ملاحظات الآخرين محل اهتمام
راسل أحد الصحفيين سباحًا مخبرًا له بملحوظة على إحدى صوره، حيث ظهرت بقعةٌ كانت على جسده بشكل أكبر مما هي عليه قبل أربعة أعوام ، كان السبّاح واعيًا بما فيه الكفاية ليقوم بفحص نفسه، مكتشفًا بذلك بدايات مرض السرطان، وبدأ بمعالجته قبل استفحال الأمر.
في ذات السياق كتبَ أحد المتابعين لطفلٍ على انستغرام معلقًا على صورة لمعت فيها إحدى عينيه : (إلى والد الطفل قم بفحص عين طفلك يبدو أن لديه انفصالاً في الشبكية) . قام الوالد بفحص الطفل ووجد ذلك فعلًا، وقام بشكر المتابع على اهتمامه .
اليوم تخبرني إحدى الصديقات عن طفلٍ من أقربائها كثيرِ الحركةِ ولا يتكلمُ أو يستمعُ لمن يكلمُه وقد أصبح في سن الرابعة، وقد أخبرت والديه مرارًا وتكرارًا بضرورة عرضه على طبيب نفسي، فلم يهتموا بكلامها بل وقاموا بشتمها ومقاطعتها! حتى إذا مرت السنوات اكتشفوا أنه مصاب بالتوحد وأنهم قد تأخروا جدًا بفحصه وعلاجه.
لا شك أننا نتعرض يوميًا لكثيرٍ من التعليقات والملاحظات من الآخرين على أنفسنا وأبناءنا فهل علينا تجاهل الملاحظات أم أنها قد تكون مؤشرًا لخطرٍ وشيك؟!
ربما علينا أن نعرف أنواع الملاحظات لنُميّز ما الذي علينا حقًا تجاهله ، وما نهتم به ونستمع له.
أولاً: الملاحظات الهدامة والتي تحمل الأسلوب الهجومي العدائي وفيها شيء من التحقير والتوصيف (أنت لا تفهم، مكروه، ضعيف، أحمق) … إلخ. هذه يقوم بتوجيهها أصحاب السلوك المختل والمضطرب نفسيًا، وعليك ألا تأخذها على محمل الجد. لهذا النوع من النقد عليك تجاهله أو تسأل صاحبه بهدوء: ما الذي دفعك لوصفي بهذا الكلام؟
ثانيًا: الملاحظات السيئة من شخص انتقادي غير واعي، وهذه الملاحظات تافهة لا يلتفت لها، لأنه ليس من المجدي الدخول في نقاش لإثبات عكس ذلك مع المتكلم، بل إنه يتربص لأي تصرف أو سلوك ليقوم بنقده وإبداء ملاحظاته التي لا طائلة من وراءها.
ثالثًا: الملاحظات البناءة: وهي التي تبدي ملحوظات نبيهة ومجدية وفَطِنَة تجاه واقعك أو لأحد المقربين منك، وتوضح بعض النقاط السلبية التي يمكنك تغييرها أو إصلاحها أو تداركها.
هذا النوع من الانتقاد مفيد ويستحق الاهتمام به، نشير هنا إلى أن بعض الناس لا يوفق لطريقة التعبير الصحيحة لإبداء تلك الأفكار بشكل واضح، إلا أنه من الوعي فهم الرسالة التي يريد إيصالها ووضعها في حيز الاهتمام قبل اتهامه بالغيرة أو الحسد أو تجاهل انتقاده وملاحظاته.
من المهم التنبيه إلى أن الناس غالبًا تأخذ الأمور بشكل شخصي وكأن بينهم عداءً وثأرًا! فترمي بكل كلام الآخرين عرض الحائط ولا تلفت لمن يهتم صادقًا بهم وبأحوالهم، بل قد يعتبرون ذلك تعديًا على خصوصياتهم وحياتهم.