مع استمرار نمو الأطفال يبدأ الأهالي في التفكير في قرار ذهابهم للمدارسَ أوالروضاتٍ أوالحضاناتٍ -كل طفل حسب سنه-، وتبدأ حينها كثيرٌ من الأسئلة في أذهان الوالدين، أَوَّلُ تلك الأسئلة هو: هل طفلي مستعدٌّ للمدرسة أو للروضة؟
وحِيرةُ الأهلِ حول الإجابة عليه تدفعهم للبحث عن الإجابة عند مَن حَوْلهم، على الرَّغم من علمهم باختلاف كلِّ طفل عن الآخر، واختلاف طباعه وميوله، وتأتي النصائح دافعة لمزيد من الحيرة بين مَن ينصح بزجِّ الطفل في مقاعد الدراسة، وأن ذلك يقوِّي من شخصية الطفل، ويدفعه للانفصال، ويتيح للأم وقتًا كافيًا للراحة مِن عَناء الطفل وهمومه، غير واعين ولا مدركين الأبعادَ السيئةَ التي يمكن أن يواجهها الطفل؛ فتؤثر عليه، وتدفعه للتأخر دراسيًّا أو الانطواء والخجل.. وبين من يمنع تمامًا إدخال الطفل إلى الروضة والحضانة قبل سن السادسة، حتى لا يتأثر بأي خُلُق أو يكتسب أيَّ عادةٍ سيئةٍ من الأطفال، أو بسبب الخوف المبالَغ فيه على الطفل والتعلق به من قبل الأهل أنفسِهم.
للإجابة عن هذا السؤال علينا ملاحظةُ تغيرات الطفل وأفكارِه، وأن نُدرِكَ أهميةَ ما يتعلمه في هذه المرحلة العُمْرية، وعلينا أن نهتم بالأمر جيدًا، ونسعى لتثبيت بعض المعلومات المهمة التي على الطفل أن يتعلمها؛ ليحصل على فائدة إيجابية من التحاقه بالروضة…
وللأطفال في استعدادهم أنواع:
– يظهر بعض الأطفال مهارةً بارعة في التواصل مع الآخرين والقدرة على الانفصال عن الأبوين من سن مبكرة أي قبل وصولهم للثالثة، ونجدهم قادرين على التأقلم مع الأماكن الجديدة متفوقين في الكلام والتعبير عن احتياجاتهم، وهؤلاء لن يجدَ أهلُهم صعوبةً في إرسالهم للروضة والمدرسة دون خوف، ولا يَلزمهم سوى بعض التدريبات البسيطة والتعليمات اليسيرة وينطلق الصغير في حياته ومع مدرسته وأصدقاءه.
– بيد أن هناك كثيرًا من الأطفال لم يمتلكوا تلك المهارة، ولم يقدروا على الانفصال عن ذويهم، وهم يحتاجون من الأسرة جهدًا ووقتًا، ويظهرون لذلك علاماتٍ معينة يمكن للأهل الاستفادة منها في معرفة قدرة أبنائهم على الاستعداد للمدرسة، ويمكن أن توَفِّر بعض المدارس وقتًا للتهيئة حتى تتوفر لدى طفلك بعض المظاهر التي تحدد مدى استعداد الطفل لدخول الروضة منها:
1- نضج الطفل العاطفي والاجتماعي:
فنجد الطفل يظهر قَدْرًا من المسؤولية والاستقلالية، ينجِزُ بعضَ المهام الشخصية، كأنْ يرتدي ثيابه ويخلعها بمفرده، وأن يعيد أغراضه بعد استعمالها إلى أماكنها، وقدرته على دخول الحمام بمفرده؛ حيث تطلب بعض المدارس أن يكون الطفل قادرًا على استعداد الحمام، وأن يسيطر الطفل على بعض تصرفاته وانفعالاته، ويحاول القيام بذلك، وقدرته على الابتعاد فترة زمنية كافية عن والدته، وإن لم يكن كذلك فعليك البَدْء بتأهيله، وقدرته على التعبير عن احتياجاته بالشكل الملائم اجتماعيًّا كطلب الطعام والماء، والشعور بالخوف، والرغبة في استعمال المرافق، وقدرته على اتباع بعض القواعد والسلوكيات التي تتلائم مع الروضة، مثل الجلوس في مجموعات، والاستئذان، وفهم المتحدث، والاستجابة لما يطلب منه من مهام، وقدرته على التعامل مع الغرباء.
2- أن يظهر الطفل الرغبة في التعلم:
أن يظهر الفضول لما حوله، ويبحث عن كيفية عمل الأشياء، ويحب استخدام الكلمات والأرقام ويحاول العَدَّ، يحب تركيب المكعبات ويحاول التمييز بين الألوان، أن يحاول اكتشاف عالم اللَّعِب.
يُحدَّد مدى استعداد طفلك للمدرسة من عدمه من خلال هذه المظاهر السابقة، كما أن الوالدين هم من يعرفون مدى حاجة الطفل وقدرته وسلوكياته، فعليهم الإجابة بصدق قلوبهم وليس بسؤال من حولهم؛ لأن كل طفل يختلف في مهاراته وسلوكياته عن الآخر، ولا يصح إسقاط تجارب الآخرين على حياتنا وأطفالنا ..