صـراع الإخـوة والأخـوات (3): ما الحل؟!
معارك الأطفال، مثل لعبهم، وقائع يومية لا يخلو منها بيت فيه أطفال. إلا أن هذه المعارك قد تتجاوز حدودها المقبولة بحيث تكون سببًا في إثارة أعصاب الوالدين وتشتيت عملهم وتبديد طاقتهم وجهدهم في الزجر والنهي، وفي هذه الأحوال يلزم مراجعة الموقف ورسم خطة حازمة لوضع حد لصراع الأشقاء.
مما يعين على حل هذه المشكلة الشائعة أخذ الأمور التالية بعين الاعتبار:
–
لا تتدخل في كل حين:
يتعارك الأطفال أثناء اللعب، وسرعان ما تصفو نفوسهم الصغيرة ويعودون لاستئناف اللعب من جديد. لذلك فمن الخطأ التدخل بين الصغار في كل مرة يبكي فيها أحدهم أو يعلو صوته بالخصومة، والأولى أن ينتظر الوالدان بعض الوقت ريثما يتضح الموقف، إلا أن تكون هناك رائحة خطر، كعراك بدني مثلًا.
لا تغفل عينك عنهم:
تنشغل الأم بأعباء البيت، وينشغل الأب بقراءة الصحف أو متابعة الإذاعة المرئية، فيكون الأطفال مثل غنم بلا راع، والطفل يمكن أن يؤذي نفسه أو أخاه أو أخته دون قصد منه، سيما وأن بعض ألعاب الأطفال فيها قطع معدنية يمكن أن تعمل عمل النصل (السكين)، من جهة أخرى، فإن وجود الأطفال تحت عين أحد الوالدين سوف يقلل من احتمالات الغش في اللعب ومن فرصة القرص والغمز والدفع، وبالتالي تقل فرصة نشوب خلاف وعراك، لذلك فإن وجود عين يقظة واجب يتحتم على الوالدين تناوبه.
لا تنخرط في الخصومة:
عندما يتدخل أحد الوالدين لفض خصومة بين أطفاله فغالبًا ما يدخل هو نفسه طرفًا فيها، وقد يتطور الأمر إلى مجلس قضاء يستمع فيه الأب أو الأم إلى أقوال كل طرف، وقد يتكون الحكم سلفًا قبل الاستماع إلى الأقوال فالصغير مثلًا يجب ألا يحرم من شيء وألا يضرب لأنه صغير، ومعنى ذلك صدور حكم جائر بأن الكبير هو الظالم في كل مرة!
معارك الأطفال ليست مثل خصومات الكبار، مجرد احتضان الطفلين المتخاصمين سوف يؤدي إلى انتهاء الخصومة فورًا دون حاجة إلى الاستماع لأقوال المدعين وشهادة الشهود، لذلك فواجب الآباء والأمهات عند التدخل لفض نزاعات أبنائهم هو تهدئة الموقف، لا الدخول طرفًا في النزاع.
المساواة في المعاملة:
تفضيل أحد الأبناء على بقيتهم رذيلة أخلاقية لا تغتفر للآباء، خصوصًا من الأبناء، وحتى إذا مال قلب الوالدين إلى أحد أطفالهما فيجب ألا يكون ذلك سببًا في تمييزه بالحب والعطف عن إخوانه وأخواته، فالعدل بين الأبناء فريضة دينية، ثم إن تفضيل طفل على إخوانه وأخواته لن يجلب إلا الشقاء للأسرة كلها، إذ سيكون التفضيل سببًا في صراع مستمر بين الأبناء.
لا تقبل التقارير:
إعطاء الفرصة لأحد الأبناء للقيام بدور “الشرطي السري” سوف يزيد من حدة صراع الأشقاء ولن يحل المشكلة، فضلًا عن أن تعويد طفل صغير على التجسس والغيبة عمل غير أخلاقي، إضافة إلى ما يغرسه هذا في نفسه من شعور بالاستعلاء على إخوته في البداية، ينقلب مع الزمن لواقع إقصاء له من دائرة الأخوّة، ووحدة نفسية بين أشقائه!
التعلم بالتقليد:
ينسى كثيـر من الآباء والأمهات أن الطفل يتعلم بالتقليد أضعاف ما يتعلم بالتلقين، لذلك لن تفيد مواعظ الرحمة والشفقة على الآخرين إذا كانت المعاملة بين الوالدين بغير رحمة ولا شفقة! ولن تجدي دروس فضيلة الصدق ورذيلة الكذب إذا كانت الأم تكذب على الأب أو العكس، والأجدر بالآباء والأمهات أن يوفروا قدوة صالحة لأبنائهم بدلًا من محاضرات ومواعظ حسن السلوك.
الثواب والعقاب:
من أفضل وسائل إحلال سلوك حسن مقبول محل سلوك سيء غير مرغوب فيه طريقة الثواب والعقاب، والمهم هنا أن يكون الثواب والعقاب فوريًا وعلى قدر العمل المراد إثابة الطفل أو معاقبته عليه، أما الوعود بثواب لا يتحقق أو التهديد بعقوبة لا تحدث، فإنه يفقد الصغار الثقة في والديهم، كما يزعزع سلطة الوالدين في الأسرة.
احتمال المشقة:
قد تبدو عملية تربية الأطفال شاقة مرهقة، والحقيقة أنها كذلك، وواجب الوالدين أن يحتملا المشقة ويصبرا عليها لأنها واجب أخلاقي وفريضة دينية، وورد في الأثر عن سيدنا علي كرّم الله وجهه: “حق لولد على الوالد أن يحسن اسمه، ويحسن أدبه، ويعلّمه القرآن” . [التعبير بلفظ الأب دون الأم من قبيل إطلاق الفرع على الكل . وإنما اقتصر على ذكر الأب لعظيم مسؤوليته في تصريف شؤون الأسرة والنهوض بها، ولا تعفي الأم من المسؤولية بدليل الحديث النبوي الشريف: “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”] .
الدعاء بالهداية والصلاح:
” رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا” [الفرقان : 74]