مدراس الجزائر: عندما يسود العنف بدل العلم
لم تستطع “زينب” بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر نسيان ما تعرّضت له من تعنيف داخل حجرة القسم من قبل أحد تلامذتها، في حادثة صارت تتكرّر مع العديد من المعلّمين بسبب تزايد ظاهرة العنف المدرسيّ، الّتي يروح ضحيّتها العديد من التّلاميذ والأساتذة والعاملين في قطاع التّربية.
“زينب أحمد” أستاذة اللّغة الفرنسية، بثانوية “سالم علّام” ببلدية “أولاد هداج”، بولاية “بومرداس” شرق العاصمة الجزائر، تستذكر في حديثها مع فريق “شبكة زدني” مأساة اليوم الأسود، الّتي كان سببها واحدًا من تلاميذها ممّن اعتبرتهم إخوة لفلذة كبدها الّذي كان داخل بطنها في شهره الثّامن، وكاد أن يكون مصيره الموت بسبب عنف هذا التّلميذ.
بعينين مليئتين بالدّموع، تعود أستاذة الفرنسيّة إلى يوم الحادثة، وتقول لـ”شبكة زدني: “إنّ تلميذها هدّدها بالتعرّض لها، بعدما طالبته بالخروج من قاعة التّدريس بسبب كلامه المتواصل أثناء حصّة الدّرس، قبل أن ترفع به تقريرًا للإدارة وتمنعه من حضور حصصها، على مدار أسبوع كامل، قي حال عدم حضور وليّ أمره”.
معلّمون لا يوفّون التّبجيل:
وأضافت ـ زينب ـ: “لم يَمتَثِل لطلبي ولم يُحضِر وليّ أمره، ومع ذلك سمحت بدخوله الدّرس استثنائيًا، لأنّ الوقت تزامن مع فترة الفروض، لكن خلال الامتحان حاول الغشّ، فوجّهت له عدّة إنذارات للكفّ عن تحرّكاته المشبوهة، غير أنّها لم تلق أيّ صدى من قبل التّلميذ ، فهممت بسحب ورقة إجابته، وهو ما لم يتحمّله فدفعني ثمّ وجّه لي صفعة قوية أسقطتني أرضًا، ولاذ هو بالفرار”.
ولا تخفي الأستاذة “زينب” أنّها ما زالت تعيش صدمة نفسيّة جرّاء هذا الحادث، رغم مرور أسابيع طويلة، مشيرة أنّ ما زاد معاناتها هو موقف مدير المؤسّسة الّذي وقف إلى جانب الجاني، ورفض معاقبته إلّا بعد رفعها لعدّة شكاوى إلى الجهات العليا بوزارة التّربية الوطنيّة.
وبثانويّة “عقون صالح بن بوقرة” بمقاطعة “الحامة”، بولاية “خنشلة” الواقعة بشرق الجزائر، “زكيّة حامدي” ـ اسم مستعارـ أستاذة اللّغة العربيّة، هي بدورها تعرّضت للاعتداء من قبل أحد تلميذاتها في صفّ السّنة الثّالثة ثانويّ، بعد حصول الفتاة على نقطة 4 من 20 في الامتحان، والّتي باغتت أستاذتها بصفعة قويّة أسقطتها أرضًا ليغمى عليها أمام مرأى جميع التّلاميذ الّذين هرعوا لإحضار مسؤولي المؤسّسة.
وتروي لنا مصادر حضرت الواقعة أنّ التّلميذةـ وخوفًا من العقاب ـ، لجأت إلى تشويه وجهها بأظافرها وتمزيق ملابسها، من أجل تحميل الأستاذة مسؤولية ما وقع لها، والتّحجّج بأنّ سقوط المدرّسة هو نتيجة عراك غرضه الدّفاع عن النّفس، ووصلت الفتاة إلى مرادها، حيث لم تعاقبها الإدارة في ظلّ لجوء أهلها إلى تزوير وصفة طبيّة تشهد بأنّها تعاني من أعراض عصبيّة”.
وحرّكت هذه الواقعة الأساتذة الّذين شنّوا إضرابًا دام أكثر من أسبوع، وتضامن التّلاميذ الّذين شهدوا الواقعة مع الأستاذة، تمّ بعدها استبعاد الفتاة من المؤسّسة وتحويلها إلى ثانوية أخرى، وهو أقصى عقاب يمكن اتّخاذه ، بالنّظر إلى أنّ الوزارة الوصيّة ترفض طرد أيّ تلميذ بصدد التّحضير لشهادة البكالوريا مهما كانت مخالفته.
اعتداءات تصل حدّ القتل!
تشير تقارير نقابات التّربية في الجزائر إلى أنّ حالات العنف تقع يوميًا عبر مختلف المؤسّسات التّربوية الجزائريّة، وأدّى البعض منها إلى حصول وفيات وإعاقات جسديّة دائمة، فقد تعرّضت أستاذة بولاية “تبسّة” الحدوديّة للتّشوّه الدّائم بعدما رُمِي عليها حمض كميائيّ، تورّط فيه مدير متوسطة ومقتصد.
