هكذا أصبح المغرب ضمن أسوأ 21 دولة في مجال التّعليم
“اسمي يونس الشاوي، تعلّمت في المدرسة العمومية المغربية ، أطالب بمدرسة عمومية مجّانية وموحدة وبجودة عالية لكل الأطفال المغاربة.. أريد أن يكون لأبناء المغاربة أغنياء وفقراء في المدن وفي البوادي وفي الصّحراء وفي الجبال الحقّ في نفس التّعليم وبنفس الجودة… لأن العلم أساس نهضة الأمم…”
–
هذه أحد النّماذج من التّدوينات العديدة التي أطلقها ناشطون مغاربة على صفحات التّواصل الاجتماعي وخاصة “ الفيسبوك ”، منذ صباح الأربعاء 07-09- 2016، ومع أول يوم دراسي، انطلقت حملة للدفاع عن المدرسة العمومية الفعلية عبر مختلف أرجاء المغرب، عبر تدوينات متشابهة ومستنسخة لبعضها، تنبّهت الحكومة إلى ما آلت إليه المدرسة العمومية، حملات قويّة تجدّد الدّعوة لإرجاع الهيبة للمدرسة العمومية، مطالبين في التّعليم المجّاني، مذكّرين بأدوارها الطّلائعية في تربية النّاشئة، حيث أبرزت مجموعة من الأقلام التّي سال مدادها الرّقمي على صفحات الموقع الأزرق، تذكّر بفضل المدرسة العمومية المجّانية ومساهمتها في تحقيق حق التّعليم لجميع المغاربة وما قدّمته لأجيال متعاقبة.
المدارس الخاصّة تُثقل كاهل العائلات
طلاب مدوّنون، وجلّهم خرّيجو المدرسة العمومية، يطالبون بضمان المساواة بين الأغنياء والفقراء في التّعليم، إذ بعد كتابة الاسم واللّقب، والمهنة يشيرون إلى أنهم يحلمون بمدرسة مغربية عمومية مجّانية، تضمن المساواة والجودة لكل أطفال المغرب، فقراء وأغنياء، بالمدن والبوادي، بالجبال والصّحاري، أن يكون للجميع التّعليم نفسه، والجودة نفسها، والفرص ذاتها.
وناشد نّاشطون أصحاب المبادرة المسؤولين على الأجيال الحالية والمقبلة من أجل إعادة الاعتبار لمؤسّسات التّعليم العمومي، داعين إلى تجويد المناهج التّربوية ومُحتواها، والاعتناء بأسرة التّعليم وتوفير شروط الإبداع والتّميّز ومراقبتها ومحاسبتها، مع ضمان تكوين مستمر لنساء ورجال التّعليم طيلة المسار المهني لمواكبة المستجدّات التربوية، ودعا الرّواد أيضًا إلى خلق برامج قويّة تساهم في لعبها الدّور الرّئيسي في التّعليم، منبّهين إلى خطورة اللّجوء المتزايد وبوتيرة جنونية نحو المدارس الخاصّة، والنّهل من تعاليم ومعارف أجنبية، عوض النّهل من المعارف التي تربّت عليها الأجيال في المدرسة العمومية.
وأفاد مواطن رفض أن يصرّح باسمه، بأن المدرسة المغربية تعاني في صمت من التّهميش والإقصاء، متسائلًا إن كان هذا التّهميش مُمنهجًا تخفيه المذكرّات والبلاغات والمقرّرات الوزارية _ وفق تعبيره _ متابعًا أن ” الأزمة تأبى إلاّ أن تطفو على السّطح”.
ويرى المواطن ذاته أن الحملة نابعة بالأساس عن مشكل الاكتظاظ، وتقليص البنايات وزيادة أعداد الأساتذة الفائضين وتكديس المتعلميّن في الأقسام، في حين أن المدرسة التي ينشدها المغاربة هي مدرسة عمومية مجانية لا تعاني من الاكتظاظ ولا من نقص في الأطر والموارد والوسائل والتّجهيزات.
وجاء هذا النداء مع الدّخول المدرسي، حيث ارتفاع مصاريف التّسجيل، والأقساط الشّهرية مقابل التّعليم في القطاع الخاص، بعد تواضع المدرسة العمومية، التي تخلّت عن دورها في التّعليم، وأصبحت مجرّد مركز استقبال، مما فتح شهيّة المستثمرين في القطاع الخاص في التّعليم إلى الجشع، واستغلال الفرصة والزّيادة السّنوية في أثمان التّمدرس.
