إرشادات حول الثقافة الجنسية للطفل منذ الولادة.. ماذا تفعل!
الثقافة الجنسية للأبناء ما زالت تشكل عائقًا كبيرًا أمام كثير من الأُسر العربية، بعضها يرى التثقيف الجنسي انفتاحًا غير مرغوب فيه يؤثر في سلوك الأبناء سواء قبل البلوغ أو في مرحلة الشباب، وبعضها يسيطر عليها الشعور بالحرج، ويدفعها إلى الصمت، وتجنب الحديث مع الأبناء.
في الحالتين السابقتين يكتفي الآباء بالرد غير الوافي على التساؤلات التي يطرحها الطفل، وفي بعض الأحيان يكون الهروب من تساؤلات الأبناء هو الحل الأمثل لهم، لكن ما الذي يعود على الأبناء من ذلك؟ ولماذا ومتى ينبغي البدء في تثقيفهم جنسيًّا؟
حرمان الأبناء من الثقافة الجنسية ينذر بالخطر
الممنوع مرغوب
الهروب من تساؤلات الأبناء ورفض تحديد أُسس للتعامل مع الثقافة الجنسية للطفل يضفي إلى المعلومات التي يرغبون معرفتها طابع الغموض، فتبدو وكأنها سر حربي، وهو ما يعد في حد ذاته حافزًا للأبناء يدفعهم ويزيد داخلهم من رغبة التعرف على أسرار هذا العالم الخفي.
اللجوء إلى مصادر أخرى لسد حاجة الثقافة الجنسية
هذا الغموض قد يعرض الأبناء إلى اللجوء إلى مصادر أخرى لاكتساب المعلومات والإجابة عن تساؤلاتهم، فربما يلجؤون إلى ما يحويه الإنترنت، وقد يكون الأصدقاء أحد تلك المصادر، وهذا الأخير ليس بالمصدر الموثوق، فلا تعرف ما هي طبيعة المعلومات التي يحملها الأصدقاء ومن أين جاؤوا بها وما الذي أثارته داخل عقولهم!
الفجوة التي تتشكل بين الآباء والأبناء فيما يتعلق بالحديث عن الجنس أو الثقافة الجنسية، ربما تتسبب في إخفاء الأبناء لوقائع تحرش أو اعتداءات جنسية قد يتعرضون لها، خشية ردود الأفعال غير المتوقعة للوالدين
اللجوء إلى التعرف الذاتي والسري على الأعضاء التناسلية
إن لم يتم توجيه المعلومات الجنسية إلى الطفل بالشكل الصحيح وبشكل تدريجي، فقد يدفعهم ذلك إلى محاولات كاللمس المستمر للأعضاء التناسلية، وفي حال اعتاد الطفل أن تلك الأفعال تُغضب الوالدين وأصبح يهاب ممارستها أمامهم، فربما يلجأ إلى خلع الملابس أمام الآخرين وتعرية أعضائه في غياب الوالدين، هذا بالنسبة إلى الأطفال.
وفي حال استجاب الأطفال بأمان لنصائح الأهل التي تشدد على عدم لمس أو الحديث عن مناطقهم التناسلية، تكون الخطوة الأهم والأخطر في مرحلة المراهقة، ففي تلك المرحلة يزداد الفضول إلى الأبناء، ليس ذلك وحسب، فتلك هي المرحلة التي يبدأ فيها الطفل في مراحل النضج الجنسي، ويبدأ يستشعر الإثارة والشهوات.
وقد يندفع الأبناء سواء كانوا بنين أو بنات نحو الثقافة الجنسية من خلال التعرف الذاتي على أعضائهم التناسلية ومحاولة لمسها، لكن الوضع هنا أخطر منه في الصغر، فقد يُشعِرهُم ذلك باللذة ويدعوهم إلى تكرار الأمر وممارسة ما يعرف بالعادة السرية، وقد يصلوا إلى حد الإدمان ويستمر الأمر معهم طويلًا دون أن يعرف الأهل أي معلومة عن هذا الأمر.
السعي إلى المشاهدة أو التجربة قد تكون بديل الثقافة الجنسية الصحيحة
في حال عدم قيام الوالدين بمهامهم فيما يتعلق بالثقافة الجنسية للأبناء، سيتمكن ذووهم من الوصول إلى المعلومات الجنسية التي يرغبون بها من خلال المصادر البديلة مثل الإنترنت والأصدقاء، لكن على الأرجح لن تكون نتائج ذلك مرضية للوالدين، وحينها يصعب التنبؤ إلى أين سوف تدفعهم، فقد تكون تلك المعلومات بمثابة الشرارة التي تعزز لدى الأبناء رغبة مشاهدة الصور والفيديو لما قرؤوا أو سمعوا عنه.