وشهدت ابتدائيّة “الشّهيد بوعلام خليفي” بحي “مناصرية” بمدينة “الكاليتوس” جنوب شرق العاصمة الجزائر، جريمة مروّعة راح ضحيّتها تلميذ في السّنة الرّابعة بعد تلقّيه ضربات على مستوى الصّدر والقلب والرّأس من قبل زميله خلال شجار انتهى بجريمة قتل.
وتغيب الإحصاءات الرّسمية الحديثة حول حالات العنف المسجّلة داخل المدرسة الجزائريّة، لكن المفتّش العام بوزارة التّربية الوطنيّة“مجادي مسقم”، أشار في تصريح إذاعيّ إلى إنّ تنامي ظاهرة العنف بمختلف أنواعه داخل المدرسة الجزائريّة، أدّى إلى تسجيل أربعين ألف (40000) حالة عنف سنة 2014 بالمؤسّسات التّربويّة.
وقال ـ مجادي ـ : “وضع الأستاذ والمعلّم في الجزائر أضحى يعاني من اعتداءات لفظيّة وجسديّة من قبل التّلاميذ، وحوالي عشرة آلاف (10000) أستاذ مورست عليهم أعمال عنف”.
وأبدى “مجادي مسقم” قلقه إزاء الارتفاع الرّهيب لعدد الاعتداءات الجسديّة داخل الوسط المدرسيّ، إضافة إلى تنامي ظاهرة تعاطي الممنوعات داخل المدارس، معيبًا في هذا الصّدد على بعض المؤسّسات الّتي تنتشر فيها مثل هذه الاعتداءات، بسبب نقص الرّقابة والتّفتيش عند دخول التّلاميذ إلى المؤسّسات ـ من جهة ـ وتراجع دور الأولياء في متابعة وتربية أبنائهم ـ من جهة أخرى ـ.
أساتذة يدوسون القانون
رغم أنّ القانون الجزائريّ يمنع تعنيف التّلاميذ ومعاقبتهم بالضّرب ولو كان في مصلحتهم، إلّا أنّ بعض الأساتذة لا يطبّقون ذلك ويقومون بتصرّفات أقلّها سوءًا يترك صدمات نفسيّة للتّلاميذ ضحايا الضّرب.
أمام متوسطة “حمادي محند سعيد” بمدينة “بوزقان” التابعة لولاية “تيزي وز” شرق الجزائر، التقى فريق شبكة زدني “شهيناز”، الّتي روت الصّدمة النّفسيّة الّتي تعرّضت لها الموسم الدّراسي الماضي برفقة زملائها بسبب أستاذ الفيزياء، الّذي قام في إحدى حصص مادة الإعلام الآلي بالتّعدي على تلميذ بالضّرب المبرح، حيث أوقعه مرارًا على الأرض، ودفعه عرض الحائط، قبل أن يحاول ضربه بمقعد.
وجاء في المادة 73 من القـرار رقم 778 مؤرّخ في 26/10/1991 ،المتعلّق بنظام الجماعة التّربوية في المؤسّسات التّربوية والتّكوينيّة:
“يُعَدّ التّأديب البدنيّ أسلوبًا غير تربويّ في تهذيب سلوكات التّلاميذ،وتعتبر الأضرار النّاجمة عنه خطأ شخصيًّا يعرّض الموظّف الفاعل إلى تبعات المسؤوليّة الإدارّية والجزائيّة،الّتي لا يمكن للمؤسّسة أن تحلّ محلّ الموظّف في تحمّلها”.
أرقام مخيفة
ويشير تقرير ميدانيّ بحوزة “شبكة زدني” أجرته نقابة مجلس ثانويّات الجزائر، إلى حدوث ثلاثة آلاف (3000) حالة عنف خلال الفصل الأوّل من الموسم الدراسيّ الجاري 2015/016.
ويظهر التّقرير أنّ أطفال المدارس ليسوا محميين على مستوى مؤسّساتهم، إذ وقعت 60٪ من الحالات داخل أسوار المؤسّسات التّربويّة، لكنّ العديد من حالات العنف المسجّلة خارج المؤسّسة وراءها عناصر أجنبيّة، والجناة غالبًا ما يكونون متورّطين في قضايا الجنس وتجارة المخدّرات أو في قضايا اختطاف الأطفال.
وتوصّل التّقرير إلى أنّ حوالي 68٪ من حالات العنف تتركّز في المدن الكبرى، حيث ترجع في المقام الأوّل إلى الكثافة السّكانيّة والخصائص الاجتماعيّة والثّقافيّة الأخرى، إلّا أنّ الحالات الأكثر خطورة وتعقيدًا تقع ـ حسب نفس المصدر ـ في المناطق الرّيفيّة حيث عمليات الاغتصاب والخطف أصبحت أمرًا مألوفًا، ضدّ المتمدرسين.
وأظهرت دراسة مقارنة بين سنتي 2011 و2014 ، أنّ 46٪ من التّلاميذ تعرّضوا إلى العنف الجسديّ في العام 2011، وانتقلت النّسبة العام 2014 إلى 58,2٪، وهو نفس الارتفاع التّصاعديّ الّذي عرفته نسب العنف اللّفظيّ وسط المتمدرسين، حيث كانت العام 2011 في حدود نسبة 58,2٪، لترتفع في سنة 2014 إلى 71,3 ٪، ناهيك عن العنف الجنسيّ الّذي طال 2.3٪ من التّلاميذ العام 2011، وهو الّذي بدوره عرف ارتفاعًا بنسبة 3 ٪ العام 2014.
