مشاكل تعيق طلبة الدراسات العليا في الجزائر
لم تخفِ الطالبة الجزائرية ” سمية بوسعيد “، البالغة من العمر 23 عامًا، استيائها من العراقيل التي اعترضت طريقها منذ بداية مشوارها الجامعي، حيث أكدت في تصريح لشبكة “زدني” أنها تواجه صعوبات فيما يخص التحضير لمذكرة تخرجها، بسبب نقص المراجع وضعف الخدمات بالمكتبات الجامعية، وقالت: إن الطالب يدخل في رحلة بحث يومية عن المراجع في المكتبات الجامعية الجزائرية، وأوضحت أنها عانت كثيرًا لتحضير مذكرة تخرجها بسبب النقص الفادح في المراجع والكتب الضرورية لإجراء البحوث العلمية الخاصة بالبحث العلمي.
وذكرت ذات الطالبة أنها اضطرت في بعض الأحيان إلى اللجوء إلى الإنترنت أو الاقتباس من بعض المراجع المعتمدة أو العودة إلى الدراسات السابقة للطلبة.
رحلة بحث يومية عن المراجع
وأشارت المتحدثة “لشبكة زدني” إلى أن غياب المراجع بالجامعات ولّد مشاكل جديدة للطالب الجزائري، فالطالب الذي يدرس مثلًا بجامعة العلوم والتكنولوجيا بباب الزوار بالعاصمة الجزائرية لا يمكنه استعارة كتاب من جامعة أخرى متخصصة في العلوم الإنسانية، مشيرة إلى أن الاقتباس من الإنترنت أضحى أنجع وسيلة بحث بالنسبة للطالب الجزائري في ظل غياب آليات محاربة السرقات العلمية، ونقص المراجع، وضعف الخدمات في المكتبات الجامعية بغض النظر عن مدى صحة المعلومات المقتبسة إن كانت صحيحة أو غير صحيحة، فالمتخرجون ينجحون ويحصلون على نقاط جيدة دون أن يكتشف أمرهم من قبل الأساتذة المشرفين على تقييم مذكرات التخرج.
وتابعت المتحدثة ل “زدني” إن مكتبة الكلية غير مواكبة إطلاقًا لنظام المكتبات العالمية، فالكتب الموجودة تعود لسنوات 1999 و 2001، مشيرة أن الأساتذة يتحملون جزءًا من المسؤولية في انتشار هذه الظاهرة، فأغلبهم يعترفون بندرة المراجع، وينصحون الطلبة بالاشتراك في مكاتب إلكترونية أجنبية”.
الإقامات الجامعية تتحول إلى ملجأ للغرباء
وتطرقت من جهة أخرى الطالبة الجامعية ” سمية بوسيعد ” للحديث عن المشاكل التي واجهتها في الكلية، مبدية تذمرها من الوضع الذي آلت إليه الإقامات الجامعية للطالب الجزائري، الذي يدرس بعيدًا عن مكان إقامته، وتعتبر البيت الثاني له، وقالت: إنها أصبحت ملجأ للغرباء بسبب غياب الرقابة الصارمة، وذكرت من جهة أخرى المتحدثة خلال لقائها بفريق ” زدني “، إن الإقامات الجامعية أصبحت تشكل خطرًا على حياة الطالب الجزائري.
وجبة ” مهينة ” للأستاذ والطالب الجزائري
ومن جهته أبدى أستاذ العلوم الاقتصادية، بجامعة حسيبة بن بوعلي محافظة الشلف غرب الجزائر ” محمد لراري”، قلقه من تدني مستوى الخدمات الجامعية منذ أن كان طالبًا، قائلًا في تصريح لفريق ” زدني “: ” تتكرر علينا نفس الوجبات “دائمًا معكرونة و فاصولياء وعدس” وهي وجبات كرهنا منها، خاصة وأنها غير صحية ولا ذوق لها، فكيف لأستاذ يشرف على تدريس مئات من الطلبة أن يؤدي واجبه على أكمل وجه وهو لا يتلقى حتى وجبة محترمة.
وذكر محدثنا أن نفس المعاناة تنطبق على التنظيم، الذي يعتبر سيئًا للغاية، فالطلبة والأساتذة الجامعيين الجزائريين يعانون الأمرين عند دخولهم إلى المطعم الجامعي، بسبب الانتظار الطويل في الطابور، أما نوعية الوجبة فهي رديئة وأحيانًا لا نستطيع أكلها، لأن الوجبة غير مكتملة وغير صحية وغير نظيفة.