وقد يصل الأمر ببعض الأبناء أن يشغل “الجنس“ تفكيرهم بالكامل، وهو ما يؤثر في اختياراتهم ومسار مستقبلهم، فربما يصبح أقصى حلم لدى الفتاة الارتباط، سواء كان شرعيًا أو غير ذلك، لتنعم بالحياة العاطفية والجنسية دون النظر إلى الجوانب الأخرى في الحياة مثل استكمال التعليم أو الحصول على وظيفة، وكذلك قد يندفع الابن إلى المضايقات الجنسية أو التحرش بالفتيات حتى وإن كان بمجرد النظر.
بسبب تجنب الحديث حول الثقافة الجنسية مع الأبناء قد تجد الشباب في بعض الأحيان لا يملكون من الأساس معلومات كافية عن أجسامهم وكيف يمكنهم العناية بالمناطق الخاصة، وقد تجد بعضهم مصابًا بالهوس الجنسي وآخرين تتراكم النتائج لديهم إلى ما بعد الزواج لخوفهم من الحياة الجنسية
ماذا أخبر طفلي حول الثقافة الجنسية بالأعمار؟
الثقافة الجنسية للأبناء يبدأ التعامل معها منذ الصغر، فتبدأ بتعريفهم بأعضائهم الجنسية، إلى أن يبدأ الحديث معهم حول الجنس والإجابة عن تساؤلاتهم بشكل علمي دون إضافة طابع الخجل أو الضحك خلال الحديث.
الثقافة الجنسية منذ الولادة حتى عمر عامين
من المهم أن تذكر أسماء الأعضاء التناسلية للطفل بشكلها الصحيح دون استخدام كنايات في الألفاظ، ويكون ذلك عند تغيير ملابس الطفل أو أن يكون ذلك كنشاط خلال الاستحمام.
الحديثمعالطفلفيحمايتهجنسيًّامنالضروريأنيأتيبرفقوود،فلايقلالأمرأهميةعنالمغزىمنوراءتلكالأحاديث،سيكونذلكبمثابةبناءعلاقةثقةوأمانبينالطفلووالديه،مايساعدهعلىإخبارهمبأيموقفيمربهدونخجلأوخوفمنالعواقب
الثقافة الجنسية للطفل من 2 إلى 5 سنوات
مع بداية العامين حتى عمر 5 سنوات يجب أن يتعلم الطفل أن مناطقه التناسلية يجب ألا تكشف أمام أحد، ولا أن يلمسها أحد، حتى وإن جاء ذلك في سياق الهزار أو اللعب.
يجب إخبار الطفل دائمًا وتعليمه كيف يكون رد فعله إن حاول أحد لمس مناطقه التناسلية أو طلب منه خلع ملابسه، بذلك يكون قد امتلك الطفل بعضًا من الأساسيات التي تساعده في الحفاظ على ذاته.
منالضروريالاعترافبفضولالطفلتجاهالتعرفعلىأجسامالآخرينواستغلالههدفًالإدخالالقيموثقافةالأسرةإلىالطفل. نادينثورنهيلكاتبةمهتمةبالثقافةالجنسيةعندالشباب
ستلاحظ بالتدريج في تلك المرحلة أن الطفل أصبح يهتم بالنظر إلى أجسام الآخرين وملاحظة الفرق بين الجنسين، بل سيأخذه فضوله إلى لمس المناطق التي تجذبه في الأفراد الذين يتعامل معهم.
هذا أمر طبيعي، بل هو فرصة يجب أن تستغل في سياق خطتك في جانب الثقافة الجنسية للطفل، فمن هنا يمكن تعريف الطفل بعض القواعد الهامة، كأن يتعلم أن عليه ألا يلمس مناطق بعينها لدى الآخرين أو الانشغال بأمرها، كما ينبغي إخباره عن الوقت المناسب والأسباب المقبولة للتعري سواء بشكل جزئي أو كلي.