وسجّلت الدّراسة، حيازة 6,4٪ من التّلاميذ على أسلحة بيضاء العام 2011، وقد ِاستُغِلّت هذه الأسلحة في التّعدي على الضّحايا بنسبة 3.6٪، فيما تلقّى 35 ٪ من المتمدرسين تهديدات عنف العام 2014.
أسباب وخلفيّات
ويقدّم رئيس الاتحاد الوطنيّ لجمعيّات أولياء التّلاميذ “أحمد خالد” في حديثه مع “شبكة زدني” أهمّ الأسباب الّتي تقف وراء هذه الظّاهرة، وفي مقدّمتها ما عاشته البلاد من تردّ أمنيّ خلال فترة التّسعينيات من القرن الماضي، حيث عاش المجتمع شتّى أنواع العنف، في الشّارع ، وداخل الأسرة، وحتّى في ميادين العمل، وهو ما أثّر سلبًا على المدرسة ككلّ.
وأشار إلى أنّ الواقع الّذي تعشيه الآلاف من الأسر الجزائريّة من تفكّك وانفصال، وتصاعد حالات الطّلاق، دفع التّلاميذ الى العنف، زد إلى ذلك اعتماد وزارة التّربيّة على توظيف أساتذة غير متكوّنين، حيث أنّ 70 ٪ من الأساتذة الّذين وظّفوا في السّنوات الأخيرة غير مؤهّلين تربويًّا ونفسيًّا من أجل تربية الأطفال، حيث يتمّ تدريس التّلاميذ دون الاهتمام بالجانب الاخلاقيّ والسّلوكيّ.
وحمّل “احمد خالد” مدراء المؤسّسات التّربويّة جزء من مسؤوليّة تصاعد العنف، لغلقهم أبواب الحوار في وجه الأولياء والأساتذة والمعنيين بالأمر، للحدّ من ظاهرة العنف في الوسط المدرسيّ.
من جهتها تؤكّد أستاذة الفلسفة والنّقابية بفدراليّة عمال التّربية المنضوية تحت لواء النّقابة الوطنيّة لمستخدمي الإدارة العموميّة “مريم معروف”، أنّ السبب الرّئيسيّ لتنامي العنف المدرسيّ، هو غياب الأساليب الرّدعيّة الفعّالة.
وقالت “مريم معروف” لـفريق زدني:” إنّ القانون يمنع طرد التّلميذ من المؤسّسة، وإذا ما افتعل أيّ مشكل، يُحَال إلى مجلس التّأديب، وأقصى عقوبة تُسلَّط عليه هي تغيير المؤسّسة، أوعقوبة الحرمان من حضور الدّروس من ثلاثة (3) إلى ثمانية (8 ) أيّام.”
وكانت وزارة الّتربية قد وجّهت تعليمات صارمة إلى مدراء المتوسطات والثّانويات، تلزمهم فيها منع طرد التّلاميذ المقبلين على امتحانات شهادة “البكالوريا”، وامتحان نهاية مرحلة التّعليم المتوسّط، المحالين إلى مجالس التّأديب، وشدّدت على عدم تطبيق عقوبات من الدّرجة الثّالثة مهما كانت المخالفة الّتي تصدر عن هؤلاء التّلاميذ.
وجاء في التّعليمات الّتي يحوز “فريق شبكة زدني” على نسخة منها : “لا يمكن تسليط عقوبة من الدّرجة الثّالثةـ الإقصاء أو الإقصاء مع التحويل ـ ضدّ تلاميذ أقسام الامتحانات الرّسمية خلال الثّلاثين الثّاني والثّالث والاكتفاء بتسليط العقوبة من الدّرجة الاولى أو الثّانية”.
حلول
يقترح العابد الكانتي “اسم مستعار” مدير متوسطة بولاية تمنراست الواقعة بالجنوب الجزائري، في حديث مع “فريق زدني” تكثيف وسائل التوعية من جهة والردع من جهة أخرى للحد من ظاهرة العنف داخل المؤسسات التربوية.
وقال الكانتي “إن ظاهرة اعتداء التلاميذ على الأساتذة، يمكن علاجها بتفعيل مجالس التأديب على مستوى المؤسسات التربوية، ولضمان مصداقيتها يجب احترام الإجراءات القانونية قبل وأثناء وبعد انعقاد المجلس التأديبي، وعلى الإدارة تحت طائلة البطلان إجراء تحقيق إداري مسبق، أي قبل انعقاد المجلس في القضية محل البحث، لكي نضمن العدالة والاستقلالية والنزاهة. وحتى تكون مجالس التأديب في المؤسسات التربوية محاكم تربوية عادلة ومنصفة”.
وأضاف الكانتي “القانون يعتبر أن الأضرار الناتجة عن ضرب التلاميذ مهما كانت الأسباب خطأ شخصي يتحمل مسؤوليته الموظف الفاعل، ولا تتحمل الإدارة مسؤولية فعلته ولا تدافع عنه أمام المحاكم بصفته موظفًا عموميًا، كما أن الإدارة تقوم بمتابعة الموظف المخطئ إداريًا عن طريق مجلس التأديب لمعاقبته وقد ينتهي به الأمر إلى الفصل والطرد”.
