تدابير لقمع ظاهرة الغش بالجزائر، فهل نجحت؟
لا يختلف اثنان في الجزائر على أن الغش في الامتحانات أصبح ظاهرة متفشية تتكرر مع كل امتحان مدرسي، فلا يوجد من لا يعرف الطرق التقليدية في الغش، وهي طرق استطاعت المصالح المسؤولة محاربتها والإيقاع بالمتورطين متلبسين، لكن ما لم تتمكن وزارة التربية الجزائرية من إيقافه هو غش التلاميذ عبر تكنولوجيا الاتصال الحديثة.
عاشت المدرسة الجزائرية العام الماضي فضيحة في امتحانات البكالوريا في دورة جوان 2015، بعد أن عمد تلاميذ إلى استعمال الهواتف الذكية وتقنية الجيل الثالث للإنترنت في الغش، في حادثة أولى لم تعشها البلاد بعدما تسببت العملية في تسريب مواضيع الامتحان وحل الأسئلة المقترحة مباشرة عبر صفحات التواصل الاجتماعي بتواطؤ حتى من أولياء التلاميذ.
وتحركت حينها المصالح العليا في البلاد بفتح تحقيق في الموضوع، توصل إلى تحديد هوية 400 متورط تم إقصاؤهم جميعًا.
سيناريو تتجنبه وزارة التربية
وتفاديًا لتكرار فضيحة العام الماضي، باشرت وزارة التربية الجزائرية ومنذ بداية الموسم الدراسي الحالي في اتخاذ جملة من التدابير الاحترازية، ورفعت شعارًا امتحانات “بلا غش” وبلا “فضائح” بداية من توعية ما يزيد على 800 ألف تلميذ مشارك في الامتحان وأوليائهم، بخطورة الغش والعواقب المترتبة عليه من عقوبات مشددة ، ومرورًا بتنبيه الأساتذة لأهمية التفطن لكل محاولة غش، وختامًا بالاستنجاد بقوات الأمن الدرك الوطني ووزارة البريد وتكونولوجيات الإعلام والاتصال في لقاءات مغلقة، تم فيها اتخاذ تدابير أمنية احترازية وصفت بـ“العسكرية”، على رأسها وضع أجهزة تشويش لمنع أي اتصال بالوسائل الحديثة في مكان الامتحان.
ووضعت وزارة التربية دليلًا صارمًا وجهته إلى كل مديريات التربية، يحوي كل الإجراءات والتدابير الاحترازية لقمع الغشاشين، على رأسها ” ألا يعين رئيس مركز إجراء الامتحان في مقاطعة عمله ومقر إقامته بالنسبة لامتحاني شهادة البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط، ويعتبر مسؤولًا عن كل ما يجري في المركز، وعليه أن يكون يقظًا فطنًا لكي يجري الامتحان في ظروف عادية وطبيعية”.
دليل وقائي، ولأول مرة أجهزة تشويش على الهواتف
وألزم الدليل الذي يحوز “فريق زدني” نسخة منه “رئيس المركز أن يلتحق بالمركز قبل ثلاثة أيام من انطلاق الامتحان لتحضير المركز، على أن تتم المراقبة الوقائية والمادية في هذه المدة مع المصالح المعنية، يتأكد ويحرص على حراسته الليلة طيلة سير الامتحان، ويكون مسؤولًا عن المواضيع من لحظة استلامها إلى غاية توزيعها على المترشحين، كما أنه هو المسؤول الأول عن عملية فتح الحافظات وتطبيق جميع التعليمات الخاصة بها، وتطبيق التعليمات الخاصة بالحراسة بكل صرامة.
ويحرص رئيس المركز وفق تعليمات وزارة التربية على منع أية محاولة لدخول أي كان من غير المكلفين بمهمة إلى المركز، كما تم تجنيد ملاحظين من خارج الولايات يسهرون على متابعة استقبال المترشحين والأساتذة الحراس، خاصة فيما يتعلق بتسيير عملية الحراسة، حيث يعتبر الملاحظ مسؤولًا مباشرة في حالة حدوث أي شيء خصوصًا الغش في الامتحان.
