معادلة غير متكافئة
عندما نكبر، تزدادُ ضغوط الحياةِ أكثر فأكثّر، تشعرُ بأنَّكْ مسؤؤولٌ عنْ نفسِكَ، وتدرُكَ أنَّكَ لا تستطيعُ مواجهةَ الحياةَ وأنتَ لا زلتَ الطِّفلَ المدلل، تحتاجُ إلى أنْ تواجهَ نفسكَ قبل أن تواجهَ الحياةَ بنفسِكَ ولوحدِكَ…يضيقُ صدْرِكَ أحياناً وتتمنى لو تعودُ الحياةُ يوماً أو يومين لتعيشَ كلَّ اللحظاتِ ولتستمتِعَ بكلِّ لحظةٍ أكثر وأكثر..لأنكَ الآن تدرِك أنَّكَ ستكبُر وستشغِلُكَ الدِّراسةُ والتَّفوق والنَّجاحُ والطموحُ عن كثيرٍ من الأمورِ التي قد كنتَ يوماً تهواها. نورْ تحبُّ جمعَ الطوابِعِ ولا تنفَكُّ تجمعُ طابعًا تلوَ الآخر ولكنّها لم تفتح ألبومها منذ سنةٍ كاملة…تحبُّ وتحبُّ وتحبُّ…ولكنها تُدرِكُ الآنْ أنَّ الدِّراسة والمشاغل قدْ حملَتها إلى عالمٍ غريب، التنافسُ عنوانه والتَّحدي أملُه..ولكنها ستصرخُ وستصرخُ بأعلى الصَّوتْ: سـأحتَملُ الشتـاءَ بأمطارِه والصيفَ بجفافِه والربيعَ بحساسيتِه والخريفَ بتقلُّبِ أيامهِ لأصلِ لحلمي الذي تعبتُ وأنا بالطريقِ إليهْ..لأصلَ بالنهايةِ لعالمٍ ليس موجوداً بهذا الكون…لعالمٍ تكونُ بطلة القصةِ فيهِ أنا..سأكون المكانَ والزمانَ والشخوصَ والعقدةَ والحلَّ لِقصةٍ عنوانها (أنا طموحُ يأبى أن يتوقفْ)…..ولكنني قَدْ مَلَلْتُ الرُّوتينْ، وأَوَدُّ كَسْرَ الْحَوَاجِزِ…حّوَاجِزَ الصَّمْتِ..ورُبما الحَوَاجِزَ الَّتْي لَمْ يَكْسِرْهَآ غَيْرِي..لَا أَدرْي مَا هي بِالضَّبْطِ…وَلَكِنْ مُجَرَّدُ التَّفْكِيْرِ بِالْمَوضْوعِ..يَفْتُحُ لْي أَسْئِلَةً لا تَنْتَهي. شْعُورٌ غَريْبْ…وَأَغْرَبُ مِنْ غَرْيبْ…نَوَدُّ أنْ نَصِلَ إلَى هُنَاك..هُنَاك..وَلِكِنْ رُبما لَنْ نَصِلَ إلَى الْهَدَفِ الْمَنْشِودِ، وَسَنَكْتَفي بالْجُلُوسِ تَحْتِ ظلِّ الْأَحْلامِ نواسي أنفُسَنا وَنُطَبْطِبُ عَلى جِراحِنا، هَلْ مِنَ المُمْكِنِ أنْ أَكْونَ فَرْدَاً مِن أفرَاد..مَلآيينْ..بلايينْ..يأكُل يشرَبُ ويَنام؟ لا فأنا أحلم بالنِّجَاحِ والتَّغييرِ دَعْوةٌ مني، لِنَكسِرَ حَوآجِزَ الصَّمتِ…لِنُبْدِع…وَلكنني أعلْمُ أنَّ كلآمي لَهُ ميزانٌ صرفيٌّ لَنْ يُدْرِكَهٌ إلآ أصحابُ الطُّموحِ للتغيير.