ويعاني الآباء مع بداية كل موسم دراسي من ثقل المصاريف، خاصة في التّسجيل، والمبالغة في واجب التأمين، حيث يؤدي أولياء أمور التّلاميذ مبالغ خياليّة، حسب مصدر في إحدى شركات التّأمين، مقابل مبلغ بسيط لا يتجاوز 50 درهمًا، في أحسن الأحوال الذي تؤدّيه المدرسة عن كل تلميذ، وتستمرّ هذه المعاناة مع نهاية كل شهر، طيلة الموسم الدّراسي.
–
–
تقول “خديجة سيف الدين” محامية لدى هيئة المحامين بمدينة فاس لـ”شبكة زدني”: “أنا أُمّ لتلميذين في المدرسة الخصوصية، درست في المدرسة العمومية وعندما أقارن مستواي الدّراسي أنذاك مع المستوى الدراسي لولداي أجد فرقًا شاسعًا بينهما، فمستواي كان أفضل بكثير، وكان للمدرسة العمومية الفضل لولوجي لأحد أحسن الماجيسترات في البلد، تخرّجت وتوظّفت والحمد لله، وأتمنّى أن تنجح هذه الحملة، لأن تمدرس أبنائي عند الخواص أثقل كاهلي”.
عند كلّ دخول مدرسي، يتجدّد الحديث عن رسوم التّأمين بالمؤسّسات التّعليمية الخاصّة، وهي المبالغ التّي تتراوح ما بين 1000 و2500 درهم حسب ما تعتمده كل مؤسّسة، يضطرّ آباء وأولياء التّلاميذ إلى دفعها بداية كلّ موسم دراسي رفقة الواجب الشّهري وحزمة من الوثائق لضمان تسجيل أبنائهم واستمرارهم على مقاعد الدّراسة.
وفي الوقت الذّي حدّدت فيه المؤسّسات التّعليمية العمومية مبلغًا للتأمين يتراوح ما بين 10 دراهم و150 درهمًا، وفق اتّفاقية تجمع وزارة التّربية الوطنية ومؤسّسات التّأمين، فإنّ هذا المبلغ يرتفع ليصل إلى قرابة عشرة أضعاف في المؤسّسات الخاصّة التي تبقى تابعة كذلك للوزارة الوصيّة.
إصرار الحكومة المغربية على خوصصة التّعليم
بعد أن رفعت حكومة عبد الإله بن كيران يدها عن المدرسة العمومية لتشجيع التّعليم الخاص، في أفق القضاء على المدرسة العمومية، شدّد رئيس الحكومة بنكيران في تصريحين له:
– تصريح عبد الإله بنكيران في شهر أكتوبر 2014: ” حان الوقت لكي ترفع الدولة يدها عن مجموعة من القطاعات الخدماتية؛ مثل الصّحة والتّعليم”.
– تصريح عبد الإله بنكيران في شهر يونيو 2015: ” الدّولة لا يجب أن تُبقي التّعليم في يدها”.
و صرّح أيضًا ” الدولة لا يجب أن تُشرف على كلّ شيء، بل ينبغي أن يقتصر دورها على منح يد العون للقطاع الخاص الراغب في الإشراف على هذه الخدمات، وأضاف بأن النّظام الأنجلوسكسوني في التّعليم يعتمد هذا النّموذج، أي “الخوصصة أو الخصخصة”.
ويصرّح الباحث عادل العربي لـ”شبكة زدني” بشأن هذا المقترح الحكومي قائلًا: “هذا حق أريد به باطل، والصّحيح هو أن ما يجري العمل به في النّظام الأنجلو سكسوني وخاصّة في الولايات المتحدة الأمريكية، أن المجال مفتوح للجميع للتّسجيل في مؤسّسات التّعليم العالي التّابعة للدّولة، أما من أراد المتابعة في المؤسّسات الخصوصية فعليه تحمّل التّكاليف المالية للتّمدرس. وهناك يلجأ الطّلبة إلى الاقتراض من البنوك لمدد قد تصل أو تتعدى 10 سنوات من فترة السّداد. وهؤلاء يدبّرون أمورهم، حيث أن سوق العمل هناك واعدة وتفتح آفاقًا جيدة تجعل الطلبة يقدمون على مغامرة الاستدانة من البنوك. فهل لدينا نفس إمكانيات التشغيل وبأجور محترمة؟ وهل أبنائنا في نفس مستوى إمكانية إقراض الطّلبة وهم من ذوي “المستقبل الغامض”، خصوصًا أبناء الطّبقة الشّعبية ذات الإمكانيات المحدودة جدًا؟ ومع ذلك، فالسلطات الأمريكية انتبهت إلى الوضعية الخطيرة لعدد من الطلبة المقترضين المهددين بالسّجن بسبب عدم القدرة على الاستمرار في أداء ديون التّعليم، فسارعت إلى التّكفل بها.
