دراساتدراسات وأبحاث عربيّة

السن المناسب لدخول المدرسة

لا جدل ولا نقاش حول أهمية التعليم للمجتمعات والأفراد وخصوصًا في مراحل مبكرة من عمر الإنسان إذا قورنت النتائج بالتي يمكن تحصيلها في مراحل متقدمة من العمر. تعتبر المدرسة المصدر الرئيسي والأهم في المرحلة التعليمية ودورها في تحقيق الأهداف التعليمية.

ومما لا شك فيه أن لا أحد يختلف على أهمية التعليم إلا أن الاختلاف كان حول موضوع السن الأنسب لدخول الطفل في سن مبكرة للمدرسة، فمنهم من يفضل دخول طفله للمدرسة في مرحلة مبكرة وقبل سن السادسة،والبعض يجد أن سن السابعة هي الأفضل لانضمام الطفل إلى البيئة المدرسية، والأغلبية يجدون أن سن السادسة  هو السن المناسب.

هناك دراسات كثيرة أجريت حول هذا الموضوع بين مؤيد لدخول الطفل المدرسة في سن مبكر وبين معارض، بين رغبة الأهل في أن يكسب ابنهم سنة دراسية مبكرة ليتفوق على أقرانه وبين الدراسات العلمية التي تعالج هذا الموضوع، نجد اختلافًا شاسعًا بين الآراء والتي سوف يتم مناقشة بعضها في هذه المقالة.

— من بين الآراء يقول الدكتور عماد الدين خضر مستشار وباحث في تربية الأطفال (1):

هناك علاقة وثيقة بين اللعب و بين دخول الطفل للمدرسة في سن مبكرة، إذ إن طبيعة الطفل في سن الرابعة أو الخامسة تكون مائلة للعب واللهو وإشباع الرغبات والميول التي فُطر عليها مثل حب الاستكشاف والتعليم غير المباشر الممزوج باللعب، وهناك تأكيد على أهمية اللعب في صقل شخصية الطفل وصقل مهاراته وهوايته وإكسابه قدرات جيدة للتعلم.

إن تدريس الطفل في سن مبكرة يجعله يتحمل مسؤولية مبكرة أكبر من قدراته الجسدية والعقلية، عدا على أن التعليم المبكر يؤثر على الجهاز العصبي للطفل، ويقلل من حبهم للتعليم إذ أن المدرسة حرمته من مرحلة تعد من أهم مراحل تطور تفكيره ونموه وبالتالي ينعكس سلبًا على مستقبله.

لذا نجد في هذه الدراسة أن السن القانوني سن السادسة هو السن الأنسب لدخول المدرسة.

-أثبتت دراسة إنجليزية (2) أن سن السابعة هو السن الأنسب لانضمام الطفل إلى البيئة المدرسية، إذ إن التعليم الإلزامي في سن الرابعة أو الخامسة أو السادسة يؤثر بالسلب على تعليم الأطفال واستمرارهم فيه.

وأضافت الدراسة أن تعليم الأطفال في سن مبكرة يشجعهم على ترك الدراسة، ويضعف حبهم للتعليم كما هو الحال في إنجلترا وأسكتلندا وأيرلندا الشمالية، وهي البلدان الأوروبية الوحيدة التي تصر على التعليم الإلزامي في سن مبكرة “أربع أو خمس أو ست سنوات”، على عكس باقي بلدان أوروبا، والتي يبدأ فيها تعليم الأطفال في سن السابعة، مما يشجعهم على الاستمرار في الدراسة.

وحذرت الدراسة من المخاطر التي تصيب الأطفال عندما يبدؤون دراستهم في سن مبكرة، وأهمها أن المعلمين يفرضون على الأطفال القيام ببعض المهام الدراسية متناسيين قدراتهم على تنفيذها أو رغباتهم في القيام بها.

كما أن الأطفال في سن مبكرة يكونون أقل نشاطًا؛ مما يجعلهم في حاجة إلى مزيد من الوقت ليتواءموا مع البيئة الجديدة، على عكس الأطفال في سن السابعة، حيث يملكون القدرة على التأقلم مع البيئة الدراسية بدرجة أكبر.

إن التعليم في سن مبكرة يزيد من قلق الأطفال ويوترهم بما يؤثر بالسلب على احترام الذات ويقلل من حبهم للتعليم.

بناءً على دراسة نشرت في جريدة الرياض (3) تناقش السن المناسب لدخول الطفل المدرسة وآراء المختصين في تنشئة الأطفال في هذا الموضوع والتي اختلفت من مختص لآخر.

— اتفق الأستاذ “عبد المنعم بن عبد العزيز الحسين” -مدير التطوير الإداري ومدير تقنية المعلومات في إدارة التربية والتعليم في محافظة الإحساء و“م.نبيل بن علي الوصيبعي” على أن السن المناسب لدخول الطفل البيئة المدرسية التعليمية هو سن السابعة، إذ إن الطفل يصبح مستعدًا متحفزًا للتعليم النظامي، داعين إلى تفهم رغبات الطفل، حيث أن الدراسة قبل سن السابعة هي اقتطاع من حق الطفل في اكتشاف محيطه وبيئته بفطرته الطبيعية.

