رأي الوالدين

5 نصائح من آباء لبناتهن

للأسف كثيرًا ما نلاحظ دور الأب الغائب في التربية، فهو المعيل للأسرة غالبًا، وينتهي الأمر عند هذا الحد أحيانًا. أو ربما تُضاف عليه وظيفة الأمر والنهي في أحيانٍ أخرى. ولكن رغم هذه الصورة القاتمة المنتشرة إلى حد بعيد، فإن هناك استثناءات ونماذج لا حصر لها، لآباء أثَّروا على أولادهم وعلموهم دروسًا في الحياة لا تُنسى، ومن تجارب بعض الفتيات نستقي أهم 5 دروس علمها بعض الآباء لبناتهن، إلى درجة  أثرت في مسار حياتهن على المدى القريب أو البعيد:

1- من لا يستمع للنصيحة، يدفع الثمن:

أخبرتني إحداهن أن أباها كان يكثر النصح لها، وكانت لا تميل كثيرًا إلى الاستماع إليه رغم أن طريقته ــ كما أكدتْ ــ كانت لطيفة وتحمل الكثير من الاهتمام والحب في طياتها. رغم ذلك، فإن والدها لم يكن يعاتبها على أي خطأ يقع منها، وإنما كان يكتفي بتكرار عبارة: “من لا يستمع للنصيحة، يدفع الثمن”. بل وكان يساعدها في حل كثير من المشاكل التي تقع فيها جراء عدم استماعها للنصيحة. وهكذا، نجح ذلك الأب العطوف والذكي في تغيير تصرف ابنته من المخالفة وعدم الإنصات، إلى الاهتمام والطاعة.

2- لا تستحي ممن لا حياء عنده:

قالت لي إنها كانت دائمة الاستحياء من الناس حتى سيئي الأخلاق منهم، والذي يتعمدون إحراجها أوإيذائها بالكلام أو الأفعال. ولما حكت لوالدها هذا الأمر، قال لها: “لا تستحي ممن لا حياء عنده”. وأكد لها ألا بأس من الرد على مثل هؤلاء وإيقافهم عند حدهم، وأنه من الخطأ أن يستحي الإنسان من المطالبة بحقه، أو توضيح وجهة نظره، أو إيقاف مخطئٍ عند حده خاصة إن كان الإنسان على حق، وكان الشخص الآخر الذي لا يتحرج من التجريح والإيذاء على خطأ!

3- اتركي في حياة الناس ذكرى طيبة!

“الله يذكر فلان بالخير”، كم مرة سمعنا تلك العبارة ووددنا لو نكون مكان ذلك الشخص الذي يدعو له الجميع. للأسف يغفل كثير من الناس عظيم الأثر الذي يتركه حسن الخلق والكلام الطيب في حيوات الناس. كثير منا يعمل في مكان ما ويمضي كما أتى، فلا معروفًا قدَّم، ولا خيرًا فعل، ولا كلامًا طيبًا ذكر، وأحيانًا حتى شره لم يأمن منه الناس. حين أخبرتني صديقتي بنصيحة والدها: “احرصي على أن تتركي في حياة الناس ذكرى طيبة”، ابتسمتُ، وقلتُ لها: “عرفتِ فالزمي يا صديقتي!”

4- إتقانه للغة العربية الفصحى، غير من مسار حياتها!

أخبرتني إحداهن بأن أباها يتقن اللغة العربية، وأنه حرص على تعليمها بل والحوار معها باللغة العربية منذ صغرها. وغني عن الذكر أن هذا الأمر ساعدها على استيعاب اللغة وقواعد النحو بكل سهولة ويسر حين كبرتْ. كما منحها ذكاءً في اكتساب اللغات على المدى البعيد. وساعدتها تلك المهارة كذلك في تعلم عدد من اللغات والاشتغال ببعض مشاريع الكتابة والترجمة لاحقًا.

وتقول إن حرص أبيها على تعليمها العربية بدلًا من اللغات الأجنبية، والتي يميل الكثير من الآباء إلى تعليمها أبناءهم منذ الصغر، كان خطوة في منتهى الذكاء والفعالية. ذلك أن الإنسان إذا أتقن لغته الأم، خاصة إن كانت العربية، تيسَّر له إتقان أي من اللغات الأخرى في معظم الأحيان.

5- القراءة والتعلم الذاتي:

“وجدتُّ نفسي محاطة بالمجلات والكتب منذ صغري”، هكذا أخبرتني إحدى صديقاتي، ثم أضافتْ أن والدها كان يشجعها دومًا على القراءة، فنشأتْ هي وأخوتها بين مجلات وقصص الأطفال، والكتب الأدبية، وقصص الصحابة والعظماء وغيرها. كما أن والدها كان يحثها على التعلم الذاتي، فإذا سأَلتْه عن موضوع أو أرادتْ تعلم مهارة، طلب منها مباشرة البحث في الكتب أو على الإنترنت.

وتقول صديقتي بأن هذا الأمر لم يجعلها تفضل دائمًا تعلم اللغات والمهارات بنفسها، بل جعلها مستقلة فكريًّا بسبب حرصها على البحث عن المعلومة بنفسها، وفهم ما أشكل عليها، وتطبيقه بالطريقة التي “تراها” هي مناسبة دون التأثر برأي الآخرين.

للآباء دور مميز ولا يمكن الاستغناء عنه في التربية. لذا وجب على الآباء خاصة في مجتمعاتنا العربية الخروج من دائرة “الإعالة المادية” فحسب، وإدراك حقيقة أنه على كواهلهم كآباء تقع أنواع لا حصر لها من الإعالات، على رأسها التربية والتعليم!

تسنيم عبدالرحمن النمر

كاتبة ومترجمة من مصر ، مهتمة بقضايا التعليم والأسرة والتطوير الذاتي. عملت سابقًا في عدد من شركات الاتصالات الدولية.
زر الذهاب إلى الأعلى