ويضيف: المدرسة العمومية مستهدفة من حيث وجودها ومنتوجاتها، ولذلك فإن الأحزاب المنضوية تحت لواء الحكومة تحرض الجمعيات والتنظيمات وباقي البلطجيات ضد هذه المؤسسة العمومية للقضاء عليها، وفتح المجال للتعليم الخصوصي الرديء ليمارس أبشع ممارسات النهب والافتراس في حق المواطن المغربي المغلوب على أمره، وهذا يحدث بدون حسيب ولا رقيب للتجاوزات التي تسجلها المؤسسات الخصوصية، دون أي اعتبار لمحتويات المذكرات الوزارية، من توجيهات و توصيات. فكفى من استهداف المدرسة العمومية!
جاء ضمن تصريح البرلماني المهدي بنسعيد: “إن السياسة النيوليبرالية المتبعة من طرف الحكومة الحالية خلال السنوات الخمس من تدبيرها، أدت إلى إغلاق حوالي 190 مدرسة ابتدائية”.
من خلال هذا الفيديو
تقارير ومؤشّرات عالمية بوّأت المغرب آخر قوائم التّرتيب في ما يخص جودة التّعليم رغم الانتشار السّرطاني للمدارس الخصوصية في المغرب، ورغم ما يشاع عن جودة تعليمها واختيار أغلب الأسر المغربية لتدريس أولادها في هذا النّوع من المدارس، إلا أن التّعليم في المغرب حسب تقارير ومؤشّرات عالمية تبوّؤه في آخر قوائم الترتيب فيما يخص جودته، فبماذا صرّحت هذه المؤشّرات والتّقارير الدّولية؟
فعادة ما تُقلّل سلطات الدّولة بالمغرب من سوء الوضع بقطاعات معينة كالشّغل والصّحة، وتَعتبر التّقارير الدولية التي تنتقد الوضع مبالغًا فيها، لكن عندما يتعلق الأمر بالنظام التّعليمي فلا تجد مناصًا في أن تُقرّ بنفسها على لسان وزير التّربية والتّعليم حيث سبق أن قال: ” إن مؤشّرات وتقارير عالمية تجعلنا نفهم ونعترف كم نحن فاشلون”، وهو أمر يتّفق حوله الجميع من فعاليات مدنية ورسمية، حتى أصبح التّعليم في المغرب كاليد المجذومة التي لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها من شدّة انتشار المرض.
صُدم المغاربة أول مرة بوضعية التّعليم الذي يتلقاه أبناؤهم بداية عام 2008، عندما أصدر البنك الدولي تقريرًا حول دراسة مفصّلة للتّعليم بـ14 دولة عربية، صُنّف فيه المغرب ضمن المراتب الأربع الأخيرة، بجانب العراق واليمن وجيبوتي، بالرّغم من أنّه لا يعاني حروبًا أو مجاعة مثل تلك البلدان. ثم توالت في السّنوات التالية التّقارير الدولية التي تؤكد المسار المفزع الذي يسير نحوه النّظام التّعليمي بالمغرب.
تقرير لمنظّمة الأمم المتحدة للتعليم والثقافة (اليونسكو) يصنف المغرب ضمن أسوأ 21 دولة في مجال التّعليم في العالم، بمعية دول فقيرة جدًّا مثل موريتانيا والصومال، أو تعيش أوضاعًا غير مستقرّة مثل العراق وباكستان، وأوضحت اليونسكو في وثيقتها تلك أن أقلّ من نصف عدد التّلاميذ في المغرب فقط هم من يفلحون في تعلّم المهارات الأساسية.