ولمواجهة حالات العنف المتزايدة، سارعت وزيرة التربية الجزائرية نورية بن غبريت إلى اتخاذ إجراءات بديلة، من خلال الاستنجاد بوزارة الداخلية والجهات الأمنية، مع التركيز على “الوقاية والتوعية بتطوير الحوار والوساطة” ، و”التحلي باليقظة والتأهب إضافة الى تطبيق القوانين بشكل يجعل لا أحد يفلت من العقاب”.
ونتج عن التعاون الثنائي بين وزارة التربية والجهات الأمنية توقيع اتفاقية مشتركة مست وزارة الدفاع الوطني, ممثلة في القيادة العامة للدرك الوطني، بما فيها المديرية العامة للأمن الوطني، حيث تم الاتفاق على “جعل المدرسة فضاءً حاميًا ومحميًا”، وحرص الجميع على التكفل بهذه الظاهرة “بشكل شامل ودائم وليس بشكل جزئي وظرفي”.
وركزت بن غبريت على تفعيل التضامن الحكومي، ودعم مختلف القطاعات مثل الشباب والرياضة، والتضامن والثقافة لملء فراغ الشباب بمختلف الأنشطة للوقاية من العنف، و “تنمية الحس المدني لدى التلاميذ وغرس فيهم حب الوطن والاعتزاز بالهوية الجزائرية وترقية القيم المتصلة بالثوابت الوطنية”.
وتم تنصيب خلية للمتابعة ومعالجة المعطيات المتعلقة بظاهرة العنف على مستوى المرصد الوطني للتربية والتكوين، وتحديد المؤسسات التربوية التي تقع في المحيطات المشبوهة والتي تعد نقاط سوادء لوضعها تحت رقابة الأمن.
وأعلن وزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي، مساندته لقطاع التربية بهدف إعادة الأمان والاستقرار للمؤسسات التربوية.
وقال بدوي خلال مراسيم توقيع اتفاقية الحد من العنف المدرسي والتي حضرها “فريق شبكة زدني” إن: “استهداف المنظومة التربوية وتلويث محيطها وتصنيفه بغير الآمن، هو تقويض ممنهج لأركان الدولة وزعزعة استقرارها وإفراغها من رسالتها السامية”.
وأكد بدوي على ضرورة “تأمين المنظومة التربوية من كل المظاهر التي تعكر صفو نقائها”، مضيفًا أن هذه الإتفاقية تهدف إلى “إحلال السكينة في الوسط المدرسي لضمان ظروف تمدرس ملائمة، وتهذيب السلوك وغرس مثل الإيثار وحب الآخر لجعل تلميذ اليوم عدة مستقبل الوطن، وعماده القويم في كافة مناحي الحياة”، مشيرًا إلى أن الحكومة “عازمة على التكفل بكل مظاهر العنف الدخيلة على مجتمعنا بحيث سيتم اتخاذ إجراءات عملية جديدة بصفة تدريجية بين مصالح الأمن الوطني والجمعيات للتقليص من خطورة هذه الظاهرة”.
من جانبه، تحدث اللواء عبد الغني الهامل المدير العام للأمن الوطني الجزائري عن الخطة الأمنية التي وضعها الأمن الوطني لحماية المتمدرسين، من “كل الأخطار المادية والمعنوية وحماية المؤسسات التربوية مع ضمان السير الحسن للمنظومة التربوية والامتحانات الرسمية”، مشيرًا أيضًا إلى الدورات التحسيسية التي يقوم بها الأمن الوطني لتوعية الوسط المدرسي بالمحافظة على البيئة ونبذ كل أشكال العنف.
ولم تغفل وزارة التربية عن استغلال المناهج التربوية، من أجل الحد من العنف المدرسي وفق ما صرحه لـ “فريق شبكة زيدني” رئيس اللجنة الوطنية للمناهج بوزارة التربية الوطنية الجزائرية فريد عادل، مؤكدًا أن ظاهرة العنف، تم أخذها بعين الاعتبار في المناهج الجديدة، التي قررت الوزارة اعتمادها في الموسم الدراسي 2016\2017 لفائدة تلاميذ السنة الأولى والثانية من التعليم الابتدائي، وكذا تلاميذ السنة الأولى من التعليم المتوسطـ والتي يطلق عليها برامج “الجيل الثاني”، على أن تتوسع مستقبلًا لتشمل كل الأقسام الأخرى في الأطوار التعليمية الثلاثة “الابتدائي، المتوسط، الثانوي”.
وأوضح فريد عادل “أن البرامج الجديدة التي تم إدراجها والتي كانت بناءً على تعديلات للبرامج المعدة سنة 2003 ،تم فيها تكريس مبادئ “القيم”، عن طريق إلزام المدرسين على تعليم السلوكيات الجيدة، التي يجب أن يتحلى بها التلميذ، إما بالقسم أو في المجتمع، من خلال الوضعيات التي سيتم تدريسها في مختلف الدروس مهما كانت علمية أو أدبية، وهذا انطلاقًا من 3 مبادئ أساسية اعتمدتها اللجنة الوطنية للمناهج تتعلق بـ” المعارف، الكفاءات العرضية ، والقيم”.