وجاء في الدليل “يمنع منعًا باتًا إحضار واستعمال الهاتف النقال بمراكز الإجراء وذلك سواء من طرف المترشحين أوالمؤطرين والأساتذة وكافة العاملين بهذه المراكز، وإيقاف خطوط الإنترنت على مستوى المؤسسات طيلة فترة الامتحانات، و إلزام المسؤولين على تحضير مخطط جلوس المترشحين بالقاعة، بحيث يمتحن في كل قاعة 20 مترشحًا، وكل مترشح يجلس على أقصى يمين الطاولة، وهكذا يصبح المترشحون يشكلون صفوفًا وراء بعضهم البعض بصورة منظمة لمنع أي غش ممكن.”
وأعطت وزارة التربية أوامر لمديريات التربية لقطع شبكة الإنترنت خلال امتحانات نهاية السنة عبر كافة مراكز الإجراء، محذرة رؤساء المراكز والأساتذة الحراس من أي تساهل مع الممتحنين، في حال ثبوت أي حالة غش أو محاولة أي مترشح استعمال الهاتف النقال أو أي ورقة أو وثيقة غير المسودة التي تمنح له خلال الامتحان، علمًا بأن الوصاية لجأت – بهدف تعزيز المصداقية على البكالوريا- إلى تنصيب أجهزة تشويش على الهواتف الذكية في الولايات التي سجل فيها حالات الغش في الامتحانات السابقة، على غرار مراكز العاصمة الجزائر مثلًا، لمنع أي اتصالات من قبل التلاميذ من شأنها تسريب المواضيع من القاعات.
وسهرت الوزارة الوصية على منع مغادرة مركز الإجراء لجميع المؤطرين، إلا بعد الانتهاء من فترة الإجراء، مع منع دخول مركز الإجراء لكل من لا يحمل استدعاء أو تسخيرًا للعمل، وحتى لو كان موظف بالمؤسسة غير معني بمهام مركز الإجراء، فيما تم الحرص على السهر على بقاء أبواب القاعات مفتوحة طيلة فترة كل اختبار، دفعا لأية شبهة. ويمنع منعًا باتًا وقوف الأساتذة الحراس أمام الباب، بل يجب أن يكونوا واقفين حتمًا داخل القاعة.
الأستاذ الحارس مسؤول عن أي غش
وجاء في “الدليل” أنه يجب على الأستاذ الحارس التفرغ التام للحراسة ، ويمنع عليه منعًا باتًا إحضار واستخدام الهاتف النقال أو قراءة الجرائد والكتب وغيرها، وتواجدهم في مكان واحد أو التحدث فما بينهم والسير في الممرات، أو الوقوف أمام المترشح وتواجدهم أمام باب قاعة الامتحان، بل عليه القيام بمهمته الأساسية، وهي الحراسة وقطع أية محاولة تواصل بين المترشحين مهما كانت، ويعتبر مسؤولًا عن كل ما يقع داخل القاعة خاصة، حيث سيحال إلى مجلس التأديب كل من لم يقم بواجبه، وتتخذ ضده الإجراءات القانونية الصارمة، علمًا بأنه يغير الأساتذة الحراس في القاعة في كل اختبار مع إبقاء واحد من الأساتذة ثابتًا خلال أيام الامتحان، والذين يمنعون من قراءة نص الاختبار على المترشحين أو الإجابة عن أي استفسار يخص الاختبار، إلا اذا صدرت تعليمات رسمية من الخلية المركزية للمتابعة بالديوان الوطني للامتحانات والمسابقات.
وأمام مراكز الامتحان، أمرت الوزارة وضع حراس من الجنسين يتكفلون بالتفتيش، والتحقق من التطابق لبطاقة الهوية مع الاستدعاء، في حين وفي داخل القاعة يجبر الأساتذة الحراس على التحقيق في تطابق المعلومات المدونة في القصاصة الملصقة على الطاولة، وكذا المعلومات المدونة من طرف المترشح على ورقة الإجابة، والتحقق بلطف ومهارة في وجوه المترشحين لكشف أي تزوير محتمل”.