الفضول الذي يتخلل الطفل قد يدفعه كذلك إلى لمس الأعضاء التناسلية لأطفال آخرين مثله خلال لعبة مثل الطبيب أو الدكتور، حاول ألا تتذمر وتشعر الطفل وكأنه يمارس فعلًا خطيرًا، والأفضل أن تبدأ تثقيفه برفق بأن عليه عدم لمس الأعضاء التناسلية لأي أحد تحت أي سبب، فتلك المناطق لا يجوز لأحد أن يلمسها.
سؤال الأطفال المحرج.. كيف يتشكل الإنسان داخل رحم الأم / أنا جيت إزاي؟
مع مرور تلك المرحلة يتساءل الطفل من أين يأتي المولود وكيف، من الضروري عدم تجاهل أسئلة الطفل كما ينبغي أن تكون الإجابات صحيحة وليست كاملة الوضوح، أي أن نكتفي ببعض المعلومات التي تتناسب مع عمره.
نادين ثورنهيل، كاتبة مهتمة بالثقافة الجنسية عن الشباب، تقترح أن تكون الإجابة هي شرح لقصة ولادة الطفل، المقصود هنا هو أن يتم إخبار الطفل بتفاصيل بناء جسده داخل رحم الأم إلى يوم الولادة، مع الأخذ في الاعتبار أن تلك هي واحدة من الطرق أو المراحل التي يتشكل بها الطفل.
توصيلالمعلوماتالجنسيةإلىالطفلبشكلعلميوداخلحدودالوالدينأفضلمنأنيتمذلكفيالمدرسةأوغيرها،فالهدفهوبناءعلاقةقويةبينالطفلووالديهإلىجانببناءوعيجنسييمكنهمنمعرفةنفسهجيدًاويجنبهالوقوعفيالمشكلاتفيمابعد
بينما كوري سيلفربيرج، كاتب متخصص في الثقافة الجنسية وله كتاب بعنوان whatmakesababy، يقول إن كان الطفل بحاجة إلى معلومات أكثر، ولم يكتف بتلك الإجابة، فيمكن إخباره بأن هناك بويضة ونطفة يجتمعا معًا ليشكلا طفلًا مثله، على أن يتم إخباره بأنه سيحصل على شرح في وقت آخر يوضح له كيف تجتمع البويضة والنطفة، لكن من الأفضل ألا يُقال للطفل أن سيحصل على المزيد إلا إذا سأل هو، بحيث لا ينشغل الطفل بشيء لم يكن يشغله في ذلك الوقت، فليس جميع الأطفال لديهم استعداد لمعرفة المزيد.
كيف نربي أطفالًا أصحاء نفسيًّا؟
الثقافة الجنسية للطفل من 6 إلى 8 سنوات
بالتدريج ستلاحظ اهتمام الطفل بجسده شيئًا فشيئًا، وسيصبح مشغولًا بتكوين صداقات ودوائر اجتماعية، كما أن بعض الأطفال قد يبدو عليهم الاهتمام بالحديث عن الجنس أكثر من ذي قبل، فتجدهم قد يعيدون بعض الأسئلة للحصول على تفاصيل أكثر من تلك التي عرفوها.
يحتاج الأطفال مع مرور تلك المرحلة أن يعرفوا الكثير عن أجسامهم وعن الجنس الآخر بشكل علمي، ويقترح سيلفربيرج مشاركة الأبناء كتب حول مرحلة المراهقة، حيث تبدأ المراهقة لدى بعضهم من عمر 9 سنوات، ومن الضروري أن يكونوا على وعي واستعداد بما سيقبلون عليه من تغيرات جسدية ونفسية، وأن يكونوا علم دراية بالفرق بين هرمون التستوستيرون والإستروجين.
الثقافة الجنسية من عمر 9 إلى 12
على جميع الآباء والأمهات أن يكونوا على استعداد للإجابة عن كافة الأسئلة التي تدور في ذهن الابن الذي أصبح على أعتاب مرحلة المراهقة، سوف يحتاج الطفل إلى معرفة المزيد حول العلاقة بين الزوجين، ومن الأفضل أن يحصل الطفل على المعلومات من الأبوين، دون خجل أو تذمر، مع دعم الطفل بالمبادئ والقيم وفقًا للدين وعادات الأسرة، أي أن يتعرف الأبناء على حدودهم والمترتبات التي تتبع اختياراتهم، الأهم هو قابلية الطفل للمعرفة، فكما ذكرنا ليس جميع الأطفال سواسية، لذا لا يمكن إعطاؤهم جميعًا المعلومات ذاتها في الموعد ذاته.