لم تستطع “زينب” بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر نسيان ما تعرّضت له من تعنيف داخل حجرة القسم من قبل أحد تلامذتها، في حادثة صارت تتكرّر مع العديد من المعلّمين بسبب تزايد ظاهرة العنف المدرسيّ، الّتي يروح ضحيّتها العديد من التّلاميذ والأساتذة والعاملين في قطاع التّربية.
“زينب أحمد” أستاذة اللّغة الفرنسية، بثانوية “سالم علّام” ببلدية “أولاد هداج”، بولاية “بومرداس” شرق العاصمة الجزائر، تستذكر في حديثها مع فريق “شبكة زدني” مأساة اليوم الأسود، الّتي كان سببها واحدًا من تلاميذها ممّن اعتبرتهم إخوة لفلذة كبدها الّذي كان داخل بطنها في شهره الثّامن، وكاد أن يكون مصيره الموت بسبب عنف هذا التّلميذ.
بعينين مليئتين بالدّموع، تعود أستاذة الفرنسيّة إلى يوم الحادثة، وتقول لـ”شبكة زدني: “إنّ تلميذها هدّدها بالتعرّض لها، بعدما طالبته بالخروج من قاعة التّدريس بسبب كلامه المتواصل أثناء حصّة الدّرس، قبل أن ترفع به تقريرًا للإدارة وتمنعه من حضور حصصها، على مدار أسبوع كامل، قي حال عدم حضور وليّ أمره”.
معلّمون لا يوفّون التّبجيل:
وأضافت ـ زينب ـ: “لم يَمتَثِل لطلبي ولم يُحضِر وليّ أمره، ومع ذلك سمحت بدخوله الدّرس استثنائيًا، لأنّ الوقت تزامن مع فترة الفروض، لكن خلال الامتحان حاول الغشّ، فوجّهت له عدّة إنذارات للكفّ عن تحرّكاته المشبوهة، غير أنّها لم تلق أيّ صدى من قبل التّلميذ ، فهممت بسحب ورقة إجابته، وهو ما لم يتحمّله فدفعني ثمّ وجّه لي صفعة قوية أسقطتني أرضًا، ولاذ هو بالفرار”.
ولا تخفي الأستاذة “زينب” أنّها ما زالت تعيش صدمة نفسيّة جرّاء هذا الحادث، رغم مرور أسابيع طويلة، مشيرة أنّ ما زاد معاناتها هو موقف مدير المؤسّسة الّذي وقف إلى جانب الجاني، ورفض معاقبته إلّا بعد رفعها لعدّة شكاوى إلى الجهات العليا بوزارة التّربية الوطنيّة.
وبثانويّة “عقون صالح بن بوقرة” بمقاطعة “الحامة”، بولاية “خنشلة” الواقعة بشرق الجزائر، “زكيّة حامدي” ـ اسم مستعارـ أستاذة اللّغة العربيّة، هي بدورها تعرّضت للاعتداء من قبل أحد تلميذاتها في صفّ السّنة الثّالثة ثانويّ، بعد حصول الفتاة على نقطة 4 من 20 في الامتحان، والّتي باغتت أستاذتها بصفعة قويّة أسقطتها أرضًا ليغمى عليها أمام مرأى جميع التّلاميذ الّذين هرعوا لإحضار مسؤولي المؤسّسة.
وتروي لنا مصادر حضرت الواقعة أنّ التّلميذةـ وخوفًا من العقاب ـ، لجأت إلى تشويه وجهها بأظافرها وتمزيق ملابسها، من أجل تحميل الأستاذة مسؤولية ما وقع لها، والتّحجّج بأنّ سقوط المدرّسة هو نتيجة عراك غرضه الدّفاع عن النّفس، ووصلت الفتاة إلى مرادها، حيث لم تعاقبها الإدارة في ظلّ لجوء أهلها إلى تزوير وصفة طبيّة تشهد بأنّها تعاني من أعراض عصبيّة”.
وحرّكت هذه الواقعة الأساتذة الّذين شنّوا إضرابًا دام أكثر من أسبوع، وتضامن التّلاميذ الّذين شهدوا الواقعة مع الأستاذة، تمّ بعدها استبعاد الفتاة من المؤسّسة وتحويلها إلى ثانوية أخرى، وهو أقصى عقاب يمكن اتّخاذه ، بالنّظر إلى أنّ الوزارة الوصيّة ترفض طرد أيّ تلميذ بصدد التّحضير لشهادة البكالوريا مهما كانت مخالفته.
اعتداءات تصل حدّ القتل!
تشير تقارير نقابات التّربية في الجزائر إلى أنّ حالات العنف تقع يوميًا عبر مختلف المؤسّسات التّربوية الجزائريّة، وأدّى البعض منها إلى حصول وفيات وإعاقات جسديّة دائمة، فقد تعرّضت أستاذة بولاية “تبسّة” الحدوديّة للتّشوّه الدّائم بعدما رُمِي عليها حمض كميائيّ، تورّط فيه مدير متوسطة ومقتصد.