14 أستاذ احتياطي لكل مركز
ولتفادي أي نقص في عدد الحراس وضعت الجهات المعنية قائمة احتياطية لـ14 أستاذًا حارس من الجنسين بالنسبة لامتحان البكالوريا، و3 أساتذة حراس احتياطيين من الجنسين بالنسبة لتولي استخلاف المكلفين بالحراسة الذين تغيبوا لأسباب طارئة كالمرض، ودعم أعوان الاتصال على مستوى الأروقة ودعم الأستاذة الحراس المكلفين بمراقبة وتفتيش المترشحين على مستوى مدخل المركز، ومرافقة المترشحين الى دورات المياه في حالة الضرورة القصوى وإلى العيادة، ويبقون معهم حتى العودة بهم إلى أماكنهم.
كما يعفى إجباريًا كل أستاذ من الحراسة يوم يمتحن المترشحون في مادة تخصصه، ويعفى إجباريًا من المشاركة كل من له قريب “أب، بنت، أخ، أخت، زوج ” مع ملء التصريح الشرفي وتسليمه للأمانة التي ترفقه مع الوثائق الخاصة بالمركز.
محرمات وعقوبات و إقصاء لـ10سنوات
ويؤكد الدليل “أن الخروج أثناء الاختبار ممنوع” وعند الضرورة القصوى جدًا يرافقه أحد الأساتذة الحراس ويبقى معه، وفي حالة ذهاب المترشح إلى دورة المياه برخصة يعينها رئيس المركز والتي يجب أن تفتش قبل دخول المترشح إليها وبعد خروجه منها، فإنه يتم تفتيش المترشح نفسه تفتيشًا دقيقًا لربما يكون بحوزته جهاز نقال أو مستندات قصد استخدامها في دورة المياه، لذا على الحراس أن يتفطنوا إلى ذلك جيدًا، وفي حالة ذهابه إلى العيادة برخصة فإنه يكون برفقة الأستاذ الحارس أو الأستاذة الحارسة حسب الجنس، على أن يبقى معه حتى أثناء الكشف.”
وألزمت الوزارة رئيس المركز وفي حالة ثبوت الغش أن يطلب من المترشح بالاعتراف بالغش كتابة، ثم يحرر رئيس المركز والأساتذة الحراس تقريرًا من طرفهم ويشار إلى حالة الغش في محضر سير الاختبارات الكتابية، علمًا بأنه عند ثبوت الغش يمنع المترشح من مواصلة الامتحان وتسحب منه الأوراق الثبوتية أو الوسائل المستعملة في الغش.
وأكبر إجراء تعول عليه وزارة التربية الوطنية لإنجاح خطتها ومنع “الغش” هي رفع حجم العقوبات ضد الغشاشين في شهادة البكالوريا باعتماد إقصاء من المشاركة في الامتحان لمدة 10 سنوات كاملة للتلاميذ النظاميين، بدل 5 سنوات، وفق التحذيرات التي قدمتها المسؤولة الأولى للقطاع نورية بن غبريت في استدعاءات المترشحين، والذي هددت فيها بإقصائهم من هذا الامتحان المصيري الذي حدد ل 29 ماي 2016، في حالة ضبط أية أداة اتصال بحوزتهم، كما قررت فيه منعهم من إحضار أي محفظة مهما كان حجمها إلى مركز الامتحان وحرمانهم حتى من دخول المراحيض.
ووفق قائمة الممنوعات التي جاءت في ورقة استدعاء مترشحي شهادات البكالوريا، وهذا تحت عنوان“احذر من الغش” “تعتبر حالة غش ويقصى المترشح لمدة عشر سنوات إذا تم ضبطه في إحدى حالات إحضار أي أداة اتصال مهما كان نوعها” هاتف نقال، لوحة إلكترونية، wifi، بلوتو، كتب، كراريس، مطبوعات، كيس محفظة، حقيبة، أو أي نوع من الحافظات للأذن، ووجودها معك في مركز الامتحان يعتبر غشًا يعرضك إلى التوقيف والإقصاء النهائي من الامتحان”.