وإذا ما أردنا بيانات أكثر حداثة، فيصنف المنتدى الاقتصادي العالمي المغربَ في مؤشر جودة التّعليم لعام 2015 في الرتبة101 من أصل140، واحتلت المملكة الرتبة 126 في تقرير التّنمية البشرية للأمم المتّحدة الصادر نهاية السّنة المنصرمة، والذي يعتمد مؤشر التّعليم والصّحة والدّخل الفردي والمساواة في تقييمه لبلدان العالم، وكان من المثير للخوف أن المغرب تخلّف في ذيل التّرتيب عن كل الدّول العربية باستثناء موريتانيا والسّودان والصّومال واليمن، وتقدّمته كلّ من فلسطين والعراق رغم الأزمات السياسية والاستعمارية التي يعيشها البلدين وفي المقابل الاستقرار الذي ينعم به المغرب، ما ينبئ عن الوضع الكارثي للغاية الذي يعيشه التعليم المغربي.
تجدر الإشارة أيضًا أن نسبة الأمية (بمفهوم انعدام القدرة على التهجي ورسم الحروف) في المغرب تقارب %30 حسب آخر إحصاء رسمي لسنة 2013، وتقول تقارير دولية عديدة بأن النسبة تفوق ذلك بكثير، كما أن %78 من التلاميذ المغاربة لا يحصلون على البكالوريا (شهادة إنهاء المرحلة الثانوية)، أما بالنسبة لوضعية القراءة فإن الأمر يزداد سوءًا، حيث يحتل المغرب في لائحة القراءة والكتابة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الرتبة 162، بأقل من معدل 5 دقائق سنويًّا في القراءة لكل فرد.
أما بالنّسبة للدّعم الموجّه إلى قطاع التّعليم: فقد كشف تقرير اليونسكو حول التّعليم أن مجموع قيمة الدّعم الموجّهة إلى المغرب من جهات أجنبية بغية النّهوض بالتّعليم بالمملكة بلغت 162 مليون دولار أمريكي عام 2014.
وأورد التقرير ذاته أن بريطانيا والولايات المتحدة كانتا هما أكبر مساهم في قيمة الدعم المشار إليه، إذ خصصت أمريكا مبلغ 2.8 مليار دولار كمنح دراسية ومساعدات لمكافحة الهدر المدرسي بالبلدان المتوسطة، ومن بينها المغرب.
أما بالنسبة لتكافؤ الفرص بين الجنسين في التعليم، فقد أشار التّقرير العالمي لرصد التّعليم والّذي صدر حديثًا عن اليونسكو إلى أنه “على الرّغم من التّحسّن في مجال تكافؤ الفرص بين الجنسين فيما يخص الولوج إلى التّعليم الابتدائي منذ عام 2000، فإن التحاق الفتيات بالتّعليم الثّانوي يبقى متخلّفًا، بسبب العقبات الثّقافية وكذلك قضّية الوصول إلى المدرسة وجودتها بالأرياف”.
وأوضح المصدر ذاته أن الحكومة المغربية عملت، في سبيل التّغلّب على هذه الوضعية، على وضع استراتيجية لبناء مدارس متخصّصة ومرافق داخلية. كما حدّدت وزارة التّربية الوطنية والتّكوين المهني معايير لاستهداف المناطق الأكثر عزلة وتلك التّي ترتفع بها نسب الفقر، قائلة: ” إن 7% من السّكان يعيشون على أقل من 1.99 دولار في اليوم ما بين 2003 و2013″.
وقدر التّقرير عدد الملتحقين بالتّعليم الابتدائي خلال عام 2014 بـ1.25 مليون و3.57 بالتّعليم الثّانوي، إضافة إلى 3.15 مليون تجاوزوا المرحلة الثّانوية، وبلغ مجموع تلاميذ المرحلة الابتدائية 4.30 ملايين 48 في المائة من بينهن إناث، مؤكدًا أيضًا أن 89% من التلاميذ تمكنوا من الانتقال من الابتدائي إلى الإعدادي، وبلغ عدد الملتحقين بالتعليم الثانوي خلال السنة نفسها 2.554 مليون تمثل الإناث نسبة 45% من بينهن.
و رغم كلّ هذا الجدال بشأن خوصصة التّعليم في المغرب، فقد أوضحت الوثيقة نفسها أن المملكة المغربية ما زالت تتّبع سياسة تعميم التّعليم المجّاني حتّى سن 15، لكن مع ذلك لا تزال الأسر تتحمّل جزءًا كبيراً من التّكاليف الدّراسية، وهو ما يشكّل عائقًا بالنّسبة إلى البعض.