وشهدت ابتدائيّة “الشّهيد بوعلام خليفي” بحي “مناصرية” بمدينة “الكاليتوس” جنوب شرق العاصمة الجزائر، جريمة مروّعة راح ضحيّتها تلميذ في السّنة الرّابعة بعد تلقّيه ضربات على مستوى الصّدر والقلب والرّأس من قبل زميله خلال شجار انتهى بجريمة قتل.
وتغيب الإحصاءات الرّسمية الحديثة حول حالات العنف المسجّلة داخل المدرسة الجزائريّة، لكن المفتّش العام بوزارة التّربية الوطنيّة“مجادي مسقم”، أشار في تصريح إذاعيّ إلى إنّ تنامي ظاهرة العنف بمختلف أنواعه داخل المدرسة الجزائريّة، أدّى إلى تسجيل أربعين ألف (40000) حالة عنف سنة 2014 بالمؤسّسات التّربويّة.
وقال ـ مجادي ـ : “وضع الأستاذ والمعلّم في الجزائر أضحى يعاني من اعتداءات لفظيّة وجسديّة من قبل التّلاميذ، وحوالي عشرة آلاف (10000) أستاذ مورست عليهم أعمال عنف”.
وأبدى “مجادي مسقم” قلقه إزاء الارتفاع الرّهيب لعدد الاعتداءات الجسديّة داخل الوسط المدرسيّ، إضافة إلى تنامي ظاهرة تعاطي الممنوعات داخل المدارس، معيبًا في هذا الصّدد على بعض المؤسّسات الّتي تنتشر فيها مثل هذه الاعتداءات، بسبب نقص الرّقابة والتّفتيش عند دخول التّلاميذ إلى المؤسّسات ـ من جهة ـ وتراجع دور الأولياء في متابعة وتربية أبنائهم ـ من جهة أخرى ـ.
أساتذة يدوسون القانون
رغم أنّ القانون الجزائريّ يمنع تعنيف التّلاميذ ومعاقبتهم بالضّرب ولو كان في مصلحتهم، إلّا أنّ بعض الأساتذة لا يطبّقون ذلك ويقومون بتصرّفات أقلّها سوءًا يترك صدمات نفسيّة للتّلاميذ ضحايا الضّرب.
أمام متوسطة “حمادي محند سعيد” بمدينة “بوزقان” التابعة لولاية “تيزي وز” شرق الجزائر، التقى فريق شبكة زدني “شهيناز”، الّتي روت الصّدمة النّفسيّة الّتي تعرّضت لها الموسم الدّراسي الماضي برفقة زملائها بسبب أستاذ الفيزياء، الّذي قام في إحدى حصص مادة الإعلام الآلي بالتّعدي على تلميذ بالضّرب المبرح، حيث أوقعه مرارًا على الأرض، ودفعه عرض الحائط، قبل أن يحاول ضربه بمقعد.
وجاء في المادة 73 من القـرار رقم 778 مؤرّخ في 26/10/1991 ،المتعلّق بنظام الجماعة التّربوية في المؤسّسات التّربوية والتّكوينيّة:
“يُعَدّ التّأديب البدنيّ أسلوبًا غير تربويّ في تهذيب سلوكات التّلاميذ،وتعتبر الأضرار النّاجمة عنه خطأ شخصيًّا يعرّض الموظّف الفاعل إلى تبعات المسؤوليّة الإدارّية والجزائيّة،الّتي لا يمكن للمؤسّسة أن تحلّ محلّ الموظّف في تحمّلها”.
أرقام مخيفة
ويشير تقرير ميدانيّ بحوزة “شبكة زدني” أجرته نقابة مجلس ثانويّات الجزائر، إلى حدوث ثلاثة آلاف (3000) حالة عنف خلال الفصل الأوّل من الموسم الدراسيّ الجاري 2015/016.
ويظهر التّقرير أنّ أطفال المدارس ليسوا محميين على مستوى مؤسّساتهم، إذ وقعت 60٪ من الحالات داخل أسوار المؤسّسات التّربويّة، لكنّ العديد من حالات العنف المسجّلة خارج المؤسّسة وراءها عناصر أجنبيّة، والجناة غالبًا ما يكونون متورّطين في قضايا الجنس وتجارة المخدّرات أو في قضايا اختطاف الأطفال.
وتوصّل التّقرير إلى أنّ حوالي 68٪ من حالات العنف تتركّز في المدن الكبرى، حيث ترجع في المقام الأوّل إلى الكثافة السّكانيّة والخصائص الاجتماعيّة والثّقافيّة الأخرى، إلّا أنّ الحالات الأكثر خطورة وتعقيدًا تقع ـ حسب نفس المصدر ـ في المناطق الرّيفيّة حيث عمليات الاغتصاب والخطف أصبحت أمرًا مألوفًا، ضدّ المتمدرسين.
وأظهرت دراسة مقارنة بين سنتي 2011 و2014 ، أنّ 46٪ من التّلاميذ تعرّضوا إلى العنف الجسديّ في العام 2011، وانتقلت النّسبة العام 2014 إلى 58,2٪، وهو نفس الارتفاع التّصاعديّ الّذي عرفته نسب العنف اللّفظيّ وسط المتمدرسين، حيث كانت العام 2011 في حدود نسبة 58,2٪، لترتفع في سنة 2014 إلى 71,3 ٪، ناهيك عن العنف الجنسيّ الّذي طال 2.3٪ من التّلاميذ العام 2011، وهو الّذي بدوره عرف ارتفاعًا بنسبة 3 ٪ العام 2014.