كما يعتبر غشًا وفق وزارة التربية ” وجود أوراق إجابة أو مسودات غير المسلمة للتلميذ في المركز. والاتصال بمترشح آخر بالإشارة أو بالكلام أو بالإيحاء، أو الحديث مع الحراس حول محتوى الاختبار، أو إثارة الفوضى أو التحريض عليها داخل القاعة أو خارجها، أو تغيير مكان جلوسك أو تحويل موضع طاولة المترشح في قاعة الاختبار”
وشددت وزارة التربية على منع خروج المترشح من قاعة الامتحان لأي سبب كان، إلا بعد مرور نصف الوقت الرسمي للاختبار.
وعلى عكس السنوات السابقة ستنطلق امتحانات البكالوريا لهذا العام على الساعة 8:30 صباحًا بالتوقيت الجزائري، عوضًا عن الساعة الثامنة صباحًا، وحذرت وزارة التربية من أي تأخر عن هذا الموعد، كونه سيحرم المترشح من اجتياز الامتحان بهدف محاربة الغش، باعتبار أن بعض التلاميذ يتعمدون التأخر لمحاولتهم الحصول على الأجوبة في الدقائق الأولى من انطلاق الامتحانات، كما أنه لوحظ أن حالات الغش تحدث في النصف الساعة الأولى من توزيع المواضيع.
وسارعت الوزيرة مع اقتراب اليوم الرسمي للامتحان لنصح التلاميذ المقبلين على الامتحانات بتفادي الغش، و ذكرت أوليائهم بتجنب ممارسة الضغط السلبي على الأبناء الذين أصبحوا لا يعيشون طفولتهم، كما نصحتهم بتوجيه أبنائهم لعدم اللجوء إلى الغش.
أولياء متورطون
وكشفت الوزيرة عن حالة تلميذ تورط في الغش باستعمال 7 هواتف نقالة، محملة الأولياء مسؤولية شراء هذه الهواتف التي استغلت في الغش، وتورطهم في تفشي الظاهرة، مشيرة إلى تلميذ آخر ضبط وهو يتحدث مع ولي أمره الذي كان يعطي له حلولًا للأسئلة المطروحة.
ويقول رئيس الديوان بوزارة التربية الجزائرية قليل عبد الوهاب، في تصريح لفريق شبكة زدني: إن أفضل وسيلة في الوقت الراهن لتقليل بؤر الغش هو تشديد الحراسة أثناء الامتحان، لمنع التلاميذ من استعمال أية وسيلة إلكترونية من شأنها مساعدتهم على “الغش”.
وأشرف قليل على تقديم محاضرات تحسيسية لفائدة رؤساء مراكز لـ 5 ولايات في الوسط الجزائري، وخص رؤساء المراكز الذين سبق وأطروا هذا النوع من المراكز قبل هذه السنة، وكذا المؤطرين الجدد الذين يعينون لأول مرة للإشراف على مراكز إجراء امتحانات شهادة البكالوريا.
وتم اخطار2561 رئيس مركز بأهم الأساليب المستعملة من طرف التلاميذ في الغش وأخطرها، سعيًا لتنبيههم والتفطن لها، خاصة بعد تأخر عملية تنصيب أجهزة تشويش على مستوى كل ولايات الوطن، لمنع كل أشكال الاتصال نظرًا لغلاء تكلفة التجهيزات .
وأعلنت وزيرة التربية نورية بن غبريت تشكيل “لجنة دائمة” مكونة من الدرك الوطني والمديرية العامة للأمن الوطني ووزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال إلى جانب وزارة التربية الوطنية مهمتها “مرافقة” هذه الامتحانات الوطنية، و السهر على “مراقبة” كل ما سيجري فيها.
