يريدون مني الحصول على تقدير “تهنئة” على الأقل.
– قالت لي وهي تبتسم: هذا ما يحزنك، مجيب تعال و أحضر معك كشف نقاطك و ممحاة.
– ذهبت عندها و أنا مستغرب من طلبها و قلت: تفضلي معلمتي.
فإذا بها تمحي معدلي القديم و تضع بدلًا منه معدل جديد تقديره “تهنئة”، و أنا جد مندهش من فعلة المعلمة، لكن في نفس اللحظة كنت سعيدًا جدًا لأن في إعتقادي أن أهلي سيفرحون بمعدلي و يفتخرون بفكرة الذكية.
كي لا أطيل عليكم المهم أن أمي أخبرتها بما حصل و أستنكرت ما قامت به المعلمة بشدة و في اليوم التالي قابلت المعلمة و عاتبتها على فعلتها و أن ما قامت به ليس في صالح الطفل.
لكن السؤال الذي يبقى مطروحًا هو ما ذنب الأطفال الأبرياء حينما يقعوا في يد معلم ميتُ الضمير؟ و ما الطريقة المثلى لوضع حد لتصرفات هذا النوع من المعلمين؟
طالب جامعي
جامعة منتوري 2
سنة ثانية ليسانس تخصص علوم تسيير