وبالرّغم من تلك الوضعية المتأزّمة، فإن اليونسكو تؤكد أن دعم التّعليم في البلاد أدّى إلى تحقيق مكاسب كبيرة، فخلال العام الدّراسي 2013/2014، كان هناك 825 ألف تلميذ استفادوا من برنامج ” تيسير” الذي يقدّم الدّعم المادّي إلى الأسر الفقيرة وسكّان الأرياف لتمكين أبنائهم من متابعة دراستهم، وهو ما يمثل نسبة 13% من مجموع تلاميذ الابتدائي والثّانوي. وحسب الوثيقة ذاتها، فقد استفاد حوالي 4 ملايين طالب من مبادرة “مليون محفظة”، مبرزة أن أكثر من نصف ميزانية الدّعم الاجتماعي وجهّت إلى هذين البرنامجين في 2014/2015.
وأظهر تقييم لخطة الطوارئ لعام 2012 أن هناك تقدّمًا ملحوظًا فيما يخص تطوير خدمات التّعليم، سيما في القرى والبوادي، إلا أن البلاد تفتقر إلى برامج الحماية الاجتماعية المباشرة للأسر والأطفال الذين يحتاجون إلى الرّعاية.
فقدان الثّقة بالمسؤولين على التعليم
رشيد الأمين، باحث في فلسفة التّربية ، أفاد ضمن تصريح ل”شبكة زدني” “أن لجوء مجموعة من المغاربة إلى مواقع التّواصل الاجتماعي من أجل توجيه رسائل افتراضية إلى المسؤولين عن قطاع التّربية الوطنية يعود إلى ما أسماه ” فقدان المواطنون الثّقة بالمسؤولين وتعذُّر الاتّصال معهم إما أنّهم يوجدون خارج التّغطية، أو ربما ليست الأمور بأيديهم”، لافتًا إلى أن “مطالب ناشطو الفيسبوك مشروعة ودستورية ومنطقية ومعقولة، عسى أن تجد لها آذانا صاغية، تفعّلُ وتنفّذ”.
ويضيف بأن “مثل هذه الحملات الرّقمية تلعب دورًا حاسمًا وفعّالًا في إحداث التّحوّلات والتّغيّرات داخل المجتمعات وفي إعادة تحديد الجوانب السّياسية والاقتصادية والاجتماعية، وخلق الدّيناميكية للجهات الفاعلة في إحداث التغيير، كما يسمح مثل هذه الحملات الرقمية بالتّعبئة الجماهرية والانتقال من “الافتراضي” إلى “الواقعي”، فقد أصبحت بمثابة أدوات فعاّلة تمنح مجالات أوسع لتنظيم وتنسيق الحركات داخل الدول وبالتالي المساهمة في إرساء قواعد عملية للتعبئة والقيام بالإصلاحات المتاحة”.
فلم يمض أكثر من يومين على هذه الحملة الرقمية، حتى خرج الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة “إلياس العماري” -المعارض الأول لرئيس الحكومة الحالي والمرشح للانتخابات التشريعية المقبلة- ليستعرض يوم الجمعة 09 سبتمبر 2016، بالمؤسّسة الدبلوماسية بالرّباط مقترحاته وخطّته للخروج من الأزمة التي تعاني منها المدرسة العمومية بالمغرب.
وأكّد أن المغرب “يعيش حقيقة على وضعية تعليمية مخيفة في كافة مستوياتها”.
وفي تشخيصه لوضعية التّعليم، أوضح زعيم حزب “الأصالة والمعاصرة”: ” أن المغرب لم يسع لربط التّعليم بالشغل، كما أن المملكة ظلت لسنوات متردّدة في وضع اختياراتها الاستراتيجية لبلورة الإصلاح، إذ لم تكن لدينا الشّجاعة الكافية في تحديد الخيار الاستراتيجي في لغة التّدريس ومضمون التّدريس “، مضيفًا أن ” المغرب يعاني ضعف بنيات الاستقبال أمام الاكتظاظ المهول، إضافة إلى وضعية البحث العلمي التي لم تعرف منذ الاستقلال أي تطور في ميزانيتها ” .
ختامًا، يبدو أن النظام التّعليمي في المغرب يمرّ بحالة تخبّط وفقًا لمراقبين قد أوصلته إلى نفق مسدود يصعب التّعامل معه، لدرجة أن وزير التّربية والتّعليم “رشيد بلمختار” ورئيس الحكومة “عبد الإله بنكيران” اختارا إرسال أبنائهم للدّراسة في فرنسا، بينما يمثلاّن معًا الجهة المفترضة، بحكم المسؤولية التي يشغلها كل منهما، لتوفير تعليم جيّد لأبناء الشّعب.