“نوعية المواضيع” خطة بديلة مستقبلًا لقمع الغش
وكشفت عن لجوء وزارة التربية إلى اعتماد طرق أخرى لمنع الغش، بداية من الموسم الدراسي المقبل 2016\2017، سترتكز على نوعية مواضيع البكالوريا المعتمدة على الفهم مستقبلًا، والتي ستعد الوسيلة الوحيدة لمكافحة الغش، موضحة أن “نوعية المواضيع المطروحة في البكالوريا ستكون مستقبلًا الوسيلة الوحيدة لمحاربة كل محاولات الغش”.
وأشارت الوزيرة إلى أنها ستعمل “تدريجيًا” على الابتعاد عن المقاربة بالحفظ في إعداد مواضيع البكالوريا، والاعتماد على فهم المواد التعليمية، إلى جانب التركيز على الأخلاق والقيم في التكوين في القطاع، سواء للمؤطرين أو التلاميذ وذلك بداية من الدخول المدرسي المقبل.
الدرك بالمرصاد
من جهتها، كشفت مصالح الدرك الوطني أنها ستأخذ على عاتقها تقديم يد المساعدة لوزارة التربية الوطنية وذلك بإقحام جميع الوسائل البشرية والمادية لضمان السير الحسن لسير هذه الامتحانات على مستوى 48 ولاية،عن طريق تفعيل مخطط وقائي عملياتي خاص يضمن التغطية الأمنية لمراكز الطبع وإجراء الامتحانات والتجميع للترميز، ومراكز التصحيح.
وأكدت مصالح الدرك أنها ستعمل على تأمين مجريات امتحانات نهاية السنة الدراسية 2016، عبر فرقة مختصة تفضح في ثوانٍ أي تلميذ يستعمل تكنولوجيات الاتصال للغش، مع ضمان المرافقة من طرف وحدات الدرك الوطني للمواضيع وأوراق الإجابات بالتنسيق مع موظفي قطاع التربية الوطنية باتجاه كل مراكز الامتحان، وتوفيـر الأمن من طرف فرق الدرك الوطني لمراكز الامتحانات والأماكن المحاذية لها ومقرات مديريات التربية.
كما أكدت أنها ستضمن مرافقة جلب مواضيع الامتحانات في وقتها المحدد، ومرافقة وحماية توزيع مواضيع الامتحانات من مديريات التربية إلى مراكز الامتحان، مع تأمين ونقل أوراق الأجوبة من مراكز الامتحانات إلى مديريات التربية ومن مديريات التربية باتجاه مراكز التصحيح، وتــــــعزيز تشكيلات أمن الطرقات للدرك الوطني على مختلف الطرق الوطنية والولائية والبلدية، خاصة المؤدية منها إلى المناطق العمرانية، وذلك قبل وأثناء فترة إجراء الامتحانات، وضمان تغطية أمنية لتأمين مجريات الامتحانات والأماكن التي تجرى بها، وذلك حسب عدد المراكز في كل الولايات سواء الجنوبية والشمالية، أو ولايات الشرق والغرب والوسط .
كما ستشارك المديرية العامة للأمن الوطني في حماية الامتحانات النهائية، عبر تنصيب ترسانة مع أعوان الشرطة عبر كل مراكز الامتحان لضمان أمن وسلامة المترشحين والطاقم التربوي، مع متابعة دقيقة لكل أيام الامتحان لإحباط أي محاولة غش، على غرار ما تم العام المنصرم حين تدخلت الشرطة لإيقاف تلاميذ متورطين مع أوليائهم، متلبسين بالغش عن طريق البلوتوث.
وسخرت هذه السنة “المديرية العامة للأمن الوطني 52 ألف عون أمن لتأمين مراكز امتحانات نهاية السنة الدراسية عبر توزيع 25.856 شرطي عبر 7.390 مركز امتحان لنهاية الطور الابتدائي، منها 15 ألف و500 شرطي فقط لتأمين مراكز امتحانات شهادة البكالوريا والبالغ عددها 2.312 مركز” .
تحد صعب
وقال نبيل فرقنيس المكلف بالإعلام بفدرالية عمال التربية (نقابة) لفريق “زدني” إن ظاهرة الغش في الامتحانات الرسمية انتشرت بشكل مرعب حتى أنها أصبحت أمرًا عاديًا، وهو ما مس بمصداقية امتحان شهادة البكالويا خاصة في السنوات الأخيرة .