وسجّلت الدّراسة، حيازة 6,4٪ من التّلاميذ على أسلحة بيضاء العام 2011، وقد ِاستُغِلّت هذه الأسلحة في التّعدي على الضّحايا بنسبة 3.6٪، فيما تلقّى 35 ٪ من المتمدرسين تهديدات عنف العام 2014.
أسباب وخلفيّات
ويقدّم رئيس الاتحاد الوطنيّ لجمعيّات أولياء التّلاميذ “أحمد خالد” في حديثه مع “شبكة زدني” أهمّ الأسباب الّتي تقف وراء هذه الظّاهرة، وفي مقدّمتها ما عاشته البلاد من تردّ أمنيّ خلال فترة التّسعينيات من القرن الماضي، حيث عاش المجتمع شتّى أنواع العنف، في الشّارع ، وداخل الأسرة، وحتّى في ميادين العمل، وهو ما أثّر سلبًا على المدرسة ككلّ.
وأشار إلى أنّ الواقع الّذي تعشيه الآلاف من الأسر الجزائريّة من تفكّك وانفصال، وتصاعد حالات الطّلاق، دفع التّلاميذ الى العنف، زد إلى ذلك اعتماد وزارة التّربيّة على توظيف أساتذة غير متكوّنين، حيث أنّ 70 ٪ من الأساتذة الّذين وظّفوا في السّنوات الأخيرة غير مؤهّلين تربويًّا ونفسيًّا من أجل تربية الأطفال، حيث يتمّ تدريس التّلاميذ دون الاهتمام بالجانب الاخلاقيّ والسّلوكيّ.
وحمّل “احمد خالد” مدراء المؤسّسات التّربويّة جزء من مسؤوليّة تصاعد العنف، لغلقهم أبواب الحوار في وجه الأولياء والأساتذة والمعنيين بالأمر، للحدّ من ظاهرة العنف في الوسط المدرسيّ.
من جهتها تؤكّد أستاذة الفلسفة والنّقابية بفدراليّة عمال التّربية المنضوية تحت لواء النّقابة الوطنيّة لمستخدمي الإدارة العموميّة “مريم معروف”، أنّ السبب الرّئيسيّ لتنامي العنف المدرسيّ، هو غياب الأساليب الرّدعيّة الفعّالة.
وقالت “مريم معروف” لـفريق زدني:” إنّ القانون يمنع طرد التّلميذ من المؤسّسة، وإذا ما افتعل أيّ مشكل، يُحَال إلى مجلس التّأديب، وأقصى عقوبة تُسلَّط عليه هي تغيير المؤسّسة، أوعقوبة الحرمان من حضور الدّروس من ثلاثة (3) إلى ثمانية (8 ) أيّام.”
وكانت وزارة الّتربية قد وجّهت تعليمات صارمة إلى مدراء المتوسطات والثّانويات، تلزمهم فيها منع طرد التّلاميذ المقبلين على امتحانات شهادة “البكالوريا”، وامتحان نهاية مرحلة التّعليم المتوسّط، المحالين إلى مجالس التّأديب، وشدّدت على عدم تطبيق عقوبات من الدّرجة الثّالثة مهما كانت المخالفة الّتي تصدر عن هؤلاء التّلاميذ.
وجاء في التّعليمات الّتي يحوز “فريق شبكة زدني” على نسخة منها : “لا يمكن تسليط عقوبة من الدّرجة الثّالثةـ الإقصاء أو الإقصاء مع التحويل ـ ضدّ تلاميذ أقسام الامتحانات الرّسمية خلال الثّلاثين الثّاني والثّالث والاكتفاء بتسليط العقوبة من الدّرجة الاولى أو الثّانية”.
حلول
يقترح العابد الكانتي “اسم مستعار” مدير متوسطة بولاية تمنراست الواقعة بالجنوب الجزائري، في حديث مع “فريق زدني” تكثيف وسائل التوعية من جهة والردع من جهة أخرى للحد من ظاهرة العنف داخل المؤسسات التربوية.
وقال الكانتي “إن ظاهرة اعتداء التلاميذ على الأساتذة، يمكن علاجها بتفعيل مجالس التأديب على مستوى المؤسسات التربوية، ولضمان مصداقيتها يجب احترام الإجراءات القانونية قبل وأثناء وبعد انعقاد المجلس التأديبي، وعلى الإدارة تحت طائلة البطلان إجراء تحقيق إداري مسبق، أي قبل انعقاد المجلس في القضية محل البحث، لكي نضمن العدالة والاستقلالية والنزاهة. وحتى تكون مجالس التأديب في المؤسسات التربوية محاكم تربوية عادلة ومنصفة”.
وأضاف الكانتي “القانون يعتبر أن الأضرار الناتجة عن ضرب التلاميذ مهما كانت الأسباب خطأ شخصي يتحمل مسؤوليته الموظف الفاعل، ولا تتحمل الإدارة مسؤولية فعلته ولا تدافع عنه أمام المحاكم بصفته موظفًا عموميًا، كما أن الإدارة تقوم بمتابعة الموظف المخطئ إداريًا عن طريق مجلس التأديب لمعاقبته وقد ينتهي به الأمر إلى الفصل والطرد”.
