مشروعات عديدة وخطوات صغيرة وأوقات محدودة!
أحد أسباب ثِقَل تنظيم الوقت والشروع في الإنجاز هو حشد الكثير من المهمات الكبيرة في نفس اليوم، فتصير الخطة ترهيبًا لا ترغيبًا. لأن الشروع في مهام عديدة يستنزف الطاقة بدل أن يستثمرها، ويشتت المرء عن التركيز على العمل الآني، لأنه مشغول بالقلق على ما سيتبقى من وقت للبقية.
إنك هكذا كمن يَنشُد ساعات أكثر من الأربع وعشرين التي يحويها اليوم، والتي نصفها أو ثلاثة أرباعها ننفقها في روتينيات الحياة. فلو أنك تخطط لتأليف كتاب، أو تعلم لغة، أو إتقان القيادة، بالإضافة للأعمال المنزلية والواجبات الروتينية كل أسبوع، ستجد أن الوقت المتاح لهذه أو تلك يكاد يكون ضئيلًا لإتمام أي منها بصورة مُرْضِية. حتى لو فرضنا أن اليوم يتسع لمائة مَهمة، فذلك يعني أن تقضي حوالَيْ ثلاث دقائق ونصف في كل منها! ستنجزها في نهاية المطاف نعم، لكن ربما بعد مائة سنة بتلك الطريقة!
اطلع على
التخطيط ليس دائمًا جادًا… أفكار طريفة لخطط لطيفة!
لا تَحشر أهدافك في خانة واحدة!
الأنفع أن تحدد لكل فترة (يوم \ أسبوع \ شهر) عدًدا معينًا من المَهام، وتَمضي معها حتى تتمها، ثم تنتقل لغيرها. فإما أن تركز جهودك على مشروع واحد حتى تُنجزَه، أو تنوِّع بين مشروعين أو ثلاثة على الأكثر، تُقسِّم وقتك بينها بما يكفي لتُنجِز قَدْرا ذا قيمة في كل منها.
مثلًا، لا تحاول أن تتبع حِمية، وتُقلِع عن التدخين في ذات الوقت. طبعًا لو استطعت ذلك، فبها ونَعِمت. لكن هدفًا واحدًا يكفي في آن واحد، خاصة كلما كانت الأهداف كبيرة. فخذ في اعتبارك صحتك وراحتك النفسية، وكذلك جودة المحصل وإتقان الأداء. فالرأي إذا قررت البَدء في تنفيذ أكثر من هدف، أن تراعِيَ أن يكون أحدهما كبيرًا طويل الأمد، كالإقلاع عن التدخين (وهذا يستغرق عدة أشهر)، إلى جانب آخر أصغر، كقراءة ست صفحات من كتاب يوميًا، أو حفظ بعض قوائم المفردات في لغة جديدة (وهذا يستغرق في حدود الشهر) ، فتوازن بذلك نفسيًا بين الصبر على ما يطول أمده وحلاوة ما يسرع إنجازه.
اطلع على
خطط الإنجاز من الورق للتفعيل: 6 مفاتيح صغيرة لتنفذ خططك الكبيرة
فكك المشروعات لمراحل متتالية:
من العقبات الكبرى في طريق تنفيذ الأهداف الكبيرة، والمشروعات طويلة الأمد، هو استضخام حجم المَهام المطلوبة، تمامًا كمن ينظر لقِمّة هرم من بعيد، فيُخَيَّل إليه أن تسلقه مستحيل. الحل الأمثل هو أن تلعب لعبة المكعبات أو الليجو. فكّك الهرم إلى مكعبات أصغر، والهدفَ الكبير إلى مهام صغيرة على طول الطريق. فكلما أنجزت واحدة، أسلَمَتْك خطوة لما بعدها، حتى تصل لقمة الهرم، دون أن ينقطع نَفَسُك أو تخور قُواك.
وصدقني إذ أقول لك: سيدهشكَ كَمُّ الإنجازات التي ستحققها بهذه الطريقة، والهِمة التي ستملأ جوانحك دون تعسف أو تسويف.
تذكر دائمًا أن مفتاح السر هو: التصغير والمواظبة. فلا يكفي أن تُجَزِّئ العمل الكبير إلى أصغر، بل لا بد من المداومة على نفس القَدْر الصغير، يوما بعد يوم، حتى تنتهي منه.
هل تدري – مثلًا – أنك تستطيع حفظ القرآن كاملًا في سنة واحدة؟ ببساطة : احفظ سبع عشرة (17) آية كل يوم! تذكر: كل يوم!
إننا في عصر اليوم نميل إلى الاعتقاد أن الغَلبَة للأسرع، وأنه لا بد من الإنجاز المَحمُوم، كما لو كنا في سباق ماراثون. لكن الحقيقة التي نَغفَل عنها هي أن أعظم إنجازات الإنسانية، تمّت بالمثابرة البطيئة والصبر على الرحلة دون تعجّل الثمار قبل أوانها. وهل الأهرامات إلا حجر على حجر، بنيت يومًا بعد يوم، في دأب وصبر عجيبين؟ وكذا سور الصين العظيم، وغيرهما.
خذ وقتك، واستمتع بقطع الطريق، وثابر في رَوِية بلا تكاسل ولا تعنّت!