وأعربت الطالبة الجزائرية ” خريس هدى “، البالغة من العمر عشرين عامًا، تذمرها من نوعية الخدمات المقدمة في جامعة العلوم بالإسلامية – الخروبة- في الجزائر العاصمة، وروت الطالبة في لقائها بفريق “زدني ” المرارة التي تجرعتها خلال السنتين الماضيتين، بسبب نوعية الوجبات المقدمة لهم والوضعية السيئة داخل الإقامة كغياب شروط النظافة الأمر الذي تسبب في عدة مرات تعرض بعض زملائها إلى تسمم غذائي، ليصبح الطلبة عرضة للأمراض والتسممات الغذائية.
وقالت الطالبة التي قررت أخذ وجبتها الغذائية من المنزل بدل الأكل في المطعم الجامعي: “تجرعت مرارة نوعية الوجبات التي قدمت لنا في المطعم الجامعي، وأصبت في العديد من المرات بتسممات غذائية، ودخلت بسببها إلى غرفة الإنعاش.
هكذا وصفت الطالبة “خريس هدى” ما تعرضت له بالمطعم الجامعي، مؤكدة أن الطلبة الجزائريين أصبحوا عرضة للأمراض والتسممات الغذائية، بسبب عدم احترام معايير النظافة وشروط الصحة في تحضير الوجبات الغذائية، فالطباخون يخلطون الأكل بأيديهم، وأضافت المتحدثة قائلة: إن الطلبة يدخلون في رحلة بحث يومية عن لقمة أكل تسد جوعهم.
وتحدثت ” خريس هدى ” من جهة أخرى، عن الطريقة التي يتم من خلالها الظفر بالطبق الحديدي الحاوي للوجبة الغذائية، والذي لم يتغير شكله منذ سنوات طويلة، أضف إلى ذلك الطوابير الطويلة التي يقف بها الطلبة من أجل الحصول على تذكرة الطبق الرمزية المقدرة ب 1.5 دينار، رغم أن بعضهم ملزم بالعودة إلى مقاعد الدراسة.
60 % من الطلبة المقيمين يعانون من سوء التغذية
تشير آخر الإحصائيات بشأن الإطعام الجامعي في الجزائر أن 60 % من الطلبة المقيمين الذين يفوق عددهم 43 ألف طالب يعانون من سوء التغذية، هذا فضلًا عن غياب شروط النظافة وسوء حفظ الأغذية التي تجعل 40 % منهم مهددين بالتسممات الغذائية مثلما يسجل عبر عديد الإقامات ويذهب ضحيتها المئات من الطلبة سنويًا.
الاكتظاظ يزحف إلى الجامعات الجزائرية
ومن بين المشاكل التي يعاني منها الطالب الجزائري في الكلية، تحدث عضو في الاتحاد العام للطلاب الحر الجزائري ” توفيق هيشور “، عن مشكلة الاكتظاظ قائلًا: “إن مشكلة الجامعة الجزائرية بعد عقود من التأسيس لا تكمن في جانب رداءة الخدمات الاجتماعية وحسب لكنه أعمق من ذلك بكثير، بحكم الواقع المعاش حيث لا نزال نرى كليات تحت صفيح ساخن مع مشاكل الاكتظاظ ونقص التأطير ولم يصل هذا النظام إلى تحقيق الأمل المرجو منه بل زاد من تعقيد الوضع”.
وذكر أن حقوق الطلبة الجزائريين منتهكة من بعض المسؤولين، والوجبات الغذائية ليست في المستوى ورديئة وباردة و غير متوازنة مقارنة مع الخدمات الأخرى، محملًا مسؤولية الأمر للمسؤولين المشرفين على تسيير الديوان الوطني للخدمات الجامعية الجزائري، وضرب دفتر الشروط عرض الحائط وانتهاج سياسة التسيير بالمزاج، لذا نجد الوجبات رديئة على الرغم من الأموال الضخمة التي تصرفها الدولة على الجامعة ونحن نناضل من أجل تحسين الخدمة.