ولمواجهة حالات العنف المتزايدة، سارعت وزيرة التربية الجزائرية نورية بن غبريت إلى اتخاذ إجراءات بديلة، من خلال الاستنجاد بوزارة الداخلية والجهات الأمنية، مع التركيز على “الوقاية والتوعية بتطوير الحوار والوساطة” ، و”التحلي باليقظة والتأهب إضافة الى تطبيق القوانين بشكل يجعل لا أحد يفلت من العقاب”.
ونتج عن التعاون الثنائي بين وزارة التربية والجهات الأمنية توقيع اتفاقية مشتركة مست وزارة الدفاع الوطني, ممثلة في القيادة العامة للدرك الوطني، بما فيها المديرية العامة للأمن الوطني، حيث تم الاتفاق على “جعل المدرسة فضاءً حاميًا ومحميًا”، وحرص الجميع على التكفل بهذه الظاهرة “بشكل شامل ودائم وليس بشكل جزئي وظرفي”.
وركزت بن غبريت على تفعيل التضامن الحكومي، ودعم مختلف القطاعات مثل الشباب والرياضة، والتضامن والثقافة لملء فراغ الشباب بمختلف الأنشطة للوقاية من العنف، و “تنمية الحس المدني لدى التلاميذ وغرس فيهم حب الوطن والاعتزاز بالهوية الجزائرية وترقية القيم المتصلة بالثوابت الوطنية”.
وتم تنصيب خلية للمتابعة ومعالجة المعطيات المتعلقة بظاهرة العنف على مستوى المرصد الوطني للتربية والتكوين، وتحديد المؤسسات التربوية التي تقع في المحيطات المشبوهة والتي تعد نقاط سوادء لوضعها تحت رقابة الأمن.
وأعلن وزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي، مساندته لقطاع التربية بهدف إعادة الأمان والاستقرار للمؤسسات التربوية.
وقال بدوي خلال مراسيم توقيع اتفاقية الحد من العنف المدرسي والتي حضرها “فريق شبكة زدني” إن: “استهداف المنظومة التربوية وتلويث محيطها وتصنيفه بغير الآمن، هو تقويض ممنهج لأركان الدولة وزعزعة استقرارها وإفراغها من رسالتها السامية”.
وأكد بدوي على ضرورة “تأمين المنظومة التربوية من كل المظاهر التي تعكر صفو نقائها”، مضيفًا أن هذه الإتفاقية تهدف إلى “إحلال السكينة في الوسط المدرسي لضمان ظروف تمدرس ملائمة، وتهذيب السلوك وغرس مثل الإيثار وحب الآخر لجعل تلميذ اليوم عدة مستقبل الوطن، وعماده القويم في كافة مناحي الحياة”، مشيرًا إلى أن الحكومة “عازمة على التكفل بكل مظاهر العنف الدخيلة على مجتمعنا بحيث سيتم اتخاذ إجراءات عملية جديدة بصفة تدريجية بين مصالح الأمن الوطني والجمعيات للتقليص من خطورة هذه الظاهرة”.
من جانبه، تحدث اللواء عبد الغني الهامل المدير العام للأمن الوطني الجزائري عن الخطة الأمنية التي وضعها الأمن الوطني لحماية المتمدرسين، من “كل الأخطار المادية والمعنوية وحماية المؤسسات التربوية مع ضمان السير الحسن للمنظومة التربوية والامتحانات الرسمية”، مشيرًا أيضًا إلى الدورات التحسيسية التي يقوم بها الأمن الوطني لتوعية الوسط المدرسي بالمحافظة على البيئة ونبذ كل أشكال العنف.
ولم تغفل وزارة التربية عن استغلال المناهج التربوية، من أجل الحد من العنف المدرسي وفق ما صرحه لـ “فريق شبكة زيدني” رئيس اللجنة الوطنية للمناهج بوزارة التربية الوطنية الجزائرية فريد عادل، مؤكدًا أن ظاهرة العنف، تم أخذها بعين الاعتبار في المناهج الجديدة، التي قررت الوزارة اعتمادها في الموسم الدراسي 2016\2017 لفائدة تلاميذ السنة الأولى والثانية من التعليم الابتدائي، وكذا تلاميذ السنة الأولى من التعليم المتوسطـ والتي يطلق عليها برامج “الجيل الثاني”، على أن تتوسع مستقبلًا لتشمل كل الأقسام الأخرى في الأطوار التعليمية الثلاثة “الابتدائي، المتوسط، الثانوي”.
وأوضح فريد عادل “أن البرامج الجديدة التي تم إدراجها والتي كانت بناءً على تعديلات للبرامج المعدة سنة 2003 ،تم فيها تكريس مبادئ “القيم”، عن طريق إلزام المدرسين على تعليم السلوكيات الجيدة، التي يجب أن يتحلى بها التلميذ، إما بالقسم أو في المجتمع، من خلال الوضعيات التي سيتم تدريسها في مختلف الدروس مهما كانت علمية أو أدبية، وهذا انطلاقًا من 3 مبادئ أساسية اعتمدتها اللجنة الوطنية للمناهج تتعلق بـ” المعارف، الكفاءات العرضية ، والقيم”.