صوت المعلم

8 مفاتيح للانتفاع بما تقرأ – الجزء الثاني-

6- الحرص على الاستخلاص من كل مادة تسمعها أو تشاهدها أو تقرؤها، لأن العلم صيد والكتابة قيد.

والاستخلاص له عدة وسائل:

أ‌- التجميع: لفقرات أو مقولات معينة مختصة باهتمامك أو تجيب عن التساؤلات التي طرحتها.

ب‌- التلخيص: بأسلوبك للأفكار الرئيسية الواردة في المادة كلها، إذا كانت كلها تصب في اهتمامك.

ت‌- الاختصار: وهذا يكون في الكتب، بأن تجمع الأفكار والفقرات الرئيسية بالنسبة لك في المادة، بأسلوب صاحبها، وتحذف ما ترى فيه تكرارًا أو لا يؤثر على عرض المادة. وكثير من التفاسير اختصرت بهذه الطريقة، مثل تفسير السعدي وخلافه، كمثال لاستيعاب المفهوم.

ث‌- الخرائط الذهنية والرسوم التوضيحية: للعناوين والأفكار الرئيسية بغير تلخيص أو اختصار مضامينها، بل بمجرد أن تنظر في العنوان تتذكر ما كان وارًدا تحته، ويكثر هذا الأسلوب في المواد ذات الطبيعة المعلوماتية أو الخطوات، وفي ذات الوقت تحتاج لاستحضارها دومًا. مثال: واجبات وأركان الصلاة؛ فرائض وسنن الوضوء؛ وظائف الأجهزة الحيوية في جسم الإنسان؛ وصفة طعام .. إلخ.

خطوة الاستخلاص هي لب وثمرة القراءة. فالقراءة السلبية بغير تفاعل لا تصنع مفكرًا عظيمًا، وليست هي البديل عن الفكر. إن القراءة لا تمد العقل إلا بمواد المعرفة، لكن التفكير هو الذي يجعل ما نقرؤه ملكًا لنا. القراءة تهيئ لعقولنا المادة التي ستقوم بتشكيلها، إذ لا يمكن لطاحون أن  تصنع شيئًا دون وجود شيء تطحنه. لكن لابد أن ندون الأفكار التي نعثر عليها، أو تخطر لنا حول  ما نفكر فيه، ومن الضروري مراجعة تلك الأفكار التي نكتبها المرة تلو المرة وذلك لنبقي على مسارات تفكيرنا الأصلي، حتى لا نبدأ باتجاه وننتهي إلى اتجاه آخر.

“وبشكل عام فإذا قرأنا ساعة أمكن أن نخصص ثلث ساعة للتفكير فيما قرأناه، وسيكون وقت التفكير في هذه الحالة وقتًا ( للبرمجة ) لما قرأناه، حيث يصير الدماغ في هذه الحالة إلى ترتيب المعلومات ومراجعة الأفكار التي  سجلناها لإيجاد روابط بينها، والتمهيد لتصنيف منثورها بشكل جيد ..” [د. عبد الكريم بكار].

7- “الحفظ الفكري” أو “حفظ الرعاية” في مقابل حفظ النصوص أو “حفظ الرواية

فبخلاف النصوص الدينية وعلوم الاختصاص، لا يلزمك دائمًا حفظ كل كلمة أو مَتن فيما تقرأ. لكن ما يلزمك هو الحفظ الفكري أي تشرّب الأفكار وفهمها فهمًا منطقيًا يفضي بعضه لبعض، والقدرة على التعبير عنها بصياغة محكمة بيّنة، للبناء عليها لاحقًا.

وقد قيل: “صاحب الكتاب يغلب صاحب الكتب”، بمعنى أن من أتقن كتابًا، فإنه يكون بهذا الفن أحسن ممن قرأ عدة كتب ولم يتقنها. فالعبرة ليست بالكم ولا بكثرة الكتب، إذ معلوم أن العلم مخبوء في بطون الكتب، لكن العبرة بما يرسخ عندك أنت، فتستفيد وتفيد به علمًا وعملًا وتعليمًا.

8- اختيار صحبة إن أمكن، لفتح باب الحوار والنقاش

فإنه أعون على طرد الملل وقدح الذهن وثبات العلم بمذاكرته ونقاشه. لكن احذر الإسراف في حوارات ومناظرات وحلقات نقاشية تأكل من رأس مال فقير أصلًا لم يتكون بعد بل وتكسب صاحبها شعورًا زائفًا بأنه علامة، فيحسب أنه بمجرد القدرة على الرد مرة أو مرتين – ربما لعجز مناظره ليس لقوة حجته هو – قد تمكن من المادة وحاز العلم من أطرافه! إنما الصحبة للتعلم والمذاكرة، لا للتعالم والتباهي!

ملخص أهم ركائز القراءة الواعية البنّاءة:

  1. تحديد الحاجة للمادة ووضع تساؤلات.
  2. التخطيط والتعليق على الهامش.
  3. الاستخلاص من كل جزء اكتملت فكرته ، سواء شفاهة أو كتابة.
  4. مراجعة الهوامش والتعليقات والخلاصات بعد الانتهاء لتثبيت الصورة الكاملة التي أفدتها.
  5. حساب أرباحك من المادة بالتلخيص الشفهي أو الكتابي للأفكار الرئيسية.

هدى عبد الرحمن النمر

كاتبة ومترجمة ومحاضِرة ، في الأدب والفكر وعمران الذات . محررة لغوية ومترجمة . حاصلة على ليسانس ألسن بامتياز ، قسم اللغة الإنجليزية وآدابها
زر الذهاب إلى الأعلى