وطالب المتحدث من السلطات الجزائرية تشديد الرقابة ومراقبة دفتر الشروط من أجل الحفاظ على حقوق الطلبة الجزائريين، وطالب أن تفرض عقوبات على بعض المسؤولين والمدراء الجهويين للمحاسبة الصارمة لأن كل واحد يسير بطريقته –على حد قوله-، وهناك غياب في الرقابة لدفتر الشروط الخاص بخدمة الجامعية.
خوصصة قطاع الخدمات الجامعية
عاشت الجامعات الجزائرية على مدار سنوات حالة من الفوضى تجسدت من خلال فضائح ألهبت الساحة الإعلامية، أبطالها مدراء إقامات جامعية، وذلك بسبب تعرض طلبة إلى تسممات غذائية أو نشوب حرائق بفعل اللامبالاة، على غرار ما حدث قبل أربع سنوات، حيث قتل ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص وجرح العشرات من الطلبة في انفجار للغاز بمطعم الإقامة الجامعية بختي عبد المجيد للذكور الكائنة بحي الزيتون بتلمسان غرب الجزائر، كما شهدت بداية السنة حريقًا مهولًا بكلية العلوم والتكنولوجيا بجامعة الأغواط.
ومن جهته اعترف وزير التعليم العالي الجزائري ” الطاهر حجار” بتردي نوعية الخدمات الجامعية عبر الوطن، مؤكدًا أن هذه الخدمات مطلوب منها أن تقدم الخدمة المناسبة للطالب، بهدف استكمال الجوانب المكملة، كاشفًا في ذات السياق عن عزم وزارته تنظيم ندوة وطنية مشكلة من كل الأطراف المعنية لمعالجة واقع الخدمات الجامعية بكل شفافية للنهوض بالقطاع.
وتتجه الحكومة حسب تصريحات وزير التعليم العالي الجزائري، نحو إعادة النظر في المنحة الجامعية التي يتقاضاها الطالب مستقبلًا، مقابل التخلي التدريجي للدولة للتكفل بعبء الخدمات الجامعية، ويدخل هذا في إطار سياسية التقشف التي تنتهجها الحكومة للتقليل من المصاريف العمومية، وسيجد بذلك الطالب نفسه مجبرًا على تحمل مصاريف الإطعام والنقل والايواء.
واستدل الطاهر حجار ببعض الأعباء التي تتحملها الدولة، كالسعر الحالي لوجبة الطالب، مشيرًا إلى أن الفرق تتحمله حاليًا الدولة الجزائرية، كاشفًا في ذات السياق عن إمكانية خوصصة القطاع وجلب المهنيين الخواص إلى القطاع في مجال الإطعام والإيواء.
سباق مع الزمن للحد من السرقات العلمية
وللحد من السرقات العلمية سارع وزير التعليم العالي الجزائري ” الطاهر حجار”، إلى وضع عدة تنظيمية متكاملة للتصدي لهذه الظاهرة منها الأحكام الواردة في القانون الأساسي للباحث وتنصيب مجلس أخلاقيات المهنة الجامعية وآدابها وتنصيب خلايا تابعة لهذا المجلس على مستوى كل الكليات لتفعيل أداء هذا المجلس إلى جانب ميثاق الأطروحة الذي تم إصداره العام الماضي ليحدد واجبات وحقوق الطلبة المسجلين في الدكتوراه.
كما تم تعزيز هذه الإجراءات حسب ما أضاف الوزير في شهر جويلية 2016 بالتوقيع على قرار يحدد القواعد المتعلقة بالوقاية من السرقة العلمية ومكافحتها ويقترح جملة من التدابير التي من شأنها المساهمة في محاربة مظاهر السرقة العلمية والغش في الأعمال العلمية الجامعية.
وأشار “الطاهر حجار” في هذا السياق إلى أن هذا القرار يمنح الأولوية لتدابير الوقاية من خلال التوعية، وذلك قبل اللجوء للتدابير العقابية التي ليست هي الغاية الأولى من هذا القرار، وإنما الغاية منه -كما أضاف- منع حدوث هذه الظواهر والحد من انتشارها وتكريس سلوكيات ترتكز على الجدية واحترام أداة البحث العلمي وأخلاقياته.