أما بالنسبة للقدرات العقلية فأشارت د.أنهار بنت فؤاد خوجة” -أستاذة علم النفس في جامعة الملك عبدالعزيز- أنها لا تؤيد دراسة الطفل قبل سن السابعة لأن التعليم المبكر يؤثر سلبًا على تعليم الطفل وعلى قدراته المحدودة، حيث إن بعض المعلمين يفرضون على الأطفال مهامًا تفوق قدراتهم الجسدية والعقلية المحدودة والتي تتطور سنة تلو الأخرى.

وقد نجد لبعض المختصين أراء مختلفة حول هذا الموضوع،فيقول د.محمد بن خالد عبد العالي” أنه يجب علينا مراعاة الفروق والميول والقدرات العلمية والعقلية لدى الأطفال، إذ إن بعضهم يستطيع الجلوس على مقاعد الدراسة في سن مبكر، لذا يجب على الأهل تشجيعهم وإعطاؤهم الفرصة ليطوروا من أنفسهم والانطلاق في مرحلة التعليم المبكر.

— وأشار م.سلمان الحجي عضو المجلس البلدي في محافظة الإحساء وعضو هيئة التدريس بالكلية التقنية، إلى أن “الطفل لديه القدرة على التعلم بعد إكماله سن الثالثة، إذا وجد من يوجهه توجيهًا صحيحًا وهذا ما يتناسب مع التعليم في الدول الغربية”.

لا بد من ذكر أن معظم الآراء تؤكد على أهمية دور الحضانة ورياض الأطفال في تنشئة وبناء شخصية الطفل، من خلال التعلم الممزوج باللعب، وفي هذا تأكيد على أهمية اللعب ودوره في تحديد ملامح شخصية الطفل، ودوره في بناء قدراته العلمية والعقلية والجسدية.

بالنظر إلى إحصائية معينة حاولت الإطلاع عليها وجدت أنه من أصل 139 دولة، هناك(3):

  1. 91 دولــــــة تعتبر سن الست سنوات هي الســـــن النظاميـــــــة لدخول المدرســـــــــة الابتدائية  ومن ضمنها الأردن.
  2. 32 دولة تعتبر سن السبع سنوات هو السن النظامية لدخول المدرسة.
  3. 15 دولة تعتبر سن الخمس سنوات هو السن النظامية لدخول المدرسة.
  4. ودولة واحدة فقط حددت السن النظامية بثمان سنوات.

وكان اختلاف وجهات النظر يدور حول السن المناسب هو 6 أم 7 سنوات وليس أقل ولا أكثر من ذلك.

وفي دراسة نشرت على شبكة زدني للتعلم، يقول الباحث في كامبردج ديفيد وايتبريد من كلية التعليم في إنجلترا: “يبدأ الأطفال رحلتهم في التعليم الرسمي، في تعليم القراءة والكتابة والرياضيات من سن الرابعة”. ففي رسالة جديدة منشورة في الديلي تليجراف، موقعة من قبل ١٣٠ خبيرًا في تعليم الأطفال المبكر، وأنا منهم، دعت الرسالة وأيدت توسيع المجال للتعليم ما قبل المدرسين غير الرسميين المبني على اللعب، وتأخير العمر لبدأ التعليم الرسمي مما هو عليه إلى سن السابعة (وهو ما تفعله بعض الدول الأوروبية التي لديها نتائج أفضل في ما يتعلق بالإنجازات الأكاديمية وصحة الأطفال.(4)

هذه مراجعة خفيفة لأدلة البحث التي تدعم بشكل باهر، البدء المتأخر للتعليم الرسمي. هذه الأدلة لها علاقة بدور التجارب الطفولية المختلطة باللعب في نمو الطفل كمتعلم، ولها علاقة أيضًا بتبعات البدء بالتعليم الرسمي من سن الرابعة أو الخامسة.

هناك عدة أنواع من الأدلة التي تدل على أهمية اللعب في نمو الأطفال الصغار، وقيمة إعطاء وقت أطول للتعليم المرح والمخلوط باللعب قبل بدء التعليم الرسمي. هذه الأدلة تنبعث من دراسات أنثروبولوجية، نفسية، عصبية، وتعليمية.

إذن العمر المناسب لدراسة الطفل في المرحلة الابتدائية يعتمد على دراسة شاملة واضحة المعالم تأخذ في الحسبان إمكانيات أطرافها المعنيين؛ لتنعكس عليه إيجابيًا وليس فقط نقل تجارب الآخرين.

إن كل مرحلة في حياة الإنسان لها دورها وأهميتها في صقل شخصيته، حيث يعتمد دخول الطفل إلى المدرسة في أي سن على قدراته وميوله. فرغبة الأهل في أن يتفوق ابنهم لا يعطيهم الحق في تغيير مسار حياة الطفل والوقوف في وجه رغباته وميوله.

المراجع

dr-khader.com/main/index.php/article/1-2012-05-19…/144-6-.html (1)

www.onislam.net/arabic/…/8514/75278-2008-12-29%2017-52-40.html (2)

www.alriyadh.com/625656   (3)

zedni.com  (4)

زر الذهاب إلى الأعلى