وأشار إلى أن هذه الظاهرة أصبحت شبحًا للحراس ولرؤساء مراكز الإجراء بعد أن انتشرت الاعتداءات الجسمية على بعض الحراس، الذين حاولوا ردع ومنع الذين قاموا بمحاولات الغش تحت مقولة “من نقل انتقل”.
وأشار ” إن هذه الظاهرة أصبحت قضية وطنية يجب محاربتها إذا أردنا النهوض بالمدرسة وإعطاء مصداقية أكثر للامتحان، ولن يتأتى ذلك إلا بوجود إرادة سياسية تمنع هذه الظاهرة بمختلف أنواعها، خاصة وأن الغش بدأ يأخذ مختلف مناحي حياتنا، لذلك يتوجب اليوم ردع الظاهرة بجميع جوانبها انطلاقًا من المدرسة “.
ودعا المتحدث إلى إعادة النظر في صياغة أسئلة مختلف الامتحانات التي أصبحت اليوم تعتمد على أسئلة مباشرة تسهل الأمر للغشاشين، وتكوين الحراس وجعلهم يتحكمون في الوسائل العلمية الحديثة التي يستعملها الطلبة في الغش، مع تزويد مراكز الإجراء بأجهزة التشويش على الهواتف والانترنت”.
وقال “إن السلطات المشرفة على القطاع تتحمل المسؤولية التامة في تفشي هذه الظاهرة لأنها الوسيلة لتضخيم النتائج على حساب المستوى، و في نظرنا هي ستر لعيوب النظام التربوي الجزائري شأنها شأن الانتخابات التي تضخم نتائجها لأغراض معروفة عند الجميع”.
أما العضو البارز في الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان هواري قدور فقال في تصريح لفريق “زدني” إن “ظاهرة الغش في الامتحانات من السلوكات الانحرافية المخلة بالضوابط الاجتماعية والتربوية وتكاد اليوم تفتك بالجسم التعليمي والمنظومة التربوية برمتها بعد أن أصبحت البرامج التعليمية تعاني أغلبها عجزًا مركبًا في نظامها التعليمي.”
واشار “أنه وفي هذا المجال رصدت الرابطة في تقرير لها – يحوز فريق زدني نسخة منه- ” تنامي ظاهرة الغش في الامتحانات وتطوير أساليبها وارتفاع وتيرتها بنسبة وصلت الى 35%في السنوات 2011، 2012، 2013، 2014 و2015 مقارنة مع ما كان عليه الأمر قبل الإصلاحات التي قامت به الوزارة الوصية “.
لكن وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريت، قللت من ظاهرة الغش في الامتحانات وقالت خلال تنشيطها في يوم 13 أوت 2015 لندوة صحفية بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للطفل الإفريقي، إن حالات الغش أعمال فردية معزولة وليست جماعية منظمة .
وذكر التقرير “أن وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريت وعدت بإجراء تحقيقات حول من هي الجهة التي تسرب الامتحانات بعد بدء الامتحان في أقل من نصف ساعة ، ولكن تلك التهديدات هي مجرد تسويق إعلامي، بهدف ذر الرماد على العيون من أجل تغطية فشل الإصلاحات التي تقوم به وزيرة التربية الوطنية “.
وتسائل صاحب التقرير هواري قدور “لماذا لم تجرِ التحقيقات حول تسريبات الامتحانات لحد الآن رغم أن الدولة لجزائرية لها كل الإمكانيات الحديثة لضبط المجرمين، ومن وراء عملية التجميد هذه التحقيقات، ولماذا الخوف من كشف الستار؟”
وقال “كل عام يتحمل التلميذ وحده ظاهرة الغش في الامتحانات رغم أن هناك الجهة النافذة والمؤثرة التي تسرب الامتحانات بعد بدء الامتحان في أقل من نصف ساعة وينشر في مواقع التواصل الاجتماعي أو المواقع الإلكترونية”.