ضغوطات كثيرة يواجهها وزير التعليم الجزائري
تفجرت مع الدخول الجامعي الحالي العديد من الفضائح المدوية التي مست القطاع، في مقدمتها الإقامة الجامعية المتطوع 1000 سرير للذكور التابعة لمديرية الخدمات الجامعية بوهران غرب الجزائر، التي فتحت مصالح أمن دائرة السانيا تحقيقا مع مسئول الأمن، عقب توجيه طالب متحصل على شهادة ماستر 2 في تخصص الهندسة الميكانيكية الإلكتروتقنية له اتهامًا بتلقي رشوة مقابل السماح له بالسكن من دون وثائق ريثما يسجل في الدكتوراه، وقد وجه هذا الطالب أصابع الاتهام للمسئول وعضويين ينتميان لأحد التنظيمات الطلابية التي بسطت نفوذها بهذه الإقامة، في حين أنه حسب ذات المصادر غالبية الأعضاء المنتمين لهذه المنظمة الطلابية الفتية تجاوزوا سن 35 و40 سنة، والقانون لا يسمح لهم بالاستفادة من الإقامة، وسط تغاضي المدير السابق للإقامة والمديرة بالنيابة حاليًا التي لم تحرك ساكنًا إزاء طرد هؤلاء الغرباء من ضمنهم عمال بقطاع البريد، وكذلك أساتذة جامعيين.
وتفجرت فضيحة أخرى من المرتقب أن تفتح فيها لجنة التربية بالمجلس الشعبي الولائي بوهران تحقيقًا والمتمثلة في إقدام مسئول الأمن الموقوف تحفظيًا عن عمله بعد قضية اتهامه من قبل طلبة بتلقي رشاوي لإسكانهم وعدم طرد الغرباء والتواطؤ معهم، ناهيك عن تحويله لمقر سينما ومكتبة الإقامة لسكن خاص لعائلته.
وفي وقت تعالت الأصوات المطالبة بخصخصة الخدمات الاجتماعية في الجزائر، يواجه وزير التعليم العالي الجزائري ضغوطًا من طرف اللجنة الوطنية لاتحادية التعليم العالي والبحث العلمي والثقافة والإعلام الجزائرية، التي طالبته بتنظيم لقاء تعارفي وفتح أبواب الحوار الجاد لخدمة الأسرة الجامعية مشيرة إلى أنها لم تتلق ردًا لحد الآن خاصة بعد مرور أيام فقط على تنصيبها من الأمين العام الوطني المكلف بالتنظيم على مستوى المركزية النقابية.
وأوضحت اللجنة، في بيان تحوز ” شبكة زدني ” على نسخة منه، أنها تابعت تصريحات وزير التعليم العالي الجزائري المتعلقة بخوصصة القطاع واستبدالها بجلب المهنيين الخواص إلى القطاع في مجال الإطعام والإيواء مكان ذوي الخبرات التي لا تضاهيها خبرة، والذين أفنوا حياتهم في خدمة الطلبة ولم تسجل في حقهم أية أحداث مسيئة لصحة الطلبة والعمال.
وقالت اللجنة أن هذه القرارات ستنعكس سلبًا على الأسرة الجامعية محذرة من اعتماد إجراءات تتيح الفرص لأطراف غريبة عن القطاع لاستغلال ممتلكات الشعب تحت غطاء الإصلاحات التي أقرّها رئيس الجمهورية مضيفة الذي عهدنا منه اعتزازه بالقطاع لإلحاقه بمدارج العلا ووقوفه بالمرصاد لكل من سولت له ضغينته المساس بطلبة وطالبات الأسرة الجامعية خاصة، وأضافت الاتحادية في ذات البيان وأمام هذه الانزلاقات الخطيرة التي تحمل بين طياتها الإساءة إلى من ناضل من أجل رئيس الجمهورية الجزائري المساند والمحاط بالبطانة الصالحة المعينة على تحقيق الاستقرار وإرساء العدالة والفرص للعمل والتحصيل العلمي من غير طبقية لأشباله الطلبة، فإنها تبقى في خدمة الجزائر مدعمين لقرارات الرئيس الذي حافظ ولا زال يراهن على سلامة مكاسب الشعب.
ودعت الاتحادية وزير التعليم العالي والبحث العلمي “الطاهر حجار” إلى التحلي باليقظة والتعاون مع الاتحادية بفتح أبواب الحوار والمحافظة على مكاسب الأمة التي لا يقبل المساومة عليها، كما أشارت إلى تسجيل ارتياحها بالظروف السلمية والإجراءات الحميدة التي جرى فيها افتتاح